آخر الأخبار
الأحد, 25-نوفمبر-2012 - 17:50:01
 - أمينة أبو شهاب مركز الاعلام التقدمي- أمينة أبو شهاب -

 العلاقة الإخوانية الأمريكية ودخول الإخوان الخيمة الأمريكية بعد أن كانوا خارجها، هما ما يشكل المتغير السياسي الأهم والأخطر في السياسة الخارجية الأمريكية في ما يتعلق بالعرب والمنطقة، وذلك في عهد باراك أوباما .
 
تبدو هذه العلاقة كما لو أنها قد تبلورت من خلال الربيع العربي، وأنها نتاج مباشر له . ولكن الحقيقة هي ما يعاكس ذلك، فالربيع العربي جاء تتويجاً لها، وهو يضعها موضع العمل والتوظيف في نظام عربي جديد . وإذا كان باراك أوباما المعروف بأنه رجل الاتفاقات والصفقات، هو من ينسب إلى إدارته منجز وجود الإخوان المسلمين في الخيمة الأمريكية، فإن مقدمات ذلك كانت تمتد إلى ما يقارب العقد من الزمن من التواصل والحوار البعيدين عن الأضواء بين الإخوان والإدارة الأمريكية، وذلك لتسوية بعدهما في الأيديولوجيا والخلاف السياسي، ووضع العامل المصلحي والمنفعي كأساس للعلاقة وما يجمع الطرفين فيها .
 
كان الحوار بين الأمريكان والإخوان الذي أخذ زمنه بما يكفي، سينعكس على الدوائر البحثية ودوائر بلورة القرار السياسي الأمريكي التي أخذت تشكل رأياً يحبذ العلاقة مع الإسلاميين الوسطيين ممثلين في الإخوان المسلمين .
 
حدث الحوار والتواصل المستمر وانعكاساتهما على الرؤية السياسية الأمريكية قبل وصول أوباما إلى البيت الأبيض، وشكلت إدارة أوباما في توجهها السياسي نحو المنطقة مواصلة لتلك الرؤية التي تم تبلورها وزخماً لها، فالقرار السياسي الأمريكي ليس مرتبطاً كثيراً بإدارة معينة بقدر ارتباطه بمؤسسات تصنع التوجهات السياسية الاستراتيجية، وتؤسس الأرضيات النظرية لها .
 
ولكن يبقى أن أوباما هو من شكّل في شخصه الواجهة السياسية المناسبة لعلاقة العمل المشترك مع الإخوان بما سمحت له به خلفيته الأثنية، وكذلك الإيهام المتعمد حول ديانته “الحقيقية«، وذلك في أعين العرب الذين شغلهم كثيراً اسم “حسين”في دفتر هوية أوباما .
 
كان خطاب أوباما في جامعة القاهرة في العام 2009 الذي أجبرت فيه حكومة حسني مبارك أمريكياً على دعوة زعماء الإخوان المسلمين إلى حضور الخطاب والذين كان من بينهم سعد الكتاتني، علامة بارزة في طريق العلاقة، ومؤشراً سياسياً لم يفهمه كثيرون ساعتها، إلى أنه دليل على مدى تطور العلاقة الأمريكية مع الإخوان، ودخولها مرحلة العمل الفعلي .
 
وإن كانت هذه العلاقة هي جزء رئيس في خلفية الربيع العربي، فإن الجزء الآخر قد تمثل في الاستثمار الأمريكي السخي في الديمقراطية الذي تجاوز الخمسمئة مليون دولار أمريكي أنفقت على المنظمات الشبابية والمدنية التي رفعت شعار حقوق الإنسان، وعملت على هدف التغيير الديمقراطي . هذه الديمقراطية المدفوعة الثمن أمريكياً، والمعبر عنها في شكل سياسة أمريكية تتناغم مع الحركة المدنية في الشوارع العربية هي هذه: “الترويج للإصلاح ودعم الانتقال إلى الديمقراطية«، وهي كلمات أوباما وحضوره الداعم في أحداث الربيع العربي .
 
غير أن الديمقراطية الأمريكية في الوطن العربي هي عملة ذات وجهين، وليست هي فقط حق الانتخاب والترشح . فوجهها الآخر هو العلاقة مع الكيان الصهيوني والحفاظ على ديمومة معاهدة كامب ديفيد بالنسبة لمصر المحكومة إخوانياً بدعم أمريكي . وهذه الديمقراطية ذات الوجهين، وكما قبل بها الإخوان في علاقتهم المستترة مع الإدارة الأمريكية، هي ما يجعل وجودهم في سدة الحكم وجوداً مشروطاً ووجوداً وظيفياً كذلك للسياسة الأمريكية في المنطقة .
 
إن الأحزاب السياسية التي تلعب أدواراً وظائفية بالنسبة للقوى الخارجية هي أحزاب عاجزة حقيقة عن تطبيق مشاريع وإصلاحات جوهرية في بلدانها . وهذا ما يعاني منه حزب الإخوان المسلمين في مصر، حيث يقف عاجزاً ومتردداً وبلا مشروع سياسي أو اقتصادي يغيّر به الوضع القائم . إن كل ما يفعله الإخوان في مصر حالياً هو تطبيق سياسات مبارك، وخاصة بالنسبة للاقتصاد، فهم ليسوا سوى بدلاء لنظام مبارك في المنظور الأمريكي، وفي التطبيق العملي لهذا المنظور . ولن يستطيع الإخوان أبداً الاستجابة للتطلع الشعبي إلى العدالة الاجتماعية، أو قيادة مشروع اقتصادي وطني استقلالي لمصر، لأنه أصبح من الواضح أنهم يتحركون على الأرضية نفسها التي يقوم عليها اليمين الأمريكي ومفهومه للاقتصاد . إن هذا الوقوف المشترك على الأرضية نفسها هو ما يحجز الإخوان في خياراتهم الاقتصادية وسياساتهم، كما في طلب الديون وطلب القرض من صندوق النقد الدولي مؤخراً، والتعهد الأمريكي السريع بقبول الطلب، وهذا في مقابل الامتثال للسياسة الأمريكية، وضمان استمرارية معاهدة كامب ديفيد .
 
العلاقة الأمريكية الإخوانية كما رسمت خطوطها العملية في ولاية أوباما الرئاسية الأولى، هي العمل المشترك في ما يمثل مجالاً للاتفاق في الاقتصاد والسياسة، وهي تبادل المنافع وحصادها، حيث لا يخلو الأمر من استفادة الأمريكان من الرأسمال الديني لدى الإخوان في الشارع العربي بما يبرر الحضور الأمريكي في التغييرات السياسية المتوالية في الساحة العربية، وذلك في مقابل رواج وامتداد نموذج الحكم الإخواني في بلاد عربية أخرى، وفي مقابل الدعم المالي الأمريكي والأوروبي المباشر وغير المباشر لتجربة الحكم الإخواني في مصر، ووقوفها أمام العواصف السياسية الداخلية .
 
الولاية الثانية لرئاسة أوباما هي في ضوء هذا، استمرارية للتوجه نفسه، وهي بالنسبة لأوباما دعم للإخوان في ما يطلق عليه سياسياً دعم المرحلة الانتقالية للديمقراطية في المنطقة العربية . وفي لغة الدعم الأمريكي في زمن ضعف أداء الاقتصاد الأمريكي، فإن أوباما لا بد له من مفاهيم تبريرية للاستثمار المالي في ديمقراطية انتقالية تضع الإخوان في مركز القيادة ضمن محددات السياسة الأمريكية وشروطها والتزاماتها الإقليمية، وهذا ما يفي به الإخوان ويبقيهم في الخيمة الأمريكية، وما يضع العلاقة بالتالي في شكل قابل للدوام للوقت المنظور .
 * الخليج



أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)