آخر الأخبار
الأحد, 10-يونيو-2012 - 18:41:17
 - جاءت الأزمة التي عصفت بالبلاد خلال العام الماضي نتيجة لتراجع دور الدولة، وانحسار دورها، وتخليها عن هامش واسع من وظائفها الاقتصادية ومسئولياتها الاجتماعية، تاركةً المجال أمام المشايخ وذوي الحظوة والنفوذ الذين دخلوا في شبكة معقدة من التحالفات التي أفسدت كل شيء ووسعت من دائرة الفساد التي طالت حتى البنية التحتية, وعلى المستوى الحزبي فقد طغت الولاءات الأولية المتمثلة في العصبية الجهوية والعائلية, مما أضعف مركز الاعلام التقدمي- د.عادل الشجاع -

جاءت الأزمة التي عصفت بالبلاد خلال العام الماضي نتيجة لتراجع دور الدولة، وانحسار دورها، وتخليها عن هامش واسع من وظائفها الاقتصادية ومسئولياتها الاجتماعية، تاركةً المجال أمام المشايخ وذوي الحظوة والنفوذ الذين دخلوا في شبكة معقدة من التحالفات التي أفسدت كل شيء ووسعت من دائرة الفساد التي طالت حتى البنية التحتية, وعلى المستوى الحزبي فقد طغت الولاءات الأولية المتمثلة في العصبية الجهوية والعائلية, مما أضعف تلك الأحزاب وجعلها عاجزة عن اجتذاب الجماهير أو تأسيس قواعد شعبية قوية.
وعلى هذا الأساس كان الصراع على السلطة وليس على التغيير, بدليل أن الأطراف القوية التي رفعت شعارات رومانسية سعت إلى حجز حصتها في الحكومة وكذلك في استخدام العنف.
وقد نتج عن هذه الأزمة في اليمن أن التقت ثلاث قوى عطلت مؤسسات الدولة وقطعت الطريق عن طريق نصب الخيام في الشوارع العامة واستخدمت العنف وهذه القوى هي: 1- شيوخ القبائل وكبار الضباط الذين انفصلوا عن المؤسسة العسكرية 2 - الجماعات الدينية 3- الجماعات القبلية والرعوية القادمة من الريف, والغريب في الأمر أن هذه القوى رفعت شعار الدولة المدنية وهي من أكثر القوى رفضاً للتغيير، بل ومقاومة له بشتى الطرق وهي على استعداد للتضحية بالدولة من أجل البقاء والحفاظ على مصالحها.
لقد قامت القوى التقليدية بإعادة الانتشار داخل الإطار السياسي الجديد, وهذا ما يوضحه تشكيل الحكومة والهيمنة عليها من الخارج, لذلك كان التغيير بالنسبلة للقبيلة أو للأحزاب السياسية وعلى رأسها التجمع اليمني للإصلاح هو مجرد تبديل الأدوار ومراكز القوى، وليس تغييراً هيكلياً في بنية الدولة ومؤسساتها وممارساتها.
ويظل خروج علي عبدالله صالح وأقربائه من السلطة هو الحد الأعلى لهذه القوى وليس من مهامها التغيير في أنماط الوعي والإدراك, وفي المكون الثقافي لدى المجتمع, كل همها هو إعادة تكريس ما كان قائماً, ولكن بأشخاص آخرين.
أستطيع القول: إن الشعب اليمني هو الحلقة الأضعف في العلاقة مع هذه القوى الثلاث. يحتاج الشعب اليمني إلى صياغة عقد اجتماعي يحترم الأفراد ويقوي المجتمع في مواجهة مراكز القوى الرافضة للنظام والقانون.
لقد ظهر المجتمع المدني والأهلي خلال الأزمة أنه ضعيف وغير منظم وظهر سلّم القيم السياسية والثقافية أسيراً لكثير من معايير التمييز القبلي والعشائري.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل خرج الناس إلى الشوارع من أجل هذه الوجوه التي نراها كل يوم تتكلم باسم الثورة؟
إذا كان الأمر كذلك فإنها مفارقة عجيبة, وفي الوقت نفسه تشتيت لجهود التغيير، ولست أدري بعد, وفي كل هذا الوقت, هل أدرك الشباب غير المتحزب أنه خرج إلى الشارع وهو يفتقر إلى برنامج سياسي تحركه العاطفة ويجهل معنى المؤسسية؟ هل يدرك فعلاً أنه كان يمارس أفعالاً تعبيرية فردية ضخَّم منها الإعلام فأصبح التغيير عبارة عن مجموعة أفراد متحدثين لوسائل الإعلام كان هؤلاء الشباب يعرفون ما الذي لايريدونه, فهم لايريدون النظام.
أما الذي يريدونه فهم لا يعرفونه, لم يكن واضحًا لديهم ما الذي يريدون الوصول إليه، وماهي أهدافهم، وماهو شكل النظام البديل.. كان فكرهم واضحاً في جانب الهدم, ولكنه مضطرب في جانب البناء, حتى النخب التي تزعم أنها مثقفة, والتي تقافزت من سفينة علي عبدالله صالح حينما اعتقدت هذه النخب أن السفينة تغرق، لم يكن واضحاً لديها ما الذي ستؤول إليه الأمور .. صحيح أنها رفعت شعارات عامة حول الحرية والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، لكنها كانت أكثر الفئات انتهاكاً لهذه الشعارات .. كان هناك قدر كبير من السطحية في الرؤية والتخطيط والقيادة وكانت القوى التقليدية من مشايخ القبائل ورجال الدين أكثر قدرة على تحريك دفة السفينة في الاتجاه الذي تدفعه الريح الخارجية والأمواج الداخلية .. لقد تحرك المثقف بدافع العاطفة وبدافع التخلص من رأس النظام.
أثبت المثقف اليمني أنه عدمي وأنه غير قادر على إدراك الحقيقة, أما القوى التقليدية فقد أثبتت قدرتها على التحرك وفق مصالحها ضمن خطة واستراتجية تهدف بالأساس إلى عدم التصادم مع مطالب التغيير, وفي نفس الوقت تعمل على تشتيت هذه المطالب وإرباكها, أو بمعنى أصح اختطافها .. إن دخول المشايخ والجنرالات ورجال الدين على خط التغيير قوض فعلياً فرص تحقيق التغيير المنشود, فقد أحبطت هذه القوى التحولات الديمقراطية وجسدت فكرة الاستئثار بالسلطة بعوامل القوة.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)