آخر الأخبار
 - في ساعة مبكّرة من يوم 20/9/2014، أعلن رئيس الحكومة التركيّة وزعيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي أحمد داوود أوغلو عن إطلاق سراح الرهائن الأتراك الـ49، الذين اختطفهم تنظيم "داعش" الإرهابي..........

السبت, 27-سبتمبر-2014 - 10:58:41
مركز الإعلام التقدمي - وكالات -
في ساعة مبكّرة من يوم 20/9/2014، أعلن رئيس الحكومة التركيّة وزعيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي أحمد داوود أوغلو عن إطلاق سراح الرهائن الأتراك الـ49، الذين اختطفهم تنظيم "داعش" الإرهابي في 12/6/2014 من القنصليّة التركيّة في الموصل (1). وليس صدفة أبداً، أن يتمّ استلام الرهائن من معبر "باب الهوى" الحدودي التركي - السوري، بالتزامن مع اشتداد هجوم إرهابيي هذا التنظيم على منطقة كوباني الكرديّة السورية (تم تعريبها الى عين العرب)، المتاخمة للحدود التركيّة، والتي يسيطر عليها مقاتلو "قوات حماية الشعب - YPG" الموالية لحزب العمال الكردستاني.

    الكثير من المصادر المحليّة وشهود العيان تشير إلى أن الحكومة والجيش التركيين، يدعمان تنظيم "داعش" على صعيد الإمداد العسكري واللوجستي، ومعالجة جرحى التنظيم في المستشفيات التركيّة. وهذا ما فسّر التقدّم المفاجئ لـ"داعش" في المناطق الكرديّة، وسيطرتها على أكثر من 200 قرية كردية تابعة لمنطقة كوباني، نتيجة كثافة النيران التي استخدمتها التنظيم. حيث تحدّث العديد من النشطاء الميدانيون عن استخدام "داعش" لأكثر من 37 دبابة و نحو 40 ناقلة جند عسكريّة بالإضافة إلى المدفعيّة الثقيلة ومدافع الهاون، إلى جانب الآلاف من المقاتلين، غالبيتهم من الأجانب!.
هذا في حين أن التنظيم عجز عن دخول تلك القرى، لما يزيد عن عام من الحصار، وقطع المياه والكهرباء عن كوباني وقراها!. والسؤال هنا: ما هي الأسباب التي تقف وراء هذا التحالف الخفي، الذي يشك فيه كثير من النشطاء الكرد والمعارضة، بين تركيا و"داعش"؟ وهل سيستمر طويلاً؟. وهل أنقرة جادّة، في إبرام تسوية سلميّة نهائيّة مع العمال الكردستاني، طبقاً لما تمّ الإعلان عنه من قبل الأتراك، وفي الوقت عينه تدفع أنقرة "داعش" بالنيابة عنها، لقتال الكردستاني على الأراضي السوريّة؟.

وماذا عن المنطقة العازلة التي عادت أنقرة لتطرحها مجدداً، بالتزامن مع إعلان الحرب على "داعش"، وتشكيل تحالف دولي بهذا الخصوص؟. في حين أن تركيا فشلت في إقناع أمريكا والغرب، بتشكيل هذه المنطقة، على الحدود التركية - السوريّة، داخل الأراضي السوريّة، قبل سنتين، بحجّة منع تسلل مقاتلي الكردستاني إلى الأراضي التركيّة، ووضع اللاجئين السوريين ومقاتلي المعارضة ضمن هذه المنطقة العازلة، التي ستكون تحت إشراف وإدارة أنقرة؟!.

 
داعش وتركيا

تنفي السلطات التركيّة، بشكل قاطع، أيّة علاقة لها مع التنظيمين الإرهابيين "داعش" و"جبهة النصرة"، وتشير إلى أنها مستهدفة من قبل الإرهاب، وأنها عانت منه، وتحاربه، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني، بقيادة عبد الله أوجلان. لكن، الكثير من التقارير والمصادر الإعلاميّة التركيّة منها والعالميّة، تشير إلى علاقة وثيقة بين تنظيم "داعش" والاستخبارات التركيّة، سواء عبر الاستضافة والتدريب والتسليح والمعالجة ضمن المستشفيات التركيّة، وفتح المطارات والحدود لعبور المقاتلين الاجانب الى سورية.

     أشار الكاتب التركي رأفت بالي في مقال له، نشرته صحيفة "آيدنليك" التركيّة يوم 19/7/2014، إلى كل ما سلف ذكره، مضيفاً، نقلاً عن مصادر إيرانيّة؛ أن زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي، كان يقيم في تركيا سنة 2008، بشكل رسمي، على انه صحافي. وأن رجل أعمال إسلامي تركي، مقرّب من أردوغان، تبرّع للبغدادي بمبلغ 150 ألف دولار، في حينه (2).
وطبقاً لذلك، فأن علاقة تركيا بالبغدادي- حسب هذا التحليل- طويلة وحميمة، تمتدّ لنحو 6 سنوات، حتّى قبل ولادة تنظيم "داعش". وكانت مواقع التواصل الاجتماعي، تناقلت قبل فترة، تسجيلات فيديو عن معسكرات للتدريب المعنوي العقائدي تابعة لداعش، ضمن الأراضي التركيّة، تحرّض على الهجرة والجهاد(3).

وذكرت قناة "سي ان ان تورك" يوم 13/6/2014، أن البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، سزكين تانرك أوغلو طالب وزير الخارجيّة التركي السابق، ورئيس الوزراء الحالي داوود أوغلو، بالكشف عن مصير أربع ضباط استخبارات تركيّة، أسرهم الجيش العراقي، كانوا يشرفون على تدريب مقاتلي "داعش" في منطقة الفلوجة العراقيّة. إلى جانب طرح تانرك أوغلو 9 أسئلة على داوود أوغلو أمام البرلمان التركي، تتمحور كلها حول علاقة حكومة حزب العدالة والتنمية مع تنظيم "داعش"، والاستفسار عن حقيقة وجود ضباط وضباط صف، عاملين ومتقاعدين، أتراك ضمن هذا التنظيم الإرهابي (4).

 
لعبة مصالح

تحدثت الصحافة العالميّة ووكالات الأنباء، عن تورّط السلطات التركيّة في دعم تنظيم "داعش" وتقديم التسهيلات لعبور المقاتلين، عبر أراضيها. حيث نشرت مجلة "ديرشبيغل" يوم 13/6/2014 تقريراً عن ذلك (5).

بينما كشفت صحيفة "نيوريوك تايمز" في 13/9/2014 عن فشل إدارة أوباما في إقناع السلطات التركيّة بخصوص تجفيف منابع تمويل "داعش" عبر الحيلولة دون بيع النفط الداعشي في الأسواق التركيّة. وذكرت الصحيفة، نقلاً عن مصادر رسمية من داخل الإدارة الأميركيّة: "إن تركيا تعتبر الآن أكبر عائق أمام أمريكا في حربها لتجفيف الموارد المالية لتنظيم داعش" والتي قدّرتها بملايين الدولارات. وأضافت: "انه ربما يكون بعض المسؤولين في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، مستفيدين من بيع شحنات النفط تلك". وقالت: إن "خيار توجيه الضربات الجوية للشاحنات التي تنقل النفط الداعشي إلى تركيا ما زال قائماً"(6). من جانبها، صحيفة "واشنطن بوست"، كانت نشرت تقريراً جاء فيه أن احد قيادات "داعش" وجّه الشكر إلى الحكومة التركيّة على مساعدتها التنظيم، في مراحل نشأته الأولى.

 
الحرب على داعش


وتدرك إدارة أوباما أهميّة انخراط تركيا في التحالف الدولي ضدّ "داعش"، لذا تمت دعوتها لحضور مؤتمر جدّة لمكافحة الإرهاب، المنعقد يوم 11/9/2014. لكنها لم توقّع على الوثيقة الصادرة عن المؤتمر، رغم تأييد "الأزهر" لتوصياتها!. وفي تصريح لقناة "العربيّة" ذكر وزير الخارجيّة الأمريكي جون كيري أنه تلقّى ضمانات تركيّة أمريكيّة لمحاربة "داعش" (7). ولكن المعطيات على الأرض، أقلّه الآن، تقول عكس ذلك تماماً!. وكان كيري قد زار تركيا يوم 12/9/2014، والتقى الرئيس التركي أردوغان، ولم يخرج بنتيجة واضحة يخصّ سبب عدم مشاركة تركيا في التحالف الدولي ضد "داعش" (8). في حين ألمحت مصادر مختلفة أن تركيا ستدعم هذا التحالف من خلف الكواليس، خشية إثارة العناصر التركيّة المتطرّفة، وخلايا "القاعدة"، "داعش" و"النصرة" المنتشرة في عموم تركيا، إلى جانب إلى القواعد الشعبيّة لحزب العدالة والتنمية أيضاً. وإن صحّ هذا الرأي، فهذا يعني أن تركيا أصبت بؤرة لاستقطاب الإرهابيين والمتطرّفين الإسلاميين من أصقاع العالم، وأن هذه الخلايا النائمة - النشطة، صارت مرهوبة الجانب من قبل السلطات التركيّة!.

ويرى مراقبون أن مسألة اختطاف "داعش" البعثة الدبلوماسية التركيّة في الموصل، كانت مجرّد "فبركة" تركيّة - داعشيّة، بغية التقليل من الضغوطات على تركيا وإزالة الشبهات التي تحوم حول تورّطها في دعم "داعش" وإظهار أنها مستهدفة من قبل هذا التنظيم الإرهابي. وأن أنقرة لا يمكنها المشاركة في أي عمل عسكري ضدّ "داعش" نتيجة وجود الرهائن الـ49 الأتراك لديها.
وذكرت مصادر أخرى أن "داعش" وافقت على أطلاق سراح الرهائن الاتراك، منذ شهر، لكن أنقرة كانت ترفض ذلك، لسببين:

الأول: انشغال أردوغان بانتخابات رئاسة الجمهوريّة وترتيب أوضاع الحزب الداخليّة ورئاسة الحكومة. وأن أنقرة كانت ترغب في تقديم الإفراج عن الرهائن كإنجاز للحكومة الجديدة.

الثاني: كي تتنصل أنقرة من الانخراط في أي التحالف الدولي ضدّ "داعش" وعدم التوقيع على وثيقة جدّة، بحجة وجود رهائن أتراك لدى "داعش". وأنه تمّ الإسراع في إطلاق سراحهم، خشية استهدافهم، عن طريق الخطأ، في إحدى الغارات الجويّة على مقار أو معسكرات "داعش" داخل العراق أو سورية.

وما زاد من الشكوك أكثر حول اختطاف الرهائن، أن "داعش" لم تتصرّف مع "الرهائن" الأتراك بنفس الطريقة التي تصرّفت فيه مع الرهائن الغربيين أو حتّى العرب السوريين والعراقيين لديها، حيث كانت تذبحهم، دون تردد!.

المنطقة العازلة

في غضون ذلك، يرى محللون، أن إطلاق سراح الرهائن، كانت صفقة بين الحكومة التركيّة وداعش، بموجبها تقدّم أنقرة الدعم العسكري واللوجستي لـ"داعش" في هجومه على منطقة كوباني الكرديّة السوريّة، تمهيداً لطرح مشروع تشكيل منطقة أمنيّة عازلة، داخل الأراضي السوريّة بعمق 10 الى 15 كيلو متر، على طول الحدود المشتركة بين البلدين (800 كيلو متر)، بحجة حماية الحدود التركيّة من إرهاب "داعش" التي ستسيطر على كامل الشريط الحدودي، في حال نجاحها في السيطرة على كوباني. وأن أنقرة ستحاول إقناع الغرب والناتو وأمريكا بضرورة أقامة هذه المنطقة العازلة، بحجّة حماية أمنها، والحؤول دون تدفق اللاجئين على أراضيها. بخاصّة أن الأجواء والمناخات الدوليّة الآن مواتية لذلك. بينما فشلت تركيا، قبل نحو عامين ونصف في إقناع الغرب والناتو بضرورة تشكل منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، بحجّة حماية حدودها من تواجد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في المناطق الكرديّة السوريّة على طول الشريط الحدودي المشترك بين البلدين!.

وفي السياق، ذكرت "رويترز"، يوم 15/9/2014، نقلاً عن وسائل إعلام تركيّة أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قال للصحافيين على متن طائرته عائداً من قطر: "إن الجيش التركي يعكف على إعداد خطط لمنطقة عازلة محتملة على الحدود الجنوبية للبلاد". وأشارت رويترز أن مسؤولاً في الرئاسة التركيّة أكد أن اردوغان أدلى بمثل هذه التصريحات، دون الكشف عن التفاصيل(9). واللافت أنه بعد عودة أردوغان من قطر بيوم، بدأ هجوم "داعش" على منطقة كوباني الكرديّة، ومن ثم تمّ إطلاق سراح "الرهائن" الأتراك. ما يشير إلى تنسيق تركي - قطري، ليس فقط على مستوى استضافة جماعة الأخوان المسلمين المصرية التي أجبرت قطر على "ترحيلها" بعد ضغوط مصريّة - خليجيّة، بل على مستويات أخرى، تتعلق بدعم الجماعات التكفيريّة الجهاديّة.

التسوية مع الكردستاني

وفقاً لما تناقلته وسائل الإعلاميّة الكرديّة والتركيّة عن اقتراب الصراع - التركي من نهايته بنتيجة المفاوضات الجارية بين زعيم الكردستاني، عبدالله اوجلان والحكومة التركيّة، عبر المدير العام للمخابرات هاكان فيدان، وأن الطرفين على شك إبرام خارطة طريق للحلّ السلمي وصولاً لنزع سلاح الكردستاني الذي يخوض كفاحاً مسلّحاً ضدّ تركيا منذ 1984. لكن التقارير التي تتحدّث عن دعم تركي واضح لـ"داعش" في هجومها على كوباني وعلى مقاتلي الكردستاني، وحديث الأتراك عن احتمال إقامة منطقة عازلة على الحدود، تشمل المناطق الكرديّة في سورية، كل ذلك، أدخل مشروع التسوية السلميّة الأكراد والأتراك في مرحلة حرجة. حيث أصدر حزب العمال الكردستاني يوم 18/9/2014 بياناً دعا فيه أنصاره إلى الالتحاق بالمقاتلين الكرد في منطقة كوباني، والقتال ضد تنظيم "داعش" متهماً تركيا بدعم التنظيم عسكريّاً ولوجستيّاً (10). كما رفض المسؤول الأول في الكردستاني، جميل بايك، دعوة تركيا إلى إقامة منطقة عازلة، معتبراً ذلك احتلالاً للمناطق الكرديّة السوريّة، وأن سيدفع الحزب إلى حمل السلاح مجدداً ضد تركيا، ضمن الأراضي التركيّة وخارجها.

من جانب آخر، انكشاف الدعم التركي لـ"داعش" في العراق وسورية، أثّر بشكل سلبي على العلاقة المتنامية بين أربيل وأنقرة. بحيث أبدت القيادة الكرديّة العراقية امتعاضها واستياءها من الدعم التركي لـ"داعش".

ويخشى مراقبون سياسيون أكراد من خطورة أن يكون الكرد في مواجهة "خديعة كبرى" قام بها حزب العدالة والتنمية وزعيميه أردوغان - داوود اوغلو، بخصوص التسوية السلميّة مع أكراد تركيا، والشروع بالتفاوض مع اوجلان والكردستاني، وتقديم الدعم لتنظيم "داعش" بغية مهاجمة كردستان العراق من الجنوب (الموصل)، وكردستان سورية من الغرب (كوباني). ما ينذر باحتمال اشتعال دورة العنف بين الأكراد والأتراك مجدداً.

بينما يرى آخرون أن تركيا تريد التخلّص من الكردستاني و"داعش" على حد سواء، وذلك عبر تأجيج حرب استنزاف بين الطرفين، وصولاً لفرض شروط مهينة على الكردستاني وأوجلان، وترك "داعش" للضربات الجويّة الأمريكيّة، بعد انتهاء وظيفتها، وإلحاق المناطق الكرديّة السوريّة الآمنة والمستقرّة نسبيّاً خلال السنوات الثلاث الماضية، بالحالة التدميريّة التي أحدثها نظام الأسد في المدن السورية. وبالتالي، لا يكون لكرد سورية أي دور وزان وحيوي في تحديد مصير بلدهم.

 ويبدو أن "القوة الناعمة" التي اشتهرت بها تركيا مؤخّراً، ثبت بطلانها، وأن النظام التركي، يتجه لممارسة نفس لعبة نظام بشار الأسد في دعم التنظيمات الإرهابيّة المتطرّفة ضدّ الأمريكيين في سنوات 2003 - 2010. وذلك كي تحقق أنقرة مكاسب سياسيّة داخليّة وإقليميّة ودوليّة أيضاً. فهل ستنجح تركيا في تحقيق ما فشل نظام الأسد في تحقيقه؟.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)