آخر الأخبار
 - 

لقد فقدت القاهرة عملاق السياسة و الصحافة محمد حسنين هيكل و في نفس اليوم بفارق ساعات قليلة توفى الدكتور بطرس غالي الامين العام للامم المتحدة سابقاً و مع الفارق الكبير بين الرجلين كان الرئيس الشهيد ياسر عرفات على علاقة وثيقة مع كلاهما

السبت, 20-فبراير-2016 - 10:33:13
الإعلام التقدمي-المحامي فريح ابو مدين -


لقد فقدت القاهرة عملاق السياسة و الصحافة محمد حسنين هيكل و في نفس اليوم بفارق ساعات قليلة توفى الدكتور بطرس غالي الامين العام للامم المتحدة سابقاً و مع الفارق الكبير بين الرجلين كان الرئيس الشهيد ياسر عرفات على علاقة وثيقة مع كلاهما

و لقد كان رحمه الله ناسجاً ماهراً للعلاقات مع كل الاطياف في حسابات اللحظة و ما يليها فلقد كان يكن لهيكل  تقديراً كبيراً كونه أول من مد له جسور البدايات الصعبة مع الزعيم المرحوم جمال عبدالناصر و كان لأبو عمار برنامج خاص يحتفظ به لنفسه في زياراته للقاهرة .

وهوحرصه على ان يقابل على هامش زياراته الرسمية شخصيات فاعلة و مؤثرة سياسياً و فكرياً لثلاث جهات و شخصيات مصرية و كان يبدأ بزيارة البابا شنودة بطريرك الكنيسة الارثودكسية كان يقابل فيها بحفاوة تفوق حفاوة الكثير من الرؤساء و كان للبابا موقف صارم من قضية فلسطين و القدس تحديداً و كان الحديث يتطرق بينهم احيانا لماضيهم في الجيش المصري حيث كان أبوعمار فخورا بأنه كان محاربا مع الجيش المصري في حرب السويس كما كان البابا شنودة ضابطا في الجيش المصري في بداية حياته و بانتهاء زيارة البابا كان ابوعمار يعرج في زيارة قصيرة لاحد الرموز الاسلامية تكون في العادة قصيرة ثم تأتي الزيارة الهامة للاستاذ هيكل و كان الحديث احيانا مشوب بتوتر مكبوت بعد اتفاقية اوسلو حيث كان هيكل معارضا بشدة لها قائلا لابوعمار انظر ماذا فعلت كامب ديفيد من بلاوي و انا اقدر ظروفك و ظروف الشعب الفلسطيني الا انني اقول لك و قالها باللهجة المصرية ” دي سكة تودي متجبش ”

و كانت الجلسات تطول و تنتهي بعناق حار من كلا الرجلين تحت مقولة ان الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية و في طريق العودة الى مقره كان ابوعمار يقول يبقى هيكل مخلصاً لفلسطين و شعبها و انقل على لسان احد اصدقاء هيكل انه قال بعد اغتيال ابوعمار “عاش مهموماً و مات مسموماً ” مستذكراً صرخة ابوعمار في المقاطعة شهيداً شهيداً بعد حصاره

اما بالنسبة لبطرس غالي فاكنت تربطه علاقة جيدة مع ابوعمار ازدادت بعد تولي غالي منصب الامين العام للامم المتحدة و هو الوحيد الذي منعت امريكا اعادة التجديد له مرة ثانية لموقفه من اسرائيل بخصوص حرب لبنان و مذبحة قانا .

و اذكر اننا كنا في مكتب الرئيس عرفات حين هاتفه بطرس غالي طالباً من ابوعمار الحضور في اليوم التالي بلا تأخير للأهمية و لم يفصح اكثر من ذلك و اخبره الرئيس انه لا وقت لتدبير طائرة في هذا الوقت القصير فقال له غالي قد تم تدبير كل شيء و هناك

طائرة سويسرية ستكون في الصباح الباكر في مطار العريش و غادرنا مع الرئيس فجراً الى العريش ثم الى سويسرا لمقابلة دكتور بطرس في مقر الامم المتحدة هناك و كانت الطائرة فخمة مقارنة بطائرة ابوعمار القديمة التي كان يستعمل فيها الفاكس كوسادة للنوم و الشيء بالشيء يذكر اين منها طائرة الرئيس ابومازن التي تكلف مصاريف تنقلاتها اربعون مليون دولار سنوياً تقريباً غير ثمنها ثلاثون مليون دولار .

وحين وصولنا وجدنا دكتور بطرس غالي منتظر ابوعمار و فور الجلوس دخل بطرس غالي في الموضوع قائلا هناك قرار بنقل مقر وكالة غوث اللاجئين من فيينا و الاردن يطلب نقلها لعمان و سيحضر الاميرحسن لهذا الغرض و لكني قررت نقلها لغزة دعماً لك و سر ابوعمار كثيراً بالامر و كانت الصحافة تنتظر في الخارج فوجود ابوعمار في مقر الامم المتحدة يفتح شهية الصحافة .

و لقد فوجيء ابوعمار بان بطرس غالي يطلب منه الخروج للصحافة منفرداً بدونه و اوضح غالي موقفه قائلاً هذه فرصة تتحدث في كل شيء و انت نجم الصحافة يا ابوعمار ولا مكان لي معك واترك لك خبر نقل مقر الوكالة وتستطيع الاحتفاظ بالطائرة للعودة كما تشاء و بعد ذلك طرنا بالطائرة الى البانيا وهي بلداً فقير لا وزن له دولياً ولكنها حسابات الختيار ولم نعلم بقرار الزيارة الا و نحن في الجو و تلك قصة اخرى

رحمهم الله جميعاً فلقد تقزمت الرجال والقضايا او كما يقول الاستاذ محي الدين عميمور “اشباه الرجال”
والله غالباً على امره




المحامي فريح ابو مدين
كاتب ووزير عدل فلسطيني سابق
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)