آخر الأخبار
 - " ينبغي أن نعلم أننا نستطيع التفاعل حتى مع العدو بطريقة تعمل على خفض حدة عدائه، وثانياً، أن عداءه لن يكون فعالاً"...

الخميس, 03-أكتوبر-2013 - 11:40:26
مركز الإعلام التقدمي- بقلم : هاني نسيرة -
" ينبغي أن نعلم أننا نستطيع التفاعل حتى مع العدو بطريقة تعمل على خفض حدة عدائه، وثانياً، أن عداءه لن يكون فعالاً"
تقارب أمريكي/ إيراني حذر، أكدت احتماليته بالمكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع نظيره الإيراني الرئيس حسن روحاني، وهو في طريقه لمغادرة نيويورك بعد حضوره اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة 27 سبتمبر الماضي، ورغم أن مدتها لم تتجاوز ال 15 دقيقة أكد فيها الطرفان ضرورة الحوار من أجل حل المشاكل العالقة وفي مقدمتها الملف النووي الإيراني، إلا أنها آثار الكثير من المخاوف وردود الفعل، واعتبرت نقطة تحول في العلاقات الأمريكية الإيرانية بعد 34 عاما من القطيعة بين البلدين، وهو ما قد ينتج حال ترجمته عمليا تحول في اتجاهات الخارطة الجيواستراتيجية للشرق الأوسط والخليج، حتى بدت كما وصفها عبد الرحمن الراشد المكالمة التي هزت الشرق الأوسط .
ولكن رغبة في عدم التسرع والحسم بتقارب فعلي واتفاق أمريكي إيراني في المستقبل القريب، تنفجر منه هواجس ومخاوف البعض، لا بد ابتداء، وتعميقا لزواية النظر، من التذكير بأن هذه المكالمة أتت بناء على طلب الوفد الإيراني المرافق لروحاني، الذي سأل البيت الأبيض- مرحبا- باتصال هاتفي قادم بين أوباما وروحاني[2]، كما أنها أتت مع سوابق تمهيدية متتالية ومتسارعة من قبل الإيرانيين، تؤكد على الحوار والتفاوض والتقارب مع كل الفرقاء، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة ربما دفعت أوباما وإدارته لإبداء حسن النية والمبادرة الداعية للحوار، كما أنها أتت في سياقات تفاوضية إقليمية ودولية، مع إدارة أوباما الجديدة وتولى جون كيري الخارجية، يتعلق جزؤها الأكبر بالملف النووي الإيراني وبالثورة السورية، لا شك أن الإدارة الأمريكية لم تنظر خلالها سلبا لدعوات روحاني المتكررة للحوار والتفاوض بل والتنازل كما ذكرت بعض المصادر وهو ما سنوضحه فيما يلي.
استراتيجية إيرانية من أجل التقارب مع الأمريكان:
مع الأزمة الاقتصادية العميقة التي تسببت فيها العقوبات على إيران، وكذلك مع تعقيدات الملف السوري واللبناني المتتالية، يبدو أن الإدارة الإيرانية في عهد روحاني- المحسوب على معسكر الاعتدال- واستراتيجيتها المرونة الشجاعة تراهن على تقارب مع الغرب والولايات المتحدة، يمكن تقديم تنازلات خلاله بنفس طريقة إنهاء الحرب الإيرانية العراقية، كتنازلات مؤقتة يمكن من خلالها الاستفادة منها في الحفاظ على النظام كما صرح روحاني نفسه في ورقة أكاديمية له في يناير سنة 2013، وقبل شهور قليلة من ترشحه للرئاسة.
•تفويض خامنئي صريح بالتفاوض ل روحاني:
من أبرز الخطوات التمهيدية إعلان المرشد الإيراني الأعلى آية الله خامنئي- بتاريخ 17 سبتمبر- في اجتماعه بقادة الحرس الثوري الإيراني، قبوله بالمرونة الشجاعة والتحركات الدبلوماسية من أجل الحوار والتفاوض مع الولايات المتحدة والغرب، وأنه قد فوض روحاني تفويضا كاملا في دبلوماسية مرنة تشمل الملف النووي الإيراني، وهو ما اعتبره المراقبون بمثابة الضوء الأخضر للرئيس الإيراني حسن روحاني للتفاوض مع المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص الملف النووي من جهة والعلاقات الثنائية من جهة أخرى
•الاستعداد للتنازل عن منشأة فوردو النووية:
بنفس التاريخ 16 سبتمبر نشرت مجلة دير شبيجل الـألمانية تقريرا -كتبه إريك فولاث- ويشير فيه مصادر استخباراتية تؤكد استعداد روحاني لتقديم تنازلات عن منشأة نووية إيرانية مقابل تخفيف العقوبات على الاقتصاد الإيراني،  وهي منشأة فوردو، التي تعد من أكبر المنشآت النووية الإيرانية،  والتي تعد مع منشآتي ناتانز وأصفهان، من مصادر القلق العميق لدى الغرب وإسرائيل بخصوص النووي الإيراني.
وصف التقرير منشآة فوردو، بأنها خطيرة للغاية، رغم أنها لم يتم تشغيلها إلا  آواخر 2011، وتعد أحدث منشآت البرنامج النووي الإيراني، لكنها تقع تحت الأرض بعمق 696 وتشمل جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وتقع أجهزتها على عمق 70 مترا، مما يجعل عملية تدميرها صعبة بشكل كبير، وتبدو الأقرب لإنتاج اليورانيوم المخصّب اللازم لتصنيع قنابل نووية. ويُقال إن منشأة فوردو التي لم تدخل الخدمة إلا في أواخر عام 2011، ومنتصف العام 2012 حسب بعض التقارير الأخرى.
ورغم نفي طهران يعتقد المراقبون الغربيون أنها مصممة لتزويد إيران بالسلاح الأكثر فتكاً وتدميراً، ولكن ذكرت شبيجل أنها " علمت من مصادر إستخباراتية أن الرئيس الإيراني الجديد، حسن روحاني، مستعد - على ما يقال – لوقف أنشطة منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم والسماح للمفتشين الدوليين بمراقبة عملية إزالة أجهزة الطرد المركزي منها  وهو ما يأتي بعد تصريحات مسئولين في البرلمان الإيراني أن إيران لن تتنازل عنها بالمطلق، ولكن موقف روحاني- حسب هذا التقرير يأتي- بهدف رفع العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية، ورفع الحظر عن الصادرات النفطية الإيرانية والسماح لمصرف إيران المركزي بالعودة إلى العمل على المستوى الدولي، ويرى التقرير أنه قد تكون خطوات روحاني التقاربية مع الولايات المتحدة والغرب ناتج عما فوجئ به بعد استلامه الرئاسة من الوضع الكارثي للاقتصاد الإيراني، الذي وصفه التقرير بأنه في وضع كارثي على مختلف مستوياته.
كما يذكر أنه أثناء الزيارة حرص الرئيس الإيراني والوفد المرافق له على تجنب الحديث عن اليهود وإسرائيل، وما يتعلق بهما، كما سبقها عرض من الحكومة الإيرانية بالتوسط للتفاوض بين بشار الأسد ومعارضيه، وأظهر روحاني لهجة متسامحة وأكثر لينا تجاه مختلف القضايا الشائكة! وهرب للتنظير وخطاب الوعد أكثر من الالتحام الحاد بالواقع ومشكلاته وممارساته!
• خطاب شديد التفاؤل في العلاقات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة:
قبل أيام قليلة فقط من زيارته للولايات المتحدة أكد حسن روحاني مجددا على هذا الميل التفاوضي والحواري لحل الأزمات العالقة بينه وبين الغرب، وأن برنامجه الرئاسي كان بعنوان"الحكمة والأمل" كما ذكر في مقال نشره بالواشنطن بوست في 21 سبتمبر، عنونه: لماذا تسعى إيران لمشاركة بناءة؟!"، ثم عاد وكرره في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الثلاثاء 24 سبتمبر، ومؤكدا لديه كامل الصلاحيات للتفاوض حوله وسائر علاقات إيران بالمجتمع الدولي، وفق التفويض السابق من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، والتي بدأها بقوله:
" يحفل عالمنا اليوم بالخوف والأمل؛ الخوف من الحرب والعلاقات الإقليمية والعالمية العدائية؛ الخوف من المجابهة الدامية على أساس الهويّات الوطنية والعرقية والدينية؛ الخوف من مأسسة العنف والتطرف؛ الخوف من الفاقة والتمييز المدمّر؛ الخ
ثم أضاف قائلا: " تزخر المرحلة الحالية الحرجة للتحول في العلاقات الدولية بالأخطار، وإن ْكانت تنطوي على فرص فريدة أيضاً. فأيّ خطأ في تقدير أي طرف لموقفه أو مواقف الآخرين ينطوي، بالطبع، على عواقب تاريخية. وإذا إرتكب أي طرف خطأً ما، فإنه قد يؤثر سلباً في جميع الأطراف الأخرى. لذا، فإن قابلية الإيذاء أصبحت الآن ظاهرة عالمية وغير قابلة للتجزئة " وختم خطابه بأنه شديد التفاؤل بمستقبل أفضل قائلا:" وليس لدي أدنى شكّ في أن المستقبل سيكون مشرقاً لأن العالم يرفض العنف والتطرف بشدة، وأن الإعتدال الحصيف مستقبلاً مشرقاً للعالم بأسره".
من الممكن القول أنه أمام إغراءات التنازل عن أهم وأخطر منشأة نووية، وفتح التفاوض على سائر أجزاء الملف، والخطاب التقاربي والحواري والمبادر يبدو أنه لم يكن أمام الولايات المتحدة والرئيس أوباما الذي صعد للرئاسة الأمريكية عبر نقد شبح الحرب في العراق ضد الجمهوريين، الا إبداء حسن النية أمام هذه الخطوات الإيرانية وليس أكثر، وكانت المكالمة الهاتفية التي شابها الحذر من الجانبين، وإبداء الاستعداد من الجانب الإيراني للحوار حول الملف النووي وسائر القضايا العالقة.
•من المهم في هذا السياق الإشارة إلى أن المراوغة المبادرة الإيرانية، تزامنت مع اتفاق روسي/أمريكي، في التمهيد لجنيف 2 لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، والنجاح الروسي في تجنيب نظام بشار الأسد الحليف ل إيران ضربة أمريكية محتملة، وهو ما اعتبر مخرجا ل أوباما من وعده بضربة محتملة قريبة لنظام الأسد الحاكم في سوريا، على إثر استخدامه للسلاح الكيماوي ضد شعبه، تؤكد على التشابك في السياقات والدوافع والأغراض.
من هنا نرى أن هذا الاتصال الهاتفي ومدته التي لم تتجاوز ال خمسة عشر دقيقة، لا تمكن قراءاته حسما بأنه تقارب أمريكي إيراني مستمر، قدر ما هي مراوغات متبادلة، يحاول فيه الطرفان الحصول على القدر الممكن من المكاسب، ولكن تؤكد في الآن نفسه على ارتباك وعدم الاتساق والحسم في سياسة أوباما الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط،  التي تسعى لتقارب حذر مع الخصوم، دون قدرة على تطمين الحلفاء بنفس الدرجة!
روحاني.. بين ضغط الأيدولوجية وضغط العقوبات:
 يقع روحاني بين ضغط العقوبات التي دفعته منذ أن كان مرشحا للرئاسة لإبداء المرونة وطرح سياسة المرونة الشجاعة، والاهتمام بالانفتاح الداخلي- حيث حسب على المعتدلين- وكذلك الانفتاح على الغرب والولايات المتحدة فيما يخص الملف النووي، ولكنه يظل كذلك كما كان شيخه وأستاذه الشهيد مرتضى مطهري- قتل سنة 1980- مجددا ومنفتحا ولكن وفق إطار الخوميني والثورة الإيرانية وثوابتها التي ظل واستمر منتميا إليها، وكانت له فتوى دينية تجيز تصنيع الأسلحة النووية، رغم أنه كان من الداعين لتجديد المنظومة العقدية والكلامية الشيعية ككل،.
يبدو حسن روحاني رئيسا إيرانيا مختلفا، وإن كان يشبه خاتمي في خطابه الحواري والاعتدالي، ولكن يظل أقل منه اعتدالا وأكثر منه حسما واقترابا من المرشد في الآن نفسه، فقد استطاع أن ينال تفويضا رسميا من المرشد الأعلى للتفاوض والحوار في 17 سبتمبر، ربما لم يستطع خاتمي الحصول على مثله، حيث ظلت الفجوة طويلة بين كلامياته ووعوده وقدرته الفعلية.
هذا الميل الانفتاحي على المستوى الداخلي، نجده في المناظرة الرئاسية الثانية قبل انتخابه، يوم الأربعاء  5 يونيو سنة 2013، حيث دعا لفصل الثقافة عن الدولة وتحريرها من سطوتها وهو ما رفضه المرشحون المحافظون المنافسون له حيئنذ، مصرين على ما اعتبروه الخصوصية السياسية والثقافية للنظام الإيراني، دون إشارة للتوعات الثقافية والإثنية للشعوب الإيرانية، بينما كان هو الأسرع بينهم في الإشارة للأقليات والشعوب الإيرانية الناشطة في المطالبة بحقوقها في السنوات الأخيرة.
قبل انتخابه رئيسا للجمهورية في 14 يونيو الماضي، نشر حسن روحاني مقالا أكاديميا، في كانون الثاني/ يناير سنة 2013، أكد فيه على ضرورة تخفيف الضغط الخارجي على إيران، مما يعني التوصل إلى اتفاق نووي! وشبّه ضمنياً المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة بالقرار الذي أنهى الحرب بين إيران والعراق، ويغلب أن تنظر النخبة التابعة للنظام إلى ذلك القرار من عام 1988على أنه حل وسط ضروري، ولكنه مؤقت فيما يتعلق بالمثل العليا للثورة الإيرانية، ووسيلة ممكنة للحفاظ على بقاء "النظام".
ويرى روحاني في هذا المقال: " أن أهداف السياسة العامة في كل دولة مصممة من أجل السيطرة على الأزمات المرتبطة بأوقات محددة وأحداث عابرة، والصمود في مواجهة القضايا الأكبر". وبالمثل أكد في شباط/فبراير على أن الرئيس القادم ينبغي أن يكون "مديراً للأزمات ... الذي يتمتع بالسلطة للتفاوض مع العالم".
ولكن رغم كل هذه المرونة يظل روحاني منتميا لنفس معسكر خامنئي وخطاب الثورة الإسلامية وأيدولوجيتها، غير قادر على تجاوزه، فبالإضافة إلى ميله التفاوضي رغبة في "إنقاذ الاقتصاد" و "التفاعل مع العالم" فإن من بين تعهداته الانتخابية الرئيسية "إحياء الأخلاق"، وهي عبارة يستخدمها للإشارة إلى تجديد القيم الدينية فضلاً عن الوحدة الوطنية في ظل رعاية المرشد الأعلى.
وأثناء حملته الانتخابية ولقائه مع المغتربين الإيرانيين في أيار/مايو سنة 2013، أكد  عدم رغبته في رؤية "زيادة في التوترات" مع الولايات المتحدة، لكنه أكد أيضا رغبته في عدم رؤية "تراجع" في تلك التوترات. "لا نستطيع اليوم أن نقول إننا نريد إنهاء التوتر بيننا وبين الولايات المتحدة، ينبغي أن نعلم أننا نستطيع التفاعل حتى مع العدو بطريقة تعمل على خفض حدة عدائه، وثانياً، أن عداءه لن يكون فعالاً"
وفي مقابلة أبعد أثراً أجراها في حزيران/يونيو، وصف روحاني المخاوف بشأن الطموحات النووية الإيرانية بأنها "أزمة مفتعلة تديرها إسرائيل" وزعم أن مجلس الأمن الدولي قد "فقد مصداقيته". كما أعلن أن المحادثات مع الولايات المتحدة يجب أن تسبقها وعود أمريكية بعدم التدخل في الشؤون الإيرانية والاعتراف "بحق إيران في الطاقة النووية" وتجنب "التنمر أحادي الجانب" ضد إيران. وختم كلامه قائلاً "إذا شعرنا أن هناك نية حسنة، فسوف تكون الأرض ممهدة للمحادثات".
ويؤكد ستيفن ديتو في تقريره السابق المشار إليه أه يظهر من كتابات ومقابلات حسن روحاني الكثيره " عدم التوافق الكامل بين تاريخه الشخصي وأي فكرة للولاء للقانون الدولي والمبادئ السياسية أو الأخلاقية الغربية"، ومن هذه الأمثلة ما يلي:
1-  أعرب عن دعمه مرارا للانتهاكات الصارخة للقانون الدولي على مدى السنوات الثلاثين الماضية، بما في ذلك اجتياح السفارة الأمريكية عام 1979، وفتوى آية الله روح الله الخميني ضد سلمان رشدي والاستخدام العام للعنف خارج نطاق القضاء وخارج حدود الدول (على سبيل المثال، أعلن في عام 1987 أن لدى القوات الإيرانية القدرة على "تدمير المصالح الاقتصادية الأمريكية في جميع أنحاء العالم"). كما أعرب عن ذلك في زمن وقوع الانتهاكات وفي السنوات التي تلتها على حد سواء.
2- أثناء توليه منصب الأمين العام لـ "المجلس الأعلى للأمن القومي" في تسعيينات القرن الماضي، وجّه حملة قمع الاحتجاجات السلمية وإغلاق الصحف وفرض حظر على استعمال أطباق الأقمار الصناعية والإعلام المفتوح.
3- في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر ضد الولايات المتحدة.
وجه روحاني اللوم إلى الولايات المتحدة بسبب "أخطاء وخطايا السياسات الأمريكية" وزعم أن "القوات الجوية الأمريكية هي التي أسقطت" الطائرة في رحلة رقم 93 التي تحطمت في بنسلفانيا. وفي مقابلة مع شبكة "إيه بي سي نيوز" في أيلول/سبتمبر 2002، دعم صراحة التفجيرات الانتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين، حتى الأطفال، قائلاً إن الفلسطينيين "ليس لديهم أي بديل".
4- في منتصف ثمانينات القرن الماضي، وبصفته قائداً عسكرياً ودبلوماسياً ناشئاً، دعّم روحاني ضمناً تطوير الأسلحة الكيميائية واستخدامها، وهو ادعاء أنكره في السنوات الأخيرة.
وفي مقال أكاديمي في نيسان/أبريل 2001، أثنى كذلك على دور التكنولوجيا النووية في "إنهاء الحرب العالمية الثانية". وفي مقالة أخرى له نُشرت في 2009، تنبأ أنه بسبب "ازدواجية المعايير" في تعامل الغرب مع إسرائيل، سيكون هناك "سباق تسلح" يجعل "حظر عدم انتشار الأسلحة في الشرق الأوسط أمراً معقداً وصعباً في المستقبل".
5- تولى روحاني منصب كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين في سبتمبر سنة 2003، وكتب في ديسمبر من نفس العام "المبدأ الأساسي في علاقات إيران مع أمريكا - تركيزنا الكلي - هو القوة الوطنية. فالقوة في السياسة والثقافة والاقتصاد والدفاع - وخاصة في مجال التكنولوجيا المتقدمة - هي أساس الحفاظ على النظام وتطوره بشكل عام، وسوف تجبر العدو على الاستسلام".
وهذا الاقتباس يلخص الانطباع السائد الذي نستنبطه من تاريخ روحاني وكتاباته: هويته كمُنظِّر ثوري ومدافع عن "النظام" الإيراني. فذلك هو الخيط المشترك طوال حياته، وأوضح مظهر من مظاهر أفعاله في منصبه السياسي، والعامل المحفز لخطابه ودوافعه اليوم، ولكنه مدير متميز للأزمات، حيث المرونة الصلبة أو الشجاعة كما سماها في سياسته الخارجية لتخفيف الضغوط على بلاده، وهي خطوات يبدو انها محسوبة ومدروسة بشكل جيد لجذب الخصوم للحوار دون تنازلات، وإنفاذ تقارب حذر تتحقق به الأهداف ويزيد إرباك جبهة الحلفاء!
الخليج والتقارب الأمريكي الإيراني الحذر:
هناك مخاوف في دوائر صُنع القرار الخليجي ولدى المثقفين، من إمكانية قيام الولايات المتحدة بإبرام صفقة مع إيران، عاجلاً أم آجلاً، قد تضر بالمصالح والحقوق الخليجية
 حيث" إن الدول الخليجية لها مشكلات ونزاعات متعددة مع إيران تعود أسبابها إلى عوامل الجوار الجغرافي، أو التنافس الاستراتيجي، أو الاختلاف المذهبي، أو غيرها. لذلك فإن أي قرار أميركي للتوصل إلى إبرام أي اتفاق مع طهران يجب ألا يكون على حساب الحقوق والمصالح الخليجية. " خاصة وأن المفاوضات الأمريكية الإيرانية غالبا ما تتم بشكل سري وبعيدة عن الشفافية ولا يطلع الخليجيون عليها، كما أشار عبد العزيز بن صقر في مقال له[11].
ويؤكد على أنه كان ينبغي على واشنطن" أن تقدم تطمينات ذات مصداقية إلى دول الخليج، وتعهدات بعدم تقديم تنازلات إقليمية من دون التشاور مع حلفاء واشنطن في منطقة الشرق الأوسط؛ فالسلام أو الوفاق الأميركي - الإيراني يجب ألا يؤدي إلى تأثيرات ونتائج سلبية على أمن واستقرار ومصالح الأطراف الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، وألا يكون على حساب حقوق الدول الخليجية ومصالحها" وأن على دول الخليج " الاستعداد والتفكير في البدائل يجب أن يكون واحدة من أهم أولويات التفكير الاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي حتى لا يفاجئها تغير التحالفات وموازين القوى في المنطقة. "[12].
وفي حال تحول التقارب الحذر بين إيران والولايات المتحدة لاتفاق منعقد وموثوق به، ستحدث حالة إعادة إصطفاف إقليمي، فبينما تقترب إيران من الغرب رغم أنف إسرائيل التي تؤكد كل يوم على رفض هذا التقارب، وتؤكد على خطورة أي علاقة مع إيران النووية والداعمة للجماعات المسلحة في كل دول الجوار من أفغانستان حتى لبنان وإسرائيل،  ولا زالت تصر على رفض التحكيم الدولي في قضية الجزر الإماراتية المحتلة، وهي القضية التي لم يطرحها روحاني ولم يتطرق إليها رغم كل شعاراته التقاربية والحوارية من الولايات المتحدة حتى السعودية، قد تركّز دول الخليج العربية على تطوير علاقاتها مع الصين الحليفة لإيران.
إذ غدا من المتوقع أن تصبح الصين أكبر شريك تجاري لدول الخليج العربية، لتحلّ بذلك محلّ الإتحاد الأوروبي. "أما الولايات المتحدة، فهي سادس أكبر الشركاء التجاريين لمنطقة الخليج".
ويرى بعض المراقبين إن صناع القرار الصينيين على يقين تام بأن التقارب الأمريكي – الإيراني هو مسألة وقت، ولهذا السبب، يريد العملاق الإقتصادي الصيني التركيز على علاقاته مع السعودية وسائر دول الخليج العربية "لكيلا يضع جميع بيضه في السلة الإيرانية".لكن هذا التحول قد يستغرق وقتاً أطول، على حد تعبير نيبلوك.
التواجد البحري العسكري
فيما قد تفكّ الولايات المتحدة إرتباطها بالخليج، حال الارتباط بإيران، قد تعتمد بلدان الخليج، حسب العديد من المراقبين، على حلفائها الأوروبيين في حماية الممرات البحرية، ويشير بعض التقارير الحديثة إلى إمكانية عودة بريطانيا إلى "شرقي السويس"، بالإضافة إلى تأمين تواجد عسكري دائم في مياه الخليج. وشاع استخدام عبارة "شرقي السويس" في عام 1968، عندما أعلنت بريطانيا عزمها على إنهاء تواجدها العسكري في شرقي قناة السويس بحلول عام 1971. وبالتالي، منحت بريطانيا دول الخليج العربية عملياً كامل السيادة على أراضيها، ولكن تظل كل هذه الهواجس هواجس لتقارب دبلوماسي حذر بين الإدارة الأمريكية وإيران برئاسة روحاني الحذر هو الآخر لا يمكن اليقين بأي نتائج لها في النهاية.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)