الاعلام التقدمي -عبد السلام الزغيبي -
تقول حكاية تراثية مستوحاة من كتاب الاغاني لابي الفرج الاصفهاني، أن أحد الفقهاء كان جالسا علي قارعة الطريق يأكل، فمر عليه رجل، وقال له: ألا تستحي وأنت تأكل وسط الطريق والناس تراك.. فنظر اليه بثقة وقال: سوف أثبت لك أنهم بقر. وقام منادياً علي الناس فتجمعوا حوله، فقال لهم: روي عن أكثر من شخص أن من أخرج لسانه ولعق أنفه لن يدخل النار.. فصدقوا جميعاً هذا التهريج.. وبدأوا في محاولة لعق انوفهم بأطراف السنتهم..
هذه الحكاية التي وردت في كتاب الاغاني منذ الف عام، تنطبق تماما على ما تحاول جماعات التطرف والتكفير والتخلف والجهالة، ان تفعله بنا، أي أن تلغي عقولنا وتجعل منا قطعانا من ابقار، وكآن اكثر من الفي عام من التاريخ لم تمر، وكآن العالم لم يشهد ثورات علمية وتطورات في كافة المجالات.
الماساة التي يعيشها المجتمع الليبي وكل المجتمعات المشابهة له في الاوضاع، هي محاولة مجموعات استخدام الدين لاغراض سياسية بحتة، ونجاح هذه الجماعات في تحويل بعض الناس بسهولة الى ابقار، سلمت عقولها لافراد أو جماعات دون قسر أو إجبار، بعدما وجدت الارض ممهدة لهم، والتربة صالحة لزرع افكارهم الشاذة.
الجماعات المتطرفة تريد نشر الافكار المشبوهة داخل المجتمع الليبي، وان تجعل من يرفض التطرف في خانة اعداء الدين الذين يجب اقامة الحد عليهم..
ليبيا رغم كل ما مر بها من ظروف، لها تاريخ وثقافة وعادات وتقاليد راسسخة، ترفض هذا النوع من التسلط والتحكم تحت اية مبررات .
إن المرحلة التي نعيشها في الوقت الحالي، هي مرحلة مفترق طريق، فإما أن نعمل يدًا واحدة في كل المؤسسات والقطاعات ومناحي الحياة بكاملها لوقف هذه الفئات المارقة عند حدها ، بسن أنظمة وقوانين تقتلع فكرهم الهدام من كل مكان، وإما أن نستمر في مهادنتهم وتركهم يواصلون بث سمومهم وتلويث المجتمع وزرع ثقافة العنف في الشباب.