آخر الأخبار
 - لازلت أشعر بأن لدينا فكر ديني يتقرصن بين لحظة وأخرى على عقولنا في رحلة إبحارنا بهذا الوجود .. بأنه أخطر من قراصنة الصومال في البحر الأحمر !..
إنه يستغل كل أحداث الطبيعة الكونية في إعلان انتصاره.........

الثلاثاء, 30-ديسمبر-2014 - 08:11:03
الاعلام التقدمي -

لازلت أشعر بأن لدينا فكر ديني يتقرصن بين لحظة وأخرى على عقولنا في رحلة إبحارنا بهذا الوجود .. بأنه أخطر من قراصنة الصومال في البحر الأحمر !..
إنه يستغل كل أحداث الطبيعة الكونية في إعلان انتصاره ، في التقرب إلى الله بعقولنا المحشوة بغباء تكرسه وسائل هذا الفكر الديني الإعلامية ، والمؤسف أن تسانده في قرصنته على عقولنا وسائل إعلام شبيهة ، أو هو يسيرها معهُ بقدرته على الجرف خارج مساحات المنطق العلمي !..
كثيراً ما تُطالعنا وسائل الإعلام الرسمية والإعلامية ، المرئية والمسموعة والمقروءة ، بأخبار متنوعة في أن الله سبحانه قد ظهر على جذع شجرة ، على جسد فاكهة ، على غصن ، على أوراق نبات ، على قرن حيوان ، أو على جسده ، أو ظهر لفظ جلالته المقدسة على كل ما سبق من المخلوقات في الطبيعة !..
الفكر الديني لا يتردد في استغلال كل ما يحدث في الطبيعة من ظواهر في إثبات وجود الله سبحانه ، مُعطلاً في الأصل وظيفة العقل في البحث العلمي عن أسباب هذه الظاهرة ؟.. وكأنها حسب مقتضيات هذا الفكر ليست سوى مُعجزة أو رسالة من الله إلى البشر يؤكد بهذه الظاهرة وجوده العظيم في الكون !..
ذات مرة أقرأ عن ظهور اسم الله سبحانه على شجرة مانجو باليمن ، أخرى عن ظهور لفظ جلالته على قرن حيوان ، وذات قراءةٍ قريبة لصحيفة سعودية " طماطم ضخمة في مزرعةٍ صينيةٍ تحمل ملامح وجه إنسان " !.. وأصل الخبر يتحول عن مسار البحث العلمي عن أسباب هذا التغير الطبيعي للثمرة علمياً ، إلى رسالةٍ دينيةٍ متقرصنةٍ على العقل – بأن هذه معجزة أو دليل على وجود الله – على شكل طماطم !..
إن الفكر الديني لا يريد أن يكف عن سطوته على حدود العقل ، عن هذه القرصنة المتكررة على التفكير ، على إرادة الإنسان في تصور الأشياء المحيطة .. بل هي ممارسة الوصاية !..
هل الله سبحانه وتعالى بحاجة إلى كل هذا الوجود ؟.. أن يثبت وجوده في هيئة أشياء تافهة مقارنة بحجم هذا الكون المذهل الذي أمرنا بالتفكر فيه – حين يقودنا العقل إلى الله !..
لا زلنا نتذكر معلموا التربية الدينية في المدارس قبل سنوات ، وهم يتناولون مثل هذه الظواهر الطبيعية القصيرة في تكريس الإيمان بأنها من معجزات الله سبحانه في إثبات وجوده !.. ليقضي الطالب 45 دقيقة تحت الوصاية الدينية على التفكير ، غارقاً في مساحة من تبليد المنطق وحشوه بالغباء !..
من ما كان يقوله مدرس التربية الدينية أيضاً .. أن بعض رواد الفضاء الخارجي سمعوا أثناء رحلاتهم أصوات مخلوقات فضائية ، عادوا بعدها لإعلان إسلامهم على الأرض !.. كما قيل أيضاً بأن رائد الفضاء الأمريكي نيل آرمسترونج أعلن إسلامه بعد أن سمع صوت أذان في الفضاء بعد رحلته عام 1969 إلى سطح القمر !..
في الحقيقة المعلومات الصادرة عن قراصنة لاأدقق في البحث عن مصادرها وسؤال في العقل يقول .. هل لم يدفع بنيل آرمسترونج لاعتناق الإسلام إن حدث سوى سماعه صوت أذان في الفضاء يحمل اسم الله ولم يدفعه لذلك دهشته بفضاء متقن ومعقد وباهر الخلق ، دعته التفاصيل المثيرة لأن يعرف الطريق إلى وجود الله – فيؤمن بذلك !..
الفكر الديني – إذ يبدوا كسولاً في حالة عجز غير معلن !.. يقتنص فرص الإمساك بالظواهر الطبيعية التي يقول بعد ذلك هاهو الله سبحانه مستمر في إثبات وجوده بمعجزة تلو الأخرى ، وظاهرةٍ تلو الظاهرة ، جاعلاً من هذه الظواهر الصغيرة إنتصاراً لمبادئه في الحقيقة ، فيما يشبه المعركة أو هي كذلك !..
هناك يارجال الدين ظواهر طبيعية نادرة تحدث في الطبيعة بين لحظةٍ وأخرى ، هي أهم مما يحدث في الشجرة والنبتة والفضاء ، لماذا لا تقولون أنها دليل على وجود الله ؟.. أن الله سبحانه أرسلها أيضاً لإثبات وجوده !..



لماذا لا تأخذون براتشيل كروي الفتاة الأمريكية كظاهرة وجودية عندما سحقتها جنازير الدبابة الإسرائيلية وهي تحمي بصدرها الأعزل بيت أسرةٍ فلسطينية من مخالب جرافة عسكرية !..
عبدالكريم الخيواني الصحافي اليمني الذي تعرض للمداهمات الليلية بين أفراد أسرته .. تم الإعتداد عليه في الشارع ، إختطافه وسجنه ، طرحه على سرير أبيض مضرجاً بدمائه ، مر بمحنة غير عادية على مدى سنوات وهو يدفع بقلمه خناجر الفساد والنفوذ والإستبداد والتسيب الأمني ، وقمع الرأي والإرادة ونهب ثروات الغلابا والبائسين !..
الموظفون الشرفاء الذين قدموا وثائق تدين الفاسدين والهوامير والغش والإحتيال في حاجات المجتمع الأساسية ، تعرضوا للفصل والقتل والملاحقة والتنكيل والتهديد ودمار مستقبل أسرهم ، ضريبة قصوى للشرف والنزاهة والضمير !..
الحارس الشخصي لرئيس الوزراء اليمني حسن مكي ، راح شهيداً .. حمى الرئيس بظهره من وابل من رصاص أحد النافذين على القانون ، فشلت خطة الإغتيال مع رئيس الوزراء ، ونجحت مع حارسه الشخصي !..
الصحافية المصرية نوال التي قام رجال الأمن بالتحرش بها وتمزيق ملابسها في الشارع ، بينما ترفع صوتها " كفاية " للقمع والتسلط والتجويع والإستعمار من الداخل !..
رجل الأمن السعودي الذي رفض رشوة بملايين الريالات مقابل تمرير شحنة من المخدرات لقتل المجتمع ، بينما يؤدي واجبه المقدس في المنفذ الجمركي الشمالي للبلد !..
الشاب اليمني الذي قتل في جولة كنتاكي بصنعاء ، بينما يدافع عن فتاة في الشارع من خاطفيها – أبناء النافذين والخارجين على القانون والنظام !..
الجنود الأمريكيون الذين تركوا العراق عائدين إلى بلدهم بطرق التهريب لعدم إيمانهم بقرار الغزو ، وعدالة الحرب على نظام شرعي وشعب تحت الحصار !..
الجنود الإسرائيليون الذين تركوا غزة عائدين لأهاليهم لهول ما شاهدوه من جحيم يكتنف شعب أعزل محاصر تحت وابل من العنقودية والفوسفورية والصواريخ المحرمة ، وتم محاكمتهم بتهمة الخيانة العسكرية !..
المرأة اليمنية التي نفذ بحقها حكم الإعدام رمياً بالرصاص في مدينة الحديدة ، مكفنة بالبياض بعد أن دفعت عن نفسها بالكلاشنكوف توحش أخا زوجها المتوفي ، مخلفة بعدها عدداً من الأطفال الأيتام !..
الحشابرة .. القبيلة التهامية اليمنية الصغيرة التي أبيدت برجالها ونسائها ونهبت ممتلكاتها وأحرقت بنيران رجال الأمن بتهمة الإنفصال !.. بينما يدافعون عن أرضهم وأعراضهم من النافذين مشائخ وتجار ومسؤولون في السلطة ، والنتيجة حق مغتصب ، قتلى ومصابون بحالات نفسية صعبة !..
الشيوخ والسياسيون القابعون في السجون العربية على ذمة قضايا تتعلق بالرأي وحرية التعبير المعارضة لسياسات أنظمة فردية متعنته !..
الصحفي السياسي اليمني محمد المقالح المخفي قسراً منذ شهرين على ذمة قضية صعدة !.. دون معرفة أهله وذويه وزملائه مكان اختفاءه كأن الوطن قد تحول لمربع مثلث برمودا آخر – مخيف !..
المتظاهرون الذين سقطوا قتلى في شوارع العالم مناهضون للحرب على العراق وفلسطين ، المطالبين بحقوق العيش الكريم والحياة المتساوية بين الشعوب !..
اليست كل الظواهر الإنسانية السابقة المطالبة بالحقوق العادلة ، المدافعة عن الحقوق المغتصبة ، الذائدة عن أعراض منتهكة وكرامة مُداسة ، والمعرية لما يخفيه الفساد والإستبداد من عبث بحياتنا وثرواتنا ، إلا كأدلة على وجود الله !..
وجود في أرواح وأفكار وعقول وسلوك بشر قدموا أعمارهم وأنفسهم وقدراتهم ودمائهم ومستقبلهم كبش فداء ، يسعون لتمكين عدالة الله ، وخيره ورحمته ورسالات أنبياءه في الأرض !..
لكن الظواهر النادرة التي قلما تتكرر لا تأخذون بها كدلالات وجودية في وسائل الإعلام الدينية ، ومنابره العالية ، وكتبه التي تطرح في المعارض والأكشاك والمكتبات بمبالغ باهظة !..
لأن الفكر الديني حينما يُسيس لصالح الجماعة في بلاط الأنظمة الحاكمة التي يستظل بظلها المتشددون والنافذون والبرجوازيون ومصاصوا الدماء – دراكولات متفشية !.. يصاب بالعمى والصنج فلايعود كمن يسمع أو يرى كل آلام الصرخة الناتجة عن فتك دراكولا السياسة بالعامة المقهورة ، المسلوبة ، المغلوبة والمستقطعة !..
الفكر الديني المتقرصن على عقولنا يجتهد بتسخير كل الظواهر الطبيعية لإثبات وجود الله ، إنتصاراً لمبادئه . الظواهر التي بحاجة لاجتهاد العلم في بحث تغيراتها بالتأمل والتفكر والبحث الذي حث عليه الله سبحانه – تفكروا في خلقي ولا تفكروا في خُلقي !.. حثنا على التفكر في أنفسنا وكل ما يقودنا إلى وجود الله سبحانه !..
الفكر الديني الذي نسخره لرصد المعجزات – الظواهر الطبيعية ، فكر عاطفي ، يعطل وسيلة العقل والبحث العلمي ، يُهادن السياسة ، ويغفل وسائله الإعلامية عن رصد الظواهر الحقيقية ذات العلاقة بوجود الله ، التي تقف إلى جانب مبادئ السماء - ضد انحطاط قيم الأرض !..
وكالعادة لا أستطيع أن أمنح عقلي أو أؤجره لفكر ديني مُسيس ، يدعوني لمعرفة وجود الله سبحانه بتقديم ظواهر طبيعية صغيرة متعمداً إهمال دلائل وجود الله الحقيقة في إنسان لا يتكرر .. يدفع بدمه ونفسه ومستقبله نحو محرقة دينيةٍ سياسيةٍ متقرصنةٍ على عقول العامة !.. فداءً عظيماً تمكيناً لعدالة الله ومبادئ رسالاته السماوية ، ووجوده في الأرض ، في ضمائر البشر الأصحاء فكراً وسلوكاً وقيمة إنسانية – في ظاهرة لا تتكرر !..
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)