آخر الأخبار
 - 
شخص مثير للشفقة كتب قصة عن إغتصاب فتاة مرة تلو الأخرى بشكل يجعلك في البداية تتأثر وتتألم لبشاعة الجريمة (والتي سمعنا عن جرائم إغتصاب مماثلة لها بالفعل في مجتمعنا العربي ....

الخميس, 22-يناير-2015 - 09:32:12
الاعلام التقدمي- داليا وصفي -

شخص مثير للشفقة كتب قصة عن إغتصاب فتاة مرة تلو الأخرى بشكل يجعلك في البداية تتأثر وتتألم لبشاعة الجريمة (والتي سمعنا عن جرائم إغتصاب مماثلة لها بالفعل في مجتمعنا العربي مما يجعلنا في بداية القصة نصدقها تماماً وننجرف معها عاطفياً لنجد إنها مجرد دعابة منه وسخرية ممن يروين قصة إغتصابهن..
هذا إنسان جاهل وعديم العقل والأحساس، دعنا منه..

أخرون أضافوا لمسة إعجاب على قصته الساخرة.. وأخرون أضافوا تعليقات عن رغبتهم في إستكمال قصة الاغتصاب بأنفسهم مع الضحية.. وأخرون ايضا زادوا على هذا بأن نشروها على حائطهم الخاص مع إبتسامة!!
وعندما يتدخل البعض من ذوي الإحساس والعقل لإخبارهم أن ما فعلوه مؤلم وغير إنساني تظهر الردود الفورية والسريعة:

1. أصل في بنات بتأفور أوي في موضوع التحرش أو الاغتصاب..

2. دي مجرد قصة كوميدية ومتكبروش الموضوع..

3. عادي ما هو كوميديانات كتير عالميين بيتريقوا على قضية الاغتصاب..

4. دي حرية تعبير.. ولا أحنا نطالب بحرية جريدة زي شارلي ايبدو وحرية العتقاد الديني بس لكن لما الموضوع يتعلق بالنسويات والفيمنست يبقى وحش… إلخ

وغيرها من الردود التافهة المظهرة لمدى سطحية عقل وتبلد مشاعر هؤلاء الأشخاص؛ وحتى لا أتهم بأنني ألقي الأحكام جزافاً وأن كلامهم في الأربع نقاط السابقة هو كلام منطقي، سأفند لكم تلك النقاط الأربع ولنرى هل تلك النقاط تسمح فعلا بحرية السخرية من المغتصبات أم لا:

1. البنات اللي بتأفور في موضوع التحرش أو الأغتصاب:

التحرش يبدأ من النظرة المتفحصة أو النظرة بشكل معين والتي تسبب عدم راحة للشخص المنظور له، ويزداد مدى الألم المسبب له التحرش بإزدياد درجة التحرش من كلمات غير مريحة أو خادشة أو  لمسات لجسد المتحرش بها وصولا إلى الاغتصاب الجسدي..

يختلف الوضع من فتاة أو إمرأة لأخرى، فهناك من تتأثر بشكل نفسي عميق من مجرد النظرة، وتسبب لها ألماً نفسيا ًكبيرا، وعندما تصف مشاعرها تكون ضخمه قدر ما تشعر به، ولإشعار الأخر المستمع بمدى تألمها مما حدث، ومن هنا يأتي ما يسميه البعض “أفورة” بعض الفتيات أو النساء لقضية التحرش؛ إنها فقط تحكي ما شعرت هي به، تحكي مشاعرها وإحساسها هي بالألم..

2. دي مجرد قصة كوميدية ومتكبروش الموضوع:

القصص الكوميدية من المفترض أن تكون مضحكة، ومن المفترض أيضا أن تكون هادفة.. وفي حالة تلك القصة أغلب من قرأها تأثر وتألم لأنها عن معاناة طفلة مراهقة تتعرض للإغتصاب، ثم عند إكتشاف القارئ أن القصة للسخرية وليست حقيقية فهذا يسبب الغضب للناس الطبيعية لأنه تم التحايل على مشاعرهم وإيهامهم بشئ وتأهبهم نفسياً له ثم يتفاجئ القارئ أن الأمر تلاعب بالمشاعر (أتضحك عليهم) وهنا فقدت القصة مسمى الكوميدية، والقصة لا أحد إستطاع إستخلاص أي غرض لها سوى التسفيه والحط من قيمة الألم الإنساني الذي تعانيه كل من تعرضت للاغتصاب وكل من تعيش في خوف وقلق من أن تتعرض للاغتصاب..

نعود للبعض الذين لم يشعروا بألم أو تأثر عند قراءة القصة، هؤلاء يعانوا في الأساس من السادية والتي تجعلهم مستمتعين بأخبار الحوادث ويتلذذوا بتتبع مواطن الألم عند غيرهم لمتعتهم الخاصة، وهؤلاء كانت تلك القصة مصدر إثارة ومتعة لهم.

3. عادي ما هو كوميديانات كتير عالميين بيتريقوا على قضية الاغتصاب:

سمعت بعض الفيديوهات الخاصة بهؤلاء الكوميديان ووجدت كثير منهم لا يسخر من المرأة المغتصبة قدر ما يسخر من المغتصب (دخل سارق لمنزل لسرقة وأثناء السرقة وجد إمرأة عجوز تبلغ السبعين او الثمانين عاماً فاغتصبها.. هل يمكنكم تخيل حياة هذا الرجل الاجتماعية؟)

نكتة كهذه ستتذكرها وتضحك على المرأة المغتصبة أم على الرجل المغتصب لها لأنه يائس جدا وفاشل جدا وبلا حياة إجتماعية أو علاقات إنسانية على الإطلاق لدرجة إنه محروم جنسياً في بلد لا تمنع ولا تحرم العلاقات الحرة؟

بينما القصة موضوع المقال هنا ستجعل عديم العقل أو الإحساس يضحك أثناء بكاء إمرأة تحكي قصة تعرضها للتحرش أو للإغتصاب.. إي يضحك على ألم شخص مُهان ومتألم..

بجانب أن هؤلاء الكوميديان بدول أجنبية لها قوانين صارمة، عندما تغتصب المرأة عندهم لا يكذبها أحد حتي يتم التحقق من الطبيب الشرعي، تتلقي أفضل عناية طبية ونفسية وتأهيلية، يتم محاسبة الجاني بشكل صارم بعد البحث عنه بشكل سريع وفوري، يتم دعمها من جميع أفراد الأسرة والأصدقاء..

نأتي للمرأة المغتصبة في مصر، إذا لم تكن هناك آثار على إنها تم إغتصابها فهي تخفي الأمر عن أهلها خوفاً منهم، وحينها تقع كضحية دائمة لمرتكب الجرم يستغلها ويهددها في كل وقت وحين وكأنها هي المذنبة، إذا تجرأت وأبلغت أسرتها أو أحد منهم تقع ضحية للتحقيق المستمر والحبس وفي أحيان كثيرة الضرب أو القتل، نادراً ما يتم تقديم بلاغ، وإذا تم تقديم البلاغ تعامل وكأنها متهمة وليست ضحية وتعاني من نظرات وتعاملات مهينة سواء من المحققين أو الطب الشرعي، إذا ثبت إنها مغتصبة لا يتم البحث أو التحقيق بشكل جاد أو فوري، إستمرار حبس الضحية بالمنزل وعدم قدرتها على الحياة بشكل طبيعي هي وإسرتها، إنقطاع الأصدقاء عنها برغبتهم أو تحت ضغط أسرهم، نادراً ما تتزوج الضحية ممن هو مناسب لها أو من هو مرغوب منها أو ترضى عنه.

4. دي حرية تعبير.. ولا أحنا نطالب بحرية جريدة زي شارلي ايبدو وحرية الإعتقاد الديني بس لكن لما الموضوع يتعلق بالنسويات والفيمنست يبقى وحش:

حرية التعبير تختلف عن الحض على الكراهية؛ فالحض على الكراهية يكون بأقوال تثير البعض على الأخر وتجعله يرغب في إلحاق الأذى به؛ وهو ما تقوم به القنوات الدينية في جميع الأديان تقريباً؛ فهم لا يخبروك عن مدى جمال ورحمة دينك أو إلهك فقط، بل يذمون في الأديان والألهة الأخرى لتلك الأديان، ويأكدون على أن الأخر يكيد لهم ويحيك المؤامرات عليهم، فيخرج المستمع أو المشاهد وهو متحفز ضد الأخر وكاره له.. ولهذا أغلقت فرنسا قناة الرحمة في عام 2010 لأنها تحض على الكراهية للأخر.

بينما حرية التعبير تكون في “نقد” ما هو غير متفق مع ميول الشخص وإتجاهاته أو ما يراه ضار لمصلحته بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر..

جريدة كشارلي ايبدو.. ترى في الأديان والكهنوت الديني والتفاسير والتأويلات الدينية وبعض الايدولوجيات السياسية ضرر على البشرية (أي عليهم كأفراد بشكل مباشر أو غير مباشر) عن طريق ترسيخ الأديان أو الكهنوت الديني لفكرة العنصرية والتمييز على أساس الدين بين الأفراد وما تؤدي إليه من تدخل في الحريات وعنف دموي وقاتل في بعض الاحيان بين البشر.

بينما حرية التعبير لا تكون مسموح بها في تلك الدول عندما تتعلق بأفكار عنصرية عرقية أو جندرية لأنها أمور طبيعية لا يمكن تغييرها (فاللون أو النوع لا يمكن تغييره كالدين أو الايدولوجيا بمجرد التفكيير والبحث فيه).

فعندما يسخر شخص من أخر لمجرد مرآه ﻷنه يرى في وجهه وشكله وملامحه إختلافه العرقي أو النوعي فهذا يسمى سخرية غير مقبولة وليس نقد، بينما إذا تم إضطهاد شخص بناء على ديانته أو إنتماءه السياسي في مكان ما فهو يستحق هذا لأنه من غير المطلوب أن تكون تلك العلاقة الشخصية بين الفرد وخالقه أو الفرد وفكره السياسي الشخصي واضحة للعيان ومثار جدل ومناقشات لأنها كما قلت شئ خاص وداخلي وليس موضع جدل ونقاش بغير موضعه (كأماكن العمل أو الجامعات أو المدارس أو النوادي الرياضية وغيرها من أماكن التجمعات البشرية الداعمة للتواصل لا للتفكك والمشاحنات).

وعندما يفكر معتنق دين ما أو ايدولوجيا ما بشكل مختلف او يوضع في ظروف أو مجتمع مختلف قد يغير فكره او عقيدته، بينما لا يستطيع الشخص المنتمي لعرق معين أو جنس جندري معين أن يغير عرقه أو نوعه كلياً إذا فكر بشكل مختلف أو وضع في مجتمع أخر.. نعم هو يستطيع الاندماج إذا تقبله المجتمع بطبيعته المولود عليها والتي لا يمكن تغييرها.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)