آخر الأخبار
 - بهدوء للسيد ترامب: هل سيخنقنا الارهاب بايدينا..؟!

الأربعاء, 01-فبراير-2017 - 08:29:43
الإعلام التقدمي -



الخطوات الاندفاعية لا  تثمر الا سلبا ولا طائل منها ولا ايجابية  ستترتب عليها، هذا ما يمكن قوله بحق تدشين الرئيس الامريكي دولاند ترامب حربه على “الارهاب” بحضره لرعايا سبع دول من دخول الولايات المتحدة و بعملية انزال عسكري في اليمن.

العشرات كانوا قد مروا بكل الخطوات اللازمة و التزموا جميع الاجراءات المطلوبة للسفر الى الولايات المتحدة، لم يخرجوا عن القانون ولم يحتالوا عليه ولا استرقوا انفسهم في جنح الظلام و معلوماتهم بالكامل لدى الاجهزة المعنية المحلية و الاقليمية و الامريكية، ثم فجاة وجدوا انفسهم عالقون في مطارات العالم او معتقلون من مطارات الولايات المتحدة الامريكية دون سبب ودون جناية و دون حتى شبهة فكل ذلك قد تم فلترته في مراحل المعاملات التي مروا بها قبل ان يصلوا المطارات لركوب الطائرات والتوجه بصورة رسمية الى ارض الولايات المتحدة الامريكية هناك حيث يوجد للحرية تمثال.

لم يكن الامر اضافة اجراء او طلب ضمانات اضافية او نحوه  وانما كان منعا من السفر للولايات المتحدة او منع من دخولها، هكذا بكل مباشرة قيل لهم انتم ممنوعون من السفر الى الولايات المتحدة، وكل تلك الوثائق والاجراءات القانونية القوا بها عرض الحائط الان لم تعد تعني شيء، القانون لا محل له، كل قيم الحرية و الديمقراطية وحقوق الانسان التي عشتموها او التي تسمعون عنها في الولايات المتحدة تبخرت!!. عودوا .. لن يشفع لكم شيء، القانون الذي تغادرون الارض التي لا يتواجد فيها قاصدين الارض التي يتواجد فيها القانون هي ايضا لم يعد للقانون فيها وجود، نعم، هناك في الارض التي تسمعون انها ارض القانون اصبح  القانون “فنش”، تماما كماهي بلدانكم التي يمكن ان تعاقبوا فيها خروجا على القانون و دون جناية او شبهة الآن عوقبتم من بلاد القانون دون جناية او شبهة، عودوا فقط .. فبلاد القانون باتت تعاقب و تمنع من الحقوق تبعا للهوية!!.

لو سألتم لماذا نمنع..؟ هل نحن ارهابيون..؟ هل خالفنا القوانيين..؟ هل ينقصنا مطلب قانوني..؟ هل نحمل وباء ما..؟ هل قامت حالة عداء بين بلدنا وبين الولايات المتحدة..؟ هل ، هل .. كل ذلك لا جواب له الا بالنفي،  فقط عودوا … انتم رعايا من الدولة الفلانية..!!.

لو قلتم هذه عنصرية لن يسمعكم احد، تلك الدولة التي كان كثير يخاف من ممارسة العنصرية كي لا تطاله عقوباتها هي اليوم من باشر العنصرية، لو قلتم هذا انتهاك لحرياتكم فذات الجواب ستجدونه، لو قلتم حقوقنا وتكاليفنا و مصالحنا التي ستضيع او ستتضرر وعلاقاتنا التي سترتبك، كذلك لن يتفهمكم احد فمن حمل مشعل الدفاع عن كل ذلك جمع اليوم زفيره في فمه و نفخ مشعله واطفئه و بات اليوم هو من يفعل كل ذلك ، بل بات اليوم هو المطالب بالحقوق والحريات و نبذ العنصرية.

ذات الشيء في انزال قوات امريكية في البيضاء في اليمن و قتل مواطنيين يمنيين في عقر دارهم، 41 يمنيا بينهم نساء واطفال جندلهم المقاتلون الامريكيون قبل ان ينصرفوا مزهوين بعملية نوعية غير مسبوقة، بينهم ارهابيون..؟ ليكن! هل هكذا يحارب الارهاب..؟! هل جميعهم ارهابيون..؟ الامر ليس كذلك باعترافكم!، اذا ماذا عن اولئك الذي قتلوا من المدنيين دون ذنب او جريرة.؟!.

انتهاك سيادة بلد و مجاوزة القانون الدولي و قتل مواطني دولة اخرى على ارضهم و قتل مذنب وغير مذنب، هل كل هذا يمثل عملا ايجابيا..؟ هل يساعد في تعزيز الامن و اضعاف خطر الارهاب..؟، ليس الامر متعلقا بالقدرة، فنحن نعرف تماما ان للولايات المتحدة قدرة على فعل ذلك بل وفعل ماهو اكثر من ذلك ، لكن مالذي يمثله ذلك..؟ اليس انتهاك للقوانين و مجاوزة للعلاقات الدولية و ضرب عرض الحائط بمفهوم السيادة و عجرفة لا مبرر لها و لا ثمرة لها ايضا..؟ هل من الصالح ضرب صورة الدولة وقدرتها على حماية مواطنيها في اذهان المواطنين..؟! هل من الايجابي اختراق القوانين و النظم و المفاهيم والمواثيق التي تحكم العالم والدول والمجتمعات علنا..؟.

لم يكن اليمن ممانعا في يوم ما للتعاون في مجال محاربة الارهاب ، ويشهد اليمن ظرفا خاصا جعله بلدا غير مستقرا ، وحالة اللااستقرار هذه اثمرت سلبا و مكنت الارهاب من التوسع اكثر ، وللولايات المتحدة حضور في الملف اليمني وبامكانها ان تفعل الكثير مما هو ايجابي ان ارادت في سبيل عودة قيام دولة في اليمن و تعزيز حالة الاستقرار السياسي فيه الذي بدوره هو اول مطلوبات الحرب على الارهاب في هذا البلد. لما لم تتوجه الولايات المتحدة ذلك..؟ لما لم تتخذ موقفا حاسما باتجاه انهاء الصراع الحاصل فيه و الدفع باتجاه تمكين الدولة من ممارسة وظائفها التي في مقدمتها الحرب على الارهاب..؟.

الحرب على الارهاب تتطلب تفعيل الحكومات الوطنية في المنطقة في هذه الحرب  كيما تثمر، لسنا بصدد انتاج فلم “اكشن” ، نحن بصدد مواجهة افة خطيرة و متداخلة الدوافع و الاثار و العلاقات اول مطلوبات الحرب عليها هي الدفع باتجاه الاستقرار السياسي في الدول التي تعاني منها، لا يمكن الجمع بين التمسك بسياسات سلبية تشارك في قيام حالات اللااستقرار او تستثمرها وبين الحرب على الارهاب، “الاكشن” لن يفعل شيء، سنوات من العمل ضد الارهاب وفق هذا الاسلوب لم يحد من الارهاب بل ساعد على توسعه.

ألم يكن على الولايات المتحدة ان تعيد النظر في دورها في الملف اليمني..؟ ألم يكن عليها ان توقف بيع القذائف و الصواريخ التي بات ثابتا كل الثبوت انها تقتل المدنيين ، الم يكن عليها ان تراجع دورها في دعم تحالف قتل حتى الآن مايزيد عن خمسة عشر الف مدني واصابة اكثر من ثلاثين الف وهم داخل منازلهم ، ألم يكن من الواجب على الولايات المتحدة ان تتخذ موقفا تجاه “الارهاب المنظم” الذي يمارسة التحالف بحق اليمنيين وهي من تغطيه سياسيا و تدعمه لوجستيا، ما الذي يفرق بين الارهابي الذي يفخخ نفسه و يدخل لسوق او مترو او غيره ويفجر نفسه وبين الطائرات السعودية و الاماراتية التي تطلق قذائف امريكية او بريطانية او فرنسية على المدنيين في منازلهم او في اسواقهم او في قاعات اعراسهم و عزائهم..؟ هل ثمت فرق..؟ كيف سنحارب الارهاب ونمارس او  ندعم الارهاب المنظم و ارهاب الدول في ذات الوقت..؟!.

ثم ماذا عن عشرات المدنيين الذين قتلوا “على الطريق” قتلوا فقط لأن الصدفة وضعتهم في مرمى نيران قوة الولايات المتحدة، ما حجم الانتهاك الذي مورس بحقهم..؟ هل سيستوعب ذويهم و مجتمعهم فرقا بين الارهاب وبين ما مورس ضد هولا المدنيين..؟ ما ستكون صورة الولايات المتحدة في اذهانهم..؟ هل ستوجد اجابة لسؤال لماذ قتل هؤلاء في بلدهم و داخل قراهم و منازلهم..؟ هل سيمكن ايجاد مبرر لانتهاك كل هذه الحرمات لهم، بلدهم ، قراهم ، منازلهم ، دمائهم..!! كيف ابيحت..؟!

دعونا نجاوز كلما اصاب هؤلاء الضحايا في المطارات او في عملية الانزال في اليمن من اضرار مادية ونفسية و امنية و نفتش عن اي انعكاس ايجابي يعود على الولايات المتحدة يمكن ان يجعلنا نتفهم الامر او على الاقل  نتقبل التضحية في سبيله، بالطبع لن نجد اي ايجابي قد تحقق للولايات المتحدة نفسها على الاطلاق، هل من مصلحة الولايات المتحدة ان تفرض عقوبات على مجتمعات باسرها..؟ هل ممارسة العنصرية ضد شعوب بالكامل سيساعد في امن الولايات المتحدة..؟ هل ممارسة العقاب الجماعي بحق رعايا دول برمتها ايجابي لحماية مصالح الولايات المتحدة..؟ هل ترسيخ صورة انتهاك القوانين والسيادات والمواثيق و الاعراف جيد للولايات المتحدة..؟ هل تورط الولايات المتحدة في دماء مدنيين ابرياء في عقر دورهم مفيد للولايات المتحدة..؟ كل تلك الاسئلة ونحوها ستكون اجاباتها بالنفي، لا ايجابي مطلقا للولايات المتحدة نفسها في ماتم،  بالفعل لا مصلحة مطلقا للولايات المتحدة في مثل هكذا قرارات وهكذا عمليات فالقيم غير قابلة للتجزيئ ولا للنسبية والخروج على القيم هو سلبي بالمطلق،  و وهم الايجابية النسبية التي قد يتوهمه البعض يضيع في الواقع لان الخروج على القيم يخلق مضاعفات سلبية تفوق وهم الايجابية هذا بكثير، وتجعل من وهم الايجابية هذا حاملا لسلبيات لا محدودة او مضاعفة كاقل تقدير.

هل قرارات و خطوات تمثل عقابا جماعيا وانتهاكا للقوانين والمواثيق و انتهاك للسيادات و للحرمات  يمكنها ان تفعل شيء في الحرب على الارهاب..؟ شخصيا لا اعتقد ذلك ، بل اعتقد ان ذلم  يصب في صالح الارهاب ، فممارسة عنصرية ضد مجتمعات  بشكل او بأخر و قيام مؤسسات واجهزة دولة بتصرفات خارجة على القانون هي خير ذريعة سيستخدمها ” مفرخوا” الارهاب لتفقيس اعداد اضافية واختطافهم لصالح الارهاب.

الارهاب خارج عن كل مجتمع وخارج عن كل ديانة وخارج عن كل ثقافة ولا يجب اضعاف هذا المفهوم بخطوات تستجيب لوسم المجتمعات او الديانات او الثقافات بالارهاب بشكل غير مباشر، فماذا يعني انه حذر وصول الارهاب للولايات المتحدة تمنع مجتمعات بكاملها من الوصول اليها.

نحن نقف مع كل خطوة امنية او ثقافية او اعلامية او سياسية تضرب الارهاب ، و ندعوا للصدق والجدية في مواجهته منذ بدايته و لو كنا نرى في خطوة كمنع رعايا سبع دول عربية واسلامية من دخول الولايات المتحدة امرا ضاربا للارهاب لكنا معها ، فنحن نتفهم تماما خطر الارهاب و ندينه في اي مكان في بلداننا او في البلدان الاخرى ، لكن خطوة كهذه نراها غير منطقية و نرى ان  ارتداداتها ستكون سلبية و لصالح زيادة “التفقيس” للعناصر الارهابية.

ماذا اذا انطلقنا من هذا المنطلق لمواجهة مشكلاتنا..؟!، الا نكون نساعد الارهاب في ضرب القيم و القوانيين و الاعراف التي يجب ان تسود علاقاتنا، هل من المنطق ان يدفعنا الارهاب لنتخلى عن قيمنا..؟! الحقوق ، الحريات ، نبذ العنصرية ، رفض العقاب الجماعي ، رعاية المصالح ، سيادة القانون ، كلها قيم هي امن مجتمعاتنا في الاساس ، قبل الفحص و التحري والشروط و الملاحقات و العقوبات هذه القيم هي الامن ، هل من المنطقي ان يدفعنا اللاأمن لنهدر الامن او اساس الامن..؟!.

كلنا كنا ساخطون على الارهاب ونحن نرى ضحاياه من المدنيين في بعض عواصم الغرب ، كلنا ادنا تلك الوحشية و ذلك الاجرام الخالص ، رغم قناعاتنا ان هناك سياسات خاطئة مورست في بلداننا هي من فرخت الارهاب الا ان سخطنا كان واحدا تماما كما هو عندما يضرب الارهاب في دمشق او في بغداد او عدن او اسطنبول او طهران او الرياض كان سخطنا عندما ضرب في باريس او بروكسل كان سخطنا هو هو لم يتغير ولا نسبية فيه.

سيخامر اذهاننا سؤال هو لماذ نعاقب اذا..؟! لماذا يسلب منا شيء من حرياتنا و حقوقنا و لماذا تمارس ضدنا عنصرية و لماذا يطالنا عقاب جماعي..؟! ولماذا تنتهك سيادتنا و كل حرماتنا..؟! ، هل قواعد العدالة و المنطق تقبل ان يعاقب الكل بجريرة النزر القليل..؟! وماذا عن تلك العناصر التي تورطت في الارهاب و هي تحمل جنسيات اوربية وامريكية..؟! ، هل تلك العناصر المتورطة في الارهاب خير منا فقط لاننا رعايا دول غير اوربية او امريكية بل رعايا دول لا مصالح لامريكا معها..؟!

ماذا عن المصالح الامريكية و النفوذ الامريكي في بلداننا..؟ هل يقبل المنطق ان تحضر مصالح الولايات المتحدة في اوطاننا و هي تمارس العنصرية ضدنا و تعاقبنا دون ذنب وتنتهك اوطاننا وتستلب ارواحنا..؟ ماهي صورة الولايات المتحدة التي ستطبع في اذهاننا بل في اذهان الكثير غيرنا..؟ هل في ذلك رعاية للمصالح الامريكية ام ان الامر يسير في الاتجاه المعاكس..؟.

هناك الكثير ممايجمعنا. نحن جميعنا بشر ، نحن جميعا ننزع للقانون و نتشوق للعدالة و نبحث عن الامن ، نتطلع للعيش المشترك و نناضل للحقوق والحريات ، ننبذ العنصرية و نكره التمييز و نرفض صور الضلم كافة ، هل يجب ان نتخلى عن كل ذلك و نعود للوراء ولاسلوب عيش و حياة غادرناها قبل قرون.

اسئلة كثيرة جدير بان نقف امامها بصدق ، هل سيسلبنا الارهاب قيمنا و يدفعنا لتكّسير في قوانيننا و انظمتنا و يتسبب في تقنيننا للانتهاك و التضييق و سلب الحقوق والحريات وتشريعنا للعقاب الجماعي و تقبلنا للعنصرية..؟! هل سنعود من زمن الانفتاح على الكون الى المحدود وتشييد الحيطان و بناء الاسوار والانغلاق..؟! هل حقا يمكن للارهاب ان يفعل بنا ذلك كرد فعل..؟! هل سيحدد لنا الارهاب اتجاه ردود افعالنا ام سنحددها نحن بما لا يظرب حياتنا و تعايشنا و تعاوننا وامننا..؟! .. اي نتيجة غير هذه ستكون اكثر إرضاء لنهم الارهاب..؟؟؟!!.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)