آخر الأخبار
الأحد, 17-مايو-2015 - 10:45:53
 - وقفوا الحرب والخراب في تعز والوطن الاعلام التقدمي-احمد سيف -
عندما حدثت محرقة ساحة الحرية بتعز عام 2011 كان ما حدث صاعقا وصادما على نفوسنا، وكان الاحتقان والانفعال في أوجه، كما هو الحال الذي تعيشه تعز اليوم.

كنت منفعلا يومها مثل آخرين كثار، وعلى نحو يشبه حال الانفعال الذي تشهده تعز اليوم ويتسيد فيها القتل والخراب والجنون والوحشية..

كنت أكاد أصرخ أن حمل السلاح من أجل تعز والوطن هو الحل، بل والحل الوحيد والأقدر على قطف النصر وهزيمة الخصوم.. أذكر أنني خضت جدلا مع صديق عزيز كان يرفض عسكرة ثورة 11 فبراير ويقف ضد حمل السلاح في تعز أثر المحرقة.. وبعد حين تبين لي صواب رأي صديقي ومدى حماقة ما كنت أفكر فيه ولم أصرح به إلا لحميم.

لقد تعلمت الكثير، ومن لا يتعلم سيتعلم، ولكن بكلفة أكبر، والأغبياء وحدهم من يتعلمون بكلفة كبيرة وباهظة..

مررت بتجارب مريرة وخبرت الحياة أكثر، وعرفت كيف تُسرق الثورات ومن يستفيد من عسكرتها، ومن يسعى إلى ذلك .. عرفت كيف يتم إفساد الثوار، وكيف يتم احتوى وتدجين الأحرار، وكيف تستغل عواطف الناس وتوظف انفعالاتهم وردود أفعالهم في خدمة أجندت بعض (الأحزاب) والقوى والساسة الأوغاد.

ما أشبه اليوم بالبارحة ، والأمس في تعز يعود اليوم ليقود المشهد من جديد، ويكرر "التاريخ نفسه فيما يشبه المهزلة"

المستفيدون يريدون أن نظل على جهلنا قطيعا لهم ننفذ ما يخططون له وما يأمرون، وإن نكون عند الحاجة محاطباً للحرب ووقودا لها، فيما هم يذهبون يتقاسمون الغنيمة والحكم.

صرت اليوم أدرك إن ما يحدث من "مقاومة" صيغة مكررة أو مقاربة لما حدث في 2011 إثر المحرقة والتي انتهت بالنهب والتقطع والمحاصصة .. صرت أعرف إن تجريب المجرب خطأ مرتين وإن الذي يُلدغ من الجحر مرتين أبله وغبي ولا تشفع له حسن النوايا التي تتحول إلى لعنات تلاحقه أينما ولّى وأينما حل.

اليوم المشهد صار أكثر وضوحا على الأقل بالنسبة لي وإن التبس الأمر على آخرين .. يكفي ما تفعله السعودية اليوم في اليمن أن توضح الموضح وتبين الملتبس أو هذا ما ينبغي ويفترض..

من يتعاون اليوم مع العدوان السعودي أو يساعده أو يرضى به أو يهوِّن من فظاعته أو يتغاضى عنه لا يمكن أن يكون حرا أو ثائرا أو يسارياً وإن أدّعاء ..

لا يمكن لحر أو لثائر أو ليساري أن يدَّعي الحرية والتطلع للخلاص وهو ينتظر بفارغ الصبر مال وسلاح آل سعود يأتيه من خلف الحدود ليقتل بها أهله وشعبه ويخرب مدينته ووطنه..

لا يمكن أن يأتي خلاص شعبنا على يد مملكة لازال فيها الحكم وراثياً والدستور حرام .. لا يمكن أن نظفر بالمساواة من مملكة لا زالت تمنع المرأة من قيادة سيارة.. لا يمكن لمملكة لازالت تعيش عقلية القرون الوسطى الأكثر استبدادا، وعهود الانحطاط الأكثر سفالة أن تقدم لنا ما عجزت تقديمه لنفسها خلال عمرها المديد.. لا يمكن أن تأتينا الحرية من مملكة تحكم على مدون أو مغرد بسبب تغريدة أو نقد بخمسة آلاف جلدة..

أنا لم أبرر يوما ما فعله أنصار الله وما اقترفوه من أخطاء وخطايا في أي مكان من هذا الوطن، بل كنت محذرا منذ البدء، ثم ناقدا ورافضا ومستفضعا لما اقترفوه، ولكن أن نناهض ذلك ونقاومه بما هو أقبح وأبشع منه فذلك حمق ما بعده حمق، ولا يشبه إلا حال "المستجير من الرمضاء بالنارِ".

لقد نال هذا العدوان من اليمن ما لم يناله غزو أو استعمار أو عدوان من قبل .. عدوان يقصف، ويفخخ كل شيء، وينال من الوطن والمجتمع والتاريخ وسينال من الأرض والعرض والجغرافيا ما لم يكن يخطر على بال.

اليوم ترى السعودية إن وجودها وأمنها واستقرارها مرهونا بإضعاف اليمن وهلاكه، فتسعى لإغراقه بأزمات حادة ومشاكل وحروب داخلية مناطقية وطائفية وجهوية ليس لها آخر.

اليوم تعز تشهد حربا تفيض موتا وخرابا باذخا.. خرابا للعقل والوجدان والقيم .. كراهية طافحة ونافذة وعمياء تتسلط وتستبد وتقتل وتعيث فسادا في الأرض..

اليوم تعز تعيش احتقان غير مسبوق بفعل الشحن المناطقي والجهوي والطائفي الذي يدمر الوعي والمجتمع والتعايش والسلام.. دمار يفتك بالإنسان ويخرب العمران وكل الأمكنة، فضلا عن السلب والنهب والقهر ويورث ضغائن وأحقاد لا تنتهي ولا تزول .

المملكة لم تكتفِ بتخريب الثورات، بل وتخرب الأوطان، وتذكي النار في أي مكان يشهد سكينة.. تضخ المال والسلاح لتحقق مزيدا من الاحتراب والدمار والخراب وإذكاء العصبيات المنتنة وكل الأحقاد وقذرات الحروب..

الحروب لا تخدم أي قضية وطنية، وإنما تخدم في المقام الأول أجندات دولية على حساب قضايانا الوطنية.. وتخدم أجندات حزبية ضيقة أو شخصية أو انتقامية وهي أجندات تتعارض مع المصلحة الوطنية إجمالا وتفاصيل.

وزائد على هذا إن الشخصيات التي تقود "المقاومة" في تعز هي نفس الشخصيات التي قادة العمل المسلح بعد المحرقة وقدمت نموذج سيء وصل حد نهب الممتلكات العامة والخاصة.. ومن وراءها قيادة أحزاب وشخصيات في صنعاء أفسدت الثورة والثوار وعاثت باليمن فسادا وقتلا طوال خمسين عام.

إن الحرب في تعز والوطن كارثة بكل المقاييس .. الحرب لا تنتج إلا قتلا وبشاعة وخراب وأمراء حرب..

يجب أن تتوقف الحرب فورا .. كل من يحب تعز والوطن يجب أن يعمل من أجل وقف الاقتتال فيها، ووقف تدمير المدينة وتاريخها ورمزيتها وقتل أهلها الأبرياء والمسالمين..

لا نريد أن نقول كانت هنا مدينة وكان هنا حُلم وكانت هنا مدنية أختطفها القتلة وأرباب الخراب في غفلة زمن كان الانفعال على أشده.

أثق بأن الأنقياء الذين انساقوا أو انقادوا إلى هذا الاحتراب القذر بحسن نية أنهم عما قريب أو في المدى المنظور على أبعد تقدير سيبدؤون يعظون أصابع الندم .. ولكن نريدهم أن يفعلوا هذا قبل ذلك وبكلفة أقل على تعز وأبناءها والوطن.

من يحب تعز وناسها وأهلها سيقف ضد هذه الحرب الملعونة وأطرافها التي تمعن بالاحتراب وتوغل فيه على حساب فرص السلام والتهدئة..

يجب أن تعود الوحدات العسكرية إلى ثكناتها وتعود المؤسسات في المحافظة للعمل ويعود محافظها لرعاية السلام ومساعدته لتطبيع الأوضاع فيها.

نريد تعز مدينة مدنية آمنة تنشد السلام لربوع الوطن كله.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)