آخر الأخبار
 - قبل يومين كتبت في هذه الصفحة منشوراً بعنوان (الحزب الاشتراكي إلى أين؟)، ونال هذا المنشور اهتماماً من قبل القراء الكرام

الأحد, 21-ديسمبر-2014 - 09:50:53
الإعلام التقدمي - احمدالحبيشي -
قبل يومين كتبت في هذه الصفحة منشوراً بعنوان (الحزب الاشتراكي إلى أين؟)، ونال هذا المنشور اهتماماً من قبل القراء الكرام، تجسّد في العدد الكبير من المعجبين والمعلقين. لكن ثمة تعليقاً واحداً استرعى اهتمامي شخصياً، تساءل فيه الصديق (أبو كهلان) عن وثيقة (سالزبورغ) التي ورد ذكرها في منشوري المشار اليه أعلاه، كما طلب مني توضيحاً لوثيقة (سالزبورغ)، ومزيداً من المعلومات عنها، وهو ما سأتناوله في السطور القادمة.
 
 في مقابلته الشهيرة مع هيئة تحرير صحيفة (الأهرام) المصرية بكامل قوامها، بعد شهرين من مظاهرات وأحداث 25 يناير 2011 في مصر، قال الأستاذ محمد حسنين هيكل إنه فوجئ بالتصريحات التي أطلقتها السيدة كونداليزا رايس بعد هزيمة الجيش الاسرائيلي في عدوانه على مواقع حزب الله في لبنان عام 2006، والتي قالت فيها إن شرقاً أوسطاً جديداً سيولد بعد أن وضعت تلك الحرب أوزارها، وأنه لابد من فوضى خلاقة ينشأ من رحمها الشرق الأوسط الجديد.
 وأضاف هيكل، أنه استغرب صدور تلك التصريحات بعد هزيمة مدوية للجيش الاسرائيلي تسببت في حدوث انهيارات وانقسامات داخل إسرائيل، حيث بدت وكأنها ثمرة انتصار حققه الجيش الاسرائيلي في تلك الحرب، على الرغم من هزيمته التي لم تكن خافية على أحد داخل اسرائيل أو خارجها!!
وفي تلك المقابلة اكتفى هيكل بقوله الشهير الذي يعكس مخزون ثقافته الواسعة، وعلاقاته الدولية، ومعلوماته متعددة المصادر، وقدراته المتميزة على التحليل والاستشراف: (إن ما يشهده الشرق الأوسط ليس ربيعاً عربياً بل "سايكس بيكو 2" الغرض منه إعادة خارطة الشرق الأوسط على أسس طائفية وعرقية)، بالإضافة إلى قوله:
 (....وإن ما يحدث في اليمن ليس ثورة، بل استكمال لطموحات المشيخة القبلية التقليدية في الاستيلاء على الدولة وتفكيك الجيش)، مشيراً إلى أن مصر واجهت هذه الإشكالية واكتشفتها أثناء حرب اليمن، وتعاملها مع الانشقاقات والاستقطابات التي حدثت داخل النظام الجمهوري.
 لكن هيكل حرص على القول بأن مصر والسعودية ودول الخليج لن تكون بعيدة عن خطر التقسيم الذي سيطالها في مخطط سايكس بيكو الجديد، مؤكدًا على أن نجاح هذا المخطط غير ممكن إذا نجحت سوريا في مقاومته!!
 وأعاد هيكل إلى الأذهان دور سوريا عبر التاريخ في فشل أو نجاح الأطماع الأجنبية والغزوات الخارجية التي استهدفت السيطرة على مصر والشام والجزيرة العربية، ولم يخف قلقه مما كان يجري في ليبيا، موضحاً أن ما يجري هناك ليس ثورة ديمقراطية تستهدف إسقاط نظام القذافي واستبداله بدولة مدنية ونظام سياسي ديمقراطي تعددي، بل هو تحرك ميداني مدروس تمهيداً لإشاعة الفوضى، واستعدادًا لتدخل عسكري خارجي في ليبيا، هدفه النهائي إسقاط نظام معمر القذافي، والتخلص من الذين خدموا نظامه الذي لا يخلو من الاستبداد الفردي والعائلي، حتى وإن كانوا قد انشقوا عنه، وانضموا إلى الثورة الحالية ضده، وصولاً إلى تدمير الدولة والجيش في ليبيا، وإغراق الشعب الليبي في بحر من الدماء، وتقسيمه إلى كيانات وجماعات طائفية ومناطقية وعشائرية وعرقية متصارعة ومتحاربة!!
 وعندما علق أحد الصحفيين الحاضرين على كلام هيكل، بأن مسار الأحداث في ليبيا يؤكد قرب انتصار الثورة الشعبية، خصوصاً بعد انشقاق قوات الجيش في بنغازي بقيادة اللواء عبدالفتاح يونس، وانضمام سلاح البحرية وسلاح الجو إلى الثورة الليبية، كما أن كل المؤشرات تدل على حتمية انتصار الثورة على القذافي ونظامه العائلي دون الحاجة إلى الاستعانة بالتدخل العسكري الخارجي.. ابتسم هيكل وقال:
 (أتمنى ذلك.. ولكني أتحفظ على التوقعات بأن نظام القذافي سيسقط دون حاجة "الثوار" للاستعانة بالتدخل العسكري الخارجي)، منوهاً بأن التجربة التاريخية تقول لنا إن التدخل العسكري الخارجي لا يصنع الثورات.. بما في ذلك التدخل العسكري السوفييتي في دول شرق أوروبا الاشتراكية، التي اتضح أنها كانت مجرد مستعمرات سوفييتية، ولم تكن ثورات ونظماً اشتراكي .. فسقطت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي!!
 وعندما سألته هيئة تحرير (الأهرام) عما إذا كان ما يقوله يندرج ضمن تحليلاته المشهود لها باستشراف الآفاق، أم أنه يستند إلى معلومات لا يستطيع الوصول إليها سواه، حرص هيكل على عدم التوسع في الرد، والاكتفاء بالقول: (الاثنان معاً)، لكنه اعتذر عن تقديم أي تفاصيل نظراً لحساسية هذا الموضوع، وأوضح للحاضرين أن سايكس بيكو الجديد، يستهدف إعادة خارطة الشرق الأوسط والعمق الاستراتيجي الأوراسي المغلق والمفتوح لروسيا وإيران، مشيرًا إلى أن مصر ودول الخليج لن تنجو من هذا المخطط.
 وفي مطلع عام 2013م، أي بعد عامين من ذلك الحوار الذي نشرته صحيفة (الأهرام) المصرية مع الأستاذ محمد حسنين هيكل في ربيع عام 2011، عاد الرجل إلى الحديث عن مستقبل مصر والشرق الأوسط بعد صعود الإخوان المسلمين وحلفائهم السلفيين إلى سدة الحكم في مصر وتونس وليبيا واليمن، حيث أوضح هيكل في سلسلة مقابلات أجرتها معه الإعلامية المصرية لميس الحديدي على شبكة cbc المصرية، أن الولايات المتحدة تسعى منذ قيام دولة اسرائيل وانتشار الأفكار القومية والحركات الوطنية في المنطقة العربية، إلى تمكين الاخوان المسلمين من الوصول إلى السلطة في الدول العربية، لأن منطلقاتهم وتوجهاتهم الفكرية، توفر أرضية أيديولوجية فعالة لمقاومة المشروع القومي الذي يعبئ الشعوب العربية بروح مقاومة الاستعمار ومواجهة إسرائيل وتحقيق الاستقلال والوحدة العربية، لأن الأيديولوجيا الإسلامية لا تؤمن بفكرة الوطن والقومية العربية التي تهدد المصالح الأميركية والغربية وإسرائيل معاً.
 وقال هيكل في تلك المقابلات إنه لم يفاجأ بالدعم الكبير الذي قدمته الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي، لما يمكن أن يسميه مشروع أخونة العالم العربي وليس فقط أخونة مصر، لكنه تنبأ بسقوط هذا المشروع وفشله، لأنه جاء إلينا من الموروث الفقهي للعصور البعيدة، ولا يملك رؤية عصرية لبناء دولة مدنية حديثة لا تستمد هويتها من عصور ونظم حكم وأحكام فقهية قديمة مضت، بل تنتسب إلى العصر الحديث والحضارة الحديثة والمجتمع الدولي الحديث، والقانون الدولي الإنساني والجنائي العام، والميثاق العالمي لحقوق الانسان، والعلاقات الدولية والمواثيق والاتفاقيات الدولية الحديثة في العالم المعاصر.
 وفجّر هيكل في سلسلة المقابلات التي أجرتها معه السيدة لميس الحديدي على شبكة cbc المصرية قبل قيام ثورة 30 يونيو 2013 في مصر، قنبلة جديدة عندما قال إن مشروع تمكين الاخوان المسلمين والجماعات السلفية من الوصول إلى السلطة تحت مسمى الثورات الملونة، لم يكن محصلة ما توصف إعلامياً بثورات (الربيع العربي)، بل هي جزء من مخطط أميركي أوروبي إسرائيلي لتفكيك الدول والجيوش العربية، وإعادة صياغة خارطة الشرق الأوسط على أسس طائفية وأثنية وجهوية، مشيراً إلى أن هذا المخطط ليس وليد الأحداث والتحولات التي شهدتها بلدان الشرق الأوسط في أواخر ديسمبر 2010 م، ومطلع عام 2011 م، ولكنه تطبيق لمخطط أعده ملتقى سري انعقد في العاصمة النمساوية سالزبورج، تحت رعاية حلف الناتو عام 2005، وشارك فيه عدد كبير من المفكرين الاستراتيجيين والقادة السياسيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية، وحزبي المحافظين والعمال في بريطانيا، وأحزاب اليمين والوسط والاشتراكية الديمقراطية في الاتحاد الأوروبي، حيث شكل الملتقى لجنة لصياغة توصيات استراتيجية لحكومات دول الناتو تم تسميتها (وثيقة سالزبورغ) على أن تحاط بالسرية، فيما تم وصف أعضائها بلجنة (الحكماء العشرة) برئاسة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس الأميركي بيل كلينتون.
 وكشف هيكل النقاب ان ما قاده إلى التعرف على مضمون وثيقة (سالزبورغ) هو تصريحات كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس الجمهوري جورج بوش، بعد فشل العدوان الاسرائيلي على مواقع حزب الله في لبنان عام 2006 م، موضحا ان الأحزاب التي تتداول السلطة في دول الناتو، لا تختلف برامجها الانتخابية حول المصالح القومية لبلدانها، وتعتمد في سياساتها الخارجية على أهداف يتم بلورتها من خلال مؤسسات وجماعات ضغط ومراكز دراسات وبحوث استراتيجية، وإنجازات سابقة للحكومات المتعاقبة لا يجوز التفريط بها، فيما تنحصر اختلافاتها على القضايا الداخلية وسبل تنمية الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب وتحسين الضمان الاجتماعي والصحي..
 تأسيساً على ما تقدم، قمت بتتبع آثار المفكر الاستراتيجي العربي وهرم مصر الرابع، محمد حسنين هيكل، بحسب وصف وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، بالإضافة إلى رصد ما كتبه مشاهير الكتاب والمفكرين العرب والأجانب، وما نشرته كبرى دور النشر في أميركا وبريطانيا وفرنسا وروسيا وإيران ومصر ولبنان والجزائر والمغرب، حول مفاهيم شاعت بعد ما أسمته وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية (ربيع جورجيا والربيع العربي والربيع الأوكراني والقيصر الروسي، والفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد والحزام الأوراسي، والتمدد الإيراني، والهلال الشيعي).
 وخلصت إلى التعرف على أهم مضامين وثيقة (سالزبورغ) التي طلب مني الأخ (أبو كهلان) على صفحتي في (فيس بوك) توضيحاً لها، وهي كالتالي:
 ،،،
(2)
بعد سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينيات القرن العشرين، واصلت وكالات الاستخبارات الأميركية والأوروبية تطوير تعاونها القديم في حقبة الحرب الباردة، ودشنت مرحلة جديدة من الهجوم على ما تم تسميته في دراسات وأبحاث ومنشورات وفعاليات مراكز الدراسات والبحوث المرتبطة بأجهزة المخابرات الغربية (تصفية مخلفات الحرب الباردة)!!
 كان سير الوقائع والأحداث بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسور برلين، يشير إلى توجه وكالات الاستخبارات الغربية نحو تفكيك يوغسلافيا ودول البلقان والاتحاد الروسي، ومحاصرة روسيا والصين وإيران، من خلال مواصلة استخدام أدواتها في حقبة الحرب الباردة، وعلى رأسها الإرهاب الذي يتغطى بأقنعة بعض مخرجات الفقه الإسلامي المتشدد والموروث عن عصر الانحطاط، الذي شهد توقف العالم الإسلامي عن إنتاج الحضارة البشرية.
 بوسع كل من يتابع الدراسات والأبحاث الاستراتيجية التي صدرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ملاحظة انتشار اصطلاح (الطريق الثالث) الذي يقدم اعترافاً بأن سقوط الاتحاد السوفييتي لا يعني فقط فشل الاشتراكية بل فشل المفهوم السوفييتي لتطبيق الاشتراكية بما هو نظام (رأسمالية الدولة)، حيث لا يمكن القضاء على مخلفات الحرب الباردة بدون صياغة استراتيجيات فعالة تطلق ميكانزمات الاستثمار السياسي للبطالة التي أوجدت فئات مهمشة ومحبطة ومعزولة عن البيئة السياسية لمجتمعات البلدان الاشتراكية سابقاً، والبلدان المتحالفة معها بعد تحررها من الاستعمار، والتي يتصدر الشباب فيها، قائمة هذه الفئات المهمشة.
 من المهم التنويه بأن الولايات المتحدة ودول حلف الناتو القديم، سعت ـــ بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوط برلين ـــ إلى إحياء استراتيجية (الثورات الملونة) القديمة التي فشلت في تحقيق أهدافها خلال حقبة الحرب الباردة، تحت عناوين مختلفة مثل (ربيع بودابست 1956م، وربيع براغ 1968م، وربيع بكين 1989م) حيث تدخل الجيش السوفييتي والجيش الصيني في ضرب وإفشال تلك (الثورات الملونة).
 ومن المهم جداً الإشارة إلى أن الاستراتيجيات القديمة التي استخدمتها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي بعد تأسيسه غداة انتهاء حقبة الحرب الباردة، أصيبت في مقتل بعد وصول القوميين الروس إلى السلطة ـــ عبر صناديق الانتخابات ـــ بزعامة الرئيس فيلاديمير بوتن وحزب روسيا الموحدة عام 2000، وإعادة انتخابه خلال الفترة 2004 ـــ 2008م، ثم عودته للرئاسة في الكرملين مرة أخرى عام 2012م، وقيام تحالف استراتيجي يضم روسيا الجديدة والقوى الدولية الصاعدة وعلى رأسها الصين والهند واتحاد جنوب أفريقيا والبرازيل وإيران.
 والحال أنني لست في وارد تفصيل مجمل (الاستراتيجيات الفعالة) التي اشتغلت عليها مراكز الدراسات والبحوث الاستراتيجية التابعة لوكالات الاستخبارات الأميركية والأوروبية في حروبها السرية تحت شعار (بناء نظام عالمي جديد ومتحرر من مخلفات الحرب الباردة)، لكنني سأركز على تلبية طلب الصديق (أبي كهلان) لتعريفه بما تسمى (وثيقة سالزبورغ لعام 2005) وعلاقتها بمشروع إطلاق (الفوضى الخلاقة على طريق بناء الشرق الأوسط الجديد)، الذي أعلنته وزيرة الخارجية الأميركية الأسبق كونداليز رايس، بعد هزيمة الجيش الإسرائيلي في عدوانه على لبنان عام 2006م!!!
 قبل انعقاد الملتقى الفكري الاستراتيجي الذي ضم في العاصمة النمساوية سالزلبورغ نخبة من المفكرين والباحثين الأميركيين والأوروبيين برعاية حلف الناتو، شهدت الصحف والمجلات ودور النشر العالمية ظهور عدد من الدراسات والمقالات والكتب التي تناولت عدداً من المفاهيم والرؤى ذات الصلة بمستقبل النظام العالمي في حقبة ما بعد الحرب الباردة.
 وبما أن الصديق (أبا كهلان) سألني عن وثيقة سالزبورغ لعام 2005م، وعلاقتها بمخطط (بناء الشرق الأوسط من خلال الفوضى الخلاقة) بحسب تصريحات كونداليزا رايس عام 2006م، سأكتفي، فقط، بما ورد في هذه الوثيقة حول الحالة السياسية في بلدان الشرق الأوسط.
صحيح أن المفكر العربي الاستراتيجي محمد حسنين هيكل، يعتبر أول من وصف الدعم الأميركي الأوروبي لما تسمى (ثورات الربيع العربي) بأنه يندرج في إطار مخطط (سايكس بيكو 2) لإعادة صياغة خارطة الشرق الأوسط، على نحو ما جاء في الجزء الأول من هذا المقال، استناداً إلى حواره الطويل مع صحيفة "الأهرام" في مارس 2011م.
 لكن هيكل، في سلسلة حواراته مع الإعلامية لميس الحديدي عبر قناة (سي بي سي) مطلع 2013م، كشف النقاب ـــ لأول مرة ـــ عن وجود مخطط لتفكيك دول وجيوش البلدان العربية تمت صياغته في سالزبورغ عام 2005 من قبل لجنة سميت (الحكماء العشرة)، برئاسة السيدة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأسبق.
 وقد تزامنت تلك التصريحات مع تداول واسع النطاق في وسائل الإعلام الروسية في يناير 2013م، لمعلومات تتعلق بوجود مخطط لإعادة صياغة المحيط الأوراسي والفضاء البلقاني والشرق أوسطي (المفتوح والمغلق) لروسيا والصين وإيران، تم التخطيط له من قبل حلف الناتو في العاصمة النمساوية سالزبورغ عام 2005م.
 وفيما حرص هيكل على عدم التوسع في شرح تفاصيل وثيقة سالزبورغ، سلطت وسائل الإعلام الروسية الضوء على مشاركة عدد من الشخصيات المعادية لروسيا والصين وإيران في ملتقى سري لكبار مستشاري أجهزة المخابرات الأميركية والأوروبية، انعقد في سالزبورغ عاصمة النمسا برعاية حلف (الناتو) في مارس 2005م، لوضع خطط عدوانية تستهدف توظيف منجزات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، لإشعال نمط جديد من الحروب الامبريالية يندرج ضمن الجيل الرابع من الحروب.
وكان لافتاً للنظر تداول وسائل الإعلام الروسية أسماء محددة شاركت في لقاء سالزبورغ من بينها ــ على سبيل المثال لا الحصر ـــ المفكر والديبلوماسي الأميركي اليهودي هنري كيسنجر، والفيلسوف الأميركي اليهودي برنارد لويس الذي توفي لاحقاً، والفيلسوف الفرنسي اليهودي برنارد هنري ليفي والمفكر البريطاني اليهودي كريغ روبرتس.
 ومما له دلالة عميقة حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتن شخصياً ندوة علمية لعدد من الباحثين والمفكرين الاستراتيجيين الروس والصينيين، انعقدت في موسكو أواخر فبراير 2013م، برعاية وزارتي خارجية روسيا الاتحادية والصين الشعبية، حيث تحدث المشاركون في هذه الندوة عن ما أسموه إصرار صقور الحرب الباردة في الولايات المتحدة وأوروبا على صياغة استراتيجيات جديدة لمواصلة تلك الحرب بوسائل الجيل الرابع من الحروب.. ومن بينها استراتيجية مبتكرة تقوم على مثلت أضلاع يتكون من (ممرات الفضاء الإليكتروني، والشباب، وبرامج نشر الديمقراطية).
وصدرت عن تلك الندوة توصيات للحكومتين، الروسية والصينية، للمساعدة على صياغة استراتيجيات مضادة في سياق تشغيل ميكانزمات الجيل الرابع من الحروب.
 وفور الإعلان عن اختتام أعمال تلك الندوة، أجرت شبكة (سي إن إن) الأميركية حوارًا مع ثعلب السياسة الأميركية العجوز هنري كيسنجر، قال فيه بالحرف الواحد، إن مصدر ما جاء على لسان هرم مصر الرابع محمد حسنين هيكل وملتقى موسكو الاستراتيجي، من معلومات عن الملتقي السري لحكماء العالم الديمقراطي في سازبورغ، هو المخابرات الأميركية التي أصبحت مخترقة من روسيا والصين، بحسب قوله.
وحذر كيسنجر، في ذلك اللقاء، من فشل المراهنة على وسائل الجيل الرابع من الحروب لإضعاف روسيا والصين وإيران، ومحاصرتها في الشرق الأوسط والمحيط الأوراسي المغلق والمفتوح، مؤكداً أن الحرب الباردة لن تعود فقط، بل إن حرباً عالمية جديدة ومحتومة، قد تحدث بين أميركا وبعض دول أوروبا، مقابل روسيا والصين وإيران.
 بعد يومين من حديث كيسنجر الذي أحدث دوياً في مختلف أنحاء العالم، بدأت الإدارة الأميركية بملاحقة عدد من ضباط المخابرات الأميركية ونشطاء الشبكة العنكبوتية وأبرزهم جوليان أسانج مؤسس شبكة ويكليكس، والضابط المتعاقد مع فرع وكالة الأمن القومي الأميركي في الصين ادوارد سنودان الذي منحته روسيا، مؤخراً، حق اللجوء السياسي.
وفي ضوء هذه المعطيات، سيكون لقائي مع الصديق أبي كهلان في الجزء الثالث من هذا المقال، للتعرف على أهم ما يتعلق بمشروع الشرق الأوسط الجديد، ورؤية وثيقة (سالزبزرغ) لوسائل الجيل الرابع من الحروب في بلدان الشرق الأوسط.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)