آخر الأخبار
 - " المملكة العربية السعودية ترى أن أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته

السبت, 26-أكتوبر-2013 - 11:56:29
مركزالاعلام التقدمي- وكالات -
" المملكة العربية السعودية ترى أن أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب، الأمر الذي أدى إلى استمرار اضطراب الأمن والسلم واتساع رقعة مظالم الشعوب واغتصاب الحقوق وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم.""

من بيان وزارة الخارجية السعودية يوم 18 أكتوبر سنة 2013.

آثار الاعتذار السعودي عن عضوية مجلس الأمن الدولي في هذا التاريخ- ولا زال- العديد من ردود الفعل الإقليمية والدولية، فقد أتت هذه الخطوة غير المتوقعة وغير المسبوقة لتحمل دلالتها العميقة في الدعوة لإصلاح الأمم المتحدة وتفعيل دورها ومؤسساتها في حفظ السلام العالمي، وليست رفضا لمنظومة الشرعية الدولية، ولكن دعوة جادة وعملية لإصلاحها، بعد أن تواترت هذه الدعوة نظريا ونخبويا من قبل جماعات ثقافية ومدنية و على استحياء أحيانا من قبل بعض الحكومات السياسية.

ففضلا عن أزمات الأمم المتحدة اللوجيستية وتمويل بعض منظماتها، تبدو آليات العمل في مجلس الأمن وخاصة الفيتو المتاح للدول الخمسة الكبرى، عائقا يعلق الحل للعديد من الأزمات العالمية والإقليمية المعقدة، ليست آخرها سوريا التي حرصت روسيا والصين- العضوان الدوليان- في الاعتراض أو الإعاقة على صدور أي قرار ضد نظام الأسد الدموي القاتل لشعبه بأسلحة محظورة، أو المراوغة لصالحه، ولكن يمكن تعميم الإشكال على قضايا عالمية عديدة بدءا من قضية السلام والصراع العربي الإسرائيلي حتى قضايا البيئة والمياه وحظر السلاح النووي، وهو ما أكدته المملكة العربية السعودية في بيان اعتذارها عن المقعد بعد انتخابها له من " أنها لا تستطيع قبول المقعد إلى أن تطبق إصلاحات" دون أن تحدد الإصلاحات التي تريد ليكون الإصلاح فقط! وتفعيل دور المنظمة الدولية في تحقيق هدفها من أجل حفظ الأمن والسلم العالميين، دون احتكار أصحاب الفيتو لدفة توجهاته وشرعيته حسب مصالح كل منها.

وفي تعليقه على هذا الاعتذار صرح الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة الدكتور بطرس غالي يوم 21 أكتوبر على هذا المعنى قائلا:" إن موقف المملكة خطوة إيجابية على طريق التفكير في إصلاح الأمم المتحدة بعد انتهاء فترة الحرب الباردة أواخر القرن الماضي». ورأى غالي أن إصلاح الأمم المتحدة «يتطلب تمثيل الهيئات غير الحكومية في عضوية الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى يتحقق الحد الأدنى من ديمقراطية العلاقات الدولية". وهو ما أكدته كذلك وزراء الخارجية في دول مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي، فقد قال وزير خارجية الجزائر رمضان العمامرة إن بلاده «تتفهم قرار المملكة العربية السعودية رفض العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي». ووصفه بـ«القرار الذي لا سابق له». وأفاد العمامرة، في مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة أمس، مع وزير خارجية بوركينا فاسو جبريل باسولي، الذي يزور الجزائر، بأن «اعتذار المملكة عن عدم قبول العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي يستدعي تفكير الجميع، لا سيما الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، حول كيف، ولماذا، وأين قصر مجلس الأمن في واجباته إلى درجة أن يبادر بلد برفض مقعد في هذه الهيئة»[1].

سوابق عديدة:

تميزت السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية بسوابق عديدة في هذا الصدد، وهو اتخاذ موقف علني وجسور،  في علاقتها بالقوى الدولية ومنظمة الأمم المتحدة، نتذكر منه في 24 سبتمبر رفض الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل التحدث على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي؛ «احتجاجا على عدم تحرك المجلس في الشأن السوري والأراضي الفلسطينية»، والتحركات المهمة والتصريحات النقدية المطالبة بتفعيل دور المنظمة الدولية في حفظ السلم والأمن الدوليين، ليس فقط من أجل الأزمة السورية كما أراد البعض أن يختزلها ولكن في مختلف القضايا الإقليمية والعالمية على السواء,

نذكر مثالا على ذلك التهديد الصريح والشجاع لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بإدارة الظهر لمجلس الأمن يوم السابع من كانون الثاني، ما لم تتحرك الشرعة الدولية في مواجهة هذه المأساة، وهذه الحرب غير المتكافئة التي تشنها إسرائيل، أو إصراره كل من الأمير سعود الفيصل والسيد عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية حينئذ، في اليوم التالي على صدور قرار فوري من مجلس الأمن دون تأجيل رغم ميل بعض الكبار لذلك. وقد صدر القرار بصيغة صريحة بوقف الحرب، وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت" وهو ما كان منجزا حينئذ لتتوقف الحرب بعد ذلك عكس المواقف الكلامولوجية الأردوغانية حينئذ[2].
 

هذه المبادرات السعودية ووعي استراتيجي مستقبلي تنم عن منحى إصلاحي مستقل وقادر- في الآن نفسه- على اتخاذ مواقف مسئولة وغير مسبوقة، تتكرر بشكل مستمر إقليميا ودوليا، يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال دعوة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود للاتحاد الخليجي خلال الدورة الثانية والثلاثين لدول الخليج التي عقدت في الرياض في 19 كانون الأول/ديسمبر 2011، داعيا دول الخليج إلى الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وهي الدعوة التي لا زال مطلوبا من بعض الأطراف الارتفاع لمستواها الاستراتيجي والمستقبلي حتى تاريخه، كما سبقت كذلك لمبادرات الدفاع المشترك وإنشاء قوات درع الجزيرة في ثمانينيات القرن الماضي.

ونجد هذا التباين بين الموقف السعودي والإماراتي- الذي يقود عربيا الآن- وبين المواقف الدولية والأمريكية في دعم الثورة المصرية في 30 يونيو سنة 2013، والمسار الانتقالي المصري المتعثر بعد إسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين، الذي رفضه الشعب المصري نتيجة أزماته المستمرة على المستوى الداخلي السياسي والاجتماعي المهدد للسلم الأهلي والاجتماعي المصري، كما تمكن ملاحظته في الموقف المسئول تجاه قضية الشعب السوري مع نظام أبي كل وسائل النصح التي بذلته له دول عربية وصديقة وأصر على المضي في قتل شعبه بالأسلحة المحظورة، ومتجاوزا كل الخطوط الحمراء التي تحدث عنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في أبريل هذا العام سنة 2013، ولكن ارتباك القرار وصناعته داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة، وعدم حسم الإدارة الأمركية الحالية في كثير من القضايا أطال أمد الثورة وأكثر في الآن نفسه من تداعياتها الخطيرة وليس أولها ولا آخرها العودة النشطة للإرهاب وقواعده! 

الاعتذار وقراءات الاختزال:

تجاهل البعض هذه السوابق المتتالية وغيرها ورأى أن هذا القرار يمكن أن يكون قرار اللحظة الأخيرة، وأنه لم يكن معد لها سابقا، وأنه موجه بشكل رئيس للولايات المتحدة وإدارة واشنطن[3] وما حدث من اتفاق روسي/ أمريكي أخير بشأن السلاح الكيماوي لنظام بشار الأسد، أو التقارب الإيراني الأمريكي، وأن اعتذر السعودية- حسب أنصار هذه الرؤية- هو رد فعل على ذلك، ولكن نظن أن هذا التصور مبني على تصور تماه واجب- بمنطق الضرورة- بين السياسة السعودية الخارجية وبين السياسة الأمريكية، وهو التماهي الذي يمكن نقده وإيجاد استثناءات عديدة له من قراءة عابرة للصراع العربي الإسرائيلي في الشرق الأوسط، وقد مرت  الذكرى الأربعون لحرب أكتوبر سنة 1973 قبل أيام فقط من هذا الاعتذار، كما يمكن تذكر حرب العراق الأخيرة التي تباين فيها الموقفان الأمريكي والسعودي بشكل ما فيها، وكذلك في الإدارة الأمريكية لمرحلة ما بعد صدام حسين، أو في مسار الثورات العربية الأخيرة، وليس ثورة 30 يونيو، تأييدا داعما أو تحفظا أو تأييدا مضادا!!

إنه مرونة المبادرة والقدرة على اتخاذ خطوات استباقية في اتجاهات مختلفة، حيث تكون السياسة لعبة توازنات، وقدرة على المباغتة أو المراوغة من أجل تحقيق الهدف.. وهو هنا إصلاح الأمم المتحدة وتفعيل شرعيتها والتي تبدأ من إصلاحها المؤسسي وليس مختزلا فقط في ثورة 30 يونيو المصرية أو تأخر الضربة المحتملة التي قال بها أوباما تجاه نظام يقمع شعبه!
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)