آخر الأخبار
 - ينظر الأصوليون للعلمانية علي انها مذهب يدعو للإلحاد وإنكار وجود الله،ومن ثمة فهي مذهب ضد الدين وتعمل علي تقويضه،والتحلل من قيمه ووصاياه، فهي دعوة للإباحية والفوضي الأخلاقية.. عملت الاصولية الدينية بدأب

الثلاثاء, 01-سبتمبر-2015 - 10:45:49
الإعلام التقدمي -

 

ينظر الأصوليون للعلمانية علي انها مذهب يدعو للإلحاد وإنكار وجود الله،ومن ثمة فهي مذهب ضد الدين وتعمل علي تقويضه،والتحلل من قيمه ووصاياه، فهي دعوة للإباحية والفوضي الأخلاقية.. عملت الاصولية الدينية بدأب شديد وبطريقة منظمة علي نشر وبث تصورها هذا للعلمانية في نفوس الناس مستغلة تمكن العاطفة الدينية من قلوب الناس، وإعتماد الناس في بلاد الشرق علي السمع فهم لا يقرأون ولايُعملون عقولهم، ويسيطر عليهم الكسل العقلي فيستسلمون لما يُقال وما يسمعون فتتلون وجهة نظرهم بما يتلقونه عبر الفضائيات والوعظ في دور العبادة وما يفتي به الشيوخ والقسوس. وكلما كان الشيخ او القسيس شهيرا وله جمهور يفضله ويحب سماعة كلما كان تأثيره كبيرا وما يقول به مسموعا ومعمولا به ومسلما به دون نقد او تفكير!


بهذه الطريقة المحكمة صاغ الاصوليون مفهوم العلمانية في أذهان الناس التي أصبحت بذلك مرادفا للكفر والإلحاد ورفض الله وأحكام الدين ودعوة خبيثة للتحلل والفوضي الاخلاقية!!

ولكن هل العلمانية كذلك وفقا لرؤية الاصولية ؟ لنري…

العلمانية ليست مذهبا في الوجود وبالتالي ليس لها ان تدعو للإلحاد ورفض الدين… العلمانية ببساطة منهج في المعرفة فهي بوصفها طريقة في المعرفة تفرق بين ما يمكن للعقل ان يعرفه ويحوز به معرفة علمية وما لا يمكن للعقل ان يعرفه…. العلمانية تفرق بين امور العالم والدنيا والواقع المعيش فترصد فيها التحول والتغير والنسبية والتطور وبين ما هو وراء او خلف هذا العالم المرئي وهو المطلق او الله الذي لا نراه بعيوننا ولا نستطيع ان نُخضعه لفهمنا وتحليلنا وتبريرنا وبراهيننا،هذا يعني ان المطلق يند عن عقولنا أي اننا لا نحوز معرفة علمية به كتلك التي نحوزها عن العالم المحسوس الذي فيه نعيش.

عدم إمتلاك عقولنا لمعرفة علمية بالمطلق او الله لا تعني إنكار وجود المطلق او الله، هنا يدخل دور الإيمان او التسليم فنحن لا نستطيع ان نعرف الله معرفة علمية،أعني معرفة كنه الذات الإلهية مثل معرفتنا بالظواهر الطبيعية التي مكننا العلم من سبر أغوارها.. نحن نؤمن ونسلم بوجود الله ولا نعرف طبيعة الذات الإلهية معرفة علمية

وبهذا لا تكون العلمانية ضد او نقيض او رفض للدين.. العلمانية تقر باهمية الدين وان له دوره ومجاله الخاص.

كل هذا يعني الفصل بين النسبي والمطلق بلا خلط….. العلمانية تعني التركيز في العالم المعيش بهدف تطويره وأخضاعه لحاجات الإنسان بالعقل والعلم.

العلمانية بقولها بعدم قدرتنا علي إمتلاك معرفة علمية بالمطلق هي تدعو للتحرر من وهم إمتلاك الحقيقة المطلقة، تلك الحقيقة التي يؤمن الأصوليون بإمتلاكها،ومن ثم يشنون حربا وعداء علي كل مختلف ومخالف لهم،ويكفرون كل من لا يقرهم ويوافقهم علي الوهم المتحكم في عقولهم المغيبة ” وهم إمتلاك الحقيقة المطلقة ” ويفتون بإهدار دمه وقتله.

الحروب الدينية عبر التاريخ بكل مآسيها وضحاياها والدمار الذي خلفته هي نتيجة منطقية لهذا الوهم ” إمتلاك الحقيقة المطلقة “

الإرهاب الوحشي الأسود الذي تمارسه داعش واخواتها هو نتيجة حتمية للإيمان بوهم إمتلاك الحقيقة المطلقة.

العلمانية برفضها وهم إمتلاك الحقيقة المطلقة تساوي بين كل العقائد ولاتحكم بصحة او خطأ أي عقيدة فهذا ليس شأننا،وتحترم كل عقيدة وتعمل علي إتاحة المجال لأصحاب العقائد المختلفة ليمارسوا عبادتهم وشعائرهم دون وصاية او حجر، وتقر بحق كل طائفة دينية في بناء دور العبادة الخاصة بها….. العلمانية بإنكارها وهم إمتلاك الحقيقة المطلقة تفتح الباب واسعا ليعيش الجميع في سلام في إطار القانون وحقوق وحريات الإنسان.

العلمانية بهذه الكيفية تري ان الدين شان خاص بين الإنسان الفرد وربه وبذا في ظل العلمانية تصير الدولة بلا دين ولكنها راعية لأديان مواطنيها علي قدم المساواة.

من كل هذا نخلص إلي ان العلمانية ليست إنكارا للدين ولكنها تقر بحق كل أصحاب العقائد المختلفة في العبادة وتصادق علي حرية العقيدة… العلمانية دعوة ليعيش المختلفون في سلام واحترام فينتفي التكفير والإرهاب والقتل…العلمانية ترعي حقوق الإنسان وفي القلب منها حرية العقيدة….. العلمانية هي الحل.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)