آخر الأخبار
 - محادثات السلام اليمنيّة... راوح مكانك

الاثنين, 06-يونيو-2016 - 12:40:40
الإعلام التقدمي-هيثم مزاحم -

 تصاعدت الحرب الأهلية في اليمن إثر اندلاع ثورة الحوثيين في العاصمة صنعاء في أيلول/ سبتمبر عام 2015 وهرب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى المملكة العربية السعودية حيث شكل حكومته وطلب الدعم من السعودية لاستعادة السلطة باعتباره الرئيس المنتخب. في 26 آذار/ مارس 2015 وفي نطاق التحالف الذي تقوده السعودية، شنت السعودية ضربات جوية ضد الحوثيين والجيش اليمني.


لا تزال محادثات السلام في اليمن، الّتي ترعاها الأمم المتّحدة في الكويت بين الحوثيين وحلفائهم من جهة وحكومة عبد ربو منصور هادي من جهة أخرى، تراوح مكانها منذ نحو شهر، بسبب تشبّث كلّ طرف بمواقفه وعدم رغبة أيّ منهما في تقديم تنازلات جوهريّة للتوصّل إلى تسوية سياسيّة تنهي الحرب الوحشيّة التي بدأت في آذار/ مارس 2015 والكارثة الإنسانيّة الّتي خلّفتها.

وفي هذا السياق، قال المراسل الصحافيّ والمحلّل السياسيّ أحمد عبد الرحمن، الّذي يغطّي محادثات الكويت منذ بدئها في 21 نيسان/إبريل من عام 2016، في حديث خاص لـ"المونيتور": إنّ عقدة المشاورات تكمن في الشقّ السياسيّ المتعلّق بالسلطة الحاكمة، وتصلّب كلّ طرف في رؤيته بشأنها، فوفد صنعاء، الّذي يضمّ "أنصار الله" الحوثيّين وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح، يطرح تشكيل سلطة انتقاليّة توافقيّة جديدة مكوّنة من حكومة وحدة وطنيّة ومجلس رئاسيّ، بينما يتمسّك وفد الرئيس عبد ربّه منصور هادي بعودة السلطة الحاليّة كحكومة ورئيس باعتبارها السلطة الشرعيّة.

أضاف: منذ انطلاق المفاوضات، لم يتجاوز النقاش هذه النقطة حتّى بعد تقسيم المفاوضين إلى لجان مشتركة ثلاث، لجنة سياسيّة ولجنة عسكريّة ولجنة المعتقلين والأسرى، إذ عاد المفاوضون إلى هذه النقطة المركزيّة لحسمها والتّوافق عليها، فتعطّل عمل الّلجان الأخرى، ومنذ نحو أربعة أسابيع لم يتّفق المتفاوضون على الخارطة الناظمة للمشاورات. ولهذا، يمكن القول إنّها لا تزال تراوح في المربّع الأوّل.

وتابع: في الأيّام الماضية وتحديداً في 17 أيار/ مايو رشحت معلومات من قبل الجهات المتفاوضة عن انتقال المحادثات إلى تشكيل سلطة جديدة كليّاً أو توسيع المشاركة في حكومة هادي بإشراك الأطراف الأخرى وعودة هادي كرئيس منزوع الصلاحيّات.

وأشار إلى أنّ هناك ضغوطاً كبيرة على وفد صنعاء للقبول بالمقترح الأخير، الّذي قدّمه المبعوث الأمميّ إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الأمر الّذي جعله يتّهم المبعوث الأمميّ بالانحياز إلى وفد هادي.

من جهته، لفت محمّد البخيتي، وهو عضو المكتب السياسيّ في حركة "أنصار الله"، المعروفة بجماعة الحوثيّين، في مقابلة خاصّة مع "المونيتور" في بيروت، إلى أنّه بعد نحو شهر من المحادثات في الكويت، لم يتمّ تسجيل أيّ تقدّم يذكر في أيّ من المسائل.

وأوضح أنّ سبب تعثّر المحادثات هو في عدم رغبة الطرف الآخر، أيّ وفد الرئيس هادي، في التوصّل إلى حلّ سياسيّ، لأنّ هذا الحلّ ستنتج منه خسارته للسلطة، بعد تشكيل حكومة مشتركة من الطرفين.

وأشار محمّد البخيتي إلى أنّ الرئيس هادي كان رئيساً توافقيّاً اختير في عام 2012 لخلافة الرئيس علي عبد الله صالح، بعد الثورة اليمنيّة، وهو كان نائباً لصالح ومن حزب المؤتمر، وليست لديه أيّ قاعدة تمثيليّة شعبيّة بما أن صالح قام بتعيينه نائباً له.

وألقى البخيتي باللاّئمة على وفد هادي وراعيته السعوديّة، لفشل المحادثات في التوصّل إلى حلّ سياسيّ للأزمة اليمنيّة، معتبراً أنّ مطالبهم تعني استسلاماً كاملاً لأنصار الله وأنصارهم، بحيث يحقّقون في محادثات السلام ما لم يحقّقوه في الحرب الّتي تجاوزت عامها الأوّل.

ولقد علّق وفد حكومة هادي مشاركته في مباحثات الكويت، لافتاً إلى أنّه لن يعود إلاّ إذا التزم الحوثيّون بالإنسحاب من المدن الّتي استولوا عليها منذ عام 2014 وسلّموا أسلحتهم.

من جهته، أشار وزير الخارجيّة اليمنيّ عبد الملك المخلافي في 18 أيّار/مايو الجاري في مؤتمر صحفي الكويت إلى أنّ الوفد الحكوميّ قرّر تعليق مشاركته في المحادثات ومنح المبعوث الأمميّ فرصة جديدة لمواصلة جهوده لإلزام الحوثيّين "بالمرجعيّات المتّفق عليها بصورة نهائيّة، وفي مقدّمها قرار مجلس الأمن الدوليّ رقم 2216 والمبادرة الخليجيّة وآليّتها التنفيذيّة ومخرجات الحوار الوطنيّ والتأكيد على الاعتراف الكامل بالشرعيّة."

وطالب القرار 2216 الحوثيّين بسحب قوّاتهم من كلّ المناطق الّتي سيطروا عليها، بما في ذلك العاصمة صنعاء، وتسليم مؤسّسات الدولة إلى الحكومة الشرعيّة والإفراج عن المعتقلين السياسيّين. وأكّد القرار دعم عمليّة الإنتقال السياسيّ في اليمن بحسب المبادرة الخليجيّة.

وأشار البخيتي إلى أنّ "أنصار الله" وافقوا على اعتبار القرار 2216 كمرجعيّة للمحادثات، نتيجة وساطة من الإتّحاد الأوروبيّ لتسهيل عقد محادثات السلام، معتبراً أنّ هذا القرار يستحيل تنفيذه في صيغته الحاليّة، وقال: إنّ الحوثيّين وحلفاءهم يشترطون تشكيل حكومة شراكة وطنيّة تضمّ الأحزاب كافّة يكون "أنصار الله" و"المؤتمر" جزءاً منها، بحيث تتسلّم هذه الحكومة الإنتقاليّة المدن والمؤسّسات الحكوميّة والسلاح الثقيل، وتقوم بإدارة الفترة الإنتقاليّة حتّى الإنتخابات الجديدة.

وسأل: كيف نسلّم السلاح إلى حكومة هي طرف في الحرب، وفي ظلّ وجود السلاح في يدّ تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيّين في اليمن، فتسليم السلاح يجب أن يتمّ من الجميع بمن فيهم "القاعدة" و"داعش". أشار إلى أنه يتعنين على كافة الأطراف محاربة تلك الجماعات الإرهابية معاً قبل تسليم الأسلحة للحكومة.

وأوضح عبد الملك المخلافي أنّ الحكومة طلبت من المبعوث الدوليّ وثيقة مكتوبة من الحوثيّين تؤكّد التزامهم بالمرجعيّات وقرار مجلس الأمن 2216، وتنصّ على ألاّ نقاش في موضوع شرعيّة هادي.

وهكذا، فإنّ وفد الحكومة يصرّ على أنّه صاحب الشرعيّة، وأنّ على الطرف الآخر تسليم الأسلحة والانسحاب من المدن قبل أيّ حديث عن استئناف المسار السياسيّ.

وقد تسرّب إلى وسائل الإعلام في 18 أيار/ مايو أنّ المبعوث الأمميّ، مدعوماً من سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، اقترح تشكيل حكومة شراكة، بعد عودة الحكومة الحاليّة المرتقبة إلى صنعاء بثلاثة أشهر، على أن يرافق ذلك تشكيل لجنة عسكريّة من الطرفين، تحت إشراف الأمم المتّحدة، تتولّى مهمّة سحب الأسلحة واستلام المدن الخاضعة لسيطرة المسلّحين الحوثيّين، وكذلك المسلّحين المؤيّدين لهادي، وهو أمر رفضه وفد حكومة هادي بشدّة، وسارع إلى تعليق مشاركته في المحادثات، ممّا أعاد الأمور إلى نقطة الصفر.

وعقب تعليق المحادثات في 17 أيار/مايو، أجرى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الأربعاء في 18 أيّار/مايو محادثات منفصلة مع المبعوث الأمميّ والوفدين للبحث في تطوّرات المحادثات في مسعى إلى حلحلة العقد المستعصية، إذ طالب صباح الأحمد الصباح مختلف الأطراف باستكمال المشاورات لتحقيق السلام في اليمن.

يقول العميد السابق في الجيش اليمني يحيى صالح، إبن أخ الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في اتصال هاتفي مع المونيتور، "إن المشكلة يمنية – سعودية وإن السعودية تريد من مشاورات الكويت تبرئة نفسها من العدوان على اليمن وتصويره بأنها حرب يمنية – يمنية وأنها تدخلت بطلب من الرئيس الشرعي هادي، وذلك حتى تتنصل من دفع أي تعويضات عن عدوانها على اليمن في المستقبل". ويؤكد صالح أن حزبهم، "المؤتمر الشعبي العام" المشارك في وفد صنعاء في مشاورات الكويت، يرفض عودة حكومة هادي إلى الحكم في صنعاء، مشيراً إلى أن حكومة هادي هذه هي غير حكومة خالد بحاح التي نالت ثقة البرلمان اليمني، مطالباً بتشكيل حكومة أخرى من وجوه جديدة.

ورأى مراقبون أنّ مطالب حكومة هادي غير واقعيّة، وربّما يسعى من خلالها إلى استفزاز وفد صنعاء ودفعه إلى الإنسحاب من المشاورات ومحاولة فرض مطالبه باستخدام القرار الدوليّ للضغط على الحوثيين، بينما يحاول المجتمع الدوليّ حاليّاً التّعامل مع الطرفين على المستوى نفسه من دون انحياز إلى طرف من دون آخر.

يقول الخبير في الشأن اليمني، فيصل جلول للمونيتور، "إن مفاوضات الكويت ما كان يمكن أن تنعقد لو كانت السعودية قادرة على إخضاع اليمنيين بالقوة العسكرية أو قادرة على إطالة أمد الحرب، وهذه المفاوضات صارت ممكنة عندما تحادث الحوثيون مع السعودية واتفقوا حول مسألة الحدود وغير الحدود. فالكويت محطة يراد منها إخراج هذا الاتفاق بصيغة تتناسب مع الخطوط العريضة التي تم الاتفاق عليها" .

ورأى جلول أن التعثر اليوم مرده الى "أن فريق هادي والإخوان السلمين لا يستطيع الاندماج مجدداً في المجتمع السياسي اليمني، استناداً الى اتفاق يمنح انتصاراً لأنصار الله والمؤتمر الشعبي العام. وأشار إلى أن السعودية تحاول انتزاع أقصى التنازلات الممكنة من وفد الحوثيين وصالح .ورجّح جلول "أن تتوّج المفاوضات بنهاية سعيدة وإن طال الوقت لأن الطرف الذي شن الحرب يريد الخروج منها بماء الوجه".

في الخلاصة، ما لم يتمّ تقديم تنازلات متبادلة من الجانبين اليمنيين ومن السعوديّة، فإنّ المحادثات لن تفضي إلى أيّ نتيجة، وستستمرّ الحرب المدمّرة في اليمن، والّتي تسبّبت بكارثة إنسانيّة جعلت 7 ملايين ونصف مليون شخص يواجهون نقصاً في الغذاء.


* نقلاً عن موقع المونيتور
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)