آخر الأخبار
 - ما الذي حدث للفتيات السوريات؟!

الأربعاء, 13-مايو-2015 - 10:09:01
الإعلام التقدمي - -
احتلت المرأة السورية عبر التاريخ مكانة مهمة في المجتمع، فكانت أول من أسس حركة تنادي بحقوق المرأة وأهمية تعليمها، كي تتمكن من المشاركة في تنشئة جيل قادر على تحليل واقعه السياسي الاجتماعي للنهوض بالمجتمع وتحريره من الأمراض التي يعانيها، ومنها:
* اصطباغ مجتمعاتنا الشرقية بالصبغة الذكورية التي تلقي اللوم دائماً على المرأة، بينما تقدس الرجل، وتميل إلى أن تغفر كل ذنوبه، بدءاً من كبر السن عند الزواج إلى الخبرات النسائية قبل الزواج.
* الحكم على الرجل من منطلق واحد فقط وهو وضعه المادي، أما سنه أو شكله أو حتى شخصيته وأخلاقه فتأتي في مراتب متأخرة، أما ما يعيب المرأة فهو كثير، ومما يشكل أكبر ظلم في حقها هو أن تأخّر زواجها يعد عيباً فيها، على الرغم من عدم تحكمها إلى حد كبير في أمر زواجها من عدمه.
هكذا كانت المرأة السورية، امرأة معاصرة لقضايا مجتمعها، امرأة لها حضورها السياسي والاجتماعي والاقتصادي المهم ليس الآن فقط، وإنما منذ فترة الحكم العثماني. حين عملت على تحرير الناس من بعض المعتقدات المغلوطة مثل عمل الزوجة، وتوقيت الإنجاب، وغيرها من القضايا التي لم تكن مطروحة في عصور ما قبل الحداثة.
بعد أن قطعت المرأة السورية شوطاً كبيراً في توعية المجتمع وتثقيفه وتخليصه من مخلفات عصور ما قبل الحداثة، عادت رواسب تلك العصور السحيقة لتظهر خلال الأزمة وبدا تأثيرها واضحاً في ضمير المجتمع، وأخذ بتشكيل قاعدة أساسية في حكمه على الصواب والغلط والأخلاق، فالبنت التي تتحدث مع شاب قبل الزواج تعد أقل احتراماً ممن لا تفعل ذلك، ولا سيما إذا لم يكلل مشروع الزواج بالنجاح.
هذه المفاهيم مهدت الطريق للمتاجرة بالفتاة السورية وبسهولة داخل البلاد وخارجها، فقد أصبحت الفتاة في الكثير من الحالات عبئاً على والديها، فهما لا يستطيعان حمايتها وليست لديهما القدرة الكافية على تحمل نفقة تعليمها وتدريسها، لذلك وجدوا أنه من الأفضل بيعها مقابل حفنة من النقود.
تعيش سلمى في أسرة ريفية، في بداية الأزمة، دخلت مجموعة من المسلحين إلى قريتها وقاموا بالقتل والنهب والسلب، عندما وصلوا إلى بيت سلمى قام والدها ببيعها مقابل مبلغ من المال خوفاً منهم.
بعد أن كانت المرأة الريفية السورية تذهب إلى الحقل مع زوجها وتعمل معه يداً بيد ومن ثم تعود إلى منزلها لتحيك وتطرز الملاءات وتبيعها في المدينة، أصبحت اليوم معروضة للبيع في السوق خوفاً عليها من الاعتداء أو الاغتصاب، فقد نشأت ظاهرة بيع النساء بالجملة وخاصة في مخيمات اللاجئين.
بعد أن كان للمرأة السورية مكانتها المرموقة أصبحت سلعة تجارية، الأمر الذي سيؤثر مستقبلاً على نضج المجتمع وتطوره، وبالتالي عوضاً أن يكون لدينا جيل من القادة يقود فكره وأن يكون فكره هو الذي يقود مشاعره وجسده وعلاقاته الاجتماعية، أصبح لدينا جيل من العبيد، وبعد أن كان شبابنا يرفضون الاستسلام لفرضيات وتصديق فرضيات دون التحقق منها، أو إخفاء إحصائيات أو التعتيم على المعلومات، أو أن يكون هناك (تابوهات) لا يمكن الحديث عنها بداعي أمن البلاد واستقرارها، أو الحفاظ على وحدة الصف، فقد كانوا يؤمنون بأن الأمن والاستقرار والوحدة هي أمور ينبغي أن تكون مبنية على اختيارات إستراتيجية لا تزعزعها حرية التعبير، ولا تهددها المعلومات، أما الآن بعد أن ظهرت ظاهرة البيع هذه في مجتمعنا، فقد تحولنا جميعنا إلى عبيد، وليس الفتيات فقط، وبالتالي رسخنا تحت مظلة التجهيل وإخفاء المعلومات والحقائق. هذا هو واقع الفتاة السورية اليوم، وكي نتمكن من الخروج من هذه المشكلة علينا بناء جسور متينة من التواصل والحوار مع أي شخص أو فكر أو ثقافة، ولا ندع لأسوار الخوف مجالاً كي تفصل فيما بيننا نحن السوريين، والبحث عن القواسم المشتركة فيما بيننا عوضاً عن إثارة نقاط الاختلاف وتعزيزها، والوقوف بقوة بوجه بعض القادة الدينيين والسياسيين الذين يقفون بوجه تيار المسامحة والحوار الذي يرجعنا إلى عصور ما قبل الحداثة.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)