الاعلام التقدمي-هبة عبده حسن -
هل يجوز للمسلمين سبي واحتجاز النساء والأطفال من غير المسلمين ووطئهن جنسياً ؟...
الإجابة هي "نعم"، بحسب منشور وزعه مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" على عدد من المساجد بمدينة الموصل، شمالي العراق، مساء الجمعة الموافق تاريخ 12 ديسمبر 2014. تضمن المنشور أسئلة مثل هل يمكن "وطء" النساء والفتيات من غير المسلمات، حتى وإن كن مازلن في مرحلة الطفولة وهل يمكن بيعهن أو منحهن كهدايا للغير؟.. لا تختلف إجابة هذه الأسئلة عن السؤال الأول في هذه الفقرة... فالإجابة هي نعم، نعم ثم نعم.
الفقرة السابقة منقولة بتصرف عن موقع سي-إن-إن العربي على شبكة الإنترنت بتاريخ 13 ديسمبر 2014 وكان محرر الخبر قد نقل هذه الأجابة الحاسمة ب "نعم" عن منشور ملوّن كانت عناصر الدولة الإسلامية قد قاموا بتوزيعه عقب صلاة المغرب يوم الجمعة المذكور على المصلين في مساجد مدينة الموصل، لم ينس المراسل أن يصف حالة من تسلموا هذا المنشور التعليمي الملوّن بالصدمة حال قراءتهم الأسئلة والإجابات الموجودة فيه والتي وزعها عليهم العشرات من مسلحي عناصر التنظيم، حيث تجمع الناس في مجموعات قليلة العدد للحديث عمّا هو مكتوب في المنشور ولكن لأن أحداً لا يمكنه فعل شيء فقد تفرقت حشود المصلين حتى ميعاد الصلاة التالية. كان هذا المنشور الذي كان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام قد بثه سابقاً في أكتوبر من نفس العام على أحد المواقع التابعة له، ولكنه لم يثر الأثر "المطلوب" إلا بعد نشره على موقع "معهد الشرق الأوسط للبحوث الإعلامية" بالعاصمة الأمريكية واشنطن ومن ثم على موقع سي-إن-إن الإخباري.
لقد كان العام 2014 هو الأكثر قسوة على النساء في العراق والشام وخاصة منهن المسيحيات والإيزيديات اللاتي مورست ضدهن أعنف جرائم الاغتصاب والخطف والسلب والإتجار، فضلاً عن القتل وقطع الرؤوس. لقد نجح مسلحو داعش بممارساتهم الوحشية وخاصة اختطاف وبيع واغتصاب النساء والأطفال في فتح أعين الكثيرين على النصوص الفقهية المؤسسة للتعامل مع السبايا من النساء والأطفال من غير المسلمين.، هذه الأمور قد لا تشكل مفاجأة للكثيرين، حيث ظهرت مثل هذه الأفكار منذ بدء التنظيم الأصولي الجهادي حملته للتوسع في سوريا والعراق، ومنها قصص مفزعة رواها عدد ممن ينتمون للأقلية "الأيزيدية" في شمال العراق وكذا عدد غير قليل من المسيحيين الذين نجحوا في الفرار من الموت والاغتصاب. هناك مئات المآسي التي رواها الناجون عن عمليات قتل وتعذيب مدنيين أبرياء، ليس لسبب إلا لأنهم يرفضون الانضمام لداعش، أو لرفضهم القوانين والأموامر التي يفرضها التنظيم، والتي يقول إنها تستند للشريعة الإسلامية، ومنها تشريع يجيز لمسلحيه قتل الصحفيين وموظفي وكالات الإغاثة باسم الدين.
ولنعد لحديث المنشور الملون لمقاتلي الدولة الإسلامية بالعراق والشام "داعش" والذي يتضمن فتاوى تجيز اختطاف النساء والأطفال، باعتبار أنهم "سبايا"، بل ويشرع ممارسة الجنس معهن، على اعتبار أنهن "ملك أيمانهم"، وكذلك يسمح لهم ببيعهن أو تقديمهن كـ"هبة" للغير... المنشور – كونه تعليمياً – جاء على شكل أسئلة وأجوبة حول أمور فقهية مثل شرعية ضرب الإماء، وبيعهن وأهدائهن للغير، وقواعد خروجهن على الرجال الأجانب دون حجاب... التساؤلات التي ضمنها المنشور كانت قصيرة في صلب الموضوع والإجابات مقتضبة واضحة... جاء بعضها كالتالي:
سؤال: ما هو السبي؟
الإجابة: هو ما أخذه المسلمون من نساء أهل الحرب.
سؤال: هل يجوز سبي الكافرات كفراً أصلياً، كالكتابيات والوثنيات؟
الإجابة: نعم.
سؤال: هل حلال سبي المرتدة، أي التي ارتدت عن الإسلام؟
الإجابة: اختلف العلماء إذ يقول بعضهم باستحبباب استتابة المرتدة فإن لم تتب أقيم عليها الحد.
سؤال: ما هي شروط وطء السبية أو الأمة من قبل مالكها؟
الإجابة: إذا كانت بكراً فله أن يطأها مباشرةً، أما إذا كانت ثيباً فلابد من استبراء رحمها أولاً أي الانتظار عليها حتى تحيض مرة واحدة على الأقل وذلك للتأكد من أنها غير حامل.
سؤال: هل يجوز وطء الأمة التي لم تبلغ الحلم؟
الإجابة: نعم يجوز وطء الأمة التي لم تبلغ الحلم إن كانت صالحة للوطء، أما إذا كانت غير صالحة للوطء، فيكتفي بالاستمتاع بها دون الوطء.
سؤال: هل يجوز الجمع بين الأختين؟
الإجابة: يجوز الجمع بين الأختين وبين الأمة وعمتها، والأمة وخالتها في ملك اليمين، ولكن لا يجوز الجمع بينهما في الوطء، من وطأ واحدة منهن فلا يحق له أن يطأ الأخرى، لعموم النهي عن ذلك.
الجانب الاحترافي في شخصيتي (كوني متخصصة في التواصل الجماهيري والتسويق) يرى النجاح الداعشي في الإتيان برسالة محددة واضحة وبسيطة في محتواها: سنذبح الرجال منكم لأنهم خارجون عن الملّة وسنغتصب النساء والأطفال أو نسبيهم لنبيعهم كالبضائع متى شئنا، ولدينا الشريعة والشرعية سند ومرجعية... الأهم من نجاحهم في تشكيل الرسالة هو نجاحهم في إيصالها للجمهور المستهدف... لا ينكر أحدنا أنهم نجحوا في بث الرعب وإعادة تشكيل حساسيتنا الإنسانية لكثرة ما رأينا من دماء وأشلاء رؤوس مقطوعة وأجساد يلقى بها في حفر الموت بلا مبالاة فاقت الخيال. الأمر الأهم أن داعش سلطت ضوءًا على فقه كامل كان أساطين شيوخ الإسلام قد نجحوا في لفلفته وتلفيقه وتوفيقه وهو فقه النساء على سنن كل الكتب التراثية المعتبرة.
إن ما أتى به المنشور الداعشي ليس جديداً، فهو فقه راسخ على مدى القرون الإثني عشر السابقات. نعم هو صادم للبعض ولكنه ليس اختراع مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام. فملكات اليمين والسبي والإتجار بالبشر ووطء الصغيرات (وهي أمور سأتحدث بإسهاب عن بعضها من منطلق حقوق النساء والأطفال والأقليات في المجتمعات المدنية المتحضرة في مقالات لاحقة في هذه السلسلة) هي مواضيع راسخة في الفقه الإسلامي، جل الأمر أن أكثرنا لم يكن يعلم.
(يتبع!)