آخر الأخبار
 - تطرح مشاركة حزب الله في الحرب المستعرة في سوريا أكثر من سؤال عن مدى نجاحه وخسائره والتحديات والتداعيات الناجمة عن هذا التدخل، فضلاً عن دوره في تدعيم نظام الرئيس بشار الأسد.

السبت, 25-يناير-2014 - 10:27:04
مركزالاعلام التقدمي- وكالات -
تطرح مشاركة حزب الله في الحرب المستعرة في سوريا أكثر من سؤال عن مدى نجاحه وخسائره والتحديات والتداعيات الناجمة عن هذا التدخل، فضلاً عن دوره في تدعيم نظام الرئيس بشار الأسد.

وفي دراسة للضابط السابق الخبير في شؤون الاستخبارات الأميركية الدفاعية جيفري وايت نشرها معهد واشنطن.

يفحص الكاتب بدقة أنشطة الحزب في سوريا، مبيّناً الدور الرئيسي الذي لعبته قواته في تحقيق الاستقرار لنظام الأسد بوصفها «أفضل قوة حالياً على الأرض».

ويقدر عدد قواته في سوريا بنحو 4 آلاف من قوات النخبة والقوات الخاصة، أصبحت كـ«فرقة المطافئ» بالنسبة للنظام تقاتل في الأماكن الحساسة، وساعدت على استعادة قوات الأسد لقدراتها الهجومية.

ولعب الحزب دوراً أساسياً في تدريب نحو 50 ألفاً من القوات السورية غير النظامية، وجعلها حاسمة لبقاء النظام. بينما يحقق هو خسائر على غير صعيد.

ولكن تدخل الحزب أبرز تحديات عدة له، لا سيما بالنسبة إلى الخسائر الباهظة التي مني بها، إذ يقدر عدد القتلى ببضع مئات، بينهم قياديون، وجرح نحو ألف، فضلاً عن نكسات تكتيكية تظهر أن الحزب يقاتل في بيئة معادية، وبأساليب لم يعتد عليها.

كما أن الحزب فوجئ بمقاومة شرسة من قبل أعداء لم يسع إليهم ولم يكن مستعداً لقتالهم، لا سيما في القصير وضواحي دمشق، وبات ينظر إلى الحزب في المناطق السنّية على أنه محتل يواجه بمقاومة مسلحة، حتى أن المتطرفين بدأوا بالانتقام من خلال التفجيرات التي تضرب حاضنته الشعبية في لبنان.

واستمرار الحرب وتدخل الحزب أكثر في العمق السوري حيث يجهل التضاريس، يضعانه أمام تحديات أكبر، ويفقدانه الكثير من قوته في مواجهة إسرائيل.

بينما تستعر الحرب في سوريا، أبرز الصراع في البلاد تحدياً كبيراً لــ «حزب الله» («الحزب») وقيادته وقواته المقاتلة. وشرع «الحزب» في شن حملات حربية مستمرة للمرة الأولى في تاريخه ووجد نفسه يواجه أعداءً لم يسع إليهم ولم يكن مستعدّاً لقتالهم، وفي مناطق غير مألوفة له ولأسباب مختلفة عن سبب وجوده وهو «المقاومة».

ولم تكن الحرب في سوريا عمليةً سهلة للحزب، غير أن الصراع ألقى الضوء على أداء «حزب الله» وقدراته القتالية.

تعهد «حزب الله» بتخصيص قواتٍ كبيرة في سوريا، لكن تحديد العدد الفعلي لتلك القوات المشتركة في الصراع يُعدّ أمراً في غاية الصعوبة. وقد ورد في الأنباء أن أعلى عدد تقديري لقواته التي تُعُهِّد بها للقتال في سوريا قد بلغ نحو 10000 مقاتل، لكن من المرجح أن هذا الرقم يعكس العدد الإجمالي الذي تناوب على الذهاب إلى سوريا، وليس العدد الموجود في وقت واحد.

وفي أوج معركة القصير في مايو 2013، قدم وزير الخارجية الفرنسي تقديراً أكثر معقولية تراوح بين 3000 و4000 مقاتل. وفي سبتمبر 2013، نقلت وكالة رويترز عن «مسؤولي الأمن الإقليمي» أنهم أعطوا تقديراً يتراوح بين 2000 و4000 مقاتل. وتشمل أنواع القوات التي أرسلت إلى سوريا «قوات النخبة والقوات الخاصة» و«القوات الاحتياطية».

ووفقاً لمقاطع الفيديو التي أظهرت مقاتلي الحزب فإنهم يشبهون الجنود النظاميين، حيث يرتدون زياً موحّداً ولديهم أدوات لحمل المعدات ويرتدون أحياناً سترات واقية. وشُوهدت أسلحة ومعدات - أيضاً - مع قوات الحزب، من بينها أسلحة مشاة خفيفة نموذجية (بنادق هجومية ورشاشات للأغراض العامة) وصواريخ مضادة للدبابات وقذائف صاروخية ومدافع رشاشة ثقيلة محمولة على شاحنة («دوشكا») وقذائف هاون خفيفة وبنادق عديمة الارتداد.

تنظيم القوات

إن تنظيم قوات «حزب الله» في سوريا غير واضح المعالم. فقد ورد في أحد التقارير نقلاً عن «مصدر أمني إقليمي» أن الحزب يعمل بهيكل قيادي يتضمن قوات من فيلق «الحرس الثوري الإسلامي» وأفراد «الجيش السوري» وأسندت إليه مسؤولية مناطق جغرافية محددة. واستناداً إلى الجبهات الجغرافية المختلفة التي تقاتل فيها، فربما تكون قواته منظمة على أساس إقليمي بقيادات مستقلة للقوات في دمشق وضواحيها ومدينة حلب ومحافظة حلب ومحافظة حمص.

وقد تولى «حزب الله» أربعة أنواع من المهام العسكرية:

ــــ مهمة تدريبية لقوات النظام النظامية وغير النظامية في المناطق الحضرية وعمليات مكافحة التمرد.

ــــ الدور الاستشاري في القتال مع قوات النظام النظامية وغير النظامية.

ــــ عمليات «توفير الدروع»، بإمداد مكونات تعزيز رئيسية من قوات التحالف العراقية/الشيعية، كما في ضواحي دمشق.

ــــ عمليات قتالية مباشرة في ساحات المعارك الرئيسية، كما شُوهد في القصير.

وكانت جميع هذه الأدوار مهمة لنجاح النظام منذ يونيو 2013 على الأقل. وقد شارك «حزب الله» في عمليات مشتركة وموحدة سواء كانت هجومية أو دفاعية. كما يشارك في عمليات مشتركة مع قوات النظام ذات الأسلحة الثقيلة (المدرعات والمدفعية) ووحدات القوات الجوية ووحدات صواريخ أرض أرض.

وبناءً على تقارير قوات المعارضة، شارك الحزب في القتال المباشر وعمليات توفير الدروع في ثماني مناطق داخل سوريا، وفي عمليات توفير الدروع وتقديم المشورة في ثلاث مناطق إضافية. وتكشف تقارير نشرتها عناصر المعارضة أكثر من 80 موقعاً محدداً يُقال إن «حزب الله» كان قد شارك فيها في عمليات عسكرية.

تقييم النجاح

كان أداء «حزب الله» القتالي في سوريا متوسطاً على أقل تقدير. وتحظى قواته بالتدريب والخبرة لشن هجمات والقيام بعمليات دفاعية بمهارة، كما أنها أظهرت استعدادها لقبول الخسائر اللازمة لتحقيق أهدافها. ومع ذلك، فلم تثبت قواته دوماً نجاحها في العمليات الهجومية، حيث عانت من بعض الانتكاسات التكتيكية في القتال في معركة القصير، وربما تكون قد فشلت في بعض العمليات الدفاعية في الضواحي الشرقية لدمشق خلال القتال العنيف الذي دار هناك في أواخر نوفمبر 2013.

وحملة القصير في 2013 خير مثالٍ على ذلك؛ فقد بدأت عمليات النظام والحزب في استعادة السيطرة على القصير في أبريل 2013، واستمر الهجوم على المدينة، نحو 17 يوماً، على الرغم مما تمتع به النظام وقوات الحزب من مزايا القوة العسكرية والقدرة على عزل المدينة. ولكن «حزب الله» فوجئ على ما يبدو بمستوى المقاومة من قبل الثوار، واستخدام الثوار الكثيف للألغام والعبوات الناسفة، ومعرفة الحزب القليلة بمنطقة العمليات.

وقد تعكس الطبيعة الممتدة للعمليات الهجومية لـ «حزب الله»، ليس فقط في القصير ولكن أيضاً في دمشق ومناطق حلب، المخاوف حول الخسائر البشرية بالإضافة إلى مشاكل التبادل البيني للمعلومات الداخلة في التعاون بين قوات النظام النظامية وغير النظامية والقوات المتحالفة.

وقد تكبد الحزب خسائر كبيرة في حملة القصير، وبدا أنه يعاني من ارتفاع في الخسائر البشرية في القتال في منطقة دمشق (جنوب وشرق دمشق، والقلمون) في نوفمبر. كما أنه يفقد أيضاً القادة في القتال كما هو متوقع في المعارك في المناطق القريبة والحضرية. وبشكلٍ عام، ربما تكبد بعض المئات من القتلى، وفي تقدير تقريبي، ربما جُرح 1000 مقاتل من الحزب في المعارك المختلفة، لكن قد تكون الخسائر أكبر من ذلك. ومع هذا، يبدو أنه بإمكان «حزب الله» تحمل هذه الأعداد من المنظور العسكري.

التدريب الحاسم

 

والأمر الذي لا ينبغي تجاهله هو مهمة التدريب والمساعدة التي قدّمها الحزب والتي بدأت في 2012. ففي دور التدريب، ركّز على الوحدات الصغيرة وتكتيكات مكافحة التمرد للجيش النظامي السوري. ووفقاً لإحدى التقديرات الإسرائيلية، ساعد «حزب الله»، بحلول ربيع 2013، في تدريب 50000 فرد من قوات النظام غير النظامية، وقد جعل قوات النظام النظامية أكثر فاعلية، وجعل القوات غير النظامية مفيدة، بل وحاسمة، لبقاء النظام من خلال المساعدة في تعويض الاستنزاف في القوات النظامية.

ويُحدث «حزب الله» فرقاً في سوريا، ولكن ليس في كل مكان وليس بشكل حاسم حتى الآن. فقد أصبحت قواته كـ«فرقة المطافئ» بالنسبة للنظام، ويتم توجيهها إلى المناطق والعمليات الحساسة. وقد ساعدت الجماعة في الحفاظ على استمرار النظام في الحرب، ويمكن القول إنها ساعدت في عكس مسار الصراع. فقد استعاد «الحزب» قدرة النظام على القيام بعمليات هجومية كبيرة، وكان له دور أساسي في نجاح النظام في محافظة حمص وريف حلب ودمشق وضواحيها.

التحديات

تُبرز البيئة العسكرية في سوريا تحديات خطيرة أمام «حزب الله»، فإحدى نقاط قوته في جنوب لبنان كانت دائماً وعيه التام بتضاريس المنطقة، وربما كان لدى أفراد «الحزب» بعض الإلمام بالتضاريس على الجانب السوري من الحدود، ولكن بعيداً عن أميال عدة، فإن معرفتهم قليلة للغاية، وفي العمق السوري، حيث يقومون الآن بعمليات عسكرية، لا تتوافر لديهم المعرفة بالتضاريس بالشكل المؤثر.

ويشارك أفراد الحزب في القتال في المناطق الحضرية والريفية على مسافات بعيدة وفي جبهات متعددة. وعلاوة على ذلك، فإن بُعد المسافات وحجم وتعقيد البيئات الحضرية في سوريا غير مسبوقة بالنسبة لـ«حزب الله». وكانت خبرة «الحزب» القتالية السابقة على الأرض تقتصر في معظمها على منطقة صغيرة نسبياً في جنوب لبنان متاخمة للحدود الإسرائيلية، إلا أن الجماعة تقاتل الآن على ثلاث أو أربع جبهات مختلفة تفصلها عشرات الأميال، وفي حالة جبهة حلب مئات الأميال، كما أن خبرة «حزب الله» القتالية في المناطق الحضرية كانت مقصورة إلى حد كبير على مدن وقرى جنوب لبنان، بينما في سوريا يشترك «الحزب» في معارك قتالية مباشرة في الأحياء المترامية الأطراف في المدن الكبرى مثل دمشق وحمص وحلب.

الخريطة الطائفية

إن التضاريس البشرية أو الخريطة الطائفية للمسرح السوري هي أكثر تعقيداً من تلك التي يواجهها «حزب الله» في جنوب لبنان، فالأخيرة تتمتع بأغلبية شيعية قوية. وخلافاً لما حدث في الصراعات السابقة مع إسرائيل، يعمل الحزب في بعض المناطق التي تحظى بأغلبية سنية عدائية تدعم خصومه. ويُنظر اليه في هذه المناطق على أنه «المحتل» ويواجه «مقاومة» مسلحة.

وعلاوة على ذلك، لا يشكل الثوار السنّة في سوريا العدو الذي خطط لقتاله. كما أن دراسة «الحزب» الدقيقة لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي والإعداد الدقيق لقتالها ساعده قليلاً في حربه ضد الثوار في سوريا. وهؤلاء المعارضون هم من القوات غير النظامية المتنوعة التي تتمتع بالقليل من التنظيم الرسمي، كما لديها القليل من القوات ذات الأسلحة الثقيلة والعقيدة الراسخة. وفي بعض النواحي، يبدو أنهم مثل «حزب الله» نفسه، من حيث الأساس الأيديولوجي القوي والالتزام العميق بمهمتهم.

التداعيات

يقوم تنظيم «حزب الله» على المعرفة. فهو يدرس خصومه ويستخلص النتائج من عملياته القتالية. ويُرجح أن تتضمن الدروس التي ربما يكون قد تعلمها أو يعيد تعلمها أو أكد عليها في الصراع السوري ما يلي:

ــــ دور القوة العسكرية في العمليات الهجومية والدفاعية.

ــــ متطلبات القيام بعمليات قتالية متواصلة على مساحة واسعة، من حيث التخطيط والقيادة والسيطرة والخدمات اللوجستية وتناوب القوات والأفراد.

ــــ تعقيدات وتحديات العمل مع القوات الحليفة - نظامية وغير نظامية.

ــــ ارتفاع تكلفة العمليات الهجومية من ناحية الأفراد والموارد.

ــــ تنفيذ عملياتٍ هجومية على مستوى السرية/الكتيبة.

ــــ تخطيط عمليات معقدة وتنفيذها.

ويكتسب «حزب الله» خبرة القيادة والسيطرة على المستويات العملياتية والتكتيكية. ويعمل على خلق قواتٍ جديدة من المقاتلين والقادة ذوي الخبرة القتالية. كما يقوي عود أفراده ووحداته فيما يتعلق بقسوة القتال، ومن المرجح زيادة تماسكهم وصمودهم. ونتيجةً لتدخل «الحزب» في سوريا، فإنه سيكون أكثر استعداداً للقتال في لبنان. ومع تحسين فهم نقاط القوة والضعف للقوات السنية غير النظامية والخبرة المتزايدة في القتال، فسوف يتم تعزيز تفوق الحزب على المعارضين المحتملين في لبنان.

خسائر

ويتكبد «حزب الله» أيضاً خسائر جراء تدخله في سوريا. فبالإضافة إلى خسائره البشرية، أصبح هدفاً للعناصر المتطرفة العاملة في لبنان، التي توغلت إلى معقله في جنوب بيروت. كما ساهمت مشاركة «الحزب» في الصراع في زيادة التوتر السني الشيعي في لبنان. إن «حزب الله، الذي كان محبوب العالم العربي ذات يومٍ، يُنظر إليه الآن، على الأقل في بعض الأوساط، على أنه عدو السنة». ينبغي أن يعمل القتال في سوريا على تحسين قدرة الحزب على قتال الجيش الاسرائيلي، لكن التحسن سيكون محدوداً، وبعض ما يتعلمه «الحزب» في سوريا لن يمثل أهمية في قتال القوات الإسرائيلية. ويحظى «حزب الله» في القتال في سوريا بمزايا جمة مقارنةً بالثوار، من بينها: القوات العسكرية للنظام والقاعدة الآمنة والخدمات اللوجستية واسعة النطاق والقيادة والسيطرة القوية وفرصة إجراء مناورات عملياتية. غير أنه في أي حربٍ قادمة مع إسرائيل، ستكون هذه المزايا في الجانب الآخر. ومع ذلك، ينبغي توقُّع حدوث بعض التحسن في الأداء القتالي.

أفضل قوة

لكن يحظى دور «حزب الله» بتأثيرات عسكرية وسياسية عظيمة في سوريا. فتدخله له دورٌ فعال في الحفاظ على النظام. وربما يكون أفضل قوة في أرض المعركة في هذه المرحلة من الحرب السورية. كما أنه قد أثبت نفسه كحليفٍ فعال وموثوق به. وهو على استعداد لقبول المخاطر السياسية والخسائر البشرية في التدخل الطويل الأجل والمفتوح أساساً.

حرب مختلفة

على عكس ما يجري في لبنان، يشارك الحزب في سوريا في حرب تحالف معقدة تتضمن عمليات مشتركة وموحّدة، كما أن طبيعة الحرب التي يخوضها النظام تتطلب منه العمل مع مختلف أنواع القوات، مثل القوة الجوية للنظام وقوات المتطوعين العراقيين غير النظاميين كـ«لواء أبو الفضل العباس».

وفي ما يتعلق بالتحديات في سوريا، يقوم الحزب بعمليات عسكرية (بما في ذلك الهجومية منها) ولا يقاتل فقط في المعارك التكتيكية. وتختلف هذه الحرب عن تلك التي شنّها ضد الجيش الإسرائيلي، حيث تتضمن تشكيلات أكبر وفترات زمنية أطول، ومناورات أكثر تطوراً وفرض المزيد من المطالب، من حيث التخطيط والقيادة والسيطرة، على القوات المقاتلة ودعم العناصر، لا سيما المخابرات والخدمات اللوجستية، وبالتأكيد يمثل كل هذا تحدياً لقدرات القيادة والسيطرة لـ«حزب الله»، التي بنيت من أجل معركة «مخطط لها بدقة» تقريباً مع القوات الإسرائيلية المعروفة لها جيداً.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)