آخر الأخبار
 - تحولت تركيا خلال الشهور القليلة الخالية، وبالتحديد منذ ثورة الثلاثين من يونيو إلى مركز إقليمي لاجتماعات "التنظيم الدولي" للإخوان، حيث شهدت مدينة اسطنبول عددا من الاجتماعات التي استهدفت وضع تصور عملياتي للتحرك على الأرض لمواجهة مؤسسات الدولة المصرية في مرحلة ما بعد عزل محمد مرسي.

السبت, 12-أكتوبر-2013 - 10:06:59
مركزالاعلام التقدمي- وكالات -
تحولت تركيا خلال الشهور القليلة الخالية، وبالتحديد منذ ثورة الثلاثين من يونيو إلى مركز إقليمي لاجتماعات "التنظيم الدولي" للإخوان، حيث شهدت مدينة اسطنبول عددا من الاجتماعات التي استهدفت وضع تصور عملياتي للتحرك على الأرض لمواجهة مؤسسات الدولة المصرية في مرحلة ما بعد عزل محمد مرسي.

جاءت هذه الفعاليات الإخوانية برعاية من قبل أنقرة وارتبطت، من ناحية، بطبيعة المسعى التركي لحصار مصر دوليا لإسقاط "الشرعية الخارجية" عن القيادة المصرية الجديدة، ومن ناحية أخرى، بكونها شكلت "مركز تدريب وتأهيل" قيادات الإخوان سياسيا خلال الشهور التالية على ثورة 25 يناير، فضلا عن اضطلاعها بدور الضلع المركزي في المحور التركي- القطري الداعم لحركة الإخوان المسلمين إقليميا.

يتعلق ذلك على جانب آخر بأن تركيا التي "صنع" بها "شعار رابعة" وانطلقت منها حملة الإخوان ضد الجيش المصري، أدت أدوراً بارزة في استقطاب رموز إخوانية عبر العالم للإقامة في مدنها خلال السنوات الماضية، حتى غدت المركز الدولي الأكثر استضافة لأعضاء جماعة الإخوان، لا سيما في مرحلة ما بعد الثورات العربية، كما عقد بها مؤتمر دولي يعد الأكبر حول فكر مؤسس الجماعة حسن البنا، الذي قام رئيس الوزراء التركي خلال زيارته إلى مصر في سبتمبر 2011 بزيارة منزل أبنه المحامي سيف الإسلام حسن البنا.
مع وصول محمد مرسي إلى الحكم حاولت تركيا استغلال علاقاتها بـ"التنظيم الدولي" للإخوان لتعميق العلاقات مع مصر بهدف إعادة ترتيب المشهد الإقليمي، ونمط التحالفات السائد، لبلورة ما يمكن تسميته بتحالف تيارات "الإسلام السياسي"، لتتحول بعد ذلك ومع سقوط حكم مرسي إلى الدولة "الراعية" لتنظيم الإخوان، سواء عبر دعمه ماديا وسياسيا وعسكريا أو من خلال استضافة قادته أو الدفاع عن سياساته وأجندته، التي تشكل تهديدات مباشرة للأمن القومي المصري، كونها تستهدف، من جانب، تأجيج الوضع الداخلي، ومن آخر، محاولة إنقاذ "تنظيم الدولي" للإخوان في دولة صنعت أسطورته ثم أسقطته بعد أن بلغ سدة السلطة، في تطور حمل بين طياته تهديدات جمة لجسد التنظيم ذاته، بما زاد من احتمالات تصدعه وانهياره.

تركيا و"تنظيم الإخوان"

دفاع تركيا عن الإخوان، وبكاء رجب طيب أردوغان من جراء فض قوات الأمن المصرية لاعتصام رابعة، والإقدام على التضحية بالعلاقات مع مصر بسبب التطورات الداخلية وسقوط حكم الإخوان، يكشف عن حقيقة الروابط بين النخبة الحاكمة في تركيا وحركة الإخوان المسلمين، فالعلاقة ليست محض تعاطف بين تيارات سياسية ذات خلفيات وجذور إسلامية، وإنما ترتبط كذلك بطبيعة العلاقة التنظيمية بين أردوغان وبعض من صحبه مع "التنظيم الدولي" للإخوان، خصوصا أن القضية المركزية للطرفين تتمثل في عودة "الخلافة الإسلامية" ولكن بصورة أكثر عصرية، وتقوم على التدرج في تمتين الروابط السياسية والاقتصادية والعسكرية بين بلدان العالم الإسلامي.

فمن جانب حركة الإخوان، يُنظر إلى دولة الخلافة كمصدر حماية "الأمة الإسلامية" من التشتت والفرقة، وكانت وسيلة تحقيق هذه "الحماية" انتشار الجماعة داخل مختلف الدول الإسلامية والسعي إلى التشبيك بين أفرعها المختلفة، لتشكيل أول تنظيم جماهيري للتيار الإسلامي عابر للحدود القومية في العصر الحديث. انبنى على ذلك أن اتخذت الجماعة موقفا معارضا لكل الإصلاحات السياسية والدستورية والاجتماعية التي تبناها مصطفى كمال أتاتورك، والتي كانت نشأة الجماعة ذاتها رد فعل عملي لها، كونها أفضت لطمس الهوية الإسلامية بدولة الخلافة العثمانية من أجل تأسيس الدولة الكمالية – العلمانية.

ومع سقوط حكم حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك وبداية حكم الحزب الديمقراطي بزعامة عدنان مندريس في ستينيات القرن الخالي، كانت الفرصة ملائمة لمد قنوات التواصل عبر العديد من المؤتمرات الجماهيرية للحزب التي شارك فيها بعض رموز الجماعة. وقد تعززت فرص التواصل مع صعود التيار الإسلامي في تركيا بقيادة نجم الدين أربكان، والذي ارتبط صعوده السياسي بدعمه من قبل حركة النورسين الصوفية، والتي تأثرت "رسائل" زعيمها، بديع الزمان النورسي، برسائل الإمام حسن البنا، وقد أفضى ذلك إلى قيام أربكان عام 1969 بتأسيس حركة "ملي جورش" MİLLİ GÖRÜŞ، الفرع التركي من حركة الإخوان المسلمين، وهى الحركة التي قامت بتأسيس أول حزب سياسي لها تحت أسم "النظام الوطني" في العام ذاته.

ومع وصول حزب الرفاة إلى السلطة عام 1996، حاول أربكان التواصل مع دول العالم الإسلامي وتنفيذ الإستراتيجية الخاصة بتعميق الروابط مع هذه الدول، فقام بزيارة كل من ليبيا وإيران وسعى لتشكيل مجموعة الثماني الإسلامية التي تضم إلى جانب تركيا كل من مصر وإيران وباكستان واندونيسيا ونيجريا وبنجلاديش وماليزيا، وسعى أيضا في حينها لعقد مؤتمر عالمي لقيادات العمل الإسلامي. وبرزت في هذه الآونة العلاقات بين النخبة الإسلامية التركية ونظيرتها الإخوانية في مصر، حيث شارك كل من مصطفى مشهور ومحمد مهدي عاكف وأحمد سيف الإسلام حسن البنا والشيخ محفوظ النحناح وآخرون، في مؤتمرات جماهيرية لحزب الرفاة التركي.

وعلى الرغم من أن أردوغان كان قد استقال من حركة "ملي جورش" أو "الرؤية الوطنية" قبيل تأسيس حزب العدالة والتنمية عام 2001، من جراء انقسام جناحي الحركة الإسلامية إلى جناح متشدد وآخر تجديدي (المجددون)، غير أن أردوغان ظل متسقا مع خلفيته وأيدلوجيته، هذا فيما استمر التواصل بين الإخوان ونظرائهم في تركيا، ففي يونيو 2006 شارك الإخوان في الاحتفالات التركية الخاصة بمرور 553 عام على فتح القسطنطينية، وهو الاحتفال الذي نظمه حزب السعادة التركي، والذي يشكل امتداد لحزبي الرفاة والفضيلة، وشارك في هذه الاحتفالات كل من حسن هويدي، نائب المرشد العام للإخوان، ومحمد سعد الكتاتني، وعبد المنعم أبو الفتوح، عضو مكتب الإرشاد في حينه، وقد ألقى هويدى كلمة المرشد العام في الاحتفال.

ومع أن أردوغان حاول تقديم نموذج للإسلام المعتدل الحضاري الذي يرتكز على التعاليم الصوفية، خصوصا تعاليم شمس الدين التبريزي وجلال الدين الرومي، بما يعلي من قيمة الإنسان بصرف النظر عن انتمائه الديني أو العرقي، وليس "مبادئ الحاكمية" ورفض الآخر المخالف فكريا وعقائديا، غير أن إسلامي تركيا ظلوا متأثرين بتجربة نظرائهم المصريين، وذلك من خلال كتابتهم في مراحل زمنية واجه الأتراك فيها صعوبة بالغة في إيجاد كتب الفقه والحديث والتفسير باللغة التركية، هذا إلى أن نشطت حركة الترجمة التركية للكتب العربية منذ ستينات القرن الخالي، فإزدادت معرفة الأتراك بـ"مجموعة رسائل" حسن البنا، و"معالم على الطريق" و"تفسير في ظلال القرآن" لسيد قطب، و"أحياء علوم الدين" للإمام محمد الغزالي"، ثم بعد ذلك كتابات كل من القرضاوي والهضيبي والتلمساني.

وقد وضح بعد ذلك أن الأثر الثقافي لهذه الكتب مختلفا عن آثارها على الحركات الدينية والتنظيمات الدينية في الوطن العربي، حيث كان التركيز التركي على الجوانب التنويرية. وقد خلقت هذه الكتابات تواصل ثقافي أفضى إلى لقاءات علنية وغير علنية بين رموز التيار الإسلامي في البلدين، بعضها كان يعقد سنويا، وهو أمر لم ينقطع حتى خلال فترة رجب طيب أردوغان، الذي يعد أحد تلاميذ نجم الدين أربكان الملقب بـ"أبو الإسلاميين" في تركيا. وقد سبق لمحمد مهدي عاكف أن اعتبر أن أربكان يعد ممثل الإخوان في تركيا. لذلك فخلال حكم حزب العدالة والتنمية تعمقت الروابط السياسية والاقتصادي بين الطرفين. فعلى الجانب الاقتصادي حصل بعض رجال الإعمال الإخوان على عدد من التوكيلات التجارية لعدد كبير من الشركات التركية، التابعة لبعض رجال الأعمال المنضوين في حزب العدالة والتنمية.

وعلى الجانب السياسي انتقل عدد غير قليل من أعضاء الإخوان المقيمين في الخارج للإقامة في تركيا، وحاولت تركيا وقتذاك إطلاق مبادرات سياسية تستهدف إجراء "مصالحات تاريخية" بين النظامين السوري والمصري من جهة والإخوان من جهة أخرى، من أجل السماح للإخوان في البلدين بتشكيل أحزاب السياسية والمشاركة الرسمية في الانتخابات البرلمانية، وهو ما قوبل بالرفض. ومع اندلاع ثورات "الربيع العربي" غدت تركيا الداعم الأكبر لتنظيم الإخوان بفروعه المختلفة داخل الدول العربية، وذلك من خلال توفيرها الدعم السياسي والإعلامي، وتأهيل عدد من أعضاء التنظيم للمشاركة في الحكم، وذلك عبر عدد من المستشارين ومراكز الأبحاث، التي لعبت دورأً أساسياً في هذا الإطار.

تركيا واجتماعات الإخوان

هناك العديد من التقارير التي تحدثت عن محاولات تركيا لدعم حركة الإخوان، عبر إرسال عدد من شحنات الأسلحة التي تم ضبطها قبل تهريبها إلى الداخل المصري، كما تم توقيف عدد من الأتراك وجهت لهم تهم مختلفة، يأتي على مقدمتهم ضابط المخابرات التركي، إرشاد هوز، المتهم بالتخابر لصالح تركيا، فضلا عن سعى تركيا إلى استقبال عدد من أعضاء جماعة الإخوان الذين استطاعوا الهرب من مصر أو كانوا خارجها أثناء ثورة الثلاثين من يوليو، وذلك لتشكل أنقرة نقطة انطلاق للأنشطة التي تستهدف إسقاط ما ترتب على ثورة الثلاثين من يونيو، بالتنسيق مع كل من حركة حماس في قطاع غزة ودولة قطر.

وقد جاء في هذا الإطار اجتماعين أساسيين عقدا مؤخرا في اسطنبول، الأول كان في العاشر من يوليو الخالي، واستمر لثلاثة أيام، وذلك بأحد الفنادق (مملوك لشخصية محسوبة على إخوان تركيا) المجاورة لمطار أتاتورك باسطنبول ، وضم عدد من قيادات التنظيم الدولي للإخوان مثل يوسف ندا وراشد الغنوشي ومحمد رياض الشفقة وممثلون عن حركة حماس. وقد جاء هذا المؤتمر تحت غطاء حضور مؤتمر شعبي عالمي يعقده حزب السعادة التركي لنصرة الديمقراطية، للتغطية على الهدف الأساسي للزيارة، والمتمثل في بحث مستقبل "التنظيم الدولي" في ضوء التطورات الأخيرة، بعد إسقاط حكم الإخوان المسلمين في مصر.

وقد سبق هذا الاجتماع انعقاد اجتماع آخر في لندن لبحث الوضع في مصر. وكلف هذا الاجتماع إبراهيم منير بالتواصل مع الإدارة التركية للتنسيق المشترك إزاء استراتيجيات التحرك حيال الإدارة الجديدة في مصر. وقد استهدف الاجتماع بحث آليات تسويق فكرة "الانقلاب" للغرب عن طريق تفويض عدد من الشخصيات التي تمتلك علاقات وثيقة بقيادات غربية، للاضطلاع بهذا الدور، ويأتي على رأس هؤلاء، يوسف ندا، رجل "التنظيم الدولي" القوى - والذي يمتلك عدد من شركات "الأوفشور" في عدد من الدول الغربية، والتي تضلع بدور أساسي في تمويل جماعة الإخوان المسلمين.

وقد تبنى الاجتماع وثيقة أسماها "إستراتيجية النفس الطويل" جاءت ضمن دراسة بعنوان "الانقلاب العسكري على الشرعية في مصر: تقدير موقف إستراتيجي على المستوى الداخلي والخارجي"، وضعها المركز الدولي للدراسات والتدريب INTERNATIONAL CENTER FOR STUDIES AND TRINING، التابع للتنظيم، وتستهدف تكثيف الحملات الإعلامية والتوعية بحقيقة ما حدث في ثلاثين من يونيو، والملاحقة القانونية لرموز الجيش المصري، ونصت على محاولة تأجيج الصراع المجتمعي في مصر، والدعوة للعصيان المدني، ومحاصرة مؤسسات الدولة السيادية، وإحداث انقسامات داخل المؤسسة العسكرية، والوصول لولاءات بعض قاداتها عبر مضامين إعلامية تطمينية، والتنسيق مع "الطابور الخامس" الذي يرفض موقف الجيش المصري حيال حكم محمد مرسي. وتستهدف هذه الإستراتيجية أيضا إبراز المواقف الدولية المعارضة لإسقاط حكم الإخوان. كما ترمي إلى الضغط على بعض أعضاء الكونجرس لوقف المساعدات للجيش المصري.

هذا في وقت جاء فيه أيضا الاجتماع الثاني للتنظيم الدولي للإخوان برعاية تركية وحضره نائب رئيس الوزراء التركي، بكير بوزداغ، الذي سبق له أن طالب أكمل الدين إحسان أوغلو بالاستقالة من منصب أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي، لصمت المنظمة حيال عزل محمد مرسي. وقد جاء هذا الاجتماع للتغطية على "اجتماع لاهور" ببكستان، والذي شارك فيه عدد كبير من أعضاء "التنظيم الدولي" أيضا، واستهدف استكمال ما جاء به الاجتماع اسطنبول الأول، ووضع خطط عمل لمواجهة ما أصاب التنظيم في مصر، وتداعيات ذلك على التنظيم الإخواني في كل من تونس والسودان والأردن والجزائر.

كما استهدف الاجتماع مناقشة وضع حماس بعد الصدام مع الجيش المصري، وفقدان الإخوان القدرة على التحرك في غالبية دول الخليج. وشاركت في مؤتمر لاهور قيادات تنظيم الإخوان في الدول العربية، والقيادات المركزية في التنظيم الدولي، ومنها الأمين العام للتنظيم، إبراهيم منير (الشخصية الرئيسية في التنظيم القطبي داخل التنظيم الدولي)، والأمين العام المساعد محمد محمود الأبياري، وعضو مكتب الإرشاد والأمين العام للجماعة في مصر محمود حسين حسن، وهذه الأسماء جميعها ثمة معلومات تشير إلى انتقالها للإقامة في تركيا. وقد شارك إلى جانب هؤلاء، عدد من إخوان كل من الأردن والسودان والجزائر والمغرب وماليزيا وموريتانيا وليبيا والصومال وتونس وسوريا وكردستان العراق.

وعلى التوازي من ذلك انعقد اجتماع اسطنبول الثاني في 25 و26 سبتمبر الخالي، تحت عنوان "العالم في ظل الانقلاب على إرادة الشعوب"، وقد سيطر الإخوان على فعاليات المؤتمر بعد أن نجحوا في تغير عنوان المؤتمر بعد أن كان يحمل أسم "مستقبل تيار الإسلام السياسي في ظل ثورات الربيع العربي"، وشارك الإخوان في المؤتمر تحت ستار "اتحاد البرلمانيين الإسلاميين، و"برلمانيون من أجل الشفافية". كما شارك في هذا المؤتمر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمنتدى العالمي للبرلمانين برئاسة القيادي الإخواني حسين إبراهيم، وياسين أقطاي مدير معهد لتفكير الإستراتيجي بتركيا، ومؤسسة قرطبة للاستشارات (مؤسسة مالية تابعة للإخوان في لندن، ولها نشاط في مصر)، وشارك أيضا أسامه رشدي، المستشار السياسي لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية بمصر، وحسن القزاز المستشار الاقتصادي لجماعة الإخوان، وراضي شرارة عضو الهيئة العليا لحزب الوطن السلفي. وقد أشار جدول جلسات المؤتمر إلى مشاركة كل من وضاح خنفر من الأردن، وكل من وائل قنديل ومحمد الجوادي من مصر.

مستقبل العلاقة بين الطرفين

لم تكن هذه الاجتماعات هى الأولى من نوعها، فقد سبقها اجتماع آخر في يوليو الماضي لعدد من الدعاة والشيوخ العرب للتنديد بثورة الثلاثين من يونيو، وشارك فيه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ومجلس شورى العلماء بمصر، كما لُحق هذا المؤتمر بدعوات لعقد مؤتمرات واجتماعات أخرى للتنظيم الدولي في تركيا، بما يشي بأن الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان، مازالت تعول على الشرعية "الصندوقراطية" التي حظى بها محمد مرسي، دون أن تأخذ في اعتبارها "الشرعية الثورية" التي سبق أن أيدتها عندما كانت ضد نظام مبارك، وهو ما يكشف طبيعة الدوافع الأيديولوجية في تحركات تركيا حيال تطورات الأحداث بعد ثورة الثلاثين من يونيو، والتي تجعل تركيا تنحاز للتنظيم على حساب علاقاتها مع الدولة المصرية.

وقد يترتب على ذلك أن تزداد مساحات الاختلاف والتباين ليس بين تركيا ومصر وحسب، وإنما أيضا بين تركيا والعديد من الدول العربية الأخرى، التي ترفض بدورها موقف الحكومة التركية بعدما غدت تمثل الراعي الرسمي لاجتماع القيادات الأممية لتنظيم الإخوان على الأراضي التركية، بما قد يعزز من مناخ عدم الثقة بعد سنوات طويلة من إجراءات بناء الثقة المبنية على مصالح مشتركة وأهداف حكمت الظروف الإقليمية تطابق المواقف فيها في كثير من الأحيان.

وعلى الرغم من أن القيادة التركية مازالت ترى أن عامل الهوية المشتركة مع جماعة الإخوان المسلمين، لا يثير حساسية قومية مثلما تثير العلاقات مع أي نظام مصري آخر، غير أن تركيا ترى في الوقت عينه أيضا أن الفرصة التاريخية التي تحققت بوصول التيارات الإسلامية (السنية) إلى الحكم كان من شأنها أن تعزز فرص حزب العدالة والتنمية كقائد لتركيا الحديثة والمنطقة العربية في مرحلة ما بعد الثورات الشعبية، بما يجعل الإدارة التركية حائرة بين المصالح البراجماتية والدوافع الأيديولوجية، وتبقى الأخيرة صاحبت الحظوظ الأكبر للتحكم في مخرجات السياسية الخارجية، بما يفسر أسباب تحول تركيا لتغدو "المقر الجديد" الذي سيتحرك من خلاله "التنظيم الدولي" للإخوان، وهو أمر من المرجح أن يستمر خلال الفترة المقبلة طالما بقى حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان في سدة الحكم بتركيا.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)