- يتوجه الناخبون الإسرائيليون (اليوم) ٢٢ يناير/كانون الثاني إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء الكنيست التاسع عشر، في...

الأربعاء, 23-يناير-2013 - 14:16:50
مركز الإعلام التقدمي- معهد العربية للدراسات -

يتوجه الناخبون الإسرائيليون (اليوم) ٢٢ يناير/كانون الثاني إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء الكنيست التاسع عشر، في انتخابات تبدو نتائجها محسومة مسبقاً لصالح تشكيل بنيامين نيتانياهو حكومته الثالثة، ويظل السوال الرئيس المطروح اثناء الانتخابات وبعدها هو: كيف سيشكل نيتانياهو حكومته الائتلافية الجديدة في ظل متغيرات الخريطة الحزبية في الدولة العبرية.
وهو ما تسعى هذه الورقة للإجابة عليه من خلال رصد وتحليل التحولات الحزبية التي شهدتها الساحة السياسية الإسرائيلية خلال الشهرين الماضيين و"التوليفات" المحتملة للحكومة الجديدة.
تراجع نيتانياهو وعودة ليفني
شهدت الساحة الحزبية والانتخابية في إسرائيل تحولات عميقة خلال الشهرين الماضيين، حيث دشنت الحملة الانتخابية انتهاء العمر الافتراضي لحزب "كاديما" الذي أسسه رئيس الوزراء الأسبق آريئيل شارون العام ٢٠٠٥، في مقابل ظهور حزبين رئيسيين جدد هما "هناك مستقبل" العملاني بزعامة يائير لبيد وحزب "الحركة" بقيادة تسيبي ليفني.
بالتوازي، أظهرت استطلاعات الرأي - التي بلغ عددها نحو ٦٠ استطلاعاً خلال شهرين - صعود حزب "البيت اليهودي" اليميني المتشدد بزعامة نفتالي بينيت، وسط توقعات بحصوله على المرتبة الثالثة في الكنيست الجديد بنحو ١٤ مقعداً. وفي نفس الوقت استعادة حزب "العمل" جزءا من شعبيته بارتفاع نصيبه الانتخابي من ١٣ إلى ١٧ مقعداً تحت زعامة شيلي يحيميوفيتش.
وعبر نظرة بانورامية للمشهد الانتخابي الراهن في إسرائيل، خلال الشهرين الماضيين، نجد أنه في نهاية أكتوبر ٢٠١٢ ومع إقرار حل الكنيست الثامن عشر وإعلان نيتانياهو عن تحالفه مع زعيم "إسرائيل بيتنا" ووزير الخارجية المستقيل أفيجدور ليبرمان في تكتل "الليكود - بيتنا"، كانت الاستطلاعات تشير إلي فوز "مريح" لنيتانياهو وليبرمان بنحو ٤٢ إلى ٤٥ مقعداً وحصول "كاديما" على ١٠ مقاعد والعمل على ١٩ مقعداً و"هناك مستقبل" على ١٥ مقعداً.
ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي "سفينة نيتانياهو"، حيث اصطدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بعدد من العوامل التي اعاقت تقدمه واضطرت شعبيته للتراجع في مقدمتها العوامل الآتية:
1- تراجع اهتمام الناخب العبري بملف التهديد الإيراني، والذي كان يمثل القضية الرئيسية لتحالفه تحت شعار "حكومة قوية لمواجهة التهديدات". فقد ركز نيتانياهو على قدرته على مواجهة البرنامج النويي الإيراني المثير للجدل وإظهار نفسه بمظهر "الزعيم القوي" الذي يمكنه التصدي للتحديات الأمنية التي تواجه الدولة العبرية في ظل التحولات الدرامية في المنطقة ونشوب الحرب الأهلية في سوريا وصعود الإسلام السياسي للسلطة في مصر.
2- في المقابل، قادت الحرب علي غزة واعلان التهدئة مع "حماس" مبكراً، وتراجع الجدل بشأن البرنامج النووي الإيراني، واستبعاد مخاطر انتقال تداعيات الحرب السورية إلى إسرائيل، إلى صعود القضية الاجتماعية إلى مقدمة اهتمامات الناخب الإسرائيلي.
3- توازي ذلك مع توجيه ضربة غير متوقعة لأفيجدور ليبرمان الحليف الرئيسي لنيتانياهو، عبر اتهامه بخيانة الأمانة في قضية تعيين سفير في بيلاروسيا قدم له معلومات بشأن تحقيقات للشرطة مما أجبر ليبرمان على الاستقالة من منصب وزير الخارجية.
هذه العوامل/ التحولات دفعت الناخبين الإسرائيليين إلى إعادة توجيه الأصوات بعيداً عن تكتل "الليكود -بيتنا"، وكان الخيار الرئيسيي للناخبين اليمنيين هو حزب "البيت اليهودي" الذي استعاد عافيته مجدداً عبر قيادة نفتالي بينيت الذي نجح في مخاطبة جمهور اليمين بشعاراته المتشددة، التي تلخصت في رفض إخلاء المستوطنات والهجوم على السلطة الفلسطينية والترويج لحل الدولة الواحدة، ويشير المحللون في هذه النقطة إلى أن نفتالي بينيت نجح في الحصول على أصوات الناخبين - غير الروس- الذين صوتوا لصالح ليبرمان في انتخابات ٢٠٠٩. وهم الناخبون الرافضون لعملية السلام والتعامل مع السلطة الفلسطينية وأغلبهم من قاطني المستوطنات في الضفة المحتلة والمناطق القريبة من قطاع غزة وعلى حدود جنوب لبنان.
وبالفعل أصبح "البيت اليهودي" المتقدم في استطلاعات الرأي في انتخابات يناير ٢٠١٣، نتيجة تراجعات منافسيه، حيث انتقل من مصاف الأحزاب الصغيرة (٣ مقاعد فقط في الكنيست الثامن عشر) إلى حيز الأحزاب الكبيرة إلى مركز متقدم وبتوقع حصوله على ١٤ مقعداً. و"البيت اليهودي" هو وريث حزب "المفدال" وحركة "جوش امونيم" الاستيطانية في الأراضي المحتلة. ويتبني الحزب خطاب الحاخامين كوك الأب والابن الذي يدافع عن دولة إسرائيل كجزء من "الحل الإلهي"، فيما يعرف بـ"الصهيونية الدينية"، إلى جانب الدعم المطلق لمشروعات الاستيطان في الأراضي المحتلة والدفاع عن شعار "إسرائيل الكاملة" الذي يضم الضفة وغزة للدولة العبرية.
وبالتوازي، صب صعود الخطاب الاجتماعي في صالح حزب "العمل" الذي نجح في جذب قسم من جمهوره القديم من أبناء الطبقة الوسطى في المدن الكبرى مثل تل أبيب وحيفا، إلى جانب دفاعه الواضح عن النساء في مواجهة الهجمات "اللفظية والجسدية" من قبل "الحريديم" المتشددين. وقاد عودة اهتمام الطبقة الوسطى وشباب الجامعات بخطاب زعيمة "العمل" شيلي يحيموفيتش إلى ارتفاع نصيب الحزب في الكنيست - بحسب الاستطلاعات - إلى ١٧ مقعداً. ولكه ظل بعيداً عن العودة كحزب قائد في الدولة العبرية. وهي الوضعية التي فقدها في انتخابات ٢٠٠٣ مع انهيار عملية السلام ويبدو أنه لن يكون قادراً على العودة لها في ظل الظروف الراهنة.
وفي المقابل، كان قرار تسيبي ليفني للعودة إلى الحلبة السياسية عبر حزب "الحركة" بمثابة "رصاصة الرحمة" التي وجهتها إلي حزب "كاديما". فقد قاد تأسيس ليفني لحزب "الحركة" إلى خروج البقية الباقية من قيادات حزب شارون وتحول مؤيدو خطاب "كاديما" الوسطي إلى حزب ليفني في ظل عدم قدرة شاؤول موفاز على الحفاظ على التوليفة الشارونية الخاصة بخطاب "الأمن والسلام معاً" وتردده في التعامل مع حكومة نيتانياهو عبر دخوله وخروجه من الائتلاف الحكومي في أقل من شهرين. مما جعله يظهر بمظهر "القائد المتردد".
ورغم صعود بورصة التوقعات بشأن قدرة ليفني على الحشد الانتخابي، فإن دخولها المتأخر ساهم في انخفاض نصيبها الانتخابي المحتمل إلي ٧ مقاعد، حيث كانت في منافسة شرسة على جمهور المدينة والطبقة الوسطى والشباب مع "العمل" وحزب "هناك مستقبل".
و"هناك مستقبل" يمثل الحزب الليبرالي التقليدي الذي يدافع عن القيم العلمانية وتمثل العلاقة بين الدين والسياسة قضيته الرئيسية. فزعيم الحزب يائير لبيد نجح في حشد أصوات العلمانيين الغاضبين من تزايد نفوذ اليهود المتشددين من الحريديم في المدن الصغيرة والمجال العام وتحديهم لحكم "المحكمة العليا" بتجنيد طلاب التوراة في الجيش الإسرائيلي، ووفقاً للاسطتلاعات فإن جمهور الشباب العلماني و"الملحد" سيمنح "هناك مستقبل" نحو ١١ مقعداً في الكنيست.
في المقابل، فإن أنصبة الأحزاب الآخرى ظلت ثابتة، وسط توقعات بحصول "شاس" الحريدي علي ١١ مقعداً و"يهدوت هتوراة" الديني المتشدد على ٦ مقاعد ومثلهم لحزب "ميريتس" اليساري و١١ مقعداً للأحزاب والقوائم العربية.
سيناريوهات الحكومة الائتلافية الجديدة
وفقا لنتائج انتخابات الكنيست الثامن عشر المتوقعة حسب استطلاعات الرأي الأخيرة، ليوم الجمعة 18 يناير فإننا أمام برلمان منقسم بين الأحزاب اليمينية والحريدية المتشددة وبين أحزاب اليسار والوسط ومعها القوائم العربية..
نتيجة انتخابات 2013 كما رسمتها استطلاعات 18 يناير:
*حزب الليكود بيتنا ..... عدد المقاعد 35
*حزب العمل ..... عدد المقاعد 17
*حزب البيت اليهودي ..... عدد المقاعد 14
*حزب هناك مستقبل ..... عدد المقاعد 12
*حزب شاس ..... عدد المقاعد 12
*حزب الحركة ..... عدد المقاعد 7
*حزب يهدوت هتوراة ..... عدد المقاعد 6
*حزب ميريتس ..... عدد المقاعد 6
*حزب القوائم العربية ..... عدد المقاعد 11
وبحسب النتيجة المتوقعة للانتخابات فإن أحزاب وتكتلات اليمين (الليكود- بيتنا، البيت اليهودي) ستحصل على 49 مقعداً مقابل 42 مقعدا لأحزاب اليسار والوسط (العمل، هناك مستقبل، ميريتس) و18 مقعداً للحزبين الحريديين شاس ويهدوت هتوراة و11 مقعداً للاحزاب العربية.
وبحسب هذه النتيجة فإن نيتانياهو لا يمكنه الاعتماد على التحالف مع الأحزاب الحريدية فقط كما كان يسعى في بداية الانتخابات لتشكيل الحكومة الائتلافية حيث سيكون لديه في هذه الحالة 53 مقعداً فقط. مما يجعل هذا السيناريو "المثالي" لرئيس الوزراء الإسرائيلي مستبعد ويصبح أمام سيناريوهين فقط لتشكيل الحكومة. وهو الأمر الذي يجعل نيتانياهو مقيد الحركة خلال الفترة المقبل. ويزيد من احتمال فشل تشكيله الحكومة أو عدم القدرة على الاستمرار للسنوات الأربع كاملة مما يرجح إجراء انتخابات مبكرة جديدة خلال العامين المقبلين.
أولاً: سيناريو الحكومة اليمينية المغلقة
وهو السيناريو القائم على التحالف مع حزب "البيت اليهودي" اليميني المتشدد وأحزاب الحريديم ليصبح لدى الحكومة الائتلافية 67 مقعداً في الكنيست الإسرائيلي، وهذا التحالف يوفر لنيتانياهو أغلبية مريحة في البرلمان وحكومة يمينية واضحة المعالم.
ولكن هذا السيناريو به عدة سلبيات – بالنسبة لنيتانياهو وليبرمان –أبرزها أن الاضطرار لطلب تحالف الأحزاب الحريدية سيقوي شوكة هذه الأحزاب والمعروفة بـ"الجوع المالي"، حيث إن الحريديم يدخلون الائتلافات الحكومية على قاعدة زيادة مخصصات العائلات الكبيرة– عدد افراد الأسرة الحريدية في المتوسط 7 افراد – أو ما يعرف في الميزانية بمخصصات الأطفال.
وبالتوازي فإن "شاس" و"يهدوت هتوراة" لن ينضما للحكومة دون ضمان عدم انخراط شباب الحريديم في الخدمة العسكرية وهو الأمر الذي سيحبط بالضرورة جمهور "إسرائيل بيتنا" من الروس الذي دخلوا عبر السنوات العشر الأخيرة في "حرب مفتوحة" مع اليهود المتشددين.
وأخيراً فإن ضم الحريديم للحكومة سيتوافق مع معركة حول وزارة الإسكان. وهي قضية انتخابية رئيسية لتحالف "الليكود – بيتنا"، حيث يستحوذ حزب "شاس" خلال الحكومات الأخيرة على منصب وزير الاسكان عبر القيادي في الحزب اريئيل اتياس. ووجه "الليكود" و"إسرائيل بيتنا" والصحف العبرية انتقادات حادة لاتياس بشأن توجيهه ميزانيات الوزارة لصالح توفير مساكن للحريديم على حساب الروس والفئات الأخرى داخل الدولة العبرية. وتعهد ليبرمان بوضوح خلال المعركة الانتخابية بتولي أحد اعضاء قائمة "الليكود – بيتنا" وزارة الاسكان في الحكومة المقبلة.
بالتوازي، فإن ضم حزب "البيت اليهودي" كشريك رئيسي في الحكومة سيفرض على نيتانياهو منح الحزب المتشدد وزارات رئيسية من ضمن وزارات ما يسمي بـ"الحكومة المصغرة". وهي الوزارات التي توزعت بالأساس بين اعضاء تحالف "الليكود – بيتنا"، مما يهدد التحالف بالتفكك والدخول في صراعات زعامة خلال الفترة المقبلة.
في الوقت نفسه، فإن حزب "البيت اليهودي" سيمثل عبئاً على نيتانياهو بسبب رفضه الحاد لأي محاولات لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين مع معارضته لما يعرف بتعهدات "بار ايلان"، في إشارة لخطاب نيتانياهو في جامعة بار ايلان قبل عامين والذي تحدث فيه عن قبول حل الدولتين.
وفي ظل هذه الموقف المتعنت من "البيت اليهودي"، فإن نيتانياهو سيجد نفسه في مأزق انعدام مساحة الحركة بشأن المفاوضات مع الفلسطينيين، وهو الأمر الذي قد يزيد من حجم الفجوة بينه وبين الإدارة الأمريكية الحالية.
وفي هذا السياق، فإن الحكومة اليمينية المغلقة هي حكومة تسير على سلك رفيع من الحسابات المعقدة، ولعل امكانية انهيار الائتلاف الحاكم اليميني المغلق تظل قائمة في حالة الخلاف على توزيع الوازرات أو إجبار واشنطن نيتانياهو على خوض اي شكل من اشكال المفاوضات خلال العام الحالي.
ثانيا: سيناريو التحالف مع ليفني ولبيد
تبدو إمكانية تحالف شيلي يحيموفيتش زعيمة "العمل" مع نيتانياهو مستبعدة خلال الفترة الراهنة، حيث إن يحيموفيتش تسعى لخوض معركة المعارضة من أجل العودة بـ"العمل" إلى قيادة الدولة العبرية. وقد أعلنت زعيمة "العمل" أكثر من مرة خلال الأسابيع الأخيرة رفضها التام الانضمام لحكومة ائتلافية مع تكتل "الليكود – بيتنا".
وفي هذا السياق، لا يكون هناك بديل لنيتانياهو من أحزاب اليسار والوسط لدعوتهم لدخول الائتلاف الحاكم سوى تسيبي ليفني ويائير لبيد، وبحسب المحللين الإسرائيليين فكل من الخيارين "احلاهما مر".
بالنسبة للتحالف مع يائير لبيد العلماني يعني مباشرة خسارة الحليف الحريدي المتمثل في "شاس" و"يهدوت هتوراة" مما يعني أن التحالف الحاكم سيكون بين "الليكود – بيتنا" و"البيت اليهودي" و"هناك مستقبل" بإجمالي 61 مقعداً فقط مما يخلق ما يعرف عبرياً بـ"ائتلاف على المحك" يعتمد على اغلبية صوت واحد فقط في الكنيست وهي وضعية لا تمكن الحكومة من خوض معارك واضحة المعالم في البرلمان. فحزب "هناك المستقبل" مثل حزب "شينوي" العلماني - الذي برز في انتخابات 2003 قبل ان يختفي مع اعتزال زعيمة تومي لابيد العمل السياسيي- رفض الشراكة مع الأحزاب الدينية المتشددة ويشترط لدخوله أي ائتلاف حكومي استبعاد هذه الأحزاب وتجنيد الشباب الحريدي في الجيش.
وبالتالي فإن ثمن ضم "هناك مستقبل" سيكون باهظاً جداً بالنسبة لنيتانياهو ويهدد حكومته بعدم البقاء لأكثر من أشهر قليلة، مما يحتم في حال الميل لهذا السيناريو ضم حزب تسيبي ليفني للائتلاف الحاكم. وهو الخيار الذي يتعارض مع سياسات نيتانياهو الخاصة بالتسوية السلمية ورفض اخلاء مستوطنات الضفة الغربية. ولعل حديث نيتانياهو – بداية الشهر الحالي – عن أن انضمام ليفني للحكومة يعني خضوعها لسياساته فيما يتعلق بالسياسة الخارجية قد أظهر أن وجود ليفني في الحكومة الجديدة شبه مستحيل.
الدراسة من إعداد أكرم ألفي، معهد العربية للدراسات

تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 30-إبريل-2024 الساعة: 12:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.alealamy.net/news-56906.htm