آخر الأخبار
 - المجزرة التي حصلت اليوم ضد شارلي هيبدو لا تثبت إلا الهمجية والتخلف من قبل مرتكبيها وتشكل تهديد بنوع أو بأخر على حرية الفكر والكلمة والتعبير. .......

الخميس, 08-يناير-2015 - 08:35:35
الاعلام التقدمي-دارين هانسن -
المجزرة التي حصلت اليوم ضد شارلي هيبدو لا تثبت إلا الهمجية والتخلف من قبل مرتكبيها وتشكل تهديد بنوع أو بأخر على حرية الفكر والكلمة والتعبير. حيث كل مقال جريء أو نقد يمس الإسلام ولو بالقليل من التشكيك يعرض صاحبه للمسآلة على الأقل ،حتى أنه في بعض الأحيان لا يكون في المقال أو الرسم أي شيء مسيء للإسلام كدين، ومع ذلك يتم تفسيره حسب ما يشاء بعض المتطرفون ولا يمكن التكهن بالنتيجة أو ردة الفعل التي يمكن أن يولدها هذا التفسير.

بالعودة إلى شارلي هيبدو لم تقم الجريدة فقط بنشر كاريكاتير خاص بالإسلام فقط بل نشرت أيضا الكثير من الصورعن الكنيسة الكاثوليكية وعن الدين اليهودي أيضاً، وردة فعل الكنيسة كانت بالذهاب إلى المحاكم ولا أعرف الكثير عن ردة الفعل اليهودية، لكن المجزرة اليوم التي حصلت من قبل من صرخوا بأنهم يثأروا للنبي محمد كانت الأسوأ.

بعد أحداث الحادي عشر من أيلول صار هناك منطق تعميمي في أوروبا حول الإسلام والمسلمين، وذلك بتعميم كل عمل إرهابي يقوم به متطرف على أنه فعل قام به شخص مسلم، مع أننا كلنا نعرف الفرق بين الإسلامي والمسلم المعتدل والذي لا تمثله تلك الأعمال الإرهابية بشيء.

مع تصاعد اليمين المتطرف في بعض بلدان أوروبا في السنوات الماضية، صارت مسألة العنصرية حديث متداول بشكل كبير بين المهاجرين والسكان الأصليين. وصار المسلم المعتدل يشعر بالضغط اليومي وبأنه يجب أن يكون في موقع المدافع عن نفسه ومعتقداته طوال الوقت، وهذا ليس بالأمر السهل وممكن يؤدي إلى العنصرية المعاكسة والتي تؤدي إلى انطواء بعض الأقليات على أنفسهم وعدم الإحساس بأنهم جزء من المجتمع،

في العشر سنوات الأخيرة تم تنفيذ العديد من الهجمات الإرهابية وبأماكن مختلفة من العالم تحت اسم الإسلام قام بها متطرفون إرهابيون ، أشك بأنهم قد اطلعوا مرة على مبادئ الإسلام الحقيقية أو حتى أنهم يعرفوا بأن المسلم الحقيقي هو من سلم الناس من لسانه ويده ، وكان هناك إدانات من قبل مؤسسات إسلامية لبعض تلك الهجمات الإرهابية، لكن التغييرات الأخيرة التي حصلت في العراق وسورية بوجود الخلافة الإسلامية زادت تعقيدا على الموضوع وضغطا على المسلمين وخاصة الذين يعيشون في الغرب، بالتأكيد الكثير من المسلمين قد أدانوا الأفعال الإرهابية التي تقوم بها الدولة ولكن تلك الإدانات لم تنظم بشكل كبير كما نظمت مثلا المظاهرات ضد الرسام الدانماركي، أولى المظاهرات ضد الدولة الإسلامية في دول أوروبا قد نظمت من قبل الأكراد كردة فعل على ما تقوم به الدولة في المناطق الكردية أو العلمانيين والملحدين بمشاركة بعض المسلمين المعتدلين طبعا، أما تلك المظاهرات الكبيرة المنسقة من قبل المؤسسات الإسلامية في الغرب لم تأخذ حيز كبير كما أخذته ردود الفعل ضد الرسام الدانماركي مثلا، لم تأخذ حيز نقاش كبير كما الفيلم الأمريكي والذي قيل حينها على أنه منتج يهودي ضد الإسلام
والمسلمين، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا تلك القدرة العجيبة على التنسيق والتظاهر والإدانة حينما يسيء أحد ما للإسلام برسم أو مقال أوكتاب لا يمكن أن تستخدم أيضا حينما يسيء شخص يدعي أنه مسلم للإسلام والمسلمين عامة بهكذا عمل إرهابي أو غيره كالأعمال التي تقوم بها داعش؟

لاحظت الكثير من النقاشات اليوم على صفحات التواصل الإجتماعي خاصة من قبل أناس مسلمون معتدلون يعيشوا في الغرب، أبرز تلك النقاشات تدور حول أن هذا أو تلك المسلمة ليس ملزم دائما بالتبرير والتوضيح بأن تلك الأعمال لا تناسبه ولا تمثله، لكن نفس الشخص يحكم على مجتمع كامل بالعنصرية حين يسمع تصريح من سياسي يميني ضد الإسلام في البلد الذي يقطن فيه. النقطة التي يتم تناسيها بسهولة بأن أغلب الشعب في بلدان أوروبا والذين لا يسكنون في العواصم الكبرى حيث تعدد الثقافات والقوميات والأجناس والأصناف ليسوا بالضرورة بالقدر الكافي من الوعي كي يميزوا بين الإسلامي المتطرف والمسلم المعتدل، وهذا يعود إلى عدة عوامل أهمها الإعلام حيث ما يصلهم من الأخبار مؤخرا هي الكثير من الصور البشعة حول تصرفات الدولة الإسلامية، عن الحروب في الشرق الأوسط والتي يغلب الحديث عن معظمهما بطابع عنصري أقرب إلى الحرب الأهلية كأخبار سورية مثلا أو ليبيا. العامل الأخر هو الإنشغال في ظروف الحياة اليومية والإهتمامات المختلفة لدى الشخص والتي ليست بالضرورة أن تكون على مستوى كبير بل يمكن على مستوى المدينة أو القرية التي يقطنها وغيرها من الأمور التي يمكن أن تؤثر على مدى قدرة
المواطن العادي الأوروبي على الفصل بين الإسلامي والمسلم. من هنا أرى بأن المسؤولية في التوضيح تقع على المسلمين أنفسهم الذين يعيشوا في تلك الدول، يجب أن تنظم اعتصامات أو تظاهرات بسيطة ليس بالضرورة أن تتضمن شعارات مختلفة أو شيء لكن يكفي حمل شمعة أو وردة مع لافتات تقول بأن الإسلام هو دين محبة وتسامح وليس للإسلاميين وتصرفاتهم من الإسلام بشيء. ليتم توظيف بعض الطاقة التي تستخدم لنقد المتطرفين اليمينيين بشيء أذكى وله فائدة أكبر في توضيح صورة الإسلام الحقيقي والمسلمين الحقيقيين المعتدلين فقط كمحاولة لاعطاء الفرصة أو المساهمة بإيقاف التعميمات التي ستطال أغلب المسلمين من جراء أي فعل إرهابي يقوم به أسلامي متطرف.

الفعل بحد ذاته أصبح ضروري اليوم والمسؤولية كبيرة كمحاولة لإيقاف هذا التعميم، فقد سمعت أكثر من مرة من قبل أشخاص أوروبيين ليسوا على اطلاع كبير على الثقافة الإسلامية والعربية السؤال التالي: إذا كانت الدولة الإسلامية لا تمثل المسلمين المعتدلين فلماذا لا نرى ردة فعل كبيرة مظاهرة اعتصام ضدهم بشكل أو بأخر كتلك التي رأيناها ضد الرسام الدانماركي؟

لا يكفي ما أقوله لهم من شرح وتوضيح وتفصيل بأن الكثير من المسلمين هنا ينتقدواالدولة والتصرفات الإرهابية تحت اسم الإسلام ، لأن أغلب تلك الإدانات على مستوى فردي أو جماعي مصغر لا يتعدى العشرات بينما مظاهرة واحدة لدعم الدولة يشارك فيها ألف. والبيانات التي تصدر مكتوبة لا تصل إلى الغالبية العظمى من الشعب لكن مظاهرة كبيرة أو فعل أخر قد يصل ربما إلى الغالبية العظمى وليس إلى فقط هؤلاء الذين يميزوا بين الإسلامي والمسلم بكل الاحوال

وتبقى مسألة أنه على الجرائد والكتاب والرسامون أن يبتعدوا عن السخرية من الأديان مسألة حد من حرية التعبير والتي تتناقض مع مبادئ الديمقراطية، وإذا كان هناك ولابد من رد فعل قاس فليكن كما الفعل بالرسم أو الكتابة وليس بقوة السلاح والأعمال الإرهابية .
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)