آخر الأخبار
 - 
كشفت مراسلات رسمية بين هيئات حكومية تتبع جماعة الحوثي بصنعاء عن انتشار أمراض تنفسية وجلدية في مصلحتين

الجمعة, 23-إبريل-2021 - 21:24:09
الإعلام التقدمي - متابعات -

كشفت مراسلات رسمية بين هيئات حكومية تتبع جماعة الحوثي بصنعاء عن انتشار أمراض تنفسية وجلدية في مصلحتين للسجناء في ظل أوضاع سيئة تعيشها الإصلاحيات في اليمن بفعل ظروف الحرب.

وأقرت مذكرات رسمية حصلت عليها الجزيرة نت بين وزارتي الداخلية والصحة ومؤسسة الرئاسة في حكومة الحوثيين بوجود 38 حالة مصابة بالتهابات تنفسية، وسل، والصـدفية والزكام والجرب في سجني احتياطي الثورة وعلاية في صنعاء.


وتحكي الوثائق الرسمية أن القصة بدأت نهاية يناير/كانون الثاني الماضي عندما خاطبت مصلحة السجون قيادة وزارة الداخلية بوجود 18 حالة اشتباه بمرض السل في سجن علاية، و20 حالة في سجن الثورة.

عدوى تنتشر وحالة وفاة
بعد ذلك نزل فريق طبي من برنامج السل بوزارة الصحة إلى السجنين وأفاد بأن السجناء في احتياطي الثورة يعانون من التهابات في الجهاز التنفسي، بينما السجناء في احتياطي علاية يعانون من عدوى السل الرئوي، والزكام، والتهابات الحلق والصدر، وبعض حالات تعاني من الجرب.

وحسب الفريق الطبي، فإن السجنين يفتقران للأدوية والكادر الصحي وهما بحاجة إلى بناء مكان عزل بتهوية جيدة، واعتماد كادر صحي مع أدوية ومستلزمات طبية.

إحدى المذكرات من رئيس مصلحة التأهيل والإصلاح إلى مدير الخدمات الطبية بوزارة الداخلية، نهاية يناير/كانون الثاني، تكشف عن حالة وفاة لأحد المساجين في سجن الثورة بعد نقله إلى مستشفى الشرطة عقب ظهور أعراض مرض السل عليه.


وتفيد مذكرة أخرى لرئيس المصلحة مطلع شهر فبراير/شباط الماضي أن السجين "ن. ع. د" الذي كان يرقد في مستشفى الشرطة دخل في حالة غيبوبة تامة بسبب مرض السل "تي بي" (TB) المعدي، بعد أن كان يسكن في العنبر رقم "6" في احتياطي سجن علاية، مما يجعل احتمالية انتقال العدوى لمساجين آخرين عالية جدا.

سجون بلا تهوية أو كادر طبي
وفي 23 فبراير/شباط الماضي، خاطب اللواء علي سالم الصيفي وكيل وزارة الداخلية لقطاع الموارد البشرية والمالية في حكومة الحوثيين الوزير اللواء عبدالكريم أمير الدين الحوثي في مذكرة رسمية يبلغه فيها أن غرفة عزل أحد المصابين في سجن الثورة قريبة من العنابر التي يحتجز بها المساجين، الأمر الذي قد يزيد من حالات العدوى موصيا ببناء أماكن عزل بتهوية جيدة.

واقترح الوكيل الصيفي اعتماد كوادر صحية لمتابعة المصابين يوميا والاعتناء بهم خاصة في جانب التغذية لرفع المناعة لمقاومة الفيروسات والبكتيريا.

هذه المقترحات رفعها وزير الداخلية إلى رئيس المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي مهدي المشاط حسب إحدى المذكرات، ليقوم المشاط بتوجيه وزارة الصحة وأمانة العاصمة باتخاذ الإجراءات المطلوبة للحد من تفشي الأمراض والأوبئة بين النزلاء حسب مذكرة أخرى من مكتب الرئاسة نهاية مارس/آذار الماضي.

وتتشابه هذه الأعراض مع بعض أعراض كورونا بينما تعاملت الوثائق معها كالتهابات صدرية وأعراض قريبة من مرض السل خصوصا، وقد انتشرت نهاية يناير/كانون الثاني قبل انتشار الموجة الثانية من كورونا في اليمن.

ويرى مختصون صحيون أن أعراض كورونا تتشابه مع بعض أعراض الإنفلونزا الموسمية أو التهابات الصدر، وأن التمييز بينها يحتاج لخضوع المصابين لفحص "كوفيد-19" سواء فحص "بي سي آر" (PCR)، أو فحص الأجسام المضادة (لكشف الإصابة السابقة)، أو فحص الأجسام الامتصاصية (المناعية) للإنزيم.


وتثير هذه المعلومات مخاوف كثير من أسر المعتقلين في اليمن خصوصا مع تفشي وباء كورونا بشكل مخيف خلال الأسابيع القليلة الماضية.

ويقول المحامي عبدالمجيد صبره -وهو أحد المحامين المتابعين لأوضاع المعتقلين- إن الأوضاع الصحية وخدمات الرعاية في أماكن الاعتقال سيئة جدا ولا ترقى للحد الأدنى المطلوب في الخدمات الصحية.

معتقلون يطالبون بالرعاية

وأكد صبره أنه من خلال متابعته لأوضاع المعتقلين اطلع على انتشار بعض الأوبئة بين المعتقلين بسبب عدم تعرضهم للشمس فترات طويلة.

ويوضح صبره للجزيرة نت وجود حالات كثيرة لمعتقلين خرجوا من السجن معاقين بسبب الإهمال الصحي، وبعضهم خرج أعمى، ويستشهد بشكوى معتقلين في جلسة محاكمة عقدت في 22 مارس/آذار الماضي طالبوا فيها بالعناية الصحية.

وفي تلك الجلسة التي حصلت الجزيرة نت على محضر يوثق وقائعها طالب المعتقل عبدالعزيز الحكيمي الذي يعاني من الشلل بتوفير العناية الطبية له، بينما شكى المعتقل يونس سنان الجرادي من عدم حصوله على العناية الطبية منذ سنتين رغم مطالبته إدارة السجن بتوفير طبيب أعصاب لمعالجته.

وأوضح المعتقل قابوس يوسف الشامي أن دكتور السجن قرر له عملية حتى لا يصاب بالفشل الكلوي لكن القائمين على السجن لم يسمحوا له بذلك حتى على نفقته الخاصة، حسب المحامي صبره.

ويلزم قانون تنظيم السجون رقم "48" لسنة 1991م إدارة السجون بمراعاة الصحة العامة داخل السجن، وعلاج السجناء وتوفير الرعاية الصحية والوقائية لهم وتعيين أطباء متخصصين بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة.

وتنص المادة رقم 24 من القانون على أن إرشادات وملاحظات الأطباء في الجوانب الصحية والوقائية والعلاجية والغذائية للمسجونين تعتبر ملزمة التنفيذ لإدارة السجن، وإذا تعذر تنفيذها بسبب عدم توفر الإمكانيات وجب إحالتها فورا إلى الوزير للإحاطة والتوجيه بصددها.

مطالبات بالإفراج

يؤكد المحامي صبرة ضرورة الإفراج عن المعتقلين كجانب إنساني خصوصا المعتقلين السياسيين المعارضين لجماعة الحوثي التي نسبت لهم تهما ملفقة لا أساس لها في الواقع وتم إرغامهم على الاعتراف بها تحت التعذيب الذي كان سببا للعديد من الأمراض التي يعانون منها اليوم، حسب قوله.

ويخشى صبره من التكتم الشديد على وباء كورونا وحدوث مفاجآت مقلقة بهذا الجانب في ظل عدم إفصاح جماعة الحوثي عن حالات الإصابة للأشخاص الذين هم خارج السجون، الأمر الذي يجعل وضع المعتقلين محاطا بالتكتم والسرية حتى لا تواجه أي ضغوط للإفراج عنهم، على حد تعبيره.

الحكومة تحمّل الحوثيين المسؤولية

من جهته، حمل الناطق الرسمي للحكومة الشرعية راجح بادي جماعة الحوثي مسؤولية الأوضاع السيئة للمعتقلين في سجون صنعاء، خصوصا مع تفشي الأوبئة وجائحة كورونا.

وأضاف بادي أن مليشيا الحوثي اعتمدت على احتجاز المعتقلين في أماكن غير صحية وبعضها غير معروف، وفي ظروف اعتقال تعسفية، حيث تمنع الرقابة وحق الوصول إليها من قبل المنظمات الحقوقية المعنية سواء المحلية أو الدولية.

وأشار إلى أن كثيرا من المعتقلين المفرج عنهم خرجوا يعانون من أمراض متعددة بسبب التعذيب أو سوء التغذية وانعدام النظافة في أماكن الاحتجاز وحرمانهم من التطبيب والرعاية الصحية.

ودعا بادي منظمة الصليب الأحمر الدولية لزيارة السجون وتوفير الحماية للمعتقلين والموقوفين، وتوفير بيئة تحفظ حقوق الإنسان وحياتهم في الإصلاحيات والمعتقلات.

وأكد أن مآسي سجون الحوثيين كثيرة لا تتوقف عند تدهور الأوضاع الصحية، بل يضاف إلى ذلك الإخفاء للمعتقلين وحرمان أسرهم من الزيارة، والتعذيب الذي وصل حد الموت لعدد من المعتقلين.

ودعا بادي إلى سرعة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمدنيين على ذمة الحرب خصوصا مع تفشي جائحة كورونا والأوبئة في ظل سياسة التكتم وعدم الشفافية التي تتخذها المليشيات تجاه انتشار وباء كورونا في مناطق سيطرتهم.

موقف الحوثيين

تهربت جماعة الحوثي من الرد مباشرة على مضمون الوثائق واكتفت بالتلميح بوجود جهود لتحسين الوضع الصحي، معتبرة انتشار بعض الأمراض أمرا اعتياديا بسبب ظروف الإصلاحيات في ظروف الحرب والحصار وقلة الإمكانيات .

وتجنب العقيد نجيب العنسي مدير مركز الإعلام الأمني بوزارة داخلية الحوثيين (غير معترف بها) التعليق الصريح على مضمون الوثائق التي تكشف عن 38 حالة إصابة بين المساجين بأمراض تنفسية، لكنه قال إن الأمراض المعدية تظهر في السجون وتختفي بين الفينة والأخرى، ودائما ما تتم السيطرة عليها.

واعتبر العنسي في حديثه للجزيرة نت أن هذا هو حال السجون اليمنية بشكل دائم منذ عقود، حيث بُنيت بقدرة استيعابية محدودة، ولم يتم توسعتها مما يجعلها مكتظة بالمساجين.

وأشار إلى وجود جهود لتحسين وضع السجون من النواحي الصحية والقدرة الاستيعابية في ظل صعوبات تتمثل بشح الإمكانيات وانعدام الموارد بسبب الحرب والحصار.

إلى ذلك، نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة الحوثيين العميد عبدالخالق العجري، تفشي أي أمراض أو فيروس كورونا في السجون، وقال للجزيرة نت إنه قد يصادف وجود مريض بالربو أو بحساسية الصدر أو أمراض شائعة فيجري توظيفها من قِبل الخصوم توظيفًا مغايرًا للواقع.

وأشار إلى أن وزارة الداخلية حريصة على تنفيذ كل الإجراءات الصحية المناسبة في السجون وجميع أماكن الحجز بقدر المتاح، من نظافة وفحوصات وبما في ذلك عزل أي حالة اشتباه وتقديم الرعاية الصحية وفق المعايير المتفق عليها.

وحول وضع الأسرى المحتجزين، قال العجري إن ملف الأسرى هو من اختصاص لجنة الأسرى، غير أنه أشار إلى أن جميعهم يتمتعون بصحة طبيعية، وإن سلطاته -وفق توجيهات عليا- تعلن على الفور في حال تردت صحة أي أسير، وتطالب بكل وضوح بسرعة إخراجه للعلاج خارج البلاد إذا استلزم ذلك، كما حدث مع الأسير السعودي المُفرج عنه في وقت سابق.

وأضاف "نحن نسعى إلى تبادل للأسرى لدوافع إنسانية أولًا، غير أن الطرف الآخر هو من يعرقل أي تفاهمات في هذا الجانب".

الصليب الأحمر: مستعدون للمساعدة

من جهته، يقول بشير عمر المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن إنه لا توجد لديهم معلومات بتفاصيل هذه الوثائق، إلا أنه في حال طلبت منهم سلطات السجون المساعدة، سيقيّمون الوضع للقيام بالتدخل المطلوب.

وأوضح عمر في حديثه للجزيرة نت أن الاهتمام بالمساجين من مهام الدولة وسلطات السجون، وفي حال عجزت هذه الجهات بسبب نقص في الإمكانيات تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتقديم المساعدة بناء على طلب السلطات وبالتنسيق معها.

وأكد عمر أن أبواب اللجنة الدولية للصليب الأحمر مفتوحة لكل السلطات في مختلف مناطق اليمن وفي حال ظهرت احتياجات في أماكن الاحتجاز سيقومون بالزيارة وتقييم الاحتياج وتقديم المساعدة، مشيرا إلى أنهم عادة يزورون السجون بالتنسيق مع الجهات المعنية ويقومون بالتدخل أو العلاج إذا تطلب الأمر.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)