آخر الأخبار
 - أنهى قادة الاتحاد الأوروبي قمتهم مع تركيا ممثلة برئيس وزرائها أحمد داوود أوغلو بالاتفاق على الحد من الهجرة غير الشرعية لأوروبا مقابل مساعدات مالية وحوافز سياسية لأنقرة.

الثلاثاء, 01-ديسمبر-2015 - 10:15:54
الإعلام التقدمي -

أنهى قادة الاتحاد الأوروبي قمتهم مع تركيا ممثلة برئيس وزرائها أحمد داوود أوغلو بالاتفاق على الحد من الهجرة غير الشرعية لأوروبا مقابل مساعدات مالية وحوافز سياسية لأنقرة.


 


وعلى الرغم من الغموض الذي اكتنف تفاصيل الاتفاق والوعود من كلا الطرفين لجهة المساعدات المالية والحوافز السياسية، إلا أن الأتراك وصفوا هذه القمة بالتاريخية، في إشارة لاستكمال المفاوضات التي بدأت عام 2005 حول انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي.


 ولوحظ في هذه القمة غياب النقاش السياسي حول سوريا كما حدث في اللقاءات السابقة، حيث كانت أنقرة تحاول استثمار قضية اللاجئين لطرح إقامة المنطقة الآمنة في شمال سوريا، ويشير غياب هذه المسألة عن القمة الأخيرة إلى قناعة الأتراك على ما يبدو بأن هذه المنطقة أصبحت عصية ولا يمكن إقامتها بعد التغيرات الأخيرة التي طرأت على العلاقات الروسية ـ التركية.


 


ويحاول الأتراك تعويض ذلك برفع سقف المطالب الاقتصادية والسياسية، ففي الجانب المالي، أصبحت المساعدة الأوروبية البالغة ثلاثة مليارات أمرا واقعا، لكن يبقى سؤال: هل ستحصل عليها على مدى عام أو عامين؟ وهل ستحصل عليها دفعة واحدة أو على دفعات؟ وما هي حدود الانفتاح السياسي الأوروبي نحو تركيا لجهة مسيرة الانضمام إلى الاتحاد؟


 


من الواضح أن هذا الغموض كان مقصودا، فالاتحاد الأوروبي لا يريد وضع البيض كله في سلة واحدة، وتسليم قياده لأنقرة، إذ سترتبط المساعدات الاقتصادية والانفتاح السياسي بما تحققه تركيا من نجاحات على صعيد ضبط الهجرة غير الشرعية، وعلى صعيد كيفية صرف المساعدات المقدمة على اللاجئين السوريين، بحيث تتحول تركيا إلى مكان آمن من الناحية الاقتصادية، وهو ما عبر عنه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر "سنراقب عن كثب استخدام المليارات الثلاثة".


 


وهذه نقطة خلاف وعدم ثقة بين الجانبين، فالأتراك لا يقبلون الصيغة الأوروبية القائمة على تقديم المساعدات المالية فقط واعتبار مسألة الهجرة محلولة، والتصريحات التركية واضحة في هذا المجال، حين أعلن مصدر حكومي تركي لوكالة الصحافة الفرنسية أن "المسألة ليست أن تقول لنا أوروبا هاكم المال وأبقوا السوريين لديكم، هذه المقاربة ليست صحيحة"، فتركيا أنفقت سبعة مليارات يورو على إيواء اللاجئين، ولذلك فإن "مساعدة الثلاثة مليارات يورو ليست سوى البداية" حسب المسؤول التركي.


 


وما يزيد من تعقيد هذه المسألة، هو أن بعض الدول الأوروبية تريد ضم تركيا إلى معادلة إعادة التوطين، وهو ما تمسكت به ألمانيا في البيان السياسي للقمة، وبموجب هذا المبدأ على تركيا إعادة استقبال لاجئين هاجروا منها بطريقة غير شرعية إلى أوروبا، وقد ربط رئيس المفوضية الأوروبية مسألة تسهيل حصول الرعايا الأتراك على تأشيرات أوروبية بمدى تعهد تركيا أنها ستستقبل مجددا مهاجرين تسللوا الى الاتحاد انطلاقا من أراضيها، لكن هذه المسألة تلقى رفضا من دول داخل الاتحاد، كاليونان وإيطاليا ودول البلقان انطلاقا من رفضها خطة توزيع اللاجئين التي تطالب بها ألمانيا والسويد وبعض الدول.


 


أحد أسباب الغموض الأخرى في الاتفاق، تتعلق بمسألة الحريات في تركيا، فالأوروبيون "من غير الوارد على الإطلاق التضحية بالمبادئ الأوروبية على مذبح المخاوف من الهجرة" حسب مسؤول أوروبي، بعدما شهدت تركيا في الفترة الأخيرة تراجعا ملحوظا في الحريات لاسيما فيما يتعلق بحريات الصحافيين، ولعل كلمة رئيس المفوضية تحمل من الدلالة السياسية ما يكفي، حين قال إن هذه القمة "لن تؤدي بنا إلى نسيان التباينات المستمرة مع تركيا حول حقوق الإنسان أو حرية الصحافة".


 


كما أن الغموض واللهجة الحذرة التي وسمت البيان الختامي للقمة، بدت ملحوظة فيما يتعلق بعملية الانضمام التركي إلى الاتحاد الأوروبي، ووفقا للبيان "العمل التحضيري حول فصول أخرى يمكن أن يبدأ لاحقا في 2016 رغم أن ذلك سيحصل "من دون إلحاق ضرر بموقف الدول الاعضاء"، والمقصود بذلك أن ضم تركيا سيتم بطريقة تدريجية لا تلحق ضرارا بمواقف اليونان وقبرص اللتين ترفضان انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.


 


ويشير تصريح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند "لا يوجد سبب لتسريع أو إبطاء عملية انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي"، إلى أن الأوروبيين غير مستعجلين في عملية انضمام تركيا التي أنيط بها القيام بإجراءات كثيرة قبيل الوصول إلى مرحلة الانضمام.


 


غير أن أهم ما أنتجته هذه القمة بالنسبة للطرفين، البدء بعمليات ضبط الهجرة غير الشرعية، وتحويل تركيا إلى مكان مشجع لاستقبال اللاجئين، مقابل الحوافز المالية والسياسية الكبيرة التي تنتظرها أنقرة، لكن طبيعة الصراع السوري المعقد من جهة، والتباين في الأجندات الأوروبية والتركية حيال سوريا، قد يدفع الجانبين بعيدا عن بعضهما، وتعود مسألة اللاجئين لتشكل الورقة السياسية التي يمكن أن تعاود أنقرة اللعب بها في ظل الشكوك المتبادلة بين الطرفين، وكان البيان الختامي للقمة أفضل من عبر عنها.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)