آخر الأخبار
 - يصعب على المتفرج الذي شاهد روعة فيلم “القلعة” للمخرج الجزائري محمد شويخ تتبع آخر أفلامه “الأندلسي” ،الذي نزل منذ أيام بقاعة الموقار، لما قد يسببه هذا الأخير من تشويه لمسار فني متميز وقعه شويخ وشيده على قلعة هي الآن تتهاوى على عتبات الأندلس.

الأحد, 15-فبراير-2015 - 09:47:23
الاعلام التقدمي -

يصعب على المتفرج الذي شاهد روعة فيلم “القلعة” للمخرج الجزائري محمد شويخ تتبع آخر أفلامه “الأندلسي” ،الذي نزل منذ أيام بقاعة الموقار، لما قد يسببه هذا الأخير من تشويه لمسار فني متميز وقعه شويخ وشيده على قلعة هي الآن تتهاوى على عتبات الأندلس.

يتناول فيلم “الأندلسي” ، الذي انتظره الجمهور الجزائري سبع سنوات ،فترات من انهيار الدولة الاسلامية في غرناطة والجزائر من خلال قصة سليم بن أبي حمزة النازح من غرناطة الى الغرب الجزائري وجاء في ملخص الفيلم الذي وزع علينا أثناء عرض الفيلم “سليم ابن أبي حمزة الفقيه المسلم وماريا روديغار الكاثوليكية يترك مدينة مالاقا باتجاه غرناطة لإتمام دراسته هناك، ويصبح أصغر سكريتر للملكة عائشة أم أبو عبديل. بعد سقوط غرناطة فر هذا الأخير رفقة عائلته وعائلة صديقه اسحاق الخياط اليهودي الى مدينة أندراش ليستقر هناك رافضا مرافقة ابو عبديل الى منفاه في المغرب، مفضلا الوجهة الجزائرية ، التي رسى بسواحلها هو صديقه اسحاق على متن قارب ، اين التقى بأمير ذو نفوذ اختاره ليكون سكريتيرا خاصا لبناته الثلاث ثم مستشارا له ،قبل أن يصبح زوجة ابنته الأميرة منصورة عن حب، وقد أدت حروب الاسترداد الاسبانية التي امتدت لوهران الى زعزعة المملكة الصغيرة التي أصبحت مقاطعة تابعة للعرش الاسباني، وباعتبار سليم متمكن من اللغة الاسبانية أصبح مترجم وصديق للقائد مارتن دارغوت، اضافة الى مهامه العديدة وباعتباره حليفا وأمين سر لعديد من الأمراء المتخاصمين، جعله يساهم في حل النزاعات الناشبة بينهم، و في خضم هذا الوضع المضطرب يجد نفسه في قلب كل الأحداث التي غيرت تاريخ المغرب العربي رفقة زوجته منصورة التي كانت خير سند له”.

بعد ساعتين وربع قضيناها في مشاهدة الفيلم اكتشفنا أن ملخص الفيلم كان يحمل ما يريد المخرج أن يقوله وليس ما ظهر في فيلمه ولم تظهر أي من الأحداث التي ذكرت في الملخص الذي حمل بين ثناياه قصة مشوقة خانتها كاميرا محمد شويخ.

التاريخ مغيب والألبسة تحل محل الحروب  

يجعلنا فيلم “الأندلسي” ، الذي صنف حسب الأفيش أنه فيلم تاريخي، أن نطرح التساؤل :أي فيلم تاريخي لا  يصور أي مشهد من الحروب الضارية التي كانت مشتعلة والتي ميزت فترة سقوط غرناطة و عدد من بلاد المغرب حيث اكتسح فيها الاسبان غرناطة التنس ،مستغانم ووهران، تلمسان؟ اذ كانت الحروب غائبة فقط نسمع أخبارها من الممثلين فتسقط على شفاهم وهران ومستغانم وتلمسان وتنس. وهذا يجعلنا نجزم أن العمل لا يرقى لأن يكون فيلما تاريخيا وقد لا يرقى ايضا ان يكون بعض حلقات مسلسل تلفزيوني تاريخي مقارنة مع ما وصلت اليه الدراما التاريخية العربية في كيفية توظيفهم للحروب وساحات القتال و تسيير الحشود  بمستوى فني لم يصل اليه “الأندلسي” ولم يقاربه حتى.

 وقد يوعز المخرج السبب في عدم تصويره لمشاهد الحرب الى الامكانات المادية “القليلة” للفيلم الذي حظي بتمويل عاصمة الثقافة العربية 2007 ، عاصمة الثقافة الاسلامية تلمسان 2011 وصندوق دعم الأعمال السينمائية على مستوى وزارة الثقافة ومساهمة الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي والديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة  ، وظهر في الأخير أن كل الأموال التي تحصل عليها شويخ لم تتعدى تكاليف خياطة بعض من الألبسة التي ارتداها الممثلون من قفطان، وقندورة عنابية وكاراكو عاصمي وغيرها من الألبسة التقليدية.

سطحية الأدوار وفراغ السيناريو

وظهرت دور سليم أبن أب حمزة ، الذي أداه الفنان محمد بن بكريت، سطحي  لا نرى أنه مثقف ولا أنه فقيه فلم يحدث أن ظهر البطل في موقف ينبئ بأي صفة مما ذكر المخرج واقتصر دوره على أنه كان يوصل الأميرات من مكان لمكان في كل حرب ولا نتبعه حتى في رحلاتها التي من المفروض أن المخرج يصورها لنعرف مدى صعوبة تنقلاته والتضحيات التي قام بها لينقذ الأميرات واكتفى المخرج بأن يظهرهم فقط لحظة جمع الأمتعة ثم لحظة وصولهم الى مكان اللجوء. وحتى عمله كمترجم للقائد مارتن دارغوت لم يظهر فقط شاهدنا القائد يعرض عليه عملا فقبله و انتهت مهمته، لم يظهر أنه ساهم في حل النزاعات فقط في مشهد واحد كان فيه بعض المتجمعون من العامة مستاءون من تجاوزات القوات الاسبانية فجاء هو وهدأهم وطلب منهم الانسحاب.

يحاول محمد شويخ مثلا ملأء فراغات السيناريو الذي كتبه بنفسه فيورد على لسان الممثلين بعض الأحداث فلا نجد لها أي اسقاط في تطورات العمل فمثلا ورد على لسان الاميرة منصورة وهي تقول لزوجها سليم انها تريد ان ترى الملكة عائشة التي وصفتها بالأسطورة فلم نجد ملامح هذه الأسطورة التي تتحدث عنها اذ اقتصر دور الملكة عائشة حسب الفيلم في حثها لابنها الملك أبو عبديل على القتال وعدم الاستسلام للاسبان في مشهد واحد ثم ظهرت وهي ترافق ابنها في خروجه من القصر، ثم يجيبها زوجها سليم بن أبي حمزة أنه لطالما بحث عنها وانه كان يتوق لرؤيتها مجددا، لكن العمل لم يظهر منذ افتراقه عن الملكة عائشة  أنه كان يبحث عنها و لم يأتي ذكرها على لسانه؟ وهنا نجد أن المخرج لم يساعد السيناريو بهذه الاضافات التي كان يستطيع الاستغناء عنها مادام أنه لا توجد لها صور ومشاهد في الأحداث الواقعية للعمل.

استهزاء بالسينما أم استهزاء بمسار المخرج؟

ما يعاب على المخرج هو استهزائه بالعمل وتبلغ قمة الاستهزاء في مشهد موت القائد التركي بربروس الذي قتل على يد الاسبان بعد أن استنجد بهم أمراء المسلمين لنجدتهم منه، في منطقة غابية صغيرة وهو المشهد القتالي الوحيد في الفيلم و صور بين شجيرات والمعروف ان الحروب في القديم تقام في مناطق واسعة ومكشوفة فلا يظهر المشهد أي رهبة للموقف ولا حتى اجادة للقتال من قبل حفنة الجنود الذين أدى أدوارهم “كومبرس” لا يتمتعون أصلا بملامح الجنود .

ما لاحظناه أيضا عدم قدرة المخرج على تسيير الجماهير الصغيرة التي وظفها  فمثلا نجد في كل اجتماع مع الأمير وأي تجمع أن المتجمعون في انسحابهم لا يعرفون كيف ينسحبوا فيحدث خلل في المشهد وهنا يأتي دور المصور يحي علال الذي كان من المفروض أن يأخذ زوايا تصوير تلائم التجمع وتساعد على عدم اظهار الارتباك في انسحاب المتجمعون.

ونسجل أيضا مشكل نطق اللغة العربية الذي بدا واضحا لدى الكثير من الممثلين خاصة ممن أدوا الأدوار الثانوية حيث  أثر ذلك على آدائهم و ظهروا أنهم يمثلون و لا يجسدون أدوارا، بينما أجاد عدد من الممثلين اللغة العربية وأجادوا أيضا آداء أدوارهم حتى لا نقول أجادوا تقمص  شخصياتهم لأنه لا يوجد في الفيلم أية شخصية على اعتبار أن مصطلح “الشخصية” يطلق على الدور المدروس و الذي يكون كاتب السيناريو والمخرج قد رسم كل  ملامحه وأظهر عمقه للعيان، وهذا ما لم يتوفر في أي من الأدوار الواردة في العمل، ونذكر بعض من الممثلين الذي تصدرت اسماءهم أفيش الفيلم مثل مليكة بلباي في دور منصورة ، باهية راشدي في دور عائشة وحسان كشاش في دور الأمير حميد العبد، وأدت أمينة لوكيل دور ماريا دوريغار والدة البطل وأيضا شارك الفنان نبيل عسلي عبد الله بدور بن مخلوف وادى رضا لغواطي دور أمير تلمسان بينما لعب طارق حاج عبد الحفيظ دور الملك ابو عبديل بالاضافة الى مشاركة بعض من الممثلين الأجانب على غرار جان لوي اندوغار في دور قائد دارغوت، وماري دلفاس في دور الملكة ايزابيل الكاثوليكية وبيدرو دلفاس في دور الملك فرديناند.
 
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)