آخر الأخبار
 - تجاوز رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اختبار تشكيل حكومته الثالثة بصعوبة بالغة، والتي استمرت مفاوضات تشكيلها خمسة أسابيع كاملة...

الأربعاء, 20-مارس-2013 - 13:51:39
مركز الإعلام التقدمي- معهد العربية للدراسات -

تجاوز رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اختبار تشكيل حكومته الثالثة بصعوبة بالغة، والتي استمرت مفاوضات تشكيلها خمسة أسابيع كاملة بعد أن منحه الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز أسبوعين إضافيين بعد انتهاء المهلة القانونية.
ويدلل تشكيل الحكومة رقم 33 في تاريخ الدولة العبرية على فرض يائير لابيد زعيم "هناك مستقبل"، ونفتالي بينيت رئيس "البيت اليهودي" شروطهما على نتنياهو باستبعاد الأحزاب الحريدية من الائتلاف الحاكم وحصول الحزبين على الحقائب الرئيسية (غير الأمنية) في الحكومة وهي المالية والتجارة والصناعة والتعليم والإسكان.
فقد نجح التحالف بين لابيد وبينيت في إجبار نتنياهو على التخلي عن حلمه بتشكيل ائتلاف حكومي واسع، واقتصار الحكومة الجديدة على أربعة تكتلات فقط هي "الليكود – بيتنا" (31 مقعداً في الكنيست) و"هناك مستقبل" (19 مقعداً) و"البيت اليهودي" (12 مقعداً) و"الحركة" (6 مقاعد)، مما يجعل قاعدة تأييد الائتلاف الحاكم داخل الكنيست تقف عند 68 نائباً من إجمالي 120 مقعداً.
هذا المشهد الائتلافي يضعنا أمام حكومة من دون "حزب قائد"، حيث إن تكتل حزبي "الليكود" و"إسرائيل بيتنا" يتساوى في عدد المقاعد مع تحالف "هناك مستقبل" و"البيت اليهودي" (31 مقعداً لكل منهما)، بينما تبقى أصوات حزب "الحركة" بزعامة تسيبي ليفني هي "رمانة الميزان" التي ستحسم الخلافات بين التكتلين الرئيسيين في الحكومة، وبالتالي فنحن أمام ائتلاف "مهتز" يمكن أن يتحطم على صخرة أي خلاف بين مكوناته الرئيسية، وبالتالي الدفع نحو انتخابات مبكرة جديدة في إسرائيل.
بالتوازي، فإن الحكومة الجديدة تضم خمس قيادات تمح كل منها في تولي دفة القيادة بالدولة العبرية خلال السنوات المقبلة وهي لابيد وبينيت وليفني وأفيجدور ليبرمان وموشيه يعلون بالإضافة إلى رئيس الحكومة نيتانياهو. فهي حكومة "جنرالات" بلا "جنود"، مما يزيد من حدة التوترات وسخونة الخلافات داخلها بدافع بحث كل مكوناتها عن دور الزعامة وابراز صحة خياراته السياسية.
وفي النهاية فهي حكومة يمين وسط بامتياز، حيث إن 19 وزيراً من إجمالي 22 وزيراً بها ينتمون لمعسكر اليمين السياسي تاريخياً، بل أنها تضم نحو 12 وزيراً يدافعون بشكل مباشر وواضح عن التوسع في الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة.


حكومة يمين الوسط: دعم المستوطنات ومواجهة الحريديم


تنتمي الحكومة الإسرائيلية الجديدة بشكل واضح إلى معسكر يمين الوسط. فهي تتبنيى خطاباً سياسياً يقوم على دعم المستوطنين وبناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة بالإضافة إلى تجنب الحديث مباشرة عن مفاوضات مع الفلسطينيين. واجتماعياً، تدافع مكونات الحكومة الجديدة عن السوق الحر وتراجع دور الدولة اقتصادياً لصالح آليات السوق. وبالتوازي، فإن هذه الحكومة تتبنى أجندة واضحة بشان ضرورة تجنيد طلاب المدارس الدينية المتشددة "الحريديم" في الجيش الإسرائيلي.
ولا يمكن فهم برنامج حكومة نيتانياهو الثالثة دون إدراك مكونات هذا الائتلاف الحاكم الجديد والتي تضم 7 وزراء من حزب "الليكود" منهم بنامين نيتانياهو رئيس الوزراء ووزير الخارجية - لحين الفصل في قضية حليفه أفيجدور ليبرمان – وموشيه يعلون وزير الدفاع وجدعون ساعر وزيراً للداخلية وإسرائيل كاتس وزير المواصلات وجلعاد اردان وزيراً للاتصالات وسيلفان شالوم وزير الطاقة ويوفال شتاينتس وزير العلاقات الدولية إلى جانب تعيين داني دانون نائباً لوزير الدفاع. وجميع وزراء "الليكود" باستثناء إسرائيل كاتس من المؤيدين للاستيطان والمدافعين عن المستوطنين. وهو ما أظهرته أول تصريحات لهؤلاء الوزراء مع اداء اليمين القانوني يوم ١٨ مارس، حيث أكد داني دانون نائب وزير الدفاع الإسرائيلي أن حكومة نيتانياهو ستعزز الاستيطان في الضفة الغربية والجليل والنقب، مشيراً إلى أن "عهد إيهود باراك (وزير الدفاع السابق) انتهى .. والحكومة الجديدة ستعزز المستوطنات".
وكان دانون قد اتهم قبل سنوات باراك بعرقلة بناء وحدات جديدة في مستوطنات الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وعلى خط المواقف المعادية للفلسطينيين لأعضاء الحكومة الجديدة، نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن مقربين من وزير الدفاع الجديد موشيه يعلون قولها إنه يعارض أي محاولة لتقديم بوادر حسن نية للفلسطينين لإقناعهم باستئناف مفاوضات السلام، بالإضافة إلى معارضته تجميد البناء في المستوطنات أو نقل مناطق أخرى إلى السيطرة الأمنية الفلسطينية أو إطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين. وأشارت المصادر إلى أن يعلون يعتبر مثل هذه الخطوات بمثابة "ابتزاز من جانب السلطة الفلسطينية قبل استئناف المفاوضات".وبالنسبة للجناح الثاني لتكتل "الليكود - بيتنا"، هناك أفيجدور ليبرمان - الذي ينتظر توليه وزارة الخارجية - والمعروف بتأييده للمستوطنيين وبخطته لتهجير فلسطيني ٤٨ إلى اراضي الضفة الغربية عبر خطة تبادل الأراضي.
وبجوار "صقور" تكتل "الليكود - بيتنا" فإن الحكومة الإسرائيلية رقم ٣٣ تضم حزب "البيت اليهودي" اليميني المتشدد والذي يمثل سياسياً المستوطنيين في الضفة الغربية. وتمكن هذا الحزب من الحصول على الوزارات الخدمية التي يمكن أن تساهم في تعزيز بناء الوحدات الاستيطانية فزعيم الحزب نفتالي بينيت تولى وزارة التجارة والصناعة فيما حصل القيادي في الحزب أوري آريئيل على وزير الإسكان المحورية في منح التراخيص لبناء الوحدات الاستطيانية بالضفة الغربية. ويبدو ان آريئيل مصمماً على نهج سياسة تقوم على منح "قبلة حياة" جديدة للاستيطان، حيث صرح قبل ساعات من أداء اليمين القانوني بأن الائتلاف الحكومي سيواصل توسيع المستوطنات "اليهودية" كما كانت تفعل الحكومات السابقة. وشدد على أن "اسرائيل خصصت الجزء الاكبر من خططها لعمليات بناء المساكن للمناطق الأقل سكاناً داخل حدودها السيادية في صحراء النقب في الجنوب ومنطقة الجليل في الشمال". وتجيء هذه التصريحات في سياق تفعيل مباشر للخطة التي أعلنتها إسرائيل قبل ٣ أشهر لبناء اكثر من ١١ ألف مسكن جديد في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة لتضاعف مرتين تقريباً عدد المساكن التي شيدت في ظل حكومة نيتانياهو السابقة.وربما يحسم تشكيل الحكومة الأمنية المصغرة توجهات هذه الائتلاف لتعزيز الاستيطان، حيث تضم كل من نيتانياهو ولابيد وبينيت وليفني وموشيه يعلون وداني دانون. مما يعني أننا أمام حكومة أمنية تضم ٤ من بين ٦ اعضاء من المدافعين صراحة عن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية. فقد أصبحت ليفني - المسئولة عن ملف المفاوضات مع الفلسطينيي- في ظل هذه التركيبة الحكومية محاصرة بـ"الصقور"، مما يرجح عدم استمرارها طويلاً في هذه الحكومة لتصبح أقرب المنسحبين من الائتلاف الحالي.
أما بالنسبة للأولوية الثانية للحكومة الجديدة فهي تجنيد الطلاب المتدينين "الحريديم"، حيث إن لابيد زعيم "هناك سمتقبل" نجح عبر التفاهمات مع "البيت اليهودي" في فرض أجندته الخاصة بضرورة تجنيد "الحريديم" في سن ٢١ عاماً في المؤسسة العسكرية أو الخدمة المدنية مما يعني زيادة بنحو ٧٠٪ في عدد المنخرطين في الخدمة العسكرية من إجمالي الطلاب الحريديم سنوياً. وربما يدفع تطبيق ما يعرف ببرنامج "تقاسم العبء الوطني" إلى صدام حاد داخل الكنيست بين الحكومة والأحزاب الحريدية. ويشير بعض المحللين الإسرائيليين إلى أن المواجهة قد تمتد إلي الشارع عبر "عصيان حريدي" في مواجهة محاولات الإجبار على التجنيد في الجيش. وربما لن يندفع نيتانياهو في مواجهة من هذه الشاكلة خلال الفترة المقبلة خشية خروج الأمور عن السيطرة ولكنه سيواجه في المقابل بإمكانية تلويح لابيد بالخروج من الحكومة وفقدانها للأغلبية داخل الكنيست.


موشيه يعلون وتراجع احتمالات الحرب مع إيران


اعتبر المحللون الإسرائيليون تعيين الجنرال السابق موشيه يعلون وزراً للدفاع خلفاً لإيهود باراك (الذي اعتزل العمل السياسي) بمثابة رسالة مزدوجة من نيتانياهو للمنطقة والولايات المتحدة وهي تراجع رئيس الوزراء عن هدف "ضرب إيران" فوراً ورفضه للسير قدماً في مفاوضات السلام مع الفلسطينين في اللحظة الراهنة.
فيعلون يمثل أحد "صقور" حزب "الليكود" الذي يؤيد بشدة التوسع في الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة ويتحفظ على التفاوض مع الفلسطينيين، في الوقت الذي يعارض فيه شن إسرائيل "ضربة عسكرية" ضد المنشآت النووية الإيرانية بشكل منفرد.
فالجنرال يعلون - الذي تولى منصب رئيس الأركان خلال العقد الماضي- يتبنى اجندة أمنية مغايرة لاجندة باراك. وبحسب صحيفة "يجروزاليم بوست" فإن يعلون وضع البرنامج النووي الإيراني في مقدمة اولوياته خلال الفترة المقبلة معتبراً أنه الخطر الرئيسي الذي يهد أمن الدولة العبرية. ولكن وضع الملف الإيراني في المقدمة لا يخفي كون يعلون كان أحد الاقطاب المعارضة لخطاب نيتانياهو بشأن ضرورة توجيه ضربة عسكرية وقائية ضد المنشآت النووية الإيرانية بشكل منفرد، حيث يعتبر يعلون أنه يجب منح الولايات المتحدة الفرصة للتعامل مع الملف الإيراني قبل أي تدخل من الدولة العبرية. ولعل هذا السبب الذي جعل الإدارة الأمريكية تستقبل اختيار يعلون وزيراً للدفاع في الحكومة الإسرائيلية الجديدة بارتياح بالغ.
بالتوازي، فإن يعلون يضع التهديد الفلسطيني في نهاية اولوياته كوزير للدفاع. وهو ما اعتبره عدد من المحللين الإسرائيليين بمثابة اعتراف عن تراجع "التهديد" الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة بعد وصول الإخوان المسلمين للسلطة في مصر. ولكن يظل موقف يعلون "المتشدد" بشأن رفض المفاوضات مع السلطة الفلسطينية محورياً في هذا السياق، حيث يعتبر أن محمود عباس "أبومازن" ليس شريكاً محتملاً للسلام في الوقت الراهن في ظل الانقاسام الفلسطيني وضعف السلطة.
ويشير عدد من المحللين العبريين إلى أن يعلون سيركز خلال الفترة المقبلة على ضبط الاتصالات مع الجانب المصري بشأن تأمين شبه جزيرة سيناء. وأنه سيسعى – على الأرجح – إلى خلق نوع من الجسور عبر الأجهزة المصرية مع حركة "حماس" في قطاع غزة. ولكن في المقابل، فإن يعلون سيكون صوتاً مرجحاً في الائتلاف الحاكم الجديد لدعم توسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة مما يزيد احتمالات التصعيد في الضفة ضد الفلسطينيين خلال توليه المنصب بالتوازي مع هدوء على ساحة القتال مع قطاع غزة.


مستقبل "مهتز" للائتلاف الحاكم
سعى التحليل السابق لرسم مشهد توازنات القوى "القلق" للحكومة الإسرائيلية الجديدة. وهو التوازن الذي يجعل الائتلاف الحكومي في حالة "اهتزاز" متواصلة مع أي خلاف قد ينشب على طاولة الحكومة. ولعل التركيبة الحكومية الجديدة تعكس نتيجة الانتخابات - التي اجريت في ٢٢ يناير الماضي- وأظهرت انتهاء ظاهرة "الحزب القيادي" في الدولة العبرية لصالح تقسيم الأصوات بحسب أولوية كل مجموعة تصويتية من مستوطنيين وطبقة وسطى وشباب وحريديم. فحزب "الليكود" يملك فعلياً أقل من ٢٠ مقعداً في الكنيست وهي أقل عدد من المقاعد التي حصل عليها حزب حاكم في الدولة العبرية عبر تاريخها، حيث إنه في حال تفكك تكتل "الليكود - بيتنا" فإن مواب "إسرائيل بيتنا" الـ١٢ سيعودون إلى بيتهم القديم تحت قيادة ليبرمان. بالتوازي فإننا أمام تكتلين متساويين "الليكود - بيتنا" و"هناك مستقبل- البيت اليهودي" وكلاهما لا يمكنهما ضمان الأغلبية في الكنيست خارج التحالف مع الآخر، مما يجعل مشهد "عض الأصابع" مستمر في كافة النقاشات داخل الحكومة.
بالتوازي فإن هذه الوضعية جاءت في سياق اضطرار نيتانياهو لتبني "أسوأ" السيناريوهات لتشكيل الحكومة الائتلافية، عبر التخلي عن الأحزاب الحريدية التي تمثل "قاعدة" مناسبة سياسية لتوفير أصوات في الكنيست دون ثمن سياسي. في مقابل التحالف مع لابيد وبينيت وليفني. وهو التحالف الذي يحتم على نيتانياهو دفع أثمان سياسية باهظة سواء بعدم القدرة على المساومة مع الأمريكيين بشأن قضية توسيع المستوطنات، بالتوازي مع ضرورة الحفاظ علي خطاب ينزع للتسوية لضمان بقاء ليفني مع "العداء" للحريديم للحفاظ على لابيد.. هذه المعادلة الصعبة تدلل علي أن الحكومة الجديدة لن تبقي طويلاص. ولعل عامل بقاءها الوحيد هو تزايد لهيب "حريق" الشرق الأوسط وخشية النخبة الإسرائيلية من أي اهتزاز في لحظات فارقة في تشكيل خريطة المنطقة سياسياً، مما يجعلها تتجنب خلافاتها الايديولوجية لصالح الحفاظ على أمن الدولة العبرية.
 
*الدراسة من إعداد: أكرم ألفي

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)