آخر الأخبار
 - لم تكن الساحة العربية تنتظر تأطيرات المستشرق اليهودي برنارد لويس لكي تشتعل بالصراعات الطائفية؛ فاليقظة الطائفية سمة أصيلة ومتجذرة في حضارات الشعوب والمجتمعات.........

الاثنين, 10-نوفمبر-2014 - 23:52:06
الإعلام التقدمي - العربية -

لم تكن الساحة العربية تنتظر تأطيرات المستشرق اليهودي برنارد لويس لكي تشتعل بالصراعات الطائفية؛ فاليقظة الطائفية سمة أصيلة ومتجذرة في حضارات الشعوب والمجتمعات، وحضور تلك اليقظة لا يحتاج سوى شرارة لإشعالها،  والقضية الطائفية تنبعث بين فترة وأخرى، متجاوزة السكوت المحيط بها، ومتخطية الركود الحاصل فيها، عندما تتأزم المسارات السياسية، وتحتقن المشكلات في عنق الزجاجة، وهي في واقع الحال؛ جاثمة في نفوس الأفراد وتشكل حيزا من ثقافات المجتمعات في أغلب البدان شرقا وغربا ولا تترك أمامها بابا مغلقا،

 لذا يكون انبعاثها مدويا وربما كارثيا، ما من شأنه تهديد كيانات الدول ووحدة أراضيها ومستقبل أبنائها، من هنا تأتي ضرورة الدولة كفاعل مهم في قطع الطريق أمام مثيرات هذه اليقظة التي تمثل بذرة الصراعات الطائفية في المجتمعات، ذلك أن تلك الصراعات تعد أشد ضراوة وفتكا من الحروب الخارجية مع دول مجاورة مثلا، وقد قالوا قديما أن حروب الطائفية أكثر حصدا للأرواح مما سواها من الحروب، والتجارب التاريخية تحتشد بالصراعات الإثنية والطائفية وتعتبرها الأسوأ في تاريخ البشرية، لأنها لا تنتهي بالسهولة التي بدأت بها، كما لا تحقق انتصارا لأي من أطرافها، بل تعود بالخسارة على الجميع.


هل يذكر أحدكم حرب الثلاثين عاما التي مزقت أوروبا بين عامي 1618 و1648م؛ وقد راح ضحيتها قرابة ثمانية ملايين أو يزيد من البشر، ناهيك عن الدمار الهائل في القرى والمدن والتهجير واللجوء؛ حتى أطلق عليها "مأساة أوروبا"، وقد اندلعت الحرب في البداية كصراع ديني بين الكاثوليك والبروتستانت وانتهت كصراع سياسي من أجل السيطرة على الدول الأخرى.

واليوم يستعيد التاريخ نفسه من جديد؛ وفي المشرق العربي هذه المرة، ويكأن الرياح اللواقح قد هبت بنسمات النزعة الطائفية من الغرب إلى بلاد المشرق، لتستعيد معها مشاهد الظلمة الطائفية المتطرفة، وتدخل فيها الأجيال في مستنقع خطير فتهدد حاضرهم وتقضي على مستقبلهم، بل وتضع مستقبل المنطقة كلها في رهان المجهول.

 
مسارات التأسيس للطائفية في المنطقة العربية


الطائفية جاءت الى المنطقة العربية، مع الغزو الامريكي للعراق في العام 2003، وبالتحديد منذ ان أنشأ الجنرال الامريكي بول بريمر حاكم العراق العسكري في حينها، مجلسا للحكم جرى توزيع المقاعد فيه على أسس طائفية وعرقية بامتياز، الأمر الذي انعكس بشكل واضح على مجمل العملية السياسية في العراق التي انبثقت من رحم الاحتلال، وأوصلت نوري المالكي ذو الخلفية الشيعية والمدعوم إيرانياً إلى رئاسة الوزراء، والذي عمل طوال ولايته على تعزيز الطائفية لصالح الشيعة على حساب السُنّة العراقيين، وما أن غادر الأمريكيون العراق حتى باتت ساحة للشحن الطائفي والاستقطاب الثنائي بين كبرى فِرق الدين الإسلامي "السنة والشيعة"، تلك كانت الوصفة الأمريكية في المنطقة العربية لتكريس أزماتها الداخلية وإغراقها في حروب ذاتية باردة تعصف بمقدراتها وتنتهي فيها آمالها وطموحاتها.

والغريب في هذا الأمر؛ أن تلك الوصفة الأمريكية لتدمير الساحة العربية عبر قناة الاحتقان الطائفي، هي نفسها الوصفة التي استخدمت في لبنان خلال القرن الماضي والتي أدخلت لبنان في أتون حرب طائفية مهلكة دامت خمسة عشر عاما، وكادت أن تُنهي وجود هذا البلد من الخارطة العربية، وفقا لخطة قامت بالتأسيس لها قوى الاستعمار في قلب الأمة العربية وعبر أوهن الأوتار لدى الشعوب؛ ألا وهو وتر النزعة الطائفية وصراعات الدين والمذهب.

وتماما هو الحال في واقعنا الحالي؛ تشهد المنطقة العربية موجة من الشحن الطائفي والمذهبي
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)