آخر الأخبار
 - اتفاق الأطراف السياسية بشأن إدارة فترة انتقالية مدتها عامين قادمين، ليس نهاية المطاف.. فلم تعد هذه الأطراف تمتلك قراراتها المصيرية، أو تتحكم بما يجري من تطورات على الساحة (أمنياً وسياسياً)

الأربعاء, 25-مارس-2015 - 09:53:47
الإعلام التقدمي -
اتفاق الأطراف السياسية بشأن إدارة فترة انتقالية مدتها عامين قادمين، ليس نهاية المطاف.. فلم تعد هذه الأطراف تمتلك قراراتها المصيرية، أو تتحكم بما يجري من تطورات على الساحة (أمنياً وسياسياً).. بعد أن صار الوضع مفخخاً بمتفجرات قادرة على نسف محاولات إعادة الأمن والاستقرار ورد الاعتبار للدولة.. وبعد أن قررت القوى العالمية الكبرى إدارة اهتماماتها في اليمن عبر أجهزة الاستخبارات وتجنيد أعداد هائلة من العملاء بدلاً عن سفاراتها المغلقة.

فترتين انتقاميتين وسقوط عاصمتين


قبل عام كامل، انتهت الفترة الانتقالية المنصوص عليها في المبادرة الخليجية.. ويفترض أن يحتفل اليمنيون في هذا التاريخ بانجازات واستحقاقات هامة ومنها عملية انتقال السلطة سلمياً من الرئيس هادي الى رئيس منتخب، لأن هذه الفترة انتهت زمنياً لكن استحقاقاتها والمهام المفترض انجازها فيها ظلت باقية ولم يتم استكمالها، مما أقتضى تمديد الفترة الانتقالية إلى أجل غير مسمى.. وبدلاً من التبادل السلمي  دخلت البلاد مرحلة يكتنفها الغموض الشديد..


نحن كيمنيين لدينا علاقة سيئة مع الفترات الانتقالية، وبالعودة إلى الماضي القريب، نجد أن الفترة الانتقالية التي أعقبت الوحدة تحولت إلى فترة انتقامية وانتهت بحرب صيف 94م، وسقوط عدن ومدن الجنوب عسكرياً بيد صالح وحلفاؤه المتفودين.


بعد عشرين عاماً وشهرين من كارثة سقوط عدن عسكرياً، وفي نهاية فترة انتقالية كارثية وعبثية استمرت لمدة ثلاث سنوات أعقبت ثورة فبراير 2011م، سقطت صنعاء ومدن الشمال بيد أنصار الله.


سقطت صنعاء بينما مازالت آثار وتداعيات سقوط عدن واخواتها عسكرياً، قائمة حتى الآن، أبرزها القضية الجنوبية، ومساعي فك الارتباط، ولا أحد يعلم إلى متى ستظل آثار وتداعيات سقوط صنعاء اذا لم يتم معالجة الامور بصورة سريعة وبدون ترحيل، وإلى أين ستتجه بوصلة الأحداث، في ظل غياب دولة ووضع اللاحل .


فترة انتقامية ثالثة


أدركت أطراف الصراع المتحاورة في فندق «موفمبيك» أنها مضطرة للخروج بتوافق، يحفظ للمنتصرين أكبر قدر من المكاسب وانجازات المواجهة، ويضمن للمنهزمين الخروج بأقل قدر من الخسائر، بحيث يتقبل الجميع وجود الجميع على الواجهة ولو مؤقتاً، ولن يتحقق ذلك عملياً إلا بالتوافق على خوض غمار فترة انتقالية، تتيح لهذه الأطراف المزيد من الوقت والفرص للتحرك وتعزيز المواقع والاستعداد لأية احتمالات قادمة..


على هذا الأساس يتبلور توافق هذه الأطراف أو أبرزها وبمشاركة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة «جمال بن عمر»، على تشكيل مجلس وطني يضم بالإضافة إلى أعضاء مجلس النواب الحالي، أكثر من 250 عضواً يمثلون الأطراف غير الممثلة في الحوار وفي طليعتها (الحراك والحوثيين)، على أن يتوزع العدد المضاف نسبياً على ثلاث فئات (الجنوبيين، النساء، الشباب) وبواقع (50-30-20)%، على التوالي.. وبناء على هذا الاتفاق الممسوخ يفترض أن يقتضى هذا التوافق استمرار هادي رئيساً وعدوله عن الاستقالة وهو ما فعله بعد هروبه المثير الى عدن، إذ أن الاعتراف بشرعية البرلمان المنتخب، تقتضي أيضاً الاعتراف بشرعية الرئيس هادي.. على أن يتم تعيين نواب للرئيس وإشراكهم في صلاحياته..


ووفقاً لهذه التوافقات.. نجد أنفسنا أمام فترة انتقالية أو انتقامية ثالثة.. لا يمكن التكهن أو التنبؤ بتداعياتها، أو بما ستؤول إليه الأحداث، ورغم أنه لا يوجد لدينا ما يمكن سقوطه هذه المرة، إلا أن خسائر كبيرة قد تحل بالجميع، وأسوأ هذه الخسائر تشظي البلاد إلى دويلات وكنتونات صغيرة وممزقة تنفيذاً لمخططات قوى لا تريد أن ترى اليمن بلداً موحداً وقوياً..


أو كما يقال بأنها أخذت النصف الثاني من الوصية وتركت النصف الأول الذي تقول خيركم من اليمن وشركم من اليمن.


الجيران يلوحون بإجراءات عقابية


كشف وزير الخارجية القطري خالد العطية النقاب عن مباحثات خليجية لاتخاذ عدد من الخيارات للتعامل مع التطورات الأمنية والسياسية على الساحة اليمنية، وبما يضمن مصلحة الخليج، مؤكداً أن دول الخليج سوف تتخذ هذه الإجراءات بشكل جماعي، لكنه نوه إلى أن دول الخليج لا يمكنها حالياً الإعلان عن هذه الإجراءات التي قال بأنها سوف تتخذ لحماية المصالح الخليجية في اليمن، لكن خيار إغلاق سفارات هذه الدول في صنعاء هو الخطوة الأولى في هذا الاتجاه..


وكانت مصادر مطلعة تحدثت عن مناقشة دوائر اتخاذ القرار في السعودية حزمة إجراءات عقابية في حال استمرار استحواذ الحوثيين على مقاليد الأمور في صنعاء، وأشارت المصادر إلى أن من بين هذه الإجراءات وقف المساعدات المالية (اقتصادية وإنسانية)، وسحب الودائع المالية من البنك المركزي، وإيقاف كافة المشاريع الاستثمارية السعودية في اليمن، وترحيل المغتربين اليمنيين من المملكة، وذلك لعرقلة تفرد الحوثيين في السلطة وتأليب الرأي العام المحلي ضدهم.. ومنع أي تحويلات مالية الى اليمن من المغتربين أو غيرهم.


دول مستقلة بدلاً عن الأقاليم الفيدرالية


تحدثت دوائر إعلامية دولية، بما فيها دوائر على صلة وثيقة بأنصار الله، عن كشف مخططات استخبارية عالمية تتضمن تقسيم اليمن في إطار مخطط لضرب أمن واستقرار البلدان العربية واستنزاف ثرواتها.. وسرعان ما تعززت مصداقية ما طرحته هذه الدوائر بتقارير إعلامية غربية استناداً إلى معلومات مخابراتية، تبنت فكرة وجود هذا المخطط وإن كان بصيغ مختلفة، لكنها في خلاصتها تتفق بشأن سيناريو تقسيم اليمن إلى دويلات متصارعة..


وكشف المعلومات السرية عن خارطة جديدة لليمن وقد أصبحت أربع دول تشمل الأولى حضرموت والمهرة، وتضم الدولة الثانية (البيضاء ومأرب وأجزاء من الجوف) وسيكون لهاتين الدولتين في المستقبل أولوية التعاون مع دول الخليج بحكم تمتعها بمساحات شاسعة وانخفاض سكاني، وثروات كثيرة ومتعددة- أما الدولة الثالثة فتضم محافظات إقليم عدن ومحافظة شبوة بالإضافة إلى تعز ومدينة القاعدة التابعة لمحافظة إب وبعض مديرياتها، في حين تشمل الدولة الرابعة العاصمة صنعاء ومحافظات إقليمي آزال وتهامة بالإضافة إلى إب وبعض مديريات الجوف..


ووفقاً للمخطط، فإن حالة من الصراع والحروب ستطبع علاقات هذه الدول ببعضها البعض بحكم أنها متعددة الولاءات والاتجاهات، وقد يكون لتنظيم القاعدة نصيباً وافراً منها..


وتفيد المعلومات السرية بأن المجتمع الدولي وهيئة الأم المتحدة والمنظمات الدولية لن يكون لهما أي تأثير أو قدرة على عرقلة تنفيذ هذا المخطط بسبب أن قوى عالمية نافذة من بينها (أمريكا وروسيا) متفقتان على تنفيذه لضمان مصالحهما، فواشنطن تريد استنزاف الثروات الخليجية وإضعاف دول المنطقة، وموسكو تراهن على تجارة الأسلحة لأطراف الصراع بعد الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية.. لهذا سيتم تعطيل أي مساعي لحل الأزمة أو تحركات دولية عبر مجلس الأمن لمنع انزلاق الأوضاع في اليمن نحو هذا المصير وتشظيها إلى دويلات متناحرة على أساس مذهبي أو مناطقي فضلاً عن الصراعات المرتبطة بالثروة والنفوذ والولاءات السياسية والايديولوجية..


والأسوأ من هذا ما يذهب اليه بعض المراقبين أن الدول الأربع المنسلخة من اليمن لن تشهد استقراراً  إن بعضها سوف تتجزأ وتعيش حالة من الفوضى لفترة طويلة من الزمن.


مستقبل المكونات السياسية والعسكرية


أما فيما يتعلق بوضع المكونات السياسية في حال تعرضت اليمن للتقسيم سواء إلى دولتين أو ثلاث أو أربع فإن هذه المكونات ستكون هي أيضاً معرضة للتقسيم والتشظي، وقد بدت ملامح هذا التقسيم تلوح في الأفق، بتبلور حزب مؤتمر جنوبي، وحزب اشتراكي جنوبي، وتيار إخواني جنوبي، مع اختلاف وتباين في حجم النفوذ الذي سيحظى به كل حزب في المناطق التي يتواجد فيها..


الحراك الجنوبي السلمي هو أيضاً لم يتوحد وتشهد تياراته المختلفة تجاذبات شديدة.. وسوف تزداد هذه التباينات والانقسامات في ظل تزايد حدة الاستقطابات المحلية والإقليمية..


وفي ذات الاتجاه فإن تنظيم القاعدة ومن سار على نهجه مثل أنصار الشريعة وتنظيم داعش، فيبدو أن هذه التنظيمات تستغل حالة الفوضى والصراع واللا دولة للانتشار بشكل أكبر وقضم مساحات جديدة في خارطة تحركاتها ونشاطاتها وزيادة عدد مقاتليها وخصوصا من فئة الشباب الغاضبين مما آلت إليه أوضاع البلاد.. أو ممن وجدواأنفسهم في لا علم ولا عمل.


جماعة أنصار الله إلى حد الآن تبدو متماسكة ولكن البعض يرى أنها لن تكون بمنأى عن عاصفة التقسيم والتفريخ، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار المساعي السعودية لاستقطاب شخصيات تنتمي لأسر هاشمية بارزة، والتنسيق معها للحد من نفوذ الحوثيين ، بحكم علاقة المملكة بهذه الأسر منذ دعمها الكبير للملكيين عقب 26 سبتمبر 1962م، وتعمل حاليا على إغراء عدد من هذه الشخصيات ودفعها نحو تصدر المشهد .

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)