آخر الأخبار
 - عادة كانت مألوفة لدى اليمنيين في الأرياف قبل عقود، وعادت لتظهر في كبريات مدن اليمن. يقول الرجل الخمسيني أحمد محسن بعبارة تتخللها التنهدات " هم لا يحاصرون علي عبدالله صالح وعبد الملك الحوثي، هم يقتلوننا نحن، يقتلوننا ببطء، وبصورة أبشع مما تعمل طائراتهم".

الثلاثاء, 09-يونيو-2015 - 12:39:03
الاعلام التقدمي- جمال الورد/عزام القشطري -


بعد مرور 75 يوماً من العدوان السعودي على اليمن، تزداد معاناة اليمنيين يوماً بعد يوم في ظل وضع معيشي مزري و قصف عدواني مستمر وحصار مطبق براً وجواً وبحرا. إزدادت معانات اليمنيين عموماً بعد إنقطاع الكهرباء و المشتقات النفطية لتزيد من وطأة معاناتهم ففي ظل انعدام المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء اصبحت مياه الشرب عائق كبيراً يقف أمام اليمنيين لإنقطاع الخدمة التي تقدمها المؤسسة الوطنية للمياة والصرف الصحي بين فترة وأخرى، بالإضافة إلى إنقطاع المشتقات النفطية التي فاقمت المشكلة بعدم القدرة على رفع المياة من باطن الأرض عبر الإرتوازات المحفوره والبومبات.




 شوارع تموت

يعد شارع الزبيري أهم شوارع العاصمة اليمنية وأقدمها كما يقول مسنون من السكان، وعايش هذا الشارع تطور مدينة صنعاء على مدى عقود معطيا عنوانا بارزا لمسار محاولات انتقال صنعاء، والمدن اليمنية عموما، إلى عتبات المدن الحديثة. تقع على جانبي الشارع الذي سمي باسم أحد قادة ثورة اليمن قبل خمسين عاما، معالم الحياة الحديثة في اليمن من مراكز أهم المصارف بما فيها البنك المركزي، ومقار شركات الاتصالات الحكومية والخاصة، وبعض الوزارات والمؤسسات الحكومية، والعديد من الشركات التجارية متنوعة الأنشطة، ومكاتب وسائل إعلام، ومنظمات مدنية. وإلى ما قبل العدوان السعودي على اليمن في السادس والعشرين من مارس الفائت كان شارع الزبيري يعج بالحياة وازدحام المركبات والمارة، إلا أنه خلال 75 يوما من القصف والحصار يعود إلى عصر ما قبل التدفقات النفطية، وتدريجيا يفقد مظاهر الحياة الحديثة، ليختزل المشهد الإنساني في بقية أنحاء مدينة صنعاء، والمدن اليمنية الأخرى.




* حي البليلي وسط العاصمة صنعاء كان يعج بالحياة والأسواق والحركة أصبح الان اشبه بطابور متصل لا ينقطع أبدا للبحث عن المياة حتى ساعات متأخرة من الليل، رجالاً ونساء وأطفال كلهم يبحثون عن الماء في ظل انعدامها و تواصل الحصار وإستمرار العدوان والقتل والدمار .




 حصار النفط

عانت اليمن على مر أزيد من أربع سنوات مرت أزمات خانقة في المشتقات النفطية نتيجة عدم قدرة مصفاتي عدن ومأرب على تغطية احتياجات الاستهلاك، بجانب مشكلات مالية في تسديد ثمن المشتقات المستوردة التي تغطي القسم الأكبر من الاحتياج المحلي، إضافة لأسباب تتصل باعتداءات على أنابيب النفط وتقطعات قبلية لصهاريج نقل المشتقات من المصافي والموانئ إلى المدن، غير أنه كان بمقدور شركة النفط توفير الجزء الأكبر من احتياجات قطاعات الخدمة العامة من مياه وكهرباء واتصالات ونظافة وكذلك المصانع. العودة في الزمن غياب المشتقات النفطية أسفر عن مشكلات أعاقت الحياة الطبيعية لليمنيين وأعادتهم عشرات السنين في أساليب الحياة، حيث تغرق المدن اليمنية –ناهيك عن الأرياف- في الظلام جراء خروج المحطة الغازية الوحيدة من الخدمة منذ أسابيع بسبب خراب طال خطوط نقل الطاقة في مأرب التي تقع فيها المحطة، وفشل هدنات توسط بها شيوخ قبائل، إلى جوار التوقف شبه الكامل للمحطات المتهالكة، العاملة بالديزل في صنعاء وعدد من المدن الرئيسية الأخرى.





وفي العاصمة يصل التيار الكهربائي إلى المنازل لمدة تقل عن الساعة كل يومين، أو ثلاث أيام على الأغلب.

اضطر مواطنون ممن يمتلكون مولدات خاصة إلى تحويلها للعمل بالغاز المنزلي بديلا للديزل أو البنزين، الذي بدأ هو الأخر بالاختفاء نتيجة تقطعات لناقلات في مأرب وفقا لمصادر.



مثل هؤلاء لجأ بعض مالكي المركبات إلى تكييف سياراتهم للعمل بالغاز بدلا من البنزين أو الديزل، غير انه وبعد الازدحام الشديد الذي يشكو منه سكان صنعاء قبل العدوان، تكاد تخلو شوارع العاصمة بما فيها شارع الزبيري الأكثر نشاطا من المركبات. وبات مألوفا طول انتظار الناس لوسائل النقل للوصول إلى مقار أعمالهم أو منازلهم، وأصبح اعتياديا صعود المواطنين على وسائل نقل البضائع المكشوفة في العاصمة وبقية المدن اليمنية، للحد من وطأة ندرة وسائل نقل الركاب.

 


وفي صنعاء أغلقت عديد مخابز أبوابها، ليس فقط لشحة القمح، بل وكذلك لنفاد مخزوناتهم من مادة الديزل وضآلة ما تزودهم به شركة النفط من المادة اللازمة لتشغيل المخابز، واضطر آخرون من ملاك المخابز لاستعمال الحطب كبديل للديزل. يقول حميد الحيمي، صاحب مخبز :(لم يعد أمامي إلا أن أغلق الفرن وأعود للقرية أو أن استخدم الحطب الذي ارتفع سعره كثيرا). وليست مياه الشرب بأفضل حال من بقية مناحي حياة اليمنيين، فشبكة المياه العمومية وفق تقارير رسمية لا تلبي سوى احتياجات ثلث سكان العاصمة، فيما يعتمد أغلبهم على شراء المياه من الآبار الخاصة. يقول الحاج سلطان البالغ من العمر 60 عام "أضطر للوقوف في طابور المياة كي احصل على 80 لتر ماء لأكثر من خمس ساعات تحت حرارة الشمس و شظايا القصف .

 أما الأطفال فقد اوقفت دراستهم نظراً للأوضاع الأمنية السيئة فكانت طوابير المياة هي المصير المحتوم لهم، وانعكس ذلك على شحة مياه الشرب في منازل السكان، وارتفاع أسعار (وايتات) المياه التي تنقل الماء من الآبار الخاصة إلى البيوت، ما أدى بسكان من ذوي الدخل المحدود إلى إرسال أطفالهم بالقناني الفارغة (الدبات) إلى المساجد أو الآبار الخاصة التي مازالت عاملة، وهي عادة كانت مألوفة لدى اليمنيين في الأرياف قبل عقود، وعادت لتظهر في كبريات مدن اليمن. يقول الرجل الخمسيني أحمد محسن بعبارة تتخللها التنهدات " هم لا يحاصرون علي عبدالله صالح وعبد الملك الحوثي، هم يقتلوننا نحن، يقتلوننا ببطء، وبصورة أبشع مما تعمل طائراتهم".


 صنعاء، والمدن اليمنية، تدفن يوميا شهداء القصف، وفي شوارع هذه المدن وأحيائها يدفن اليمنيون، عقب قرار تعميد الحصار، جدارية وعد السلام والحرية التي تزين قاعة اجتماعات مجلس الأمن الدولي.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)