آخر الأخبار
 -  بادئ ذي بدئ، فاني اعلن انا المواطن، نبيل الصوفي، أني متنازل عن أي نصيب لي من الوعود التي تغرف بالمفرد والجملة

الأحد, 17-مارس-2013 - 11:59:05
مركزالاعلام التقدمي- نبيل الصوفي -

 بادئ ذي بدئ، فاني اعلن انا المواطن، نبيل الصوفي، أني متنازل عن أي نصيب لي من الوعود التي تغرف بالمفرد والجملة، باسم مؤتمر الحوار الوطني -المحدد انطلاقه في اليمن الاثنين المقبل 18 مارس.
لم نكاد نترك عبئ شعارت ووعود، "الاسلام هو الحل"، "الوحدة هي الحل"، الديمقراطية، هي أم الحلول"، والان لكأننا اكتشفنا منتج اسمه "الحوار الوطني".
ولاتزال مفاعيل وعي، فاسد شعاره "الثورة هي الحل"، من عشرات السنين، تعصف ببلداننا التي بسبب ارتفاع نسبة فقرها، وتدني نسبة وعيها، وكثافتها السكانية، وتعدد مراكز صراعاتها، هي الأكثر حاجة لانتقالات غير رادكالية، تحفظ التغيير، الذي لطالما كانت الثورة هي عدوه الأول.
ومن هنا، فان التعامل الثوري، من قبل الجميع، مع "مؤتمر الحوار"، يتطلب وقفة ناقدة.. واقصد بالتعامل الثوري، هو تقديمه كأنه "الخلطة السحرية"، التي "لم يخلق مثلها في البلاد".
ان تاريخ اليمنيين، هو حوار، يحمل فوق طاقته، فينهد على رؤوس الآمال، ونواصل نحن بعد ذلك، الانقسامات والصراعات والاتهامات، من هو الذي أفشل الحوار..
ومن هنا، فاني المهمة الأولى، لوسائل الاعلام، هي مكافحة هذا التضليل المركزي، الذي يحظى بالاجماع، ويمارسه الجميع، وكل منهم يهرب من ضغط يخصه، لرفع سقف الحديث عن امال الحوار.
وانا هنا لا اطالب، مواجهة "مؤتمر الحوار"، بل حمايته..
ان اليمن، محكومة بثلاثة مستويات:
- مؤتمر الحوار.
- مراكز القوى.
- مؤسسات النظام السابق، من حزب الاصلاح، الى حزب اتحاد القوى الشعبية، وكل حزب على الساحة، شمالا وجنوبا، ومن مؤسسة الرئاسة وحتى ادارة المديرية.
وهذه الثلاث ذات مسارات منفصلة..
وقد يكون نجاح مؤتمر الحوار، استفزاز لمراكز القوى، ذات المشروعية غير السياسية.. كما أنه بدون الضغط على مكون المستوى الثالث، بمراجعة ادائه، كل يهتم بنفسه وادائه هو.. لا يوجه النصائح للآخر.
فلم يحدث للان، أن رزقت هذه البلاد، بأي قوة، تعتبر التغيير الذاتي أهم الموارد البشرية لها. كلنا نطالب غيرنا أن يتغير.. ثم نكافح رفضه للتغيير..
ولهذا، ومن هدا المنبر، ادعو وسائل الاعلام، لعدم الوقوع في فخ، لعب دور المؤذن بين يدي خطيب الجمعه، الذي كل مهمته مناداة الناس أنه "اذا صعد الخطيب، على المنبر فلا احد يتكلم، ومن تكلم فقد لغى"..
اننا -كاعلاميين- مطالبون، بلعب دور أكبر، يبقي هذه المستويات، كلها تحت النقاش العام، غير أن القضية الأهم، الان هي أين هو الاعلام؟
ومع الروح الناقدة التي اتسمت بها الورقة، فاني اعتقد أنها وبسبب انها معنونة بالحديث عن "دور الإعلام في مواكبة وتهيئة أجواء الحوار الوطني ودعم عملية التحول الديمقراطي".. فانها تفسح المجال لبقية النقاشات لكي تؤدي دورها.
ويجدر بي هنا، كصحفي، شكر مؤسسة اليمن، لتصديها لمثل هذا النقاش، الذي يأتي بعد ركام عامين من اسوأ سنوات التاريخ الاعلامي في هذه البلاد..
لقد كان الاعلام، هو أكثر من يستفيد من صراعات الادوات القديمة، غير أنه في الأزمة الأخيرة، كان أكبر الخاسرين..


في الطريق للحوار
من المؤسف له، أن الحوار، صار كأنه مهمة لمؤتمر يضم قرابة 600، فيما ان الدعايات الاعلامية، تقول أنه مهمة وطنية لكل سكان الجمهورية اليمنية.
ومن هنا، فاني اعتقد أن مثل عنوان هذه الورقة، يصبح واحدة من أهم القضايا التي يتوجب أن تفكر فيها قيادة الدولة، وقيادة مؤتمر الحوار، وقيادات الفرق الحزبية..
فالاعلام، هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن عبرها، ادارة حوار أوسع بكثير، تكون مهمته اعادة الولاء للمشروعية الوطنية للدولة..
ان ازمتنا، تتجلى في أن "الثورة"، هدت مشروعية "الدولة"، في الوعي الشعبي، التي كانت بالكاد بدأت تتشكل في وعي شديد الصراعية.. ولأن هذ هذه المشروعية كانت ستفضي لمشروعية الصراع وتعدد القوى، فقد جائت المبادرة، وهدت عمليا "مشروعية" الثورة، فصارت بلادنا بلا مشروعية شعبية يتجه لها وعي الناس ويؤمن بها..
وهاهي الان فرصتنا جميعا، لاحلال مشروعية "الحوار"، التي تعني التوافق على أن اليمن بلد يحكمه ابناؤه، وليس القوي منهم ولا الأكثر قدرة لا على القمع ولا التحريض.
وهذه، قد لايجدي معها مؤتمر مفصل لمهمة تنظيمية، ومن يقرر نجاحها من عدمه، هي وسائل الاعلام.


في الطريق لتحميل الاعلام مهامه
لدينا تعقيدات، وصراعات حتى على مستوى، الالفاظ، فضلا عن مايتعلق بالقضايا الكبرى، بمافيها قضايا حرية التعبير، ومسؤلية وسائله، في أن تدرك انها ادوات حديثه، وأي ادارة لها كانها ملحقات بالقوى القديمة، يجعلها مثل الماء حين تزداد فيه نسبة الهيدروجين.. حتى وهو ماء لايعود صالحا لشيئ.
غير أن ثمة مسؤليات عدة، يتوزعها الجميع:
فهذه النخبة، التي تحضر هذه الندوة، عليها مراجعة الاسباب وراء غيابها عن ساحات النقاش عبر الاعلام.. اني كصحفي، اسهل لي الحصول على رأي، خطيب مسجد، او شيخ، من أن اتوصل لمعرفة رأي نخب التكنوقراط المختلفة..
ثم على الاطراف، ان تطلق الحرية لاعلامها، لكي يدير نقاشات، حول القضايا، بما يمكن اعضاء مؤتمر الحوار، من رؤية اتجاهات الشارع اليمني..


حوارات الفضاء الأهم
يتوجب أن نرى، في الاعلام نموذجا لمانريده بعد مؤتمر الحوار، في قضايا الحرية الاعلامية..
من غير اللائق، أن يصبح الاعلام الرسمي، كما كان، فالتغيير ليس أن يتمكن طرف، من أن يمارس حصته من القسر والتضليل والحجز والحظر.. بل أن تتوقف هذه الممارسات للأبد.
اننا بحاجة لنقاش اعلامي، حول قضايا الوحدة، والدولة، والثورة والنظام، وفي الوقت الذي سيكون رائعا أن نسمع اراء من يقولون ان ماشهدته اليمن هي ثورة، خلعت الرئيس السابق، في قنوات المؤتمر الشعبي العام، فان استمرار اعلام المشترك، الذي وقع المبادرة، متنازلا بهذا عن الثورة، مقابل تنازل "علي عبدالله صالح"، عن "الدولة"، بمنع أي رأي عبره يقول أن هذا تضليل..
لم تشهد اليمن، مؤامرة، كما يقولها المؤتمر الشعبي العام، ولا كانت ثورته هي الرشاد الذي تحتاجه اليمن، كما يقول المشترك..
ومع ان الحوار، سيكون اول اختباراته، هو كيف نقنع الاطراف التي تعتقد أن "الثورة" غيمة، وهي "عمر بن عبدالعزيز"، الذي يجب أن يؤول له خراجها..
كما علينا اقناع، الاطراف الاخرى، واقصد بها من نجت من التآمرات تحت ستار الثورة، أن الناس لم يخرجوا فقط دعما للتآمر، بل كانوا اصلا يعبرون عن حاجتهم "للتغيير" الذي، كان يتوجب عليه هو أن يدرك استحالة أن ينجزه هو، لاسباب موضوعية اعتيادية.. وليس منها تلك التي يتحدث عنها خصومهم من حديث عن توريث وفساد واستبداد.
لقد كانت اليمن، تستحق انتقالا، فشلت نخبتها الحالية في انجازها، قبل ازمة العامين الماضيين، ومما يثير المخاوف، ان الفرصة عادت مرة أخرى ليد هذه النخبة، وليس لدينا الا ان ننتظر، كيف ستتصرف مع فرصتها الاخيرة، او فشلها الاخير..
في الوحدة، ليس ثمة معنى واحد للوحدة.. فثمة مبدأ صوفي ان الوحدة عبادة.. وهو نقيض تام لحكاية الوحدة الواجبة شرعا. وهي اراء نريد ان نسمعها في الاعلام المتعدد.. لكي نفتت كتل الصراع الاطلاقية..
ان ازمة الوحدة، هي ازمة الحوار…
اطراف يمنية كل منها يرفع نفس الشعار، ثم يصارع الاخر الذي يرفع نفس الشعار..
كنا نحرم الحزبية وفي يوم ونص اصبحت الحزبية قميص لبسناه.
والان، المركز يمارس الانفصال عن المجتمعات المحلية، ثم يتهمها هي بانها هي الانفصالية..
وهي مع ان مصلحتها في انها تبحث عن سلطة محلية لها، لكنها في الحقيقة لاتفعل أكثر من أن تنافس المركز، في محاولة أن تلعب هي دوره.
وعلينا ان نقول لارباب الخطاب الديني، لاتفتوا لنا عن وجوب الحوار، لانكم أول من لايتلزم به، لازلتم تصارعون الامام الهادي وابن تيميه.. وتقسمونا فرقا للصراع الدائم..


يمن التعددية
في حديث الاستاذ عن إشكاليات الانتقال إلى التعددية في البيئة الإعلامية اليمنية، ثمة اشارات اريد اضافتها، وهي أن اليمن، لاتشبه أى دولة أخرى..
اني حين اسمع عبارات، الثورة ضد الاستبداد، والحكم الفردي، من ايام الامام يحى، وللان، اسأل: لماذا اذا لم نخرج من دواماتنا اذا كانت هذه التوصيفات صحيحة..
كل عهد جديد، يصارع، فقط ليستولي على امكانيات العهد القديم، ثم بعدها يبدأ يسير على نفس خطاه..
ان القضية الاهم، ان هذه البلاد، شمالا وجنوبا، ليس بيئة لغير التعدد..
لم يحدث ولا مرة، أن احدا قدر في هذه البلاد قدر على أن يكون هو المصدر الشرعي والوحيد للتوجهات..
حتى تلك الدعايات التي افرزتها الحرب الباردة، ضد الحزب الاشتراكي اليمني، فللاسف انه في الوقت الذي كان خصوم الحزب، يتهمونه انه اذا "سقط مطر في موسكو، رفع مظلاته في عدن"، كانوا هم، يفعلون ذات الشيئ، وكلما اطلقت توصيفات ضد الاشتراكية الدولية، رددوها هم على الوضع اليمني..


ملاحظات:
مع انبهاري بفنية الاستاذ في اخفاء القصدية السياسية العالية، التي تقف وراء جمل قالها من قبيل، "أصبحت اليمن مقرا رئيسيا لتنظيم (القاعدة) في شبه جزيرة العرب برعاية دينية وقبلية محلية، والذي يضع في صدارة أهدافه إسقاط نظام الحكم في المملكة العربية السعودية، والاستيلاء على باب المندب ومحاربة المصالح الأميركية والأوروبية في المنطقة".
وخطابه التعريفي للاخوان المسلمين، فاني اعتقد أن هذه القضايا كلها، تؤكد أننا بحاجة، لحوار يقوده الاعلام..
يعيد به فحص تراث الصراعات، الضخم لدينا.. ويعيد فرز الاوليات، فدينا مصايب كافية، ابتداء من القاعدة، ومرورا بتقاطعات الصراعات الاقليمية والدولية، اضافة الى عوائق المجتمع المحلي، الذي اعتقد انه اكثر مجتمعات العالم العربي، هشاشة..
اليمن، تعاني من ازمات اهم الف مرة من النظام السياسي، كالقيم الاجتماعية التي لكأنها "هوية وطنية لليمني"، كاهمال العلم، والتكاسل عن اداء الواجبات، مقابل تصاعد المطالب بالحقوق، وترهل قيم العمل، وفساد قيم الشراكة، واللاقيمية السياسية، واللامعيارية في التعامل مع المواقف والافكار.
كل هذا، لن يحل الا أن، ندير حوارات، اوسع من حلقات مؤتمر الحوار..
وادواته الطبيعية، هي الاعلام، ولاشيئ سواه.
وهناك الاختبار الأول.. ومن يفشلون في التحاور، خارج المؤتمر.. في صحفهم وقنواتهم.. كيف لهم ان ينجحوا ميدانيا..
الاعلام صوت، واذا اصلحوا حناجركم، ولا تعاتبوا اصواتكم لان بها بحة..
والله ولي الهداية والتوفيق.



أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)