آخر الأخبار
 - 
قلق كبير اثارته الرسالة السرية  التى بعث بها الرئيس أوباما إلى آية الله خامنئي في منتصف تشرين الأول/أكتوبر، وأذاعتها وول ستريت جورنال آخر هذا الشهر..........

الأحد, 16-نوفمبر-2014 - 01:19:09
الإعلام التقدمي - العربية -

قلق كبير اثارته الرسالة السرية  التى بعث بها الرئيس أوباما إلى آية الله خامنئي في منتصف تشرين الأول/أكتوبر، وأذاعتها وول ستريت جورنال آخر هذا الشهر[1]، تؤكد هذه الرسالة ابتداء أن أوباما أدرك متأخرا أنه ووزير خارجيته كانا يتكلمان مع الرجل الخطأ، حين انخرطا في الحوار مع  الرئيس الايراني حسن روحاني، والحقيقة أن أي تغييرات جوهرية في السياسة الإيرانية يتعين أن تحظى بموافقة خامنئي عليها.
ولكن مبعث القلق كما أفادت التقارير التي أعقبتها، يمكن تحديدها في نقطتين رئيستين:

أولا: أنّ "أي تعاون في ما يخصّ «الدولة الإسلامية» يعتمد بشكلٍ كبير على توصّل إيران إلى اتفاق [نووي] شامل".

 ثانيا: تهدئة مخاوف إيران حول مستقبل حليفها الوثيق الرئيس السوري بشار الأسد"،ـ رغم ما أكدته تصريحات أوباما التالية يوم 13 نوفمبر الماضي لشبكة سي إن إن من أن إزاحة الاسد ربما تكون ضرورية لهزيمة  الدولة الاسلامية، وهو ما أعقبته تصريحات مشابهة لتشاك هيجل وزير الدفاع الأمريكي أمام الكونجرس في اليوم التالي 14 نوفمبر.

 ويبدو أنّ هاتين الفكرتين المتضمنتين في الرسالة، صُممتا لتبينا أن الولايات المتحدة لا تشكل أي خطر على المصالح الإيرانية في العراق وسوريا وأنّ واشنطن مستعدة للتعاون مع إيران في كلا البلدين مقابل توقيع طهران على اتفاق نووي بحلول 24 تشرين الثاني/نوفمبر، ولكن ما حوته الرسالة من طمأنينته وما حوته التصريحات التالية من قوة يعني أن الولايات المتحدة تمرن مختلف أدواتها مع هذا الخصم العنيد

استراتيجية الولايات المتحدة تجاه إيران:
منذ تفجر ازمة الملف النووي الايراني السري عام 2002 عن طريق حماعة ايرانية معارضة [2]طرحت في واشنطن استراتيجيتان يمكن تحديدهما فيما يلي: 

استراتيجية الاكراه


وتكون عبر توجيه ضربات عسكرية امريكية، وحاججت بعض الاراء ان ذلك سيمثل فكرة مغايرة لما يراد تحقيقه من ورائها وان مثل هذه الضربات لن تحدث أكثر من أضرار محدودة للمنشات النووية الإيرانية، وستدفع الناس الى الالتفاف حول النظام وقد تدفع الايرانيين الى الانتقام عن طريق رعايتهم لهجمات ارهابية ضد القوات الامريكية في العراق ( قبل انسحابها في اواخر عام 2011 ) وفي افغانستان,
واعترض عليها كذلك بأن الولايات المتحدة اخفقت في الغالب بسبب عدم تقديرها لقوة المشاعر الوطنية حول العالم حق قدرها، وضربوا مثالا لذلك بما حدث في العرق الذي بدا واضحا ان شعبه لم يرحب بالقوات الامريكية حينئذ، وهو المتوقع من جانب الشعب الإيراني كذلك[3].

في حين ان الاراء التى نادت بالضربات العسكرية فكانت الاستراتيجية  الكامنة وراء توجيه تلك الضربات العسكرية الامريكية لن تكون نزع السلاح النووي فحسب بل تغيير النظام الايراني، و أنه عن طريق رفع درجة المواجهة فانها ستنجح في الإطاحة به حيث يتأرجح على الحافة وان الايرانيين سيكونون سعداء بالاطاحة بالنظام الفاسد الديكتاتوري الذي يعيشون في كنفه[4],

استراتيجية التعهد

 مع ان  الضربات العسكرية ليست الخيار الجيد فقد حاججت اغلبية الاراء في واشنطن بأن التعاطى التفاوضي مع ايران ليس خيارا جيدا ايضا..
لم ترغب إدارة بوش في عقد صفقة كبرى مع إيران، يتم خلالها تطبيع العلاقات  الايرانية مع الولايات المتحدة في مقابل وقف البرنامج النووي الايراني . وسادت قناعة امريكية  بانه ليس هناك الكثير من الادلة على ان سياسة امريكية افضل تجاه ايران ستؤدى الى رد ايراني مقابل . ويرى بعض الباحثين ان الجكومة الايرانية هي التى رفضت بثبات اي تعاط مع الولايات المتحدة مع أن الولايات المتحدة مستعدة لذلك،  خاصة بعد أن أرسل الرئيس للامريكى رونالد ريجان هو الذي كان قد ارسل الكعكة الى الايرانيين ونسخة من الكتاب المقدس ومستشاره للامن القومى أملا في بدء تسخين العلاقة مع طهران ولكن العديدين في طهران اعتقدوا –حينها - ان المواجهة مع الولايات المتحدة تفيدهم[5].

استراتيجية الاحتواء

من هنا تم تبنى استراتيجية الاحتواء بهدف منع ايران من التسبب فى مشاكل و اضطرابات خارج حدودها بشكل مباشر او غير مباشر، من خلال  محاولة اضعاف ايران  وهو ما كانت الولايات المتحدة الامريكية تسعى للقيام به خلال السنوات الثلاثين الماضية[6] "
 ووفقا لهذا التعريف ، فقد عاش الايرانيون تجارب عدة تتعلق بتدابير الاحتواء من قبل الولايات المتحدة الامريكية. وأضيف الى سجل هذه التجارب اغتيال العلماء الايرانين ونشر فيروسات الكمبيوتر من قبل قوة كانت على الارجح اسرائيل[7].

أوباما واستراتيجية التواصل الدبلوماسي
صدرت بعد تسلم  الرئيس اوباما السلطة عقب انتخابات نوفمبر 2008 ثلاث قرارات من مجلس الامن استهدفت ايران وبرنامجها النووي، الا أن  الرئيس الامريكي اعلن عن سياسة اليد الممدودة لإيران وعرض سياسة الحوار معها وضرورة اتخاذ خطوات جدية على المسار الدبلوماسي  تجاهها بدلا من المقاطعة التي انتهجتها إدارة بوش، وفي حالة  عدم استجابة ايران يتم الدفع بسلاح العقوبات الذي يتطلب توفر ثلاثة عناصر ضرورية  لنجاحه لاجبار ايران على التفاوض وهى:

(1)      التوصل إلى صيغة واضحة لما ينبغي أن تقوم به إيران، وما تعرضه  واشنطن وحليفاتها علي إيران من حوافز تتوفر في صورة ضمانات صريحة لما يمكن أن تحصل عليه إذا ما التزمت بتلك المتطلبات. 

(2)      التوصل إلى صيغة واضحة للجزاءات والعقوبات التي ستفرض عليها في حالة انتهاكها وعدم التزامها بها.

(3)      بدلا من ترك الولايات المتحدة القضية مبهمة  والإحاديث الضبابية عن ضربة جوية للمنشات النووية الايرانية، فإن على الولايات المتحدة أن تكون أكثر وضوحا وصراحة الآن كما فعل الأوربيون والروس والصينيون عندما تحدثوا عن الحوافز والمزايا التي ينبغي طرحها على طهران أو العقوبات التي يمكن تهديدها بها .

(4)      قرن الرئيس اوباما نهجه الجديد  ذلك باربعة  اشارات لافتة تصالحية نحو ايران:

الاولي: قام أوباما بإذاعة رسالة إلى إيران، يعترف فيها للمرة الأولى بآيات الله باعتبارهم الممثلين الشرعيين للشعب الإيراني. بمناسبة عيد النيروز وكان الرئيس بوش يكتفي بتهنئة الشعب لا القيادة .

الثانية: قدمت واشنطن العرض الذي كانت طهران تتوق لسماعه منذ عام 2006 وهو التفاوض حول وقف سلمي للبرنامج الايراني دون شروط مسبقة، في حين ان ادارة بوش كانت تصر على قيام طهران بوقف التخصيب أولا قبل التحاور، واعتبر ذلك اعترافا امريكيا  بحق الجمهورية الإسلامية بتخصيب اليورانيوم،

الثالثة: في  خطابه في جامعة القاهرة (يونيو 2009 ) ، أقر اوباما  بمشاركة الـ (سي. آي. إيه) بالإطاحة بالحكومة الإيرانية منذ أكثر من نصف قرن مضى.

 الرابعة: ان الرئيس الامريكي رفض التدخل والوقوف  بحزم الى جانب المظاهرات الصاخبة ضد الحكومة الايرانية على خلفية رفضهم نتائج انتخابات 12 يونيو /حزيران2009 التي اعلنت فوز محمود احمدي نجاد لفترة رئاسية ثانية [8].

 فاوباما لم يطرح الخيار العسكري كأولوية مطلقا، ولكن  لعدم تجاوب المرسل اليه الايراني فقد انخرطت ادارة اوباما بفرض حزمة من العقوبات ضد طهران لجرها الى المباحثات النووية وهو ما حدث بالفعل.

نوع من التساهل إزاء ايران

لكن الكثيرين يرون نوعا من التساهل إزاء إيران، فقد تجاهل البيت الأبيض مثلا إلى حد بعيد مخاوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول أبحاث التسلح وترك المسائل الشائكة لمحادثات منفصلة بين الوكالة وطهران، ويُعَاد الآن تعريف الأسئلة المتعلقة بالبرنامج الإيراني للصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
 لم تعد الإدارة الأمريكية  تسعى لوقف تطوير صواريخٍ بعيدة المدى، ولكنها تهتم فقط بتطوير الرؤوس النووية، ذلك على الرغم من أن إنتاج الرأس النووي يكاد يستحيل رصده، خصوصا بدون وجود نظام تفتيش دقيق.

 ويبدو أوباما راضيا بِقَصْرِ عملياتِ التفتيش على  المواقع النووية المعروفة، فإيران لاتوافق بسهولة على دخول مفتشي الوكالة  لأي موقع مشكوك فيه، ويبدو أن البيت الأبيض تخلى أيضا عن مطلبه بتحويل منشأة المياه الثقيلة في أراك إلى مفاعل مياه خفيفة ينتج بلوتونيوم يصعب استخلاصه.
 إن التركيز فيما يخص أراك ينصبُّ الآن على التفتيش المنتظم وخفض وقود المفاعل، وبشكل عام، لقد عرضت الولايات المتحدة صفقة جيدة جدا، ولكن خامنئي لم يستجب، ومن المحتمل تماما أنه يتوقع كسب المزيد من التنازلات من رئيسٍ للولايات المتحدة ذو حساسية من الصراع في الشرق الأوسط[9]. ويبدو انه فهم رسالة اوباما على هذا النحو .

رسالة سالبة ولكن:

رسالة اوباما تعنى ان "واشنطن مستعدة للتكيف مع السياسات الإيرانية،  مما يخفف من الضغوط على طهران من أجل القيام بالتغييرات الاستراتيجية الأساسية لوضع حدّ دائم لطموحاتها النووية ومن تمددها الاقليمى[10]، ورآت اراء امريكية معتبرة  انه يجب "ألا يُسمح لحركة المد والجزر في الحرب على الإرهاب أن تخفي حقيقة أن الحكم الإيراني الديني ومحاولته الانقلاب على النظام الإقليمي سيظل التحدي الأكبر الذي تواجهه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وينطوي على عواقب طويلة الأمد"."[11] ومن هنا نرى أن سيطرة الجمهوريين على الأغلبية في الكونجرس مع ارتفاع حدة الحرب والإصرار الأمريكي على القضاء على داعش والأسد وأن نجاح الحرب على الأولى يشترط عزل الثاني، يوضح أن هذه الرسالة ليست أكثر من مناورة أمريكية تحمل العصا والجزرة في آن واحد.
 حيث إن الجمهوريين الفائزين بانتخابات الكونجرس الامريكى -ينظر إليها كثيرون باعتبارها تمثل قطيعة مع أوباما وسياساته-. لن يرضوا بصفقة سيئة و ليست لديهم أية نية في مساعدة أوباما، على تحقيق نصر دبلوماسي بخصوص إيران، لأن من شأن مثل هذا النصر أن يمثل نقطة ثمينة في رصيد المرشح الديمقراطي المقبل في الانتخابات الرئاسية، في حين أن  عدم حل المشكلة النووية الإيرانية سترغم ذلك المرشح على تبني موقف متشدد سيزيد بشكل دراماتيكي من إمكانيات حدوث مواجهة عسكرية.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)