آخر الأخبار
 - الصراعات في الانظمة الجمهورية وان وصلت الى ذروتها واشتدت حدتها، الا انها تبقى صراعات مقبولة ويمكن حلها بالأطر والاليات الديموقراطية. لذا أدرك اننا في النهاية سنصل الى حل يرضي كافة الاطراف من خلال تلك الاطر والاليات. اما عندما تكون الصراعات في الانظمة الملكية

الثلاثاء, 12-مايو-2015 - 17:44:45
الإعلام التقدمي - خليل الحمزي -
الصراعات في الانظمة الجمهورية وان وصلت الى ذروتها واشتدت حدتها، الا انها تبقى صراعات مقبولة ويمكن حلها بالأطر والاليات الديموقراطية. لذا أدرك اننا في النهاية سنصل الى حل يرضي كافة الاطراف من خلال تلك الاطر والاليات. اما عندما تكون الصراعات في الانظمة الملكية، فإنها لا تتوقف حتى تعصف بالنظام ويخسر الجميع. أصبح النظام السعودي مقسوم الى جناحين الان لافتقارهم الى الية نقل السلطة من جيل الاباء "الاخوان" الى جيل الابناء "ابنا العمومة".


 ومع هذا المشكلة ليست في افتقارهم لتلك الالية ومن يختزل مشكلتهم في الافتقار للألية فقط، فقد سطح المشكلة.

فعليا أصبح ابناء ال سعود لا ينظرون الى المملكة ومؤسسها الملك عبد العزيز كحق للأسرة كاملة، بل ان كل ملك يصل الى العرش، وخصوصا الملكين الاخيرين، يسيطر على مفاصل الدولة ويستأثر بالمال والجيش والوظائف الهامة له ولأولاده وبعض افراد الاسرة الذين لم يكونوا في إطار ولاءات الملك السابق ومحط ثقته حتى اصبحت الاسرة عبارة عن مراكز قوى تتنافس على السلطة. وأصبح الابناء يتشكلون بمراكز قوى لكي تنتقل إليهم السلطة كون المشكلة في نظرهم هي نقل السلطة من الاباء الى الابناء.


 بهذه المنافسة الباردة بين ابناء العمومة وعدم أدراك الاباء لها وايضا تأثير الابناء على الاباء، أصبح العداء يتوالد داخل الاسرة بين قوى تتشكل بفعل العوامل التي ذكرناها انفا. فمثلا حاول الملك عبد الله ايجاد الية جديدة لنقل العرش من واحد الى اخر من خلال ابتداع تعيين ولي ولي العهد في نظام البيعة وقام بتعيين الامير مقرن وليا لولي العهد.

 لم يكن الملك عبد الله من خلال هذه الالية يحاول حل المشكلة التي سينصدمون بها بعد رحيل اخر رجل من ابناء الملك عبد العزيز وكيفية نقل السلطة الى الابناء او ابناء العمومة. واستخدام مصطلح ابناء العمومة هنا يحمل في مضمونه حيثيات ثقافية تتمثل في كراهية ابنا العمومة لبعضهم عند وجود المصالح وايضا منطلقا من العامل التاريخي في ان اغلب الممالك اندثرت بسبب التنافس بين ابناء العمومة عندما ينتقل الملك إليهم من جيل الاباء.

 كان الملك عبد الله باليته الجديدة وولي ولي عهده الجديد لا يحل المشكلة بل يؤكد وجود مراكز قوى داخل الاسرة، فهو يقطع الطريق على الملك المستقبلي، الملك سلمان، لكيلا يحرم ابنه الطموح من الوصول الى الملك، اقصد الامير متعب. حيث قام الامير متعب بتشكيل الحرس الوطني الذي لا يعتبر ضمن تشكيل الجيش السعودي ولا يتبع وزارة
الدفاع، بقدر ما هو جيش خاص يخص الرجل ذاته، حتى ان أيدولوجية الحرس الوطني قائمة على الولاء لذات الشخص وليس للعرش السعودي، مما يكشف نوايا الملك عبد الله وابنه الامير متعب في محاولة نقل السلطة للابن.

 عين الملك عبد الله الامير مقرن وليا لولي العهد والامير مقرن معروف بضعف شخصيته وعدم ميولاته السياسية. اذ كان يعتقد الملك عبد الله انه بهذه الالية وتعيين مقرنا وليا لولي العهد سيقطع الطريق على الامير سلمان في تلك الايام وسيضمن مصالح ابنه الطموح في الوصول الى عرش المملكة كون الامير مقرن يحسب على جناح الملك عبد الله وولده. كان الطرف الاخر من ابناء العموم لا يستطيع القيام باي عمل آنذاك ولكنه ضل ينتظر حتى يصبح سلمان ملكا ليحد من ابناء العمومة الاخرون كمركز قوى يحلم بالسلطة ايضا.


عندما وصل الملك سلمان الى السلطة، قام ذلك الطرف او مركز القوى الذي كان يعد نفسه مظلوما ابان حكم الملك عبد الله، قام ذلك الطرف وبتأثيره على الملك الجديد بطرد المركز القديم وشخصياته المؤثرة من مائدة الملك الجديد. ومع مرور الايام استفاد المركز الجديد من الية الملك عبد الله بتعيين ولي ولي العهد، فارغم الامير مقرن علي تقديم طلب اعفاءه من منصبه ليتمكن من اقصاء المركز الاخر وتحقيق امانيهم في الوصول الى العرش.



أعفي الملك ولي العهد من منصبه وقام بتعيين محمد بن نايف كولي للعهد وابنه محمد ولي لولي العهد كأول شخصيتين من الجيل الثاني تتمتع بهكذا مناصب. انقطعت كل امال الامير متعب عند اقصاء مقرن من السلطة. وقبلها بأيام وجه الملك حرس متعب الوطني بالدخول ضمن عاصفة الحزم وتم نقله الى الحدود مع اليمن لتشتيته. هنا اصبحت الاسرة الملكية منقسمة الى مركزي قوى حالمة بالوصول الى السلطة غلب عليها عداء بني العمومة من جهة، ومختلفة ومتباينة حتى في نظرتها للسياسة الداخلية والخارجية وطريقة ادارة ملفاتها الداخلية والخارجية. اذ ينزع متعب ومركزه الى ابقاء على صالح وحلفائه في اليمن ويحاول المركز الاخر القضاء على صالح وحلفائه.

 كما يسعى مركز محمد بن سلمان ومحمد بن نائف الى تشكيل تحالف سني يكون الاخوان المسلمون تابع لهم. بينما يهدف مشروع متعب ومركز الى اقصا الاخوان من الحكم وتسليم السلطة في البلدان العربية الى القوميين بعد ان افرغت القومية من مشروعها. يقيم مركز قوى الامير متعب تحالفات ندية مع الامارات التي لديها علاقات ايرانية من تحت الطاولة، اذ لا يحبذ متعب ومركزه استعداء إيران بشكل مباشر، بينما يحاول مركز المحمدين بن نائف وسلمان ان تكون علاقة
الامارات معهم علاقة تبعية والدليل ان الامارات اجبرت على التخلي عن اجنداتها في اليمن ومصر وتتبع مرغمة اجندات السعودية. قطر هي الاخرى تفاوتت علاقاتها مع مركزي القوى السعودية.


كل هذه التباينات تؤكد ان ثمة مركزي قوى تشكلت داخل الاسرة السعودية تختلف اجنداتها ونظرتها السياسية وطريقة التعاطي مع كل الملفات. سيبدأ مركزي القوى بالاختلاف والتناحر داخل الاسرة وان كان في البداية اختلافا وتناحرا باردا. لكنه سيظهر الى السطح بقوة عند وفاة الملك سلمان.


يؤمن الكثير من محبي السعودية ومعارضيها في اليمن وفي العالم انه لا يمكن القضاء على النظام السعودي من اي قوة خارجية مهما كانت قوتها بمن فيها امريكا واروبا. فالنظام السعودي هو أثرى نظام في العالم لا يمكن حلحلته من الخارج. اذ ان النظام السعودي بمقدوره شراء كل الانظمة العالمية وتركيعها لخدمة مشاريعها. وقد ظهر هذا جليا من خلال عدم استخدام حق النقض الفيتو من قبل روسيا عندما قررت السعودية استصدار قرار اممي بشأن اليمن. لكنهم يثقون أكثر ان الوسيلة الوحيدة للقضاء على النظام من الداخل وذلك من خلال تقسيمه الى مراكز قوى مختلفة ومتباينة في اهدافها وسياساتها. الان وقد اصبحت اسرة ال سعود مقسومة الى مركزي قوى، فانه يمكن القول ان بداية زعزعة النظام السعودية قد شارفت على البدء.

ففي اليمن، يدرك صالح ان ثمة مؤامرة تحاك ضد النظام السعودي، فقام بالتخلي عنها لصالح السياسة العالمية التي تستهدف السعودية بعد ان داخله اليأس من عدم جدوى التودد للسعودية وعدم استعدائها فدفع بجيشه الى كافة المدن اليمنية ضاربا بتعليمات السعودية وتهديداتها عرض الحائط مع الابقاء على شعرة معاوية في التواصل، تحت غطاء الحوثي كماهي عادة صالح في تسيير حروبه. وكردة فعل دون وعي منها، قامت السعودية بعاصفة الحزم لتأديب صالح واستصدرت قرار اممي لتأديب ابنها العاق الذي لطالما كان حليفها الاول في اليمن في السنوات الاخيرة واستبقته بالسلطة بأموالها.

 اذ ان صالح لم يأبه بالسعودية لأنه يمشي مع تيار السياسة الدولية الذي يحاول جرف السعودية الى الهاوية. دعمت امريكا صالح باجتماع مجلس الامن الاخير من تحت الطاولة معنويا حين دعا مجلس الامن بان كيمون لإيجاد حل سياسي للازمة اليمنية. حيث جعلت هذه الدعوة من عاصفة الحزم عدوانا سعوديا على اليمن. وبالرغم من ان هذه الدعوة جعلت من العاصفة عدوانا بشكل ضمني، الا انها ستظهر بشكل واضح وصريح مستقبلا عند استثمار نتائج العاصفة كجرائم حرب. كما ان تقرير بن عمر الاخير قد شكل ضربة قاصمة للسعودية. فبن عمر لم يأتي من المريخ وانما يعمل لصالح قوى دولية وتقريره في هذا الوقت كان متعمدا ومرتب له. دعوة المبعوث الجديد للأمم المتحدة لدى اليمن بعقد الحوار بين الاطراف اليمنية في جنيف ايضا شكل ضربة قاصمة للسعودية في الصميم، اذ ان السعودية سترفع يدها عن اليمن مرغمة في حال تمت الموافقة على عقد الحوار في جنيف. اضافة الى تحدي الطيران الايراني للحضر السعودي قد كسر من حدة الحضر معنويا مما ادى الى التقزيم النفسي والمعنوي للسعودية.

 ستتوالى الاستفزازات الايرانية للحضر السعودي وستزيد السعودية من شدة الحضر على حساب اليمنيين العاديين غير ابهة بمتطلباتهم. عندها ستدخل سفن الامم المتحدة المياه اليمنية لتقديم المعونات والمساعدات لليمنيين دون تفتيش من قبل قوات التحالف. ستبدأ الاستفزازات للحضر شيئا فشيئا حتى يفقد اهميته ولن يكون له القوة سوى على السفن التي تقدم متطلبات اليمنية من البضائع.

 عندها سيشد الامر على اليمنيين وستبدأ الدول ذات المشاريع المتطلعة في اليمن بكسر الحضر فعليا بعد كسره معنويا ونفسيا. سيودي هذا الامر الى هزيمة السعودية معنويا امام عدوها التقليدي إيران وامام اليمنيين والداخل السعودي. كما ستقوم السعودية بدعم فصايلها في اليمن بالسلاح وبقوة للقضاء على اعدائها الافتراضيين الذين صنعتهم دون وعي منها بخطورة قرارتها ولكنها ستفشل. عندما يرى مركز قوى الامير متعب هذه الانكسارات والهزائم التي تتعرض لها السعودية من الناحية السياسية والعسكرية والمعنوية والاستنزاف الاقتصادي، ستظهر الخلافات بينه وبين المركز الاخر في إطار الاسرة المالكة الى السطح وسيظهر تصرفات مركزه كقوة معارضة من منظور ملكي لا يمتلك الية لردع الطرف الاخر الا عن طريق الانقلاب او هدم المعبد على الجميع.


اعتقد ان السعودية ليست بعيدة عما يجري في العراق وسوريا ولبنان وليبيا واليمن، حيث انها الهدف الاساسي وليست تلك البلدان العربية الا اهداف ثانوية. ما يجعلك تومن ان السعودية هي الهدف الاساسي بعد كل الذي جرى مبررات عديدة وهي:
— الثروة الريعية الهائلة التي تمتلكها السعودية.
— بلاد الحرمين ورمز المسلمين ومقدساتهم كصراع حضاري ذو امتداد تاريخي.
— قناعة المجتمع الدولي ان الارهاب يخرج من عباءة الوهابية التي تحتضن السعودية فكريا وتعمل السياسة السعودية على تصديره الى دول عربية عديدة
— تدخل السعودية بملفات عالمية عدة بفعل الثروة التي تملكها وتأثيرها على مصالح القوى الكبرى
— تشغيل مصانع الاسلحة في امريكا وروسيا وغيرها
— طمع العالم بالثروة السعودية الريعية التي لا تنضب
— تلقي الولايات المتحدة وايران ضربة اقتصادية قاصمة من السعودية عند قيام السعودية بتخفيض اسعار النفط مما جعل الاطراف المتضررة تفكر بالانتقام السريع ..


لم تدرك المملكة انها تلف حبل المشنقة على رقبة عرشها الملكي باستهداف اليمن الذي جعل المجتمع الدولي يغض الطرف ويدفع بالسعودية لإبراز عضلاتها دون التزامات دولية ولكن التزامات سياسية ومالية سعودية. سيستثمرها الطامعون بالمملكة مستقبلا.


اخير سيكافئ الطامعون بالمملكة الحوثيين وجناح صالح بالحكم في اليمن ليبداو مسرحية جديدة في استنزاف ثروة اليمنيين بعد ان حرمهم التسلط السعودي من الاستفادة منها على مدى قرن. اذ انه لن يجدي نفعا قيام السعودية الان بمغازلة اليمنيين بضمهم لمجلس التعاون الخليجي وذلك لان اليمن يتخذ قرارها القوى القوية والمؤثرة والقوى المؤثرة الان هي صالح والحوثي، كواقعا مفروضا، الذين صنعت منهم السعودية اعداء رغم انهم حلفائها التاريخين هذا من جهة. ومن جهة اخرى، يدرك العقل الجمعي اليمني ان السعودية لا تحبه وهي العائق الوحيد امام تقدمه وتقدم التنمية فيه رغم محاولتها ترميم صورتها في ذهنية العقل الجمعي اليمني عن طريق حلفائها الجمهوريين في الامس القريب والملكيين في الامس البعيد، الان الصورة السعودية الحاقدة على اليمنيين لازالت عالقة في اذهانهم ولا يزالوا يتذكرون قتل الشهيد الحمدي ومشروعه وايضا دعم الحرب الاهلية في اليمن من 1962 الى 1967.

لا يزال العقل الجمعي اليمني يتذكر كيف سلطت السعودية القوى القبلية والمشايخ عليهم ليتركوا لهم الفتات. لا يزال العقل الجمعي اليمني يقارن يوميا بينه وبين الفرد السعودي يوميا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية ليجد هوة كبيرة فلا يرى سوى صور معتمة لسياسة السعودية في بلده، فهو لا يتذكر غير صور الحمدي وضحايا الحرب الاهلية التي دعمتها السعودية والفقر الذي يعيشه كل يوم وجنود الجوازات السعودية تلاحقهم في الازقة وسجون الترحيل وابتزاز الكفيل، لذا فان محاولة مغازلة اليمنيين بضمهم لمجلس التعاون الخليجي لن يجدي نفعا للأسباب التي ذكرتها انفا وسبب اخر سأورده هنا. تلك المغازلة لن تجدي نفعا بفعل عامل الزمن.


حيث ان المؤامرة الدولية، التي هرب اليها صالح بعد ان عاقبته السعودية دون وعي سياسي منها بجدوى ذلك العقاب، تتحرك بسرعة ويتحرك صالح ايضا بسرعة ليعيد تموضعه كرجل وطني مدافعا عن بلاده في ذهنية اليمنيين من محبيه واعدائه وان كان الاخير يقر بها ضمنا او على استحياء، بينما يبقى حلفاء السعودية من اليمنيين الذين استجلتهم الى الرياض لتنفيذ اجنداتها يغطون في سبات عميق منتظرين من السعودية ان توقظهم لتخبرهم ان اليمن قد اصبحت خالية من صالح والحوثيين ويجب عليهم العودة الى صنعاء لتلقي التهاني بانضمام اليمن الى المنظومة الخليجية.

 يلعب صالح والحوثي ومن ورائهم المجتمع الدولي على عامل الزمن ويقتضي هذا تحركهم السريع وتموضعهم الوطني كقوى وطنية تدافع عن اليمن من عدوان سعودي لا يمتلك مشروع سوى القتل واستهداف البنية التحتية.

بينما سلحفاة السياسة السعودية تتعاطى مع عامل الزمن من منطلق المسميات فيوم "حزم" ويوم "امل". اذ لا تدرك السعودية ان تغيير مسميات العدوان لا تكسب اليمنيين ولا تلطف الجو. فاليمني يدرك ان ما تقوم به السعودية هو عدوان خارجي من الناحية السياسية ويدرك ان مطاراته ضربت ولم يعد بمقدوره السفر الى الخارج سوأ للعلاج والتجارة وغيرها، ومستشفياته توقفت وجسور طرقه ضربت بفعل العدوان. يدرك اليمني اليوم ان ابنه او اخاه او اباه قد قتل بفعل صواريخ طيران "عاصفة الحزم" او "اعادة الامل".

 يدرك اليمني انه لا يستطيع الحصول على البترول والديزل والغاز والغذاء والدواء بفعل حصار مفروض عليه من الجارة (الكوبرى) كما يطلق عليها بعض اليمنيين. كل هذه العوامل لا تمكن السعودية من التعاطي مع عامل الزمن في مغازلة اليمنيين بضم دولتهم الى منظومة التعاون الخليجي. اذ تحتاج لفترة زمنية لا تقل عن عشرة اعوام ان كانت السعودية جادة بذلك فعلا. بينما يحتاج صالح والحوثي الى عام واحد على الحد الاكثر حتى ينفذ صبر مركز القوى في الاسرة السعودية الذي يرى نفسه انه قد أقصي من العرش السعودي واقل من عام حتى يرى لعاب الطامعون بالسعودية قد بدا يجتاز حدود المملكة.


قد يقول قائل ان هناك الكثير من اليمنيين او أكثر اليمنيين يؤيدون عواصف السعودية وهذا سيساعدها على التقبل السريع في اليمن والقضاة على اعدائها الافتراضيين. ربما قد يكون على حق في قوله ولكن الحقيقة تقول ان من يؤيد العاصفة الان فهو يتعاطى مع التأييد من منظور آني ومؤقت او من منظور استنزاف ومصالح حتى لو كانت على مستوى بسيط. باختصار من يؤيد العاصفة او اعادة الامل او من رفع شعار "شكرا سلمان" لا يخرج عن كونه واحد من الجماعات التالية:

-مؤيدي الشرعية المزعومة واصحاب هادي وهؤلاء لن تستفيد منهم السعودية وذلك لانهم سيظهرون في النهاية مهزومون ومن يهزم لا يمتلك قرار.

- افراد لا يعرفون عن سياسة السعودية في اليمن قديما وحديثا ويعتقدون انهم بتأييدهم للسعودية يقطعون الطريق على ايران وامتدادها الشيعي في اليمن وانقاذ الاسلام من ايران. اناس بسطاء او عاديين يعتقدون ان الصراع هو صراع طائفي يستهدفهم وهويتهم السنية في المقام الأول. وهؤلاء لن تستفيد السعودية منهم لان تأييدهم فردي

- مشايخ يمثلون دور الشيخ الاحمر في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ويتوددن لها ليكون لهم دورا في النظام والعمالة القادمين. وهذه الجماعة لا تدرك ان مشايخ اليمن لم يعد لهم دورا مهما الان مثل سابقيهم. فصالح غير الحمدي والعقل اليمني لم يعد يقدس المشايخ في اليمن مثلما اعتاد سابقا. فاجمل نموذج لمشايخ اليوم هو صادق الاحمر الذي لا يستطيع الخروج من منزله او حميد الاحمر الذي لا يستطيع العودة لبلاده بعد ان خرج منها ذات مساء مرتديا نقاب امرأة.

 او حمود البرح الذي يرزح في سجن الحوثيين باب او الشيخ قعشة الذي سحب على وجهه من ادارة مستشفى الثورة باب. إذا لن تستفيد السعودية من المشايخ المؤيدين وذلك لان صالح قد شفر التركيبة الاجتماعية في اليمن. حيث بنى تحالفات عسكرية ومدنية وقبلية ايضا داخل القبائل الكبيرة تعمل لصالحه، ولنا في تفكيك حاشد خين دخل الحوثيين عمران شاهد حي ودليل واضح على تفكك القبيلة. اذ تخلت حاشد عن ابناء الاحمر وجعلتهم فريسة سهلة للحوثيين. فكك صالح حاشد عن طريق شفرته التي صنعها في اعادة تشكيل قرار القبيلة من التسعينات الى اليوم. لا اعتقد ان أحد ينسى تصريحات الشيخ جليدان والمخلوس، من منزل صالح عشية دخول الحوثيين عمران.

- الاخوان المسلمون. يؤيد الاخوان عاصفة الحزم ضمنا او صراحة فقط لحماية أنفسهم لكن السعودية لن تستفيد منهم. فهي تعدهم عدوها الاول. فأموالها فقط هي من برأت مبارك وسجنت مرسي بعد ان اسقطت نظامه الشرعي في مصر عن طريق انقلاب العسكر. لا ينسى الاخوان سياسات السعودية ضدهم في العالم العربي والاسلامي عموما وفي اليمن خصوصا. وهي ايضا لا تريد وصولهم الى السلطة مطلقا. التناقضات السعودية -الاخوانية في التعاطي السياسي مع بعضهم البعض لن يصب في مصلحة السعودية وسيؤخرها كثير لحل معضلة الاخوان كونهم اقوى الفصائل في تحالف هادي، كون اللعبة هنا ترتكز على عامل الزمن في التحرك واعادة التموضع السريعين.

اخيرا، طوقت السعودية نفسها وحولت الخنجر الى صدرها بنفسها من خلال عدم حل مشاكلها الداخلية والسماح للأسرة بالانقسام الى مراكز قوى. تدخلها في اليمن ايضا بهذه الطريقة العدوانية ومواجهتها للمتطلبات البسيطة للفرد اليمني عن طريق الحصار الجوي والبري والبحري للبلاد يعد خطا فادحا في سياسات السعودية التي اعتادت على طبخ سياستها في اليمن على نار هادئة ومن وراء الكواليس. كما قامت السعودية باستعداء حليفها الاقوى وهي تدرك قوته في الداخل وسرعته في اعادة التموضع السياسي وقدرته الهائلة في فتح قنوات اتصال وتواصل مع العالم منطلقا من المصالح والمشاريع العالمية التي تنعكس ايجابا عليه.


 تعتقد السعودية ان صالح مكروها من طائفة كبيرة من الشعب لكنها لم تدرك ان طائفة أكبر منها تحب صالح. فصالح فاسد في نظر الكثير لكنه ذو الشخصية الاكثر جاذبية واعجاب لدى الكثيرون. فلجات الى هادي وشرعيته المزعومة كذريعة لتنفيذ اجنداتها في اليمن، هادي الذي يعرفه اليمنيون بالشخصية الاضعف والاكثر هزلية في العملية السياسية في اليمن والذي لا يمتلك مشروع وليس لديه اي افكار. ثمة من سيقول انني مخطي بحق هادي.

سأقول ربما لكن الذهنية اليمنية رسمت لهادية صورة هزلية على مدى سنوات عرف فيها "بمركوز فاضي". لا الوم السعودية انها تجاهلت صالح ولم اكرهها لأني اميل الى سياسة صالح بوقوفه ضد العدوان الخارجي وادانته.

 بل المخجل ان السعودية لم تحترم قواعد اللعبة السياسية في التعاطي مع المصالح عن طريق المراكز الاكثر قوة، وبهذا يتعامل العالم والساسة، قديما وحديثا، حتى الاغبياء منهم.

طوقت السعودية نفسها كثيرا ويتبدى لي ان السعودية في بداية منعطف خطير جدا وستدخل على نفق شديد الظلمة. لكن سيبقى السؤال يلازم المهتمين بها وسيبقى سؤالنا ايضا "هل أدركت السعودية انها تتورط كل يوم؟ وإذا أدركت ذلك واعترفت به وان في نفسها، كيف ستحل مشاكلها لتفادي المرور بالمنعطف الخطير او النفق المظلم؟ سننتظر وسنضل وقد لا يكون الانتظار طويلا.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)