آخر الأخبار
 - هذا شيء جيد من زاوية ما، خاصة وأنه أتى بعد مفاجأة الدولة بإعادة ترسيم الحدود المائية مع السعودية ليكتشف الخبراء انتقال جزيرتي «تيران» و «صنافير» إلى الجانب السعودي.

السبت, 16-إبريل-2016 - 10:34:02
الإعلام التقدمي -
يبحث المصريون في «أرشيفهم».
هذا شيء جيد من زاوية ما، خاصة وأنه أتى بعد مفاجأة الدولة بإعادة ترسيم الحدود المائية مع السعودية ليكتشف الخبراء انتقال جزيرتي «تيران» و «صنافير» إلى الجانب السعودي.

والبحث في الأرشيف تعبير عن الغضب من مفاجأة الدولة، فالحدود موضوع حساس بالنسبة لسكان أقدم «دولة» في العالم (كما يتعلم المصريون عن مصر في المدارس والتربية الوطنية عبر أجهزة الإيديولوجية الرسمية)، ولهذا تُرجم الغضب من مفاجأة الدولة، بالبحث عن «روايات» مسكوت عنها في خطاب تبرير اتفاقية ترسيم الحدود التي تمت بعد مفاوضات لم يُعلن عنها منذ يوليو/ تموز 2015.

لماذا لم يُعلن عنها؟ لا أحد في الدولة يجيب على السؤال، ولا غيره من أسئلة عن توقيت «التنازل» عن جزيرتين لهما أهمية استراتيجية في إطار الصراع مع إسرائيل حول مضايق البحر الأحمر وممراته، إضافة إلى ثراء الحياة البحرية واحتمال وجود ثروات من الغاز الطبيعي (كما يُقال على هامش المعركة الدائرة الآن بصخب في القاهرة).

ـ 2 ـ

لماذا الآن؟

هو السؤال الغائب، قبل البحث في الأضابير عن الحق التاريخي والواقعي في الجزيرتين.

البحث في الأرشيف هو تمرد على رواية الدولة، ورفض إبرام اتفاقية ترسيم حدود تتجاهل المادة 151 من الدستور (التي تنص على استفتاء الشعب وتصديقه في حالة توقيع الاتفاقات والتحالفات، وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة).

ويتعاظم التمرد والرفض بتزامن الإفصاح عن الاتفاقية مع زيارة استعراضية للملك سلمان بدت وكأنها جزء من خطة إعلان «السيطرة» و «الهيمنة» السعودية على الإقليم.

كما أن إعلان التنازل عن «سيادة» مصر على الجزيرتين، صاحبه توقيع 18 اتفاقية تعاون، وقروض استثمار بعدة مليارات (فائدتها تصل إلى 2%)، مما أوحى بأنه اتفاق «بيع» كما قالت الآراء الغاضبة التي تحولت إلى تحركات على أكثر من مسار في القضاء، من بينها جمع توكيلات لإلغاء الاتفاقية، إلى جانب طلبات الإحاطة البرلمانية، والدعوة إلى التظاهر يوم الجمعة المقبل.

وهذا يُعتبر أكبر الشروخ بين «الدولة» في عهد السيسي، وحشودها الشعبية، وتحالفاتها السياسية، خاصة وأنها تسجل سابقة تاريخية يتنازع فيها شعب مع رئيسه على إثبات «ملكية» جزء من أراضي الدولة... فالأجهزة الدعائية للدولة تحاول بكل ما تملك من قوة إثبات أن الجزيرتين «وديعةٌ رُدت إلى أهلها» اعتماداً على وثائق مردود عليها ووقائع تاريخية تؤكد «حق السيادة» الذي يتم التنازل عنه وفق بروتوكولات وقواعد واعتماداً على خبراء وليست لجان موظفين تمتثل لتعليمات القابض على السلطة.

وهنا تضاف إلى حساسية المصريين في مسألة «الحدود»، تصرف الرئاسة بمنطق أنها مالكة الدولة، ولها حرية التصرف، متجاهلة الدستور واحترام التاريخ الشعبي مع «حروب دافع فيها جنود مصريون عن هذه الأرض، التي يتنازل عنها الآن من دون إبداء أسباب».

لماذا يدعون الناس إلى الموت فداءً للتراب الوطني والحدود المقدسة، ما دام هناك إمكان للتفاوض إلى درجة التراضي وتنفيذاً للأوامر والتعليمات؟

سؤال آخر في منطق «الدولة الوطنية» تطرحه أزمة تيران وصنافير.

ـ 3 ـ

هل هناك أبعاد اكبر مما نراه على السطح... بعد صدمة تغيير «الجغرافيا» في مصر؟

الصدمة هي فرض «أمر واقع» جديد لتوزيع «القوى» في الإقليم، وتكريس «قيادة الخليج» بالمال والسلاح، للحظة «الانهيارات» والاستثمار في الدول المأزومة.

ماذا سيحدث من تغيّرات متزامنة مع «الأمر الواقع» الجديد؟ وكيف سيكون شكل الدول التي صاغتها مشاريع «الحداثة» و «التحرّر الوطني» بعد أن حوّلها الاستبداد والفساد إلى «مومياء»؟

دول الخليج كانت رأس الحربة في توقيف «أحلام» المجتمعات في التغيير، ودخلت من بوابات الأزمة الاقتصادية لتعيد رعايتها لأنظمة قديمة، فإلى أين تقود هذه الرعاية؟

كيف سينتهي الصراع في فلسطين المحتلة؟

إلى أين ستصل أحلام الأكراد في «دولة مستقلة»؟

هذه الأسئلة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكل حدث ولو كان مشروع يتردّد الكلام حوله عن خط كابلات بحري جديد سيمر بمنطقة الجزيرتين في البحر الأحمر، وستستفيد منه إسرائيل والسعودية معاً.

وإلى حد يمكن اعتماد الرواية القائلة إن زيارة الملك سلمان لكل من القاهرة واسطنبول ليست بعيدة عن محاولات توزيع الكعكة السورية، وحشر الأصابع في محاكمة المسؤولين عن «الحرب الأهلية» في سوريا والتي أصبحت شبه جاهزة؟!
سنرى..
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)