آخر الأخبار
 -  
إن قضية مجتمعاتنا العربية و علاقتها مع رجل السلطة و رجل الدين و رجل الفكر و علاقة كل طرف من الأطراف الثلاثة بالآخر ، هى قضية مركبة و شديدة التعقيد ، و مناقشتها لا تكفيها مئات الكتب ،...........

الاثنين, 29-ديسمبر-2014 - 13:01:05
الاعلام التقدمي- سامح سليمان -
 
إن قضية مجتمعاتنا العربية و علاقتها مع رجل السلطة و رجل الدين و رجل الفكر و علاقة كل طرف من الأطراف الثلاثة بالآخر ، هى قضية مركبة و شديدة التعقيد ، و مناقشتها لا تكفيها مئات الكتب ،
منها على سبيل المثال لا الحصر ما هو متعلق بالهوية ، فعلى سبيل المثال هل الهوية هى بحسب الدين أم العرق أم الانتماء الحضارى أم اللغه أم الثقافة أم المصالح المشتركة ؟

على سبيل المثال : فى بلدى الحبيبة مصر أثيرت فى الثلاثينيات مشكلة الهوية المصرية هل هى مصرية خالصة نسبة الى المصريين القدماء، دعا سلامه موسى الى إلغاء اللغه العربية و أستبدالها بالديموطيقية ،
و أن نتجه بقوه نحو الثقافه الغربية ، و نادى طه حسين بأننا ننتمي الى ثقافة البحر المتوسط .

أم هى قبطية كما ينادي بها حتى الآن بعض المتزمتين العنصريين من المسيحيين ، أم اسلامية و قد دعا إلى ذلك غير المؤمنين بفكرة الوطن فهو بالنسبة اليهم تراب و دين و لكن مؤمنين بفكرة الأمة التى ليس لها حدود جغرافية لأن باب الجهاد من وجهة نظرهم لم ينتهي و لن ينتهي ،  لذا فالوطنية كفر و الوطن وثن ، مثل (جمال الدين الأفغانى) ، (رشيد رضا)( ،  حسن البنا ، ) أم عربيه وهو تيار القوميه العربية الذى نشأ على يد المسيحيين الشاميين كردّ على التيار الإسلامي و قد ساد هذا التيار على يد حركة  يوليو 1952م ، بعدما أجهض تيار القومية المصرية لمنشئه (أحمد لطفى السيد) و تم التعتيم على مفكري الليبرالية التي سادت من 1923م حتى 1952م ، مثل (فرح أنطون) ، (شبلي شميل) ، (اسماعيل مظهر )و غيرهم كثيرون .
( أنصح بقراءة كتاب الليبرالية المصرية للدكتور (رفعت السعيد) ، مستقبل الثقافة فى مصر للدكتور( طه حسين ),أيضاً كتاب (المثقفون والسلطة) و كتاب (النهضه و السقوط فى الفكر المصرى الحديث) للدكتور (غالى شكري)ولا ننسى القله المستنيرة التى نادت أن الهوية كيان دائم التجدد له أكثر من مكون حضاري
بينما تغيرت تركيا للأفضل فى أوائل القرن الماضي على يد (كمال أتاتورك) إلى دولة علمانية عصرية.

إن من أهم أزمات مجتمعاتنا أن هويتها هلامية مشوشة أو أقصائية عنصرية ، من أهم أزمات مجتمعاتنا أن هويتها لا يحددها علماؤها و فلاسفتها و أدبائها و مفكريها و لكن الهوية تتغير بتغير توجهات من يمتلك السلطة, فمبدأ شعوبنا بدرجة كبيرة هو الناس على دين ملوكهم ، فإذا كان من حكم ( الحاكم القوي ) علماني أصبحنا علمانيين و إذا كان اسلامى أصبحنا إسلاميين ، حتى بالنسبة للتوجه الاقتصادي ، إذا ما أراد من يملك السلطة الاتجاه نحو الأشتراكية أصبحنا اشتراكيين ، و أصبحت وسائل الأعلام المقروءة و المسموعة و المكتوبة و انبرى أكثر مثقفينا _ خدم السلطان و أكلى الفتات المتساقط من مائدته ,فى كتابة الكتب و المقالات عن عظمة الاشتراكية ، و مسترزقى و موظفى المؤسسة الدينية بما لهم من تأثير غير محمود ، بحثوا عن نصوص دينية تتوافق مع هذا التوجه، وسبَّحوا منادين ليل نهار بأن الأشتراكية من الدين،و إذا ما تحولت إرادة من يحكم الى الرأسماليه حدث نفس السيناريو .

لكن يجب ان نعلم أن من يتحكم فى طبيعة النموذج السائد من قيم وأفكار و صناعة القرار فى كافة المجتمعات خاصةً المجتمعات الرأسماليه ، ليس فقط رجل السياسة أو حتى رجل الدين و لكن أيضاً رجل الاقتصاد ، فمن يملك رأس المال يملك قوة قد تتفوق على قوة كلّ من رجل السلطة و رجل الدين و بالطبع رجل الفكر ، بل و قد تتحكم بهم ، الأقتصاد له من القوه القدره على أعادة صياغة المجتمع بكافة مفرداته .
الدين و السياسه و الأقتصاد ثالوث لا ينفصم

 هناك أيضاً أزمتنا فى مثقفينا ، بتخليهم عن دورهم فى تنوير الأذهان و معالجة المجتمع من أمراضه
و تفشى الشلليه و التحزب ، و أكتفائهم بما يتساقط من موائد أصحاب المال و النفوذ و السلطة مقابل الانعزال فى برج عاجي و التحذلق على البسطاء و التعالي عليهم ، و لعن التيارات ذات الصبغه الدينية و أحياناً التحالف معهم ، و عدم القيام بدورهم فى النزول للشارع و التعمق فى فهم المشاكل الحياتية و تكوين تيار تنويرى غير قائم على الشللية ، تيار غير قائم على اجترار ما قد تركته الأيقونات الثقافيه المقدسة من فكر،

أتيار لا يعترف بالدوجما أو بالأيقونات،تيار يدعو الى ثقافة الكيف و ليس الكم و المضمون و ليس الشكل.
نحن لدينا أزمة هوية و أزمة مفاهيم و أزمة ثقافه و أزمة مقدس متعدد الوجوه ، وأزمات أقتصاديه و قيميه،
و تلك الأزمات لن تذوب أو على الأقل تنحفض كثافتها إلا بتكاتف كل معرفى حر محب لوطنه و لإنسانيته.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)