آخر الأخبار
 - يبدو ان الفرنسيين، ما زالوا يتذكرون الفشل الذي حصل في 2003 و2004 عندما فشل اتفاق دولي ينص على وقف تخصيب اليورانيوم من قبل ايران بسبب غياب الضمانات الضرورية والكافية وهو ما دفعهم هذه المرة الى الترفيع في مستوى الاتفاق حتى وان تأخر.

الثلاثاء, 12-نوفمبر-2013 - 09:16:19
مركزالاعلام التقدمي- وكالات -
يبدو ان الفرنسيين، ما زالوا يتذكرون الفشل الذي حصل في 2003 و2004 عندما فشل اتفاق دولي ينص على وقف تخصيب اليورانيوم من قبل ايران بسبب غياب الضمانات الضرورية والكافية وهو ما دفعهم هذه المرة الى الترفيع في مستوى الاتفاق حتى وان تأخر.

ويبدو أنهم كان لهم دور كبير في إخفاق جولة المفاوضات الأولى التي عقدت في جنيف في 9 نوفمبر الماضي، فقد أخفقت المحادثات المطوّلة والمكثفة حول البرنامج النووي الإيراني النووي، بالرغم من حدوث بعض التقدم، الذي مهد السبيل لجولة مفاوضات أخرى ينتظر انعقادها في 20 و21 نوفمبر القادم، ووصف العديد من الدبلوماسيين والمراقبين عدم التوصل إلى اتفاق نهائي في المحادثات التاريخية بين مجموعة الخمسة + واحدة وإيران، بالتأخير، وليس بالفشل.
من يرون تقدما حدث يدللون عليه باستمرار الاجتماعات ل أربعة أيام متصلة، ولكن تبدو الخلافات عميقة بين الطرفين، حيث تصر مجموعة الخمسة على تعليق العمل في مفاعل آراك، الذي يعمل بالماء الثقيل، بالإضافة إلى ترتيب وضع مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، والذي يفصل إيران خطوات قليلة عن إنتاج المواد الانشطارية اللازمة لتصنيع سلاح نووي، وهو ما ترفضه إيران حتى الآن.

المطروح غربيا-حسب بعض التسريبات-هو أن يسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم بنسب تصل إلى 3,5%، ولا تفرض عليها أي قيود لجهة عدد منشآت تخصيب اليورانيوم أو عدد أجهزة الطرد المركزي، الذي يُقدّر حالياً بنحو 19 ألف جهاز. بالإضافة إلى ذلك، تم الإتفاق أيضاً على تخفيف كبير للعقوبات، بما في ذلك وقف تجميد ثلاثة مليارات دولار من أرصدة تمويل الوقود وتخفيف القيود المفروضة على قطاعات البتروكيماويات والذهب والسيارات، وعلى قطع غيار الطائرات الإيرانية.
وفيما يرفض الفريق الإيراني الموافقة على مطالب الغرب، فإن الفريق الأمريكي لا يستطيع الموافقة على درجة تخفيف العقوبات التي تطلبها طهران. وفي هذا السياق، يبدو أن وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، كان  مصرا على الموقف الغربي والأمريكي، ولعب دوراً رئيسياً في إفشال هذه الجولة من المفاوضات، كما ذكرت جريدة لوموند الفرنسية في 10 نوفمبر الماضي.

فقد كان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اول من ظهر للإعلام، كما كان أول من غادر قاعة الاجتماعات مساء السبت 9 نوفمبر، للحديث عن تعثر الاتفاق، متقدما على كاثرين آشتون المتحدثة الرسمية، ومؤكدا على ان الطريق ما تزال طويلة، كما شدد عدم الوصول لاتفاق رخيص الثمن، على ضرورة الحصول على توضيحات بخصوص 3 نقاط هي:

- مفاعل اراك

- مستقبل اليورانيوم المخصب بنسبة 20%

- وقضية التخصيب بصفة عامة.

من جانبهم انتقد الدبلوماسيون الإيرانيون بشدة الموقف الفرنسي، الذي يبدو أنه استفزهم بشكل كبير، ووصفه أحدهم بأنها"  محاولة متأخرة من قبل وزير الخارجية الفرنسي فابيوس للحصول على دور مهم." ووصفوا فرنسا بأنها حبة الرمل التي أفشلت في التوصل لاتفاق من خلال هذه المفاوضات، خاصة وأنه لم يدل أي ممثل أوربي أو أمريكي آخر بأي تصريحات عقبها باستثناء فابيوس وزير الخارجية الفرنسي.

ولكن يبدون أن مجموعة الخمسة كانت متفقة على هذا الموقف ولم يكن موقفا فرنسيا منفردا، ففي سؤال لدى خروجهم من قاعة الاجتماعات حول الانتقادات الموجهة لباريس , قال وزير الخارجية الالماني :" لقد كان هناك عمل جماعي ممتاز خاصة من قبل الاوروبيين." اما وزير الخارجية الامريكي ورئيسة المفوضية الاوروبية كاثرين اشتون فقد امتنعا عن ادانة الموقف الفرنسي اذ اكتفى كيري بالاشارة الى ان الدول الست متحدة وان التنسيق كان كبيرا مع الفرنسيين الذين نتفق معهم في ان العديد من المسائل والقضايا يجب العمل عليها، أما وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف فقد أعلن في ختام الاجتماع انه لا يشعر بخيبة امل رغم عدم التوصل الى اتفاق مضيفا:" اننا نعمل معا ولحسن الحظ سنكون قادرين على التوصل الى اتفاق عندما نلتقي مجددا" فمسار المفاوضات يبدو هو المخرج الوحيد والجوهري للإدارة الإيرانية للخروج من أزمتها الاقتصادية وضغط العقوبات المستمر عليها.

الاتفاق بين الشك والمصداقية:

أن فشل هذه الجولة من محادثات مجموعة القوى الكبرى وإيران( 5+1) أعادت السؤال حول الشك والمصداقية في إمكانية الاتفاق وجدواه في النهاية،  حين تبدو جهود التقارب بين الطرفين مجرّد محاولة إيرانية جديدة لشراء الوقت وخداع الولايات المتحدة والغرب، لكي تخفف العقوبات الإقتصادية المفروضة على طهران من دون أن تقدم أيّ تنازلات حقيقية، في ما يتعلق ببرنامج إيران النووي، خاصة مع استمرار دورها في سوريا دعما لنظام الأسد، واستمرار أنشطة التدخل في شئون عدد من دول المنطقة، التي ارتفعت هواجسها وضغوطها تجاه هذا التقارب، وإصرار على عدم خفض معدلات تخصيب اليورانيوم لديها، وإرسال تطمينات عملية بخصوص برنامجها النووي.

على جانب آخر يبدو أن هناك مساحات أخرى لهذا التقارب  تساعد في فعالية المحادثات ومسارات التفاوض،  حيث تبذل تركيا  مثلا جهودا حثيثة لتنظيم زيارات رسمية للمسؤولين الإيرانيين والعراقيين الشيعة، وتشدد على أنها لا تريد أي علاقات عدائية مع بغداد أو طهران، ورحبت بوجود الأخيرة في اتفاق جنيف 2 بشأن الأزمة والثورة السورية، كما تحدث رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، عن توسط أمريكي لعودة العلاقات مع المملكة العربية السعودية، باتجاه الحصول على المزيد من المساعدات العسكرية الأمريكية، كما تضغط واشنطن عليه لكي يعيد إحياء مجالس الصحوات السنية ولكي يوسّع مشاركة العراقيين السنة في العملية السياسية، وسوف يزور الأمريكيون محافظة الأنبار ذات الغالبية السنية في المستقبل القريب لرفع مستوى التعاون الإستخباراتي والأمني، مع هذه المحافظة حسب مركز ستراتفور في 6 نوفمبر الماضي.

وشهد لبنان مؤخراً تلميحات حول إمكانية حدوث تعاون أمريكي مع حزب الله، فقد قالت صحيفة الأنباء الكويتية في 4 نوفمبر إن سفارة الولايات المتحدة في لندن كانت تُجري محادثات مباشرة مع حزب الله، من أجل رفع الحظر عن مشاركته في المجلس الوزاري اللبناني الجديد. ونقل التقرير عن لسان أحد نواب كتلة 14 مارس/ آذار (وهي الكتلة المنافسة لتحالف 8 مارس/آذار الذي يقوده حزب الله) قوله إن السفير الأمريكي في لبنان، دافيد هيل، إتّصل بالزعماء اللبنانيين وأخبرهم بوجوب مشاركة حزب الله في المجلس الوزاري؛ وهذا انقلاب تام في موقف واشنطن الذي كان يرفض الأنشطة السياسية لحزب الله في لبنان. وهناك أيضاً موقف الزعيم اللبناني وليد جنبلاط الذي نأى بنفسه عن جماعة 8 آذار وبدأ يغازل جماعة 14 آذار.

كما أن الأطراف الإقليمية المعنية مباشرة بالعلاقات بين طهران وواشنطن لديها تصور أفضل حول الإتجاه، الذي تهبّ به الرياح الجيوسياسية في المنطقة. فالمؤشرات التي تأتي من دول مثل العراق وتركيا ولبنان والقلق العميق الذي تُظهره إسرائيل، حيث أكد بنيامين نتنياهو أن أي اتفاق بين إيران والدول الكبرى في جنيف قد لا يلزمها نتائجها، وكذلك الدول الخليجية ممثلة في السعودية والإمارات التي زارهما وزير الخارجية الأمركي جون كيري بعد المفاوضات مباشرة، وتأكيدات مستمرة على وضعهم في الصورة وإطلاعهم على كل نتائجها بشكل مستمر، تعني أن العملية متراكمة ومشتبكة مع العديد من القضايا والأطراف ولا تنفرد بها مفاوضات جنيف وحدها، التي تقرر استئئنافها خلال هذا الشهر، ولكن يبدو الإصرار الغربي والأمريكي على شروطه في الصفقة المحتملة إصرارا في الآن نفسه على عدم خسارة منطقه وحلفائه  وعدم الوصول لاتفاق رخيص حذر منه وزير الخارجية الفرنسي.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)