آخر الأخبار
 - في هجوم مماثل للذي أودى بحياة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، عام 2005، وبالقرب منه، مكانا ودلالة........

الأربعاء, 08-يناير-2014 - 10:38:32
مركز الإعلام التقدمي - العربية -
في هجوم مماثل للذي أودى بحياة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، عام 2005، وبالقرب منه، مكانا ودلالة، قتل عبر سيارة مفخخة- كذلك- الوزير السابق والسياسي اللبناني المعتدل محمد شطح، مواليد سنة 1951، ومرافقه وخمسة آخرين، كما وقعت عشرات الإصابات. 
واستشهاد شطح، في 27 ديسمبر 2013، هو الاغتيال الـ 17، خلال عشر سنوات، الذي يستهدف مناهضي حزب الله وسوريا ودعاة الدولة والتعايش في لبنان، من السنيين أو المسيحيين والكتاب والصحافيين الذين لديهم الجرأة والشجاعة على نقدهما، طوال هذا العقد.

 كانت آخر تغريدات شطح قبل مقتله بنصف ساعة فقط: "حزب الله يسعى للضغط بقوة للحصول على نفوذ مماثل لما مارسته سوريا في لبنان على مدار 15 سنة على مستويي الأمن والشئون الخارجية" وهي التي تأتي أثناء المفاوضات الصعبة لتشكيل الحكومة بعد اختيار تمام سلام قبل تسعة شهور.
واغتيال شطح جاء بعد مرور أقل من شهر على اغتيال القيادي في حزب الله حسان اللقيس، في الرابع من ديسمبر 2013، وبينما أراد حزب الله تصدير المشكلة خارج تداعيات أزمته في سوريا على الداخل اللبناني، سارع بتوجيه اتهامه للموساد، رغم تحول أرض معركة حزب الله للداخل السوري واللبناني معا، بعيدا عن إسرائيل، وقد أعلنت كتائب عبد الله عزام- ذراع القاعدة في لبنان- أن القيادي في حزب الله قتل في تفجيري السفارة الإيرانية في 19 نوفمبر 2013 ولم يقتل في منزله حسبما أعلن حزب الله.

 
لماذا شطح وليس الأسير:

كان شطح يشغل منصب نائب محافظ البنك المركزي اللبناني عند مقتله، وهو أحد رموز  تيار المستقبل، وكبار مستشاري الرئيس سعد الحريري، كان عالما اقتصاديا، تولى حقيبة المالية في حكومة سابقة، وحصل على الدكتوراه من جامعة تكساس الأمريكية سنة 1983، وشغل منصب سفير بلاده في واشنطن بين عامي 1997 و2000، كما عمل في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومستشارا لرئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري عام 2005.
معروف عن شطح اتخاذه مواقف مؤيدة للثورة السورية وضد نظام الأسد وتدخل حزب الله الداعم المستمر له، خرقا لسياسة النأى عن النفس التي اعتمدتها الدولة اللبنانية منذ اندلاع الأزمة، وتجنبا لمخاطرها على الداخل اللبناني، والتحاقا بموقف الدولة الإيرانية الداعم بقوة لنظام الأسد!

ربما لم تعد فرضية فقط، حيث توجهت جل أصابع الاتهام نحو حزب الله، المتهم أيضا أمام المحكمة الدولية في مقتل الحريري، مما يرجح تنفيذه الهجوم على موكب شطح، كاستعراض للقوة في وجه تيار المستقبل، المعارض لتغول الحزب على الدولة وابتلاعها وتحديد مصائرها والمجتمع اللبناني المتعدد وفق رغبته وأهدافه الخاصة.
ورغم أن شطح كان من أشد منتقدي حزب الله ونظام الأسد، إلا انه لم يتوقع ان تصل حدة الخلاف السياسي معه لدرجة القتل، لهذا لم يكن معه لحظة إغتياله سوى حاراس واحد فقط، قتل أثناء التفجير.

ومن الواضح أن الذين إغتالوه لديهم شبكة إستخبارات متطوّرة لتعقب تحرّكاته اليومية، بما فيها غير الروتينية. ويبدو أنهم تمكنوا من إستخدام معلوماتهم الإستخباراتية لتنفيذ عملية إغتياله أثناء مروره في طريق إجباري. ولم يكن المهاجمون قادرين فقط على وضع السيارة المفخخة في المكان المناسب، بل كانوا يتمتعون بالدقة المطلوبة لتدمير أهداف متحركة، التي يتطلب تدميرها دقة أعلى بكثير من الدقة المطلوبة لتدمير أي هدف ثابت.
ويشير هذا المستوى من المهارات والإمكانات إلى منظمة من عيار حزب الله، بما لديه من سوابق تفجيرات ناجحة ضد أهداف مهمة، متحركة، بواسطة سيارات مفخخة. فقد تم إغتيال وسام الحسن – الذي كان أيضاً مقرباً من سعد الحريري وكان رئيس فرع المعلومات الذي يحقق في عملية إغتيال رفيق الحريري – بواسطة سيارة مفخخة في بيروت في أكتوبر 2012. وحينذاك، ساد الإعتقاد أيضاً بأن حزب الله كان وراء تلك العملية.
 
رمز الإعتدال

واغتيال الوزير والمثقف محمد شطح، هو الحلقة ألــ 17 في مسلسل تصفية رموز الاعتدال اللبناني، وتهديد الدولة والمواطنة اللبنانية، والمؤمنين بضرورة شراكتها واستقلالها، حتى لا تكون مناطق نفوذ للقوى الخارجية، وأرضا خصبة لاستيراد الأزمات  السورية والإيرانية.
وكما يقول عبد الرحمن الراشد في مقال معبر واستنكاري: لماذا شطح وليس الأسير: "اغتال حزب الله شخصية مدنية مسالمة أخرى، يضاف إلى قائمة طويلة من ضحايا الحزب. وكل الذين قتلهم حزب الله منذ اغتياله رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري من فريق سياسي واحد منافس له، كلهم لا يملكون ميليشيات، وجميعهم يؤمنون بمدنية الدولة، وبسيادة مؤسساتها. وجميعهم أهداف سهلة، ليسوا مثل ميليشيات أحمد الأسير الذي يرد كل هجوم بمثله، وكل سيارة مفخخة بمثلها.

الراحل، الدكتور شطح، مثله مثل الذين قتلهم حزب الله من قبله، مثل سمير قصير (مثقف)، وجورج حاوي (مثقف وقيادي وطني)، وجبران تويني (إعلامي قتل بسيارة مفخخة)، وبيار الجميل (سياسي شاب واعد يؤمن بالتعايش قتل بالرصاص). كما قتل حزب الله القاضي السابق وليد عيدو وابنه معه، لنفس السبب الذي لأجله قتل باسل فليحان وآخرين من سلسلة قتل سهلة لشخصيات يعرف حزب الله أنها لا تملك القدرة على الرد، ولا مشروعها السياسي يؤمن بالعنف. والغريب أن حزب الله يتهم هؤلاء بالتطرف، وهم الاعتدال المؤمن بالدولة اللبنانية.
يبدو حزب الله بخروجه المستمر عن لبنان الدولة وعن أطرها- ووفق ميثاق تأسيسه- دولة في مواجهة الدولة والتعايش والسلم الأهلي في لبنان، رغم أن السياقات الإقليمية واللبنانية تبدو عكس ما يريد، فنزع سلاحه وارد في حال الوصول لاتفاق أمريكي إيراني بخصوصه، يتوقعه الكثير من المراقبين، وتأزم دور الأسد، وتحوله من داعم إلى مدعوم، يبدو أن حزب الله يستبق تهديده الوجودي عبر تأكيد قوته في الداخل اللبناني وسلاحه في وجه شركائه من الفرقاء السياسيين في لبنان، ما لم يتفاهموا معه سياسيا، فقد  أتى حديث نعيم قاسم نائب حزب الله بعد اغتيال الوزير محمد شطح يحمل التهديد التهديد أكثر مما يحمل الرثاء فضلا عن المسئولية والتصحيح والمراجعة، حيث قال يوم 2 يناير، عقب تفجير الضاحية الأخير،: "لبنان عبر الخراب ان لم يكن هناك تفاهم سياسي ولبنان لا يمكن ان ننقذه ما لم تتكاتف الايدي مع بعضها"، مؤكدا ان الرد هو "في التفاهم السياسي والمسارعة الى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بوجه هذا الاجرام المتنقل لاننا اذا قمنا بتحصين واقعنا الداخلي بهذه اللحمة الداخلية، نعطل البيئة الحاضنة للارهابيين التكفيريين وغيرهم ونعطل ايضا استثمار الخلافات الداخلية".كما سبق ان اتهم حزب الله قوى 14 اذار بتشكيل "بيئة حاضنة" للتكفيريين في اشارة الى التنظيمات المتطرفة

وقد تبنت داعش الدولة الإسلامية في العراق والشام تفجير الضاحية الأخير في بيان لها هذه العملية، مما يشير لانتقام من الجهادية داخل الأرض السورية ضد جهادية حزب الله على هذه الأرض، بينما يسقط معارضوه السلميون ضحايا قتل يتبرأ منه الحزب وتظل الأصابع تشير إليه، وتظل بعدها تهديدات للمعارضين كذلك، التي وصلت عقب اغتيال شطح وتفجير الضاحية الأخير لمرحلة يصفها أحد الكتاب اللبنانيين بالهزلية

 
من هنا تظهر النظرة الموضوعية أن الضحية الوحيدة كما هم ضحايا الاغتيالات في لبنان، هي المدنية والسلمية والإيمان بالدولة اللبنانية، مقابل انتصارات الجهادية الطائفية على وقع الأزمة السورية، وتدخل حزب الله السافر والفاعل لدعم نظام بشار الأسد، هو وحده الذي وفر المبرر والبيئة الخصبة للتنظيمات المتطرفة والجهادية للانتقام منه في الداخل اللنباني، والتي تعادي كتلة المستقبل وتحالف 14 آزار كتحالف مدني يؤمن بالمواطنة والدولة اللبنانية، ولا تتحالف معها، فتطرفه هو شرعنة للتطرف المضاد له ليس اكثر.
ومن زاوية آخرى، تبدو هذة العمليات بمثابة رسائل من بشار الأسد، للداخل اللناني أنه باق في السلطة، بعد أن ضمن عدم التدخل الدولي ضده، واستبعاد الضربة التي كانت محتملة من إدارة أوباما لاستخدامه السلاح الكيماوي وتجاوزه الخطوط الحمراء- التي حددها أوباما- بمراحل ووصوله لاتفاق ما زال يراوغه عن تسليم ترسانته الكيماوية لمنظمة حظر السلاح النووي، فانتبه للداخل اللبناني مجددا وخصومه فيه، بعد أن تقدمت قواته في الأرض السورية من جديد.

ولكن ماذا يجني حزب الله من ذلك؟ خاصة بعد تعرّضه، هو وحلفاؤه في لبنان، إلى عدد من الهجمات خلال العام الماضي، بما فيها عملية إغتيال حسن اللقيس أمام منزله في بيروت في 4 ديسمبر؛ وتفجير السفارة الإيرانية في بيروت في 19 نوفمبر؛ والتفجيران اللذان وقعا في 15 أغسطس و9 يوليو. ووقعت الهجمات الثلاث الأخيرة في ضاحية بيروت الجنوبية، المعقل الرئيسي لحزب الله.
وهذه الهجمات، كلها، نفذتها جماعات جهادية سُنية مستفزة من دور حزب الله المريب الداعم للأسد، وقد أعلنت كتائب عبد الله عزام - التي قضى زعيمها ماجد الماجد في إحدى مشافي لبنان في 4 يناير 2014، بعد تسليم نفسه للجيش اللبناني، مسئوليتها عن عدد من هذه العمليات، إذ يعتقد الجهاديون أنهم قادرون على تحويل إهتمام حزب الله بعيداً عن سوريا عبر إشعال نزاع طائفي في لبنان، مما يمكنّهم من إحراز مزيد من التقدم نحو الإطاحة بنظام الأسد. ومع أن المسؤولين عن الهجمات التي طالت ضاحية بيروت الجنوبية أظهروا أنهم قادرون على إختراق الإجراءات الأمنية لحزب الله، إلا أنهم يفتقرون إلى المهارة التي إمتاز بها منفذّو الهجوم الذي أودى بحياة شطح.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)