آخر الأخبار
 - ربما كان الدافع وراء الحرب المشتعلة الآن في غزة وفي إسرائيل، كحلقة في مسلسل الصراع المستمر والمقدس بين الطرفين، هو الحصول على مكاسب الصراع لا الصراع نفسه،  .....

الثلاثاء, 22-يوليو-2014 - 13:44:26
مركز الإعلام التقدمي - وكالات -

ربما كان الدافع وراء الحرب المشتعلة الآن في غزة وفي إسرائيل، كحلقة في مسلسل الصراع المستمر والمقدس بين الطرفين، هو الحصول على مكاسب الصراع لا الصراع نفسه،  ومن هنا  حرص أطراف الحرب المشتعلة الآن، على أن تكون محدودة وغير شاملة، وخلت الأهداف المعلنة من شعارات وسجالات الصراع الكبرى...! ففي كلمة اسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صباح يوم 15 يوليو أكد " ان المشكلة لا تكمن في التوصل الى وقف اطلاق النار او اعادة العمل باتفاقية 2012 الموقعة في القاهرة لوقف اطلاق النار بل المشكلة في الاوضاع التي يعيشها قطاع غزة من اغلاق للمعابر وعدم تقاضي موظفي حركة حماس رواتبهم منذ ثلاثة اشهر بالاضافة الى اعتقال النواب في القدس وتنكر الاسرائيليين للاتفاقيات الموقعة سابقا معهم ومنها اتفاقية تبادل الاسرى واتفاقية 2012 للتهدئة" هذا بينما كانت حصيلة العدوان في نفس التاريخ حسب وزارة الصحة الفلسطينية 187 شهيد( بينهم 38 طفلا و24 سيدة و11 مسنا) و1390 جريح( بينهم393 طفلا و252 سيدة و49 مسنا)، فأهداف حماس تتنوع بين معالجة الوضع المأزوم في غزة، وتوسيع تمددها في الضفة الغربية الساحة التقليدية لحركة فتح، والضغط من أجل فتح المعابر ورفع الحصار، أما الأهداف الإسرائيلية فتتحدد في محاولة استنزاف قدرات حماس الصاروخية، وتخريب اتفاق المصالحة بينها وبين فتح، والتأثير على مسار المفاوضات..

ولكن يبدو أن أيا من الطرفين لم ولن يحقق نتائجه بشك كامل، في ظل ضراوته والخسائر المتبادلة فيه، فبينما تبدو الخسائر الفلسطينية كبيرة نتيجة التصعيد الإسرائيلي( عملية الجرف الصامد الإسرائيلي)، ولكن تبدو الضربات الفلسطينية موجعة لإسرائيل كذلك فقد نجحت الصواريخ الفلسطينية، التي تطلقها كتائب القسام وسرايا القدس، وبعضها محلي الصنع، في اختراق القبة الحديدية والحدود الإسرائيلية، وأجبرت سكان تل أبيب وغيرها من المدن الإسرائيلية على اللجوء للمخابئ، وأجبرت الحكومة الإسرائيلية على إبداء استعداد مبكر للمصالحة بعد طرح المبادرة المصرية مساء يوم الاثنين 14 يوليو، والتي نصت في مبدئها الأول على وقف إسرائيل جميع عملياتها ضد قطاع غزة برا وبحرا وجوا، وكذلك وقف الرد من الجانب الآخر بشكل كامل، كما تضمنت فتح المعابر مع استقرار الوضع الأمني وترتيب الأوضاع المتعلقة بمسألة الأمن،  كما أن الفصائل الفلسطينية التي أثبتت تطور أسلحتها ونوعيتها، تتسع شعبيا من غزة لتش الضفة الغربية أيضا وللكثيرين من عرب إسرائيل أيضا، وهو ما يفسر هذا الاستعداد المبكر الذي أبدته إسرائيل للقبول بالمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار.

تأتي الحرب على غزة بعد شهور قليلة من توقيع اتفاق المصالحة بين السلطة الفلسطينية في رام الله وبين حركة حماس في 23 أبريل الماضي، والمعروف باتفاق الشاطئ، والذي لم يغير الكثير  في الواقع، نظرا للخلافات التي تجددت بين حماس وبين الحكومة الانتقالية حيث رفضت الأخيرة- مع أزمتها- دفع رواتب 15 ألف موظف يتبعون للحكومة المقالة، وهو ما يجعل البعض يرى أن اتفاق المصالحة ولد ميتا،

أسباب الحرب قديمة:

ربما تعود إرهاصات هذه الحرب لشهور قبلها، وليس فقط عند حادث اختطاف المستوطنين الثلاث في 12 يونيو الماضي، والذي يظن قيام هواة فلسطيينيين به، وليسوا منتمين لتنظيمات فلسيطينية، فقد سبق أن تجدد الصراع والقصف بين اسرائيل والفصائل في 12 مارس سنة 2014 حين أطلقت سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الفلسطيني صواريخ باتجاه الجانب الإسرائيلي، وأكد حينها الناطق باسم سرايا القدس(الذراع المسلح لحركة الجهاد الاسلامي ) أن عملية كسر الصمت  تأتي في سياق الرد على العدوان الاسرائيلي المتواصل في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن الهجمات التي شنتها سرايا القدس في هذا التاريخ جاءت بعد سلسلة طويلة من الخروقات الاسرائيلية للتهدئة التي أبرمت في نوفمبر عام 2012 مشددا على التزام سرايا القدس بالتهدئة بمقدار التزام الجانب الاسرائيلي بها، وظل الأمر محتقنا رغم هذه التهدئة خاصة مع عدم تحقق تخفيف الحصار على غزة، مع التغيرات التي حدثت في مصر بعد إسقاط حكم الإخوان، ورفضت إسرائيل توسيع منطقة الصيد في البحر المتوسط إلى أكثر من ثلاثة أميال، كما رفضت أيضًا تسهيل دخول البضائع التجارية إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم.
 وهو ما تجدد مع خطف المستوطنين ثم مع القتل البشع للطفل محمد أبو خضير،  والإجراءات العنيفة التي اتخذتها إسرائيل ضد الفصائل الفلسطينية، رغم عدم تبني أي تنظيم فلسطيني لهذه العملية، اتهمت إسرائيل حماس بالمسئولية عنها، بعد وحدثت اعتقالات لأكثر من 700 عنصرٍ وكادر وقياديٍّ في حماس وغيرها.
لذا كانت شرارة هذه الحرب التي انطلقت الأربعاء 9 يوليو ومشهدها المتمثل بإطلاق الصواريخ وصفارات الإنذار وعمليات القصف الجوي، ويستخدم أطرافه بشكل واضح مبدأ "العين بالعين" مع ميل واضح لعدم تصعيده لرتبة الحرب الشاملة، ويبدو اختصاره في تصويره كنزاع بين إسرائيل وقطاع غزة، أو حماس تحديدا رغم الجهد الكبير والواضح لحركة الجهاد الإسلامي أيضا.

احتوت عملية خطف المستوطنين الثلاث على تفاصيل غريبة، فرغم محاولات حماس منذ مدة طويلة تعزيز حضورها في الضفة الغربية، إلا أن منفذي عملية الإختطاف بدوا من الهواة. فقد أخطأوا في إحصاء عدد الرهائن على ما يبدو ولم يجرّدوا الرهائن من هواتفهم ثمّ توتروا عندما اتصل أحد الرهائن بالشرطة. بعد ذلك، ثم سارع المختطفون إلى قتل ودفن الرهائن في حقل قريب من مستوطنة محاطة بإجراءات أمنية مشدّدة، واللافت، هنا، حقيقة أن حماس نأت بنفسها عن عملية الإختطاف، بينما أعلنت تنظيمات سلفية عدّة مسؤوليتها عن هذه العملية.

انتقام إسرائيلي ومفاجأت فلسطينية:

عندما بدأت إسرائيل بالرد الإنتقامي ضدّ مواقع حماس في غزة، لم تقف حماس مكتوفة الأيدي. وحتى اللحظة، شهدنا على الأقل إطلاق تسعة أنواع من الصواريخ التي يتجاوز مداها مدى صواريخ فجر- 5. وأحد هذه الأنواع هو من طراز خيبر- 1 السوري الصنع والذي أعادت حماس تسميته إلى آر- 160 R-160، ويبلغ مداه 110 كيلومترات. وهددت حركتا حماس والجهاد الإسلامي بتوسيع نطاق الهجمات الصاروخية إن صعّدت إسرائيل قصفها الجوي لغزة، وهو ما نفذته فعليا، واعترفت به إسرائيل، وكلما ازداد مدى الصواريخ، كلما كان التأثير النفسي أعمق في إسرائيل، وكلما كان الردّ الإسرائيلي أكثر حدّة، وتدرك الفصائل الفلسطينيّة هذه الدينامية جيداً.

المواقف الإقليمية بين الإنقاذ والإيقاد

الموقف السعودي والإماراتي:

رغم تراجع وتشوه العلاقات بين الحكومة المصرية وحماس على خلفية سقوط جماعة الإخوان في مصر، التي تعد حماس أحد فروعها، إلا أن الحكومة المصرية سعت منذ بداية الأزمة للقيام بدور مسئول رغم إنكار الآلة الأيدولوجية العربية له بدءا من المساعدات وفتح مضبوط ومقنن للمعابر ثم طرح مبادرة لوقف إطلاق النار قوية البنود وملزمة للأطراف في 14 يوليو، أبدى الجانب الإسرائيلي استعداده لها ومناقشتها صبيحة اليوم الثلاثاء..
من جانب آخر وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وجه خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بتقديم 200 مليون ريال للهلال الأحمر الفلسطيني في غزة.

وأوضح وزير المالية السعودي إبراهيم العساف، أن "التوجيه تضمن تخصيص هذا المبلغ لتأمين الاحتياجات العاجلة من الأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاج ضحايا الاعتداءات والقصف الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، والتي ذهب ضحيتها آلاف من الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، ولم يسلم منها حتى ذوو الاحتياجات الخاصة".
كذلك استنكر وأدان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز في اجتماعه الأسبوعي يوم الاثنين 14 يوليو  التصعيد الإسرائيلي العسكري وسلسلة الغارات الوحشية على قطاع غزة التي أسفرت عن سقوط المئات من الشهداء والجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني ، مجدداً دعوة المملكة مجلس الأمن في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان في جنيف للقيام بواجبهما وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة بحق إسرائيل وسرعة التحرك لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وكل الجرائم والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.

بدا الموقف المصري والسعودي إنقاذا مسئولا للإنسان الفلسطيني وأمنه بمواجهة التصعيد الوحشي للعدوان الإسرائيلي، سياسيا وتحركا دوليا وإقليميا وكذلك أغاثيا إنسانيا.
بينما أتى الموقف  الأردوغاني التركي متأخرا ومحدودا عند الإدانة والوصف بالإرهاب لما تمارسه إسرائيل في غزة، بعد حمأة الغضب الكلامي المسبوقة التي اعتادها العرب والمسلمون منه في المرات السابقة.

إيران..إيقاد دون إنقاذ

تبدو إيران حاضرة في باطن المشهد الغزاوي عسكريا، ويرى العديد من المراقبين أن إيران هي القاسم المشترك بين الصواريخ البعيدة المدى التي تمتلكها الفصائل الفلسطينية في غزة، ومع أنه من الممكن تجميع الصواريخ في غزة، إلا أن محركات الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب والمكوّنات المهمة الأخرى، مثل نفاثات الغاز العادم، يرجح أنها في الأغلب وصلت إلى غزة قادمة من إيران عبر الموانئ السودانية الواقعة على البحر الأحمر، ثمّ براً عبر صحراء سيناء في  إلى شبكة أنفاق غزة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي.
ويشير أصحاب هذا الرأي أنه أثناء عملية عمود السحاب 2012 وقبل إطلاقها، اكتشفت إسرائيل وإستهدفت قوافل كانت تنقل صواريخ إلى غزة قادمة من السودان، كما أن ظهور الطائرات بدون طيار، التي يرجح أنها إيرانية الصنع كذلك، يكشف حجم العلاقة بين إيران وعدد من الفصائل الفلسطينية، ك حركة الجهاد وحماس، رغم الخلاف المعلن في الموقف من الأزمة السورية، وهو موقف يقسم المشهد العسكري في غزة أكثر مما يوحده أو يضبطه كذلك..

فشلت إسرائيل في وقف إمدادات الصواريخ البعيدة المدى للفلسطينيين؛ وتشير تصرفات حماس منذ بداية النزاع الحالي إلى أن قيادتها العليا، خصوصاً رئيس مكتبها السياسي، خالد مشعل، ونائبه إسماعيل هنية، لا تريد مجابهة عسكرية مع إسرائيل في الوقت الراهن، لأن أحد أهداف العملية الإسرائيلية الأخيرة هو تخريب المصالحة بين حماس ومنافستها الرئيسية، حركة فتح.
كذلك تبدو حركة الجهاد الإسلامي المقربة من إيران، والتي تم إقصاؤها عن حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية مؤهلة بعد المشهد الحالي، لتحقيق مكاسب من خلال تخريب المصالحة الفلسطينية، خصوصاً بعدما عززت دعمها الجماهيري على حساب حركة حماس. كما أن إيران ركّزت على تزويد حركة الجهاد الإسلامي، والأقوى علاقة ب إيران، بأسلحة نوعية لكي تعزز مكانتها لدى الشعب الفلسطيني.

لقد إستفادت إيران كثيرا من سنوات عزلة حماس بعدما قطعت علاقاتها مع النظام السوري وإصطفّت مع الإخوان المسلمون المصريين في 2012. وطالما تكرّر النزاع بصورة منتظمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن إيران تستطيع الحفاظ على نفوذها في الساحة الفلسطينية من خلال علاقاتها العسكرية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل ستستطيع حماس ضبط الأنشطة العسكرية في غزة والضفة الغربية في ظل التدخل المتزايد لأطراف خارجية مثل إيران، في الشؤون الداخلية الفلسطينية؟ أم أنه ثبت أن هذا أمر صعب بشكل كبير طوال السنوات الماضية؟ ولكن بعد مغامرات وحروب تموز  يثبت أن إيران، توقد الحروب ولكن لا تنقذ الوضع أو الضحايا..
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)