آخر الأخبار
السبت, 16-نوفمبر-2013 - 11:47:17
 - وأنت تتجه إلى الجنوب من مركز محافظة "صعدة" على بعد 10  كم تقريباً، ستكشف أن الطريق إلى "دماج" معقل أهل السنة في اليمن، ليس شاقًا ولا سهلاً ممتنعاً، بل هو خط رملي يمتد أمام عينيك مثل ثعبان "الأنكوندا". مركزالاعلام التقدمي- فكري قاسم -
وأنت تتجه إلى الجنوب من مركز محافظة "صعدة" على بعد 10  كم تقريباً، ستكشف أن الطريق إلى "دماج" معقل أهل السنة في اليمن، ليس شاقًا ولا سهلاً ممتنعاً، بل هو خط رملي يمتد أمام عينيك مثل ثعبان "الأنكوندا".
وأثناء توجهك إلى هناك- خصوصاً لو كنت صحفياً- ستتلقى من أبناء المحافظة ذاتها عشرين نصيحة أو تزيد، جميعها على نحو: لا تدخن.. لا تضحك كثيراً.. لا تجادل أحدهم أثناء الحوار.. لا تتحمس للموسيقى ولا تتحدث عن النساء.
 وأهم من ذلك كله: لا تنسَ إغلاق هاتفك الجوال. .وفي حقيقة الأمر، بين تلك النصائح كلها نصيحة واحدة شرخت لي رأسي: ممنوع التصوير؟! ليس لأن عدسة الكاميرا قد تلتقط ما يفضح الاستعداد النووي لجماعة أهل السلف في "دماج" لا سمح الله.. بل لأن التصوير-  من وجهة نظرهم- حرام!.
سنة 2003 قمت بزيارة صحفية إلى هناك. ووجدتني، ببنطالي الجينز، رفقة الزميل فتحي أبو النصر، ندخل إلى قلب حياة بدائية ومنغلقة حد البداوة الأولى، وحد رفض الآخر والابتعاد عنه بحجة هجرة أهل الفسق، لعلهم بهذا الانغلاق القاسي يبتعدون عن مغريات الحياة، وقد يصعدون يوماً إلى الجبل معتزلين الناس والمجتمع لو ازداد فسقاً وفجوراً!
إنهم مشدوهون جداً بالنموذج القديم، خصوصاً وهم يتحدثون عن هجرة المجتمع الكافر- أي كل المواطنين القاطنين في القرى والمدن- تماماً كما تتحدث السير عن لجوء السيدة مريم العذراء إلى جذع النخلة.. أو هكذا كما تصور لي.
لا بأس، وأنت تتجول في معقل أهل السلف بدماج، ستشعر لأول مرة في حياتك أنك كنت فقدت الهدوء منذ سنوات طوال.. كانت تلك الحسنة الوحيدة التي ظهرت ممتناً لها، وبشدة، خصوصاً وأنني كنت إلى ما قبل تلك اللحظة أعاني كثيراً من ضوضاء كادت تضرب رأسي.
هدوء يشبه صمت المقابر تماماً.. لا منبه سيارات يخزق طبلة أذنك، ولا بوفية أو مطعم تستقبلك قرقعة القلاصات فيها، وصوت المباشر وهو يتسقبلك محتفياً: نزّل يالَيد.. طلّع يالَيد.
لا شاشة تلفاز أو مذياع أو سماعات مسجلة تنط أغانيها من الشبابيك والأبواب وسطوح المنازل أيام الزفاف.. كل ما في هذا المكان أبنية من البردين والطين و"مركز دار الحديث" الذي يدرسون فيه، وثلاث إلى أربع مكتبات دكاكينية، إضافة إلى ساحة تحت شجرة كبيرة أشبه بالسوق، ومسجد ومجموعة حمامات، وبالرغم من أن النظافة من الإيمان، إلا أنك ستحتاج إلى معجز  تمكنك من نسيان رائحتها المتكاثرة.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
التعليقات
سيف الدين (ضيف)
24-11-2013
يافكري ، خلي الزنقلة في هذا المجال فعيالك في حاجة لك والحوثيون لن ينفعوك حتى ولو كنت موالياً.



جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)