آخر الأخبار
الجمعة, 19-ديسمبر-2014 - 15:08:48
 - بعد سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينيات القرن العشرين ، واصلت وكالات الاستخبارات الأميركية والأوروبية تطوير تعاونها القديم في حقبة الحرب الباردة ، ودشنت مرحلة جديدة من الهجوم على ما تم تسميته في دراسات وأبحاث ومنشورات وفعاليات مراكز الدراسات والبحوث المرتبطة بأجهزة المخابرات الغربية ( تصفية مخلفات الحرب الباردة ) !!......... الإعلام التقدمي - -


بعد سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينيات القرن العشرين ، واصلت وكالات الاستخبارات الأميركية والأوروبية تطوير تعاونها القديم في حقبة الحرب الباردة ، ودشنت مرحلة جديدة من الهجوم على ما تم تسميته في دراسات وأبحاث ومنشورات وفعاليات مراكز الدراسات والبحوث المرتبطة بأجهزة المخابرات الغربية ( تصفية مخلفات الحرب الباردة ) !!
 
كان سير الوقائع والأحداث بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسور برلين ، يشير الى توجه وكالات الاستخبارات الغربية نحو تفكيك يوغسلافيا ودول البقان والاتحاد الروسي ، ومحاصرة روسيا والصين وايران ، من خلال مواصلة استحدام أدواتها في حقبة الحرب الباردة ، وعلى رأسها الارهاب الذي يتغطى بأقنعة بعض مخرجات الفقه الاسلامي المتشدد والموروث عن عصر الانحطاط ، الذي شهد توقف العالم الاسلامي عن انتاج الحضارة البشرية .
 
بوسع كل من يتابع الدراسات والأبحاث الاستراتيجية التي صدرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ، ملاحظة انتشار اصطلاح ( الطريق الثالث ) الذي يقدم اعترافا بأن سقوط الاتحاد السوفييتي لا يعني فقط فشل الاشتراكية بل فشل المفهوم السوفييتي لتطبيق الاشتراكية بما هو ( نظام ( رأسمالية الدولة ) ، حيث لا يمكن القضاء على مخلفات الحرب الباردة بدون صياغة استراتيجيات فعالة تطلق ميكانزمات الاستثمار السياسي للبطالة التي أوجدت فئات مهمشة ومحبطة ومعزولة عن البيئة السياسية لمجتمعات البلدان الاشتراكية سابقا ، والبلدان المتحالفة معها بعد تحررها من الاستعمار ، والتي يتصدر الشباب فيها ، قائمة هذه الفئات المهمشة .
 
من المهم التنويه بأن الولايات المتحدة ودول حلف الناتو القديم ، سعت ـــ بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوط برلين ـــ الى إحياء استراتيجية ( الثورات الملونة ) القديمة التي فشلت في تحقيق أهدافها خلال حقبة الحرب الباردة ، تحت عناوين مختلفة مثل ( ربيع بودابست 1956م ، وربيع براغ 1968م ، وربيع بكين 1989م ) حيث تدخل الجيش السوفييتي والجيش الصيني في ضرب وافشال تلك ( الثورات الملونة ) .
 
ومن المهم جدا الاشارة الى أن الاستراتيجيات القديمة التي استخدمتها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي بعد تأسيسه غداة انتهاء حقبة الحرب الباردة ، أصيبت في مقتل بعد وصول القوميين الروس الى السلطة ـــ عبر صناديق الانتخابات ـــ بزعامة الرئيس فيلاديمير بوتن و حزب روسيا الموحدة عام 2000، وإعادة انتخابه خلال الفترة 2004 ـــ 2008 م ، ثم عودته للرئاسة في الكرملين مرة أخرى عام 2012م ، وقيام تحالف استراتيجي يضم روسيا الجديدة والقوى الدولية الصاعدة وعلى رأسها الصين والهند واتحاد جنوب افريقيا والبرزيل وايران .
 
والحال انني لست في وارد تفصيل مجمل (الاستراتيجيات الفعالة ) التي أشتغلت عليها مراكز الدرسات والبحوث الاستراتيجية التايعة لوكالات الاستخبارات الأميركية والأوروبية في حروبها السرية تحت شعار ( بناء نظام عالمي جديد ومتحرر من مخلفات الحرب الباردة ) ، لكنني سأركز على تلبية طلب الصديق (ابي كهلان ) لتعريفه بما تسمى ( وثيقة سالزبورغ لعام 2005) وعلاقتها بمشروع إطلاق ( الفوضى الخلاقة على طريق بناء الشرق الأوسط الجديد ) ، الذي أعلنته وزيرة الخارجية الأميركية الأسبق كونداليز رايس ، بعد هزيمة الجيش الإسرائيلي في عدوانه على لبنان عام 2006م م !!!
 
قبل انعقاد الملتقى الفكري الاستراتيجي الذي ضم في العاصمة النمساوية سالزلبورغ نخبة من المفكرين والباحثين الأميركيين والأوروبيين برعاية حلف الناتو ، شهدت الصحف والمجلات ودور النشر العالمية ظهور عدد من الدراسات والمقالات والكتب التي تناولت عددا من المفاهيم والرؤى ذات الصلة بمستتقبل النظام العالمي في حقبة ما بعد الحرب الباردة .
 
وبما ان الصديق ( أبا كهلان ) سألني عن وثيقة سالزبورغ لعام 2005م ، وعلاقتها بمخطط ( بناء الشرق الأوسط من خلال الفوضى الخلاقة ) بحسب تصريحات كونداليزا رايس عام 2006 م ، سأكتفي ـــ فقط ـــ بما ورد في هذه الوثيقة حول الحالة السياسية في بلدان الشرق الأوسط .
صحيح ان المفكر العربي الاستراتيجي محمد حسنين هيكل يعتبر أول من وصف الدعم الأميركي الأوروبي لما تسمى ( ثورات الربيع العربي ) بأنه يندرج في إطار مخطط (سايكس بيكو 2 ) لاعادة صياغة خارطة الشرق الأوسط، على نحو ما جاء في الجزء الأول من هذا المقال ، استنادا الى حواره الطويل مع صحيفة الأهرام في مارس 2011م.
 
لكن هيكل في سلسلة حواراته مع الاعلامية لميس الحديدي عبر قناة ( سي بي سي ) مطلع 2013م ، كشف النقاب ـــ لأول مرة ـــ عن وجود مخطط لتفكيك دول وجيوش البلدان العربية تمت صياغته في سالزبورغ عام 2005 من قبل لجنة سميت ( الحكماء العشرة ) ، برئاسة السيدة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأسبق .
 
وقد تزامنت تلك التصريحات مع تداول واسع النطاق في وسائل الاعلام الروسية في يناير 2013م ، لمعلومات تتعلق بوجود مخطط لاعادة صياغة المحيط الأوراسي والفضاء البلقاني والشرق أوسطي ( المفتوح والمغلق ) لروسيا والصين وايران ، تم التخطيط له من قبل حلف الناتو في العاصمة النمساوية سالزبورغ عام 2005م .
 
وفيما حرص هيكل على عدم التوسع في شرح تفاصيل وثيقة سالزبورغ ، سلطت وسائل الاعلام الروسية الضوء على مشاركة عدد من الشخصيات المعادية لروسيا والصين وايران في ملتقى سري لكبار مستشاري أجهزة المخابرات الأميركية والأوروبية ، انعقد في سالزبورغ عاصمة النمسا برعاية حلف ( الناتو ) في مارس 2005م ، لوضع خطط عدوانية تستهدف توظيف منجزات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ، لاشعال نمط جديد من الحروب الامبريالية يندرج ضمن الجيل الرابع من الحروب .
 
وكان لافتا للنظر تداول وسائل لاعلام الروسية أسماء محددة شاركت في لقاء سالزبورغ ـــ من بينها على سبيل المثال لا الحصر ـــ المفكر والديبلوماسي الأميركي اليهودي هنري كيسنجر ، و الفيلسوف الأميركي اليهودي برنارد لويس الذي توفي لا حقا ، والفيلسوف الفرنسي اليهودي برنارد هنري ليفي والمفكر البريطاني اليهودي كريغ روبرتس .
 
ومما له دلالة عميقة حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتن شخصيا ندوة علمية لعدد من الباحثين والمفكرين الاستراتيجيين الروس والصينيين ، انعقدت في موسكو أواخر فبراير 2013م ، برعاية وزارتي خارجية روسيا الاتحادية والصين الشعبية ، حيث تحدث المشاركون في هذه الندوة عن ما أسموه اصرار صقور الحرب الباردة في الولايات المتحدة وأوروبا على صياغة استراتيجيات جديدة لمواصلة تلك الحرب بوسائل الجيل الرابع من الحروب .. ومن بينها استراتيجية مبتكرة تقوم على مثلت أضلاع يتكون من ( ممرات االفضاء الأليكتروني ، والشباب ، وبرامج نشر الديمقراطية ) .
وصدرت عن تلك الندوة توصيات للحكومتين الروسية والصينية ، للمساعدة على صياغة استراتيجيات مضادة في سياق تشغيل ميكانزمات الجيل الرابع من الحروب.
 
وفور الاعلان عن اختتام أعمال تلك الندوة ، أجرت شبكة ( سي إن إن ) الأميركية حوارا مع ثعلب السياسة الأميركية العجوز هنري كيسنجر ، قال فيه بالحرف الواحد ، ان مصدر ما جاء على لسان هرم مصر الرابع محمد حسنين هيكل وملتقى موسكو الاستراتيجي ، من معلومات عن الملتقي السري لحكماء العالم الديمقراطي في سازبورغ ، هو المخابرات الأميركية التي أصبحت مخترقة من روسيا والصين ، بحسب قوله .
وحذر كيسنجر في ذلك اللقاء من فشل المراهنة على وسائل الجيل الرابع من الحروب لإضعاف روسيا والصين وايران ، ومحاصرتها في الشرق الأوسط والمحيط الأوراسي المغلق والمفتوح ،، مؤكدا ان الحرب الباردة لن تعود فقط ، بل أن حربا عالمية جديدة ومحتومة ، قد تحدث بين أميركا وبعض دول أوروبا ، مقابل روسيا والصين وايران .
 
بعد يومين من حديث كيسنجر الذي أحدث دويا في مختلف أنحاء العالم ، بدأت الادارة الأميركية بملاحقة عدد من ضباط المخابرات الأميركية ونشطاء الشبكة العنكبوتية وأبرزهم جوليان أسانج مؤسس شبكة ويكليكس ، والضابط المتعاقد مع فرع وكالة الأمن القومي الأميركي في الصين ادوارد سنودان الذي منحته روسيا مؤخرا حق اللجوء السياسي .
 
وفي ضوء هذه المعطيات سيكون لقائي مع الصديق أبي كهلان في الجزء الثالث من هذا المقال ، للتعرف على أهم ما يتعلق بمشروع الشرق الأزسط الجديد ، ورؤية وثيقة ( سالزبزرغ ) لوسائل الجيل الرابع من الحروب في بلدان الشرق الأوسط .


* أحمد الحبيشي
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)