آخر الأخبار
 - مؤتمر الحوار الوطني في اليمن

الأحد, 24-مارس-2013 - 03:01:47
مركز الاعلام التقدمي- صنعاء -

اعتبرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية انحدار الحالة الأمنية في أنحاء البلاد والاقتصاد المحطم ووجود فرع القاعدة بشكل متزايد والجماعات المسلحة الأخرى التي تتنافس لنيل الحكم الذاتي، اعتبرت جميع ما سبق يدفعون باليمن إلى حافة وضع الدولة العاجزة. وقالت في تقرير للكاتبة لورا كاسنوف: لكن هذا الأسبوع، البلد المتقلب الواقع في جنوب شبه الجزيرة العربية يحاول حل الكثير من أزماته المتشابكة بطريقة قديمة: بمؤتمر حوار.
 
بتدشينه في صنعاء في 18 مارس، يجمع الحوار الوطني في اليمن 565 مندوباً من مختلف الطيف السياسي والاجتماعي في البلاد لعقد مباحثات لمدة ستة أشهر تهدف إلى حل الخلافات سلمياً، مشيرة إلى أن الحكومة شجعت هذه المبادرة بشكل كبير من خلال وسائل الاعلام الرسمية وحملة دعائية تروج مراراً وتكراراً بأن الحوار هو الحل الوحيد، حتى أن أجهزة الصراف الآلي في صنعاء تذكر عملائها بـ”دعم الحوار الوطني”.
 
وأكد التقرير أن الرهانات عالية.. حيث أنه يتم السعي لتعديل الدستور وتسوية الصراعات التي لا تعد ولا تحصى في البلاد وإنشاء نظام جديد للحكم، أي أن مؤتمر الحوار يهدف إلى إعادة صياغة العقد الاجتماعي في اليمن، منوهاً بأن الحوار هو أحدث خطوة في العملية الانتقالية التي بدأت مع الاحتجاجات الشعبية عام 2011، عندما وافق الرئيس طويل الفترة في الحكم علي عبدالله صالح على تسليم السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي، وذلك كجزء من اتفاقية بوساطة دولية.
 
وأشار التقرير إلى أن المبادرة الخليجية صاغها مسئولون يمنيون إلى جانب دبلوماسيين غربيين.. حيث قال التقرير: الاتفاقية، التي صاغها مسئولون يمنيون إلى جانب دبلوماسيين غربيين وتم إعطاء دول مجلس التعاون الخليجي شرف ختم المصادقة عليها، نصت على أن يبقى هادي على رأس هرم السلطة لفترة انتقالية مدتها سنتين خلالها يمكن للحوار الوطني أن يزيل الفوضى التي خلفها صالح ورائه.
 
وأضاف التقرير: منذ ذلك الحين، تدفقت المساعدات الأجنبية بملايين الدولارات إلى البلاد، وتوافد الخبراء والمتخصصون الدوليون في الدستور والمصالحة إلى صنعاء لتسهيل هذه العملية.
 
وحتى الآن، بدأ الحوار بداية هادئة نسبياً. وبينما عدد من الشخصيات الهامة، منهم رئيس الوزراء محمد باسندوه والزعيم القبلي المؤثر حميد الأحمر وصاحبة نوبل للسلام توكل كرمان، يرفضون حتى الآن المشاركة، حضر غالبية الممثلين الـ565 جلسات الأيام الأولى للحوار، على الرغم من أن ذلك قد يكون له علاقة ما مع حقيقة أنهم يتقاضون حوالي 100 دولار يوميا.
 
ولفت التقرير إلى أن مشايخ القبائل، الذين اعتادوا على مواقع السلطة، وافقوا على الجلوس في غرفة واحدة مع أولئك الذين يمثلون أدنى الطبقات في المجتمع اليمني. آخرون رفعوا اصواتهم لإيقاف الخطابات تعبيرا عن الآراء المعارضة، لكن تم إقناعهم بكبح جماح أنفسهم قبل إحداث أي تعطيل كبير في إجراءات الحوار.
 
وتسألت المجلة عما قد يحققه الحوار الوطني على أرض الواقع. فليس فقط أن الفصائل المختلفة قد رفضت العمل معا في الماضي، بل أن عدداً من المندوبين في مؤتمر الحوار قد قادوا رجالهم المسلحون إلى الاقتتال ضد بعضهم البعض في الماضي غير البعيد.
 
إنهم مشايخ قبليون أثرياء ورجال أعمال يقفون لجني أي فائدة من اقامة دولة أكثر ديمقراطية أو مجتمع مدني ينبض بالحياة.
 
وذكرت أن الفصيل الأكبر والأكثر نفوذاً في الحراك الانفصالي الجنوبي قد رفض المشاركة في المؤتمر على الإطلاق، مؤكدة أن اللامركزية وتمكين المسئولين المحليين تُعتبر حلولاً لنظام الحكم المطلق الذي مارسه صالح. يمكن للقادة المحليين التعامل مع احتياجات سكان اليمن أفضل من صنعاء البعيدة عنهم، وبالتالي سيستعيدون مساحات كبيرة من الأراضي الخارجة عن السيطرة إلى قبضة الحكومة المحلية.
 
وقال التقرير: من شأن وجود دولة يمنية أفضل توفير فرص اقل لجماعات مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد تستفيد من فراغ السلطة أو العثور على مجندين بين سكان المحافظات البعيدة من الساخطين الذين لطالما تم تجاهلهم من قبل الحكومة المركزية.
 
تم تصميم الحوار الوطني ليكون بمثابة آلية محلية لرفع اليمن من هذا الطريق إلى حكم أفضل. الفكرة الأساسية كانت صحيحة: الحوار هو آلية تقليدية لتسوية المنازعات في الثقافة القبلية اليمنية والأعداء يجلسون معا بشكل روتيني للعمل على تسوية خلافاتهم.
 
وأوضح التقرير أن ما هو غير واضح ما ستقوم به الحكومة الانتقالية أو المجتمع الدولي الذي يدعمها في حال فشلت العملية.. حيث أثبتت محاولات مماثلة للحوار في اليمن أنها غير مجدية، في عامي 1985 و1994 كان الصراع المسلح هو النتيجة.
 
وأضاف التقرير: الانفصاليون الجنوبيون والحوثيون شكلوا تحالفات مشبوهة مع الحكومة الإيرانية. وأمام كل ذلك، واصل نفوذ هادي في النمو، على الرغم من ضرورة الحد من سلطة الحكومة المركزية. وعندما فشلت الأطراف السياسية في التوصل إلى قرارات بشأن الحوار، تم إرجاع الأمر إلى هادي لتحقيق الشيء الصعب.
 
في بلد مليء بالذكريات الطويلة، وجع كل سياسي هو الآن على الطاولة والكثير من الصراعات الأشد دموية والأكثر منافسة هي معروضة على الحوار.
 
عندما تم تسريب قائمة مندوبي المؤتمر الشعبي العام للحوار الوطني إلى الصحافة المحلية، اعترضت مجموعات أخرى على تلك الأسماء. مندوبو المؤتمر الشعبي العام يتضمنون عدداً قليلاً ممن يُسمون بـ”قادة البلاطجة” الذي رتبوا عمليات قتل المتظاهرين العُزل في عام 2011. قائمة التجمع اليمني للإصلاح أثارت رداً مماثلاً: عدد من الذين وردت أسماءهم كمندوبين للإصلاح شنوا حرباً في شوارع صنعاء خلال الانتفاضة وهددوا بنهب المحافظات الجنوبية إذا لجأ الحراك الانفصالي إلى العنف. وليس ذلك بمستغرب، فقد زاد التوتر حتى قبل بدأ مؤتمر الحوار.
 
وفي الوقت نفسه، يشعر المتظاهرون الشباب المستقلون، الذين خيموا في شوارع المدن الرئيسية لأكثر من عام، بتهميشهم في العملية الانتقالية. هم مفكرون وواثقون من انفسهم وعازمون على بناء دولة يمنية أفضل، لكن على الرغم من دفعهم للتغيير في عام 2011، إلا أنه تم استبعادهم إلى حد كبير في عملية التخطيط لمؤتمر الحوار الوطني.
 
أعلن هادي اسماء 40 مندوباً شاباً ممن يُسمون بالمستقلين، الذين لا ينتموا للأحزاب السياسية، قبل يومين فقط من بدأ مؤتمر الحوار، وقليل منهم يبدون بشكل واضح أنهم فوق سن الـ40.
 
لكن الشباب أصحاب العقلية المستقلة ليسوا المشاركين الوحيدين في المؤتمر الذين شعروا بالتعاسة. فالسياسيون في صنعاء الذين صاغوا الاتفاقية الانتقالية بالغوا بالمدى الذي يمكن للحراك الانفصالي الجنوبي الوصول إليه وقللوا من مدى شعبية الجناح الأكثر تطرفا في الحراك.
 
وأكد التقرير أنه على الرغم من كل عمليات التخطيط، فإن مصداقية الحكومة الانتقالية مع الجمهور اليمني لا تزال متدنية بشكل مؤسف. فبينما يدعم اليمنيون فكرة الحوار من حيث المبدأ، فهم يشعرون بأن الكثير من أولئك المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني كانوا السبب في المقام الأول في مشاكل الحكومة. ويرون القادة السابقون، مثل عائلة صالح وغيرهم من السياسيين البارزين من قريته ونفس مشايخ القبائل من قبل احتجاجات 2011، لا يزالوا الأكثر قوة. ربما أن الأسوأ من ذلك كله أنهم يرون أن أجرة الباص قد تضاعفت خمس مرات مما كانت عليه قبل عامين فقط حسب ما جاء في التقرير- معتبرا أنه حتى لو أن جزء صغير من الـ565 مندوباً كانوا قادرين على الجلوس في غرفة واحدة دون اندلاع صراع كبير خلال فترة عملية الحوار التي تمد لأشهر طويلة وتمكنوا من الالتزام بقواعد المؤتمر، أعتبر ذلك سيكون إنجازاً.
 
وليس من شك في أن الحوار على المدى الطويل سوف يفرز نتائج مثمرة في بعض القدرات وإن كان من المحتمل ألا يكون ذلك إلا على الورق.
 
وأفاد التقرير أن العقوبات الدولية لا تزال على الطاولة بالنسبة للأفراد الذين يعرقلون العملية الانتقالية. والتهديد بفرض عقوبات من هذا القبيل قد يكون كافيا لمنع المعرقلين من تقويض العملية برمتها.
 
وبالرغم من أن أكثر قادة الانفصال الجنوبي يرفضون الانضمام إلى المؤتمر، فمن المرجح أن يكون الحوار الوطني الشامل عديم الفعالية.
 
عندما بدأ المندوبون حوارهم في صنعاء، أصبح مستقبل اليمن معلقاً في الميزان. الكثير رجحوا ضآلة فرص نجاح الحوار. وقد أوضحها أحد المسئولين اليمنيين عندما سُئل عما إذا كان مشاركاً في المؤتمر، فقال: “الحمد لله أنا لست مشاركا”.
 * نقلا عن أخبار اليوم



أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)