آخر الأخبار
 - تستعرض هذه الدراسة التي أعدها الدكتور عبد اللطيف الحناشي، لمعهد العربية للدراسات، ظاهرة الاغتيال السياسي في تونس...

السبت, 09-فبراير-2013 - 12:34:59
مركز الإعلام التقدمي- د. عبد اللطيف الحناشي -

تستعرض هذه الدراسة التي أعدها الدكتور عبد اللطيف الحناشي، لمعهد العربية للدراسات، ظاهرة الاغتيال السياسي في تونس، التي يقول إنها غريبة على المجتمع التونسي، كما تكشف الدراسة أن الفقيد شطري بلعيد كان محاميا مدافعا عن بعض المساجين السلفيين.
ظاهرة تونسية غريبة ومحاولة ثالثة:
لم تعرف تونس المستقلة (1956) غير محاولة اغتيال سياسي واحدة تمثلت في استهداف صالح بن يوسف الرجل الثاني في الحزب الدستوري، الديوان السياسي، في سويسرا سنة 1961، وفي عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي تعرّض صحفي تونس كان يعمل في النسخة العربية من جريدة "لومند ديبلوماتيك" الفرنسية لمحاولة اغتيال باءت بالفشل. لذلك يمكن القول إن الاغتيال السياسي في تونس ظاهرة غريبة على حقل الممارسة السياسية في البلاد.
وتعدّ عملية اغتيال شكري بلعيد، أمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد والمنسق العام للجبهة الشعبية، والتي تضم تحالفا واسعا بين الأطراف الماركسية والمستقلة وبعض الأطراف القومية وتأسست في أول عملية من هذا النوع تحدث على أرض تونس وكانت بعد ثورة الحرية والكرامة.
فلماذا استهدف شكري بلعيد بالذات دون غيره من القيادات السياسية؟وما هي العوامل التي ساعدت على ارتكاب هذه"الجريمة"ذات الطابع السياسي؟وما هي تداعياتها على الوضع السياسي في تونس بشكل عام و بين القوى المدنية والقوى ذات المرجعيات الإسلامية بشكل خاص؟ هذا ما تحاول هذه الورقة الإجابة عليه.
لماذا شكري بلعيد؟
يعتبر شكري بلعيد أحد أرز القيادات السياسية والحقوقية في تونس، سُجن في عهدي بورقيبة وبن عليّ وكان من موقعه كمحام من بين قلة من زملائه الذين دافعوا عن السلفيين ضحايا قانون الإرهاب وعلى شباب انتفاضة الحوض المنجمي(2008)، وكان له دورا فاعل في قطاع المحاميين لمساندة الثورة التي انطلقت من سيدي بوزيد.
تولى شكري بلعيد منصب المنسق العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد(حصل على تأشيرة العمل في مارس 2011) و ساهم في تأسيس الجبهة الشعبية (تشكلت في تشرين /اكتوبر 2012 وهي تحالف أحزاب يسارية و عروبية وقومية في أكتوبر 2012).وعُرف بلعيد بوضوح مواقفه و بخطابه السياسي الصريح المباشر والحادّ،احيانا، و"بتحديه"للسلفيين و لحزب النهضة وابرز قياديه ومنهم خاصة وزير الداخلية عليّ العريض و راشد الغنوشي رئيس الحزب...الأمر الذي أزعج الأحزاب والتيارات ذات المرجعية الإسلامية عامة و حزب النهضة،قيادة وكوادر وقواعد خاصة..
وتعرّض الفقيد لعنف لفظي عدة مرات كما تم تهديده بالقتل واستباحة دمه من قبل احد أيمة المساجد..وحمّله وزير الداخلية شخصيا مسؤولية التحريض على اندلاع بعض الإضرابات التي شُنت في كثير من القطاعات المهنية و بعض المحافظات ومنها خاصة إضراب محافظة سليانة(شمال غرب البلاد في نوفمبر من العام الماضي...)غير أن مواقف شكري بلعيد وخطابه السياسي ذاك لا يمكن أن يشكّلا مبررا لعملية الاغتيال تلك إذ لا يختلف بعض من زعماء المعارضة عنه من حيث شدة معارضتهم وحدّة خطابهم لذلك يمكن القول أن أهداف أخرى كانت وراء استهداف شكري بلعيد ومنها مزيد من إرباك الساحة السياسية وخلط الأوراق و زعزعة أمن واستقرار البلاد ودفعها إلى الفوضى خاصة.
الأزمة الاقتصادية والاجتماعية
فما الظروف التي ساعدت على انجاز تلك العملية؟
تعيش تونس بعد سنتين من الثورة أزمة مركبة: اقتصادية واجتماعية وسياسية حادة ومناخ مشحون بالعنف بجميع أشكاله من العنف اللفظي إلى العنف المادي.
وعرف الاقتصاد التونسي انكماشا قدر بحوالي 1.8%. نتيجة تعطل مشاريع التنمية و تراجع الاستثمارات الصناعية الوطنية والأجنبية سواء في المناطق الغربية من البلاد التي كانت مهد الثورة ، او في غيرها من المناطق كما تراجع قطاع السياحة الذي يمثل شرياناً رئيسياً للاقتصاد التونسي في الوقت أغلقت عديد المصانع والمؤسسات الأجنبية المستثمرة و على امتداد العامين الماضيين ، تفاقم العجز في الميزان التجاري بسبب تراجع تغطية الصادرات للواردات.
إذ ارتفعت قيمة الواردات بسبب اللجوء المتواصل لتوريد عديد المواد الأساسية وتقلص الإنتاج المحلي منها وتراجع صادرات عديد المواد الامر الذي ادى الى ارتفاع نسبة البطالة التي قفزت من 18.3٪ في شهر ماي 2011 إلى 17.6 ٪ في أواخر سنة 2012 وهي معدلات تبدو مرتفعة مقارنة بدول الجوار وبدول منظمة الاقتصاد والتنمية كما عرفت نسب الفقر ارتفاعا ملحوظا اذ وصلت الى 24.7 ٪ وفق الإحصائيات الرسمية لوزارة الشؤون الاجتماعية وذلك نتيجة لتدهور الطاقة الشرائية للمواطنين وغلاء الأسعار مع عجز الحكومة على تنفيذ وعودها التي طرحتها على الناخبين قبل الانتخابات الماضية الأمر الذي تسبب في اندلاع احتجاجات ذات طابع اجتماعي في اغلب المناطق المحرومة.
وعرفت تونس بعد الثورة أكثر من 27.557 حركة احتجاجية...منها 11.284 حركة لسنة 2012 فقط والى حدود شهر أكتوبر الماضي من بينها أكثر من 416 عملية إضرام نار و1003 اقتحام مقرات عمل و1495 اعتصاما و1043 تعطيلا لحرية الشغل و1226 غلق طريق كما تم تسجيل 511 حالة انتحار منذ جانفي 2011 إلى نهاية شهر ديسمبر 2012 أي بمعدل 21 حالة انتحار شهريا حسب إحصائيات قامت بها وزارة الداخلية.
وفي ضوء تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تلك توترت العلاقة بين "الاتحاد العام التونسي للشغل" (أكبر منظمة نقابية عمالية بتونس واعرقها) وحركة "النهضة"، على خلفية اتهام الاتحاد بالتحريض على الإضرابات و الاعتصامات ومساندتها.
وبعد الثورة عرفت تونس أيضا ظاهرة العنف السياسي الذي تدرج من العنف اللفظي "البسيط إلى العنف المادي المركب بالتوازي مع الانفلات الأمني وانتشار السلاح بعد سقوط نظام القذافي.انتشر العنف اللفظي وتنامي التعصّب الديني وغابت روح التسامح و تواتر خطاب يكفّر المعارضين والنقابيين،من قبل بعض أيمة الجوامع، (تكفير من نادى بالإضراب العام الذي كان قرره اتحاد الشغل يوم 13 ديسمبر)
و يدعو الى الكراهية والتباغض وكيل الاتهامات والتراشق بالسب والشتم من وسائل الإعلام وحتى من بعض دور العبادة على ألْسنة السياسيين من داخل المجلس التأسيسي وخارجه وفي وسائل الإعلام و خلال الاجتماعات العامة يغذي ،بوعي أو بدونه انشطار التونسيين وتفكك وحدتهم وهو ما يهيّء لعنف مادي او "حربا أهلية باردة"،حسب البعض.
اما على المستوى السياسي فقد تصاعد الاحتقان و تنامت حدة التجاذبات و اتسعت الفجوة بين السلطة و المعارضة واندثرت روح التوافق والوفاق الذي قامت عليه الثورة في أيامها وذلك على خلفية تعطل الانتهاء من صياغة الدستور و عدم ضبط رزنامة دقيقة تحدد ملامح المرحلة:
تحديد موعد الانتخابات، التشكيك في مضمون القانون الأساسي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات الذي اعتبرته المعارضة غير مؤهلا وغير ضامن لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة حسب المعايير الدولية بالإضافة لتلكؤ الحكومة في تفعيل العدالة الانتقالية و إنصاف الضحايا و محاسبة الفاسدين وإرجاع الأموال المنهوبة ...
فما هي تداعيات هذا الاغتيال السياسي على حركة النهضة خاصة مع قرار حمادي الجبالي الأخير؟
في العلاقة مع قرار حمادي الجبالي رئيس الوزراء
يبدو ان التماسك السياسي الذي كان يوصف به حزب النهضة قد عرف اهتزازا بعد وصول الحركة الى السلطة وقد ازداد ذلك وضوحا خلال الشهرين الماضيين في أثناء عملية التحوير الوزاري الموعود اذ برزت،حسب الكثير من الملاحظين،تباينات بين اختيارات السيد حمادي جبالي ومناصريهم المرنة بالنسبة للتعامل مع حقائب السيادة وشق آخر يوصف بأنه متشدد يتزعمه السيد راشد الغنوشي الذي يبدو انه يعارض تقديم بعض التنازلات للمعارضة بل لحلفاء النهضة في الحكومة(بخصوص وزارة العدل والخارجية)ايضا الأمر الذي عطّل تكوين الحكومة الموعودة ويظهر ان قرار السيد حمادي جبالي(دون إعلام الحزب بذلك)،بعد عملية اغتيال شكري بلعيد مباشرة، بحل الحكومة وتكوين حكومة كفاءات وطنية غير حزبية تشرف على تنظيم الانتخابات قد صعّد من "تأزيم"العلاقة بينه وبين ما يوصفون بـ"صقور النهضة".
ففي الوقت الذي رحبت فيه أطراف أساسية من المعارضة بمقترحات الجبالي، وان بشروط معينة و متفاوتة بين حزب الى اخر، أثار "القرار الفردي لرئيس الحكومة "صقور النهضة"ومنهم أغلبية أعضاء المجلس التأسيسي من النهضة، الذين قد يشكلون أغلبية مع الحزبين الحليفين، وجميعهم عارض بشدة الدعوة إلى تشكيل حكومة تكنوقراط وإقالة الحكومة الحالية والتنازل عن وزارات السيادة، وبالتوازي مع موقف حزب النهضة الداعي الى تمسكه بالسلطة في إطار الحكومة الحالية.
وفي هذا السياق تشير بعض المصادر الإعلامية غير المؤكدة الى عدم رغبة "صقور النهضة" في ترشيح الجبالي مجددا لرئاسة الحكومة كما ترددت منذ الأمس معلومات غير مؤكدة عن تجميد عضوية الجبالي في النهضة، كما لا يستبعد البعض أن يقدم حمادي الجبالي،نفسه، استقالته من الحكومة، بدعوى "الارهاق والمرض،في حال عدم موافقة النهضة على قراره او اقتراحه ولا شك أن قرارا مثل هذا ،باتجاهيه سيكون له تداعيات كبيرة على حزب النهضة ومستقبله وحتى دون اتخاذ مثل هذا القرار فان العلاقة بين الجبالي وأطراف معينة من الحزب قد لا تستمر مثلما كانت عليه من قبل..
وفي موازاة ذلك وارتباطا مع ما حدث بعد اغتيال شكري بلعيد قاطعت قوى المعارضة أشغال المجلس (50 نائبا)في حين قام عناصر من احزاب النهضة والمؤتمر(جزء من التحالف الحاكم)بتشكيل ما اطلقوا عليه "جبهة نيابية"هدفها الدفاع عن الشرعية وردا على دعوات حل المجلس"وكان حزب نداء تونس على بقيادة السيد الباجي قائد السبسي قد دعا بالأمس لحل المجلس التأسيس وإنهاء كل المسار الانتقالي الحالي "لإنقاذ البلاد قبل أن تدخل في حرب أهلية وتتضاعف ظاهرة الاغتيالات السياسية".بدعوى ان المجلس لم يقدم شيئا للمرحلة الحالية وأن الحكومة غير قادرة على تسيير شؤون البلاد والعباد. غير أن دعوته تلك لاقت رفضاً واسعا من قبل اغلب أعضاء المجلس وحتى من قوى المعارضة.
في العلاقة مع المعارضة المدنية
لم تتردد المعارضة المدنية بمختلف توجهاتها في اتهام حركة النهضة بانها وراء تلك العملية.وتعتقد أحزاب المعارضة السياسية التونسية ان السلوك السياسي لـ"حزب حركة النهضة" وحكومة الائتلاف التي تسيّرها النهضة قد وفرت الظروف الموضوعية لانتشار العنف في البلاد وصولا الى مرحلته القصوى وذلك نتيجة لتراخي السلطة في مواجهة عمليات التحرّش والاعتداء التي تقوم بها "رابطات حماية الثورة" ضد المعارضة السياسية وعدم تتبع أفراد تلك الجمعية وخاصة المشبوهين والمتهمين بإعمال العنف، إلى جانب حمايتها للسلفيين ورعايتهم.
و تعتقد المعارضة،ايضا، ان "حزب النهضة "هو الذي يدفع تلك المجموعات لمواجهة المعارضة المدنية والتنكيل بزعمائها وهي التي "شرّعت" لتلك الأطراف القيام بمثل تلك الممارسات ويذكرون كيف ان السيد راشد الغنوشي قد وصف تلك "الرابطات"، في إحدى تصريحاته، بأنها تمثل "ضمير الثورة"كما يذكرون أيضا بيان مجلس الشورى لحزب النهضة(صدر قبل أيام فقط من عملية الاغتيال 1 فيفري 2013) الذي طالب بإطلاق سراح المتهمين بقتل احد قيادي حزب"نداء تونس" وهم من المنضمين إلى "رابطات الثورة" الأمر الذي اعتبر "تبني"أو "تشجيع" من قبل الحزب للعنف و تدخلا في شؤون القضاء والتأثير على سير المحاكمة...كما انساق حزب المؤتمر بدوره في مساندة تلك الرابطات بالإضافة لاستقبال الرئيس المؤقت للجمهورية قادة هذه الجمعية وبعض رموز "السلفية الجهادية" و "العلمية".ولم يقتصر أمر "النفور" من النهضة وحكومتها على تلك المعارضة بل امتدت الأمر إلى بعض الرموز الوطنية من ذلك الأستاذ احمد المستيري(مؤسس حركة الاشتراكيين و احد مهندسي الائتلاف الحكومي) الذي صرّح أثناء مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل يوم 16 أكتوبر 2012 بالقول: "ضاق صدري وانطلق لساني" في إشارة على ما يبدو إلى عجز حركة النهضة عن إدارة الشأن العام وتغاضيها عن ممارسات السلفية بشقيها .كما نشر الأستاذ مصطفى الفيلالي(عضو أمناء مركز دراسات الوحدة العربية وصديق شخصي للسيد راشد الغنوشي) رسالة مؤخرا اعتبر ان استعانة ،زعيم النهضة بمعية رئيس الجمهورية المؤقت "، على مشروع ما اسماه ب"أسلمه الأمة"عن طريق دعاة "ملتحين متجلببين" ، عزما على "تغيير عقيدة المجتمع التونسي العريقة" ورأى في ذلك" انتهاكا لحرمة ضمير المجتمع التونسي، ورميا لجميع التونسيين بالجهل والمروق".
ويمكن القول بالنتيجة أن عملية الاغتيال قد ضاعفت من توتر العلاقة بين حزب النهضة وأحزاب المعارضة على خلفية هذا الحدث الذي عمّق أزمة الثقة القائمة بينهما وقد جسّدت الشعارات المرفوعة ، التي استهدفت الحركة وزعيمها تحديدا"أثناء الاحتجاجات والمظاهرات التي خرجت بعد اغتيال شكري بلعيد عمق الهوة بين الطرفين.
التوقعات والسيناريوهات
ليست عملية اغتيال شكري بلعيد سوى نتيجة طبيعية لكل هذه المظاهر التي أعاقت تطور المشهد السياسي و الاجتماعي في تونس. فما هي تأثيراتها على المشهد السياسي و مرحلة الانتقال الديمقراطي الثانية؟
يبدو مستقبل الانتقال الديمقراطي، بل مستقبل تونس ككل بعد عملية اغتيال شكري بلعيد ، مفتوحا على عدة احتمالات تتداخل وتؤثر فيه عدة عوامل داخلية و إقليمية ودولية...لعلّ أسوؤها وأخطرها هي دعوة السيد الباجي قائد السبسي زعيم "حزب نداء تونس"وبعض أطراف من المعارضة السياسية حلّ المجلس التأسيسي.
اذ يعتبر حزب النهضة وبعض الأطراف السياسية ان تلك الدعوة هي بمثابة الانقلاب على الشرعية الدستورية والشعبية التي قد تدخل البلاد في نفق مظلم وتفتح المجال لتدخل الجيش بشكل مباشر او قد تدفع باتجاه اندلاع"حرب أهلية"،لم يتردد بعض السياسيين للتلويح بها مباشرة على الفضائيات الوطنية خاصة وان البلاد مهيأة نفسيا واجتماعيا وسياسيا(مع انتشار السلاح وموقف تيار السلفية المساند للحكومة بعد عملية الاغتيال والتعاطف معها)لمثل هذا السيناريو. اما اكثر السيناريوهات ترجيحا فهي ان تتراجع حركة النهضة عن قرارها وتقبل بمقترح السيد حمادي الجبالي بتكوين حكومة انتقالية "معدّلة"تكون محلّ توافق نسبي بين جميع الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد بما في ذلك المؤسسة العسكرية.
ونعتقد ان هذا السيناريو هو اقرب للتحقيق لاعتبارات عديدة منها حكمة وفطنة الطبقة السياسية التونسية ككل بخطورة الأوضاع التي تمر بها البلاد ووعيها الشديد بما تتعرض اليه التجربة التونسية من استهداف من الداخل ومن الخارج (الإقليمي والدولي)بهدف إجهاضها وإدخال البلاد في أتون حرب لا يحمد عقباها لن تقف ربما على حدود تونس بل قد تتأثر بها دول الجوار أيضا.
كما يبدو أن مسالة تراجع النهضة عن قرارها وارد وذلك بالاستناد لبعض السوابق في هذا المضمار اذ تراجعت مثلا عن موقفها الحاد من مسالة الفصل الأول من الدستور حول مدنية الدولة وقبلت به وكذا الامر بالنسبة لقضية الفصل 28 من الدستور حول المساواة بين المرأة والرجل...ونعتقد انه من مصلحة النهضة، التي تفتخر بانجاز تحالف سياسي مع قوى مدنية الاستمرار في هذه التجربة التي تراهن عليها عدة أطراف دولية، والتي توصف بأنها تجربة "فريدة في العالم العربي "يقودها الإسلام السياسي بالإضافة لمراهنة النهضة في حد ذاتها على صندوق الانتخابات التي تزعم انه سينصفها رغم تآكل جزء هام من شعبيتها.
ودون شك ستكون أحداث الجمعة( الإضراب العام ودفن الفقيد) وما يليه حاسمة ومؤثرة في مستقبل البلاد التونسية..
* معهد العربية للدراسات
أستاذ التاريخ السياسي المعاصر والراهن، جامعة منوبة بتونس.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)