آخر الأخبار
 - لعبـة إشعال الحرائق، هي ما تبدع مملكة الشر والإرهاب “السعودية” في إتقانها بإخلاص وتفان ضدا في الدين والأخلاق والقوانين.. ليس بسبب ذكائها أو قدرتها الفائقة على تجنب تداعياتها الكارثية، بل بسبب

الخميس, 27-أغسطس-2015 - 07:12:23
الإعلام التقدمي-أحمد الشرقاوي -
‘آل سعـود’ ونظريــة ابـن خلــدون..

لعبـة إشعال الحرائق، هي ما تبدع مملكة الشر والإرهاب “السعودية” في إتقانها بإخلاص وتفان ضدا في الدين والأخلاق والقوانين.. ليس بسبب ذكائها أو قدرتها الفائقة على تجنب تداعياتها الكارثية، بل بسبب دورها المرتبط عضويا بالمشروع الصهيو – أمريكي، والذي تستثمر في سبيل إقامته مبالغ مهولة من أموال الريع، لتزييف وعي الشعوب، حتى تظل كرة النار مشتعلة تتدحرج من بلد إلى آخر، إلى أن يتحول الوطن العربي إلى خراب ينعق فوق أطلاله الغراب..

عدو “السعودية” الأكبر والأخطر، هي ثورة الشعوب المستضعفة، بسبب ما وصفه المفكر الفرنسي الكبير “بيير بورديو” بـ “النزعة العنصرية” التي قلما ينتبه لها المحللون في تناولهم لأسباب الصراعات التي تعصف بالعالم والمنطقة، وخصوصا ما له علاقة بتوظيف الإرهاب لتحقيق غاياتهم الدنيئة، ذلك أن “النزعة العنصرية” للحكام هي الأكثر قابلية للتخفي، والأكثر قدرة على إنتاج وتبرير نظام اجتماعي يسيطرون عليه، لا لسبب سوى أنهم يعتقدون أنهم خلقوا من طينة أسمى من طينة الشعوب..

هذه النظرية هي التي استند إليها عالم الاجتماع الفرنسي ‘إمانويل تود’ فوضع لها أطروحة جديدة فجر من خلالها مؤخرا النقاش واسعا في الساحة الفكرية والسياسية على خلفية أحداث “شارلي إيبدو”، وفق قراءة مقتضبة قدمها قبل أسبوع د. خالد يايموت، بسبب ما أحدثته هذه الأطروحة الشجاعة من ضجة إعلامية كبيرة نالت إعجاب المفكرين واهتمام كبريات الصحف والفضائيات العالمية.. حيث فضح ما أسماه بتزييف الوعي من خلال ربط الإرهاب بالإسلام، معتبرا هذا الربط محاولة خبيثة من العنصريين المسيحيين والصهاينة اليهود لاستنهاض الرأي العام ضد الأقليات المسلمة التي يحق للغرب التطاول على مقدساتها باسم حرية التعبير، لكن يرفض هذا الغرب المنافق الذي يكيل بمكيالين أن يتطاول أحد على قيمه ومعتقداته، وخصوصا ما له علاقة بالمراجعة التاريخية العلمية للهولوكوست بسبب ما شابه من تزوير وتضخيم..

والحقيقة، أن العالمين المشار إليهما أعلاه، وإن نجحا في وضع الأصبع على الجرح لتوعية الناس بحقيقة الصراع وطبيعته وأهدافه، إلا أنهما لم يكشفا جديدا، لأن ما طرحاه، وإن كان يختلف في التفاصيل، إلا أنه يتفق من حيث الجوهر مع ما سبق وأن قال به قديما العالم العربي ابن خلدون بحديثه عن “العصبية القبلية” التي اعتبرها السبب والمحرك الأساس لكل حروب العرب.. ومعلوم أن لا أحد إلى يومنا هذا في الشرق والغرب استطاع أن يتجاوز نظريات ابن خلدون في التاريخ والاجتماع السياسي، لكن المشكلة تكمن في أن المثقفين العرب، وبرغم ما تركه لهم هذا الرجل العبقري من أفكار ثمينة، لم يستطيعوا البناء عليها في بحوثهم ليطوروا معارف شعوبهم، وهذا موضوع آخر يحتاج لبحث طويل..

هـدف ‘آل سعــود’.. اغتيــال حلــم الشعــوب

هذا الطرح الفكري الجديد لـ”النزعة العنصرية” لدى الطبقة المسيطرة بالنسبة للعالم العربي، ينقض كل ما قالت به البحوث السياسية والاجتماعية الحديثة من أن العقيدة الدينية هي منبع الإرهاب، وأن الفقر والبطالة هما الحاضنة الأساسية لتفريخه، ما يقودنا حتما للبحث عن السبب الحقيقي لاحتضان “السعودية” للفكر التكفيري العنصري، والدافع الذي يجعلها تتحول إلى إطفائي كلما أشعل نارا صب عليها المزيد من الزيت لإيهام المغفلين بأن مملكة الشر والظلام حريصة على أمن واستقرار وسلامة العرب والمسلمين.. في حين أن هدف ‘آل سعود’ النهائي هو اغتيال حلم الشعوب بالتحرر والنهضة، وعدوها الأكبر والأخطر هي “الثورة”، ومن أجل الحيلولة دون ذلك، حولت أوطان العرب إلى خراب ينعق فوق أطلاله الغراب..

وبرغم أن نظام ‘آل سعود’، باعتباره نظاما قبليا رجعيا متخلفا يقوم على أسس دهرية قهرية عتيقة تنتمي لعصر ما قبل العصر الصناعي، إلا أنه وبقوة المال وسطوة الإعلام المؤدلج، نجح في هدم النظام القومي العربي وتخريب النظام الإسلامي “السني”، ساعده في ذلك فساد الأنظمة وجهل الشعوب وتقاعس النخبة عن القيام بواجبها التنويري، باعتبارها تمثل ضمير الأمة الحريص على أمنها الروحي..

والسؤال الذي يطرح نفسه بالمناسبة هو: كيف نجح النظام السعودي الرجعي المتخلف، الذي يفتقد إلى الشرعية الدينية (البيعة) والتي لا تنعقد إلا على شرط الجهاد بالمفهوم القرآني، والشرعية السياسية القانونية التي لا تستقيم إلا بشرط الاستفتاء الشعبي وفق المفهوم الدستوري.. في فرض نفسه كأخ أكبر وصي على مصير العرب ومستقبل عيالهم، وزعيم للمسلمين السنة ناطق مقرر باسمهم؟..

هذا الوضع الشاذ والغريب الذي يوجد عليه نظام ‘آل سعود’ القروسطي اليوم، والذي لم يعد قائما نظيرا له في العالم منذ أن انتهى نظام الأسر والقبائل بانهيار عصر الإقطاع وبداية عصر الشعوب، يجعل من الشعوب العربية أضحوكة في نظر الغرب، ويجعل من ‘آل سعود’ من وجهة نظر علم الاجتماع السياسي الحديث، مجرد عصابة من قطاع الطرق المجرمين الذين استولوا على السلطة والثروة في شبه الجزيرة العربية بمنطق الغلبة والقهر، ضدا في إرادة الشعب التي هي من إرادة الله، فأقاموا نظاما مستبدا فاسدا غير قابل للإصلاح، وعميلا مفسدا يستقوي بأسياده من غضب الشارع في حال حصل الوعي وانفجر البركان وأزفت ساعة الحسم.

وللتعويض عن هذا الخلل البنيوي في السلطة ومحاولة تجييره بلمسة شرعية على المقاس، لم تجد عصابة ‘آل سعود’ بدا من استغلال الدين في السياسية كسلاح ناجع وفعال لتدجين الناس، باعتماد ما يزخر به التراث القديم من جهل في كتب الفقه والتفسير، أقامت على أساسه، بمساعدة الاستعمار البريطاني البغيض، منظومة دينية مشوهة إلى أقصى الحدود عن الإسلام السمح الجميل، سمتها “الوهابية”، وقالت أنها حركة تصحيحية لإعادة الناس إلى الدين القويم، وفق أدبيات “التوحيد الجديد” لمحاربة كل أنواع الشرك والبدع المهلكة التي ابتدعها نبيهم محمد بن عبد الوهاب، متأثرا بالمذهب الظاهري الذي وضعه أحمد بن حنبل، وطوره من بعده نحو مزيد من التشدد الحاخام ابن تيمية له من الله ما يستحقه..

وبفضل مال الحج والريع الحرام، استثمر ‘آل سعود’ ميزانيات فلكية في نشر هذا الوباء السرطاني في كل أصقاع العالم العربي والإسلامي، بل والعالم أجمع، وفق خطة شيطانية مدروسة بأهداف بعيدة المدى، ساعدهم في ذلك فقهاء جهلة يقولون للناس هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، وما هو من عند الله، فويل لهم مما كسبت أيديهم، وويل لهم مما يكسبون..

.. نجحت الخطة الجهنمية وأهل السنة والجماعة نيام كأهل الكهف، فابتلعت “الوهابية” كل المذاهب والتيارات والمدارس الفكرية الإسلامية التي اشتهر بها أهل السنة، والمعتزلة، والأشاعرة، والصوفية أيضا… فألغتها وكفرت من يعتقد بها لأنها من باب البدع والضلال، وحولت المؤسسات الدينية في الوطن العربي إلى مؤسسات شكلية فاقدة للسلطة المعنوية والشعبية..

وبذلك، تحول الدين إلى كهنوت حين أصبح الخطاب الرسمي هو ما يصدر حصرا عن حاخامات “السعودية”، خصوصا بعد أن استحوذ ملوك ‘آل سعود’ بغير وجه حق على لقب “خادم الحرمين الشريفين”، الذي كان أول من سمي به هو القائد صلاح الدين الأيوبي بسبب الجهاد وانتصاراته العظيمة على “الإفرنجة” فيما عرف في التاريخ بالحروب الصليبية، والتي انتهت بتحرير القدس الشريف بفضل جهاد المسلمين وإخوانهم المسيحيين المشرقيين، الذين تعمل “السعودية” اليوم عبر أدواتها التكفيرية الإجرامية على تهجيرهم من أوطانهم الأصلية.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)