آخر الأخبار
 - أكثر من سلفية في مصر، بعضها ينتقد بعضها الآخر، وبعضها يتهم بعضها الآخر، وكلها تأويل لنص وتراث السلف الذي لا يحتكرونه وحدهم. هذه المشاكل النظرية التي سبق أن وصفها العديد من الكتاب المفكرين تظهر ........

الثلاثاء, 08-يناير-2013 - 12:15:00
مركز الإعلام التقدمي -

أكثر من سلفية في مصر، بعضها ينتقد بعضها الآخر، وبعضها يتهم بعضها الآخر، وكلها تأويل لنص وتراث السلف الذي لا يحتكرونه وحدهم. هذه المشاكل النظرية التي سبق أن وصفها العديد من الكتاب المفكرين تظهر في مرآة الواقع والتجربة بعد خوض غمار السياسة والأحزاب، وقد أتت الانشقاقات الأخيرة في حزب النور السلفي وهجرة 150 عضوا من أعضائه عنه إلى تحالف سياسي جديد يقوده الشيخ حازم أبو إسماعيل أحد أبرز الوجوه الإسلامية في مصر بعد الثورة، دلالة قوية على ذلك، يراها بعض السلفيين لا تمثل خطرا على حزب النور، الذي أصدرت الدعوة السلفية (موقع أنا السلفي) بيانا بتاريخ 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي تؤكد فيه أن حزب النور هو الممثل الوحيد للدعوة السلفية في الإسكندرية، ولكن تطور الحديث ليعترف بأن هناك خلافا أو اختلافا بين شيوخ مدرسة الإسكندرية، ولكنه لا يمثل انقساما شديدا فيما بينها!!
هذا التقرير الذي أعده الزميل الأستاذ سعيد السني لصالح معهد العربية للدراسات يوضح هذه القضية الأخيرة:
نفى الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية، في تصريح له على موقع «صوت السلف»، مساء الأربعاء ( 2 يناير 2013), بشدة وقوع انقسام بين شيوخ الدعوة، مؤكداً أن «اختلاف وجهة النظر لا يعني انقساماً، وأكد أن قواعد الدعوة السلفية وحزب النور ثابتة تماماً في جميع المحافظات، مضيفاً: لا أظن أن نسبة 0.5% نصف في المئة، وهي حجم المستقيلين، بالنسبة إلى 99.5% يُعد انقساماً أو يُشكل خطراً».
تصريحات برهامي جاءت على خلفية حضور الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح السابق لرئاسة الجمهورية, وعدد من رموز الدعوة السلفية والقوى الإسلامية, مؤتمر إعلان حزب "الوطن" بقاعة مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر، في اليوم السابق الثلاثاء (1يناير 2013), وقيام الدكتور عماد عبدالغفور بالإعلان عن استقالته رسمياً من رئاسة وعضوية حزب النور مع آخرين‏,‏ وتأسيس حزب الوطن برئاسته, وقال عبدالغفور إن الحزب الجديد يهدف لبناء كيان سياسي يصل إلي جميع أبناء الوطن, بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والشريعة الإسلامية, بالعمل وليس من خلال الكلام عن المبادئ, وشهد المؤتمر الصحافي ذاته, تأكيداً من حازم أبو إسماعيل بأنه سيعلن عن حزبه الأسبوع المقبل, وأنهم قطعوا خطوات جادة في إنشاء (تحالف الوطن الحر), مشيراً إلى انضمام عدد من القوي الإسلامية لهذا التحالف, والذى وصفه أبو إسماعيل بأنه تحالف إسلامى انتخابى للمنافسة على كل المقاعد البرلمانية.
جاء هذا الميلاد لـ(حزب الوطن) تتويجاً لصراع مكتوم، ضرب من الداخل حزب النور السلفي, وأسفر عن استقالة 150 عضوا من قادته الفاعلين الذين كانوا يعتبرون أنفسهم (جبهة الإصلاح)، في مقدمتهم د. عماد عبدالغفور، رئيس حزب النور السابق الذي أعلن استقالته أثناء تأسيس الحزب الجديد.
قام هؤلاء بهجرة جماعية لحزب" الوطن" الجديد برئاسة عبدالغفور أيضا, وبالتزامن مع إعلان أبو إسماعيل تأسيس حزبه, وقيادته لـ(تحالف الوطن الحر) بغض النظر عن المنحى الليبرالي الذي قد يحمله اسمه في تأكيده على مفهومي الوطن/ المواطنة والحرية الليبرالية!! والذي قد لا يعبر عنهما الخطاب الأيديولوجي لمؤسسي التحالف الجديد!
يضم هذا التحالف مجموعة من الأحزاب السلفية والجهادية, وعلى ما يبدو فإن حازم أبو إسماعيل لم يكن بعيدا عما كان يدور فى حزب النور من خلافات وانقسامات تحت السطح, وربما سعى لتوظيفها لصالح التحالف الجاري تأسيسه, كي يتمكن من بناء كيان سلفي سياسي كبير يخوض به الانتخابات البرلمانية المقبلة بعد شهرين أو أكثر, لاسيما أن الدستور حسم نظام الانتخابات بالقائمة لثلثي المقاعد وسمح للقوائم بالترشح على الثلث الباقي المفترض تخصيصه للأفراد.
ومثل هذا النظام الانتخابى تكون فيه الحظوظ من المقاعد مرتفعة للكيانات الحزبية الكبيرة, وربما لهذا السبب سعى أبو إسماعيل لجذب المهاجرين من (النور) وغيرهم من الأحزاب والقوى الإسلامية المحافظة لتحالفه الجديد (الوطن الحر), ومعلوم أن هذا التحالف يضم حتى الآن خمسة أحزاب تنتمى للتيار الإسلامي وهي بحسب تصريحات رموزها: «الأمة المصرية» تحت التأسيس برئاسة صلاح أبوإسماعيل و«الشعب» و«الفضيلة» و«العمل» و«الوطن», ويظل الباب مفتوحا لانضمام قوى أخرى مثل حزب البناء والتنمية المعبر عن الجماعة الإسلامية المصرية، وغيرها رهنا بالاتصالات التي يجريها أبو إسماعيل بحسب مصادر مطلعة.


أزمة ثانية في حزب النور


حزب النور وعلى لسان المتحدث الرسمي باسمه نادر بكار، قَلَّل من تأثير الاستقالات التي حدثت داخل الحزب بزعامة رئيسه السابق عماد عبدالغفور, وما تبعها من تأسيس لحزب الوطن، مشيراً إلى أن "النور" بدأ الاستعداد للانتخابات البرلمانية منذ أكثر من شهر، وأن الحديث عن التحالفات الانتخابية حالياً، يُعد سابقاً لأوانه.. على عكس ما يراه مراقبون آخرون مثل الأستاذ عبدالغفار شكر، وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي الذي صرح لـ"الشروق" المصرية يوم الأربعاء (2 يناير 2013) ، بأن ما حدث يخصم بالتأكيد من رصيد حزب النور بالشارع, وأن أبو إسماعيل يسعى لخلق ساحة مستقلة لنفسه في مصر, مستبعدا دخول أبو إسماعيل في تحالف مع جماعة الإخوان المسلمين.
تصريحات بكار التي تنفي تأثير أزمة عبدالغفور والذين معه على الحزب, لا تمنع من ملاحظة أن هذه الأزمة هي الثانية التي يتعرض لها بعد أزمة سبتمبر الماضي, إثر انكشاف لقاءات قيادات الحزب بالفريق أحمد شفيق، المرشح الخاسر لرئاسة الجمهورية, وهي تأتي على خلفية ادعاءات بتدخل الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في شؤون العمل السياسي بالحزب وفرض آرائه وتوجهاته على قيادات الحزب, وهي تنفجر بعد أيام قليلة من تسرب فيديو لبرهامي, يتحدث فيه عن صفقات سرية في صياغة وتمرير مواد الدستور, والتآمر على الأزهر وشيخه, وبدا منها أنه تساهل في بعض المواد لتمريرها، وتعويض التنازلات عن طريق القوانين لاحقاً, ورغم أن الشيخ برهامي عاد وقدم توضيحاً لما ظهر منه في الفيديو المُسَرب, والذي يتهم البعض في تسريبه جماعة الإخوان المسلمين فإن توضيح برهامي لم يخفف من حدة الانقسامات داخل النور, لأنها لم تنشب أصلا بتأثير الفيديو, وإنما هو مجرد عنصر مساعد ومفجر لما هو مكتوم, بالتزامن مع تزايد و شيوع الشعور العام لدى عدد كبير من أعضاء النور وقياداته, أنهم أصبحوا أداة طيعة بيد جماعة الإخوان المسلمين وتابعين لها سياسياً, بينما هم لا يحصدون أي مكاسب سياسية للحزب سواء في التشكيلات الوزارية والتعيينات المختلفة في مؤسسات الدولة، وهو ما أشعر عددا كبيرا من شبابه وأتباعه بالغضب ورغبتهم في تأسيس حزب سياسي قوي, فهم الأجدر من وجهة نظرهم للدفاع عن الإسلام وقيام الدولة الدينية, ومن ثم كانت فكرة إنشاء حزب الوطن وهو ما حدث فعلا.
وكانت مصادر قد كشفت عن أن المستقيلين من (النور) قد أرجعوا الاستقالة إلى عدم قدرة مجلس أمناء الدعوة السلفية على حل المشكلات التي نشبت بين الهيئة العليا لحزب النور ورئيسه الدكتور عماد عبدالغفور، وأن السبب الرئيسي في انشقاق جبهة الإصلاح هو التدخل المستمر للشيخ ياسر برهامي في شؤون الحزب ومعارضته قرارات الدكتور عماد الغفور وجبهته، فضلاً عن تدخل قيادات بالدعوة السلفية في قرارات الحزب في الفترة الأخيرة وتغيير مسارها، وهو ما ظهر من خلال تضارب القرارات للحزب خلال اليوم الواحد.
وأشارت المصادر إلى أن عبدالغفور كان ينتوي تشكيل حزب جديد والاستقالة من حزب النور إبان الصراع الذي نشب على الانتخابات الداخلية للحزب في أكتوبر الماضي سنة 2012، لكنه فضل الانتظار للانتهاء من صراع الدستور الجديد، وقام خلال الفترة الماضية بالتنسيق مع الشيخ حازم أبوإسماعيل من أجل وضع الملامح الرئيسية للتحالف الجديد.


محاولات تفجير النور


كان حزب النور قد شهد في سبتمبر الماضي أزمة كادت تعصف به من الداخل, وكانت هي البداية الحقيقية للانقسامات داخل الحزب, على خلفية قيام الفريق أحمد شفيق المرشح الخاسر لرئاسة الجمهورية بالكشف عن لقاءاته السرية بقيادات من الدعوة السلفية وعلى رأسهم الدكتور ياسر برهامي, وأشرف ثابت نائب رئيس الحزب.
وتسربت تفاصيل عن أن برهامي وثابت كانا قد طالبا شفيق حال فوزه بأربع وزارات سيادية وتعيين ثابت بمنصب نائب رئيس الجمهورية, وتبين أن هذا اللقاء تم دون علم عماد عبدالغفور، رئيس الحزب, والذى بدوره قام بتوبيخ ثابت, ونشبت خلافات داخلية بالحزب وتم فصل عماد عبدالغفور آنذاك, غير أنه تمسك بمنصبه وسرعان ما تم احتواء الأزمة وقتها.
وطبقا لمراقبين آنذاك قريبين من قيادات التيار الإسلامي، فقد أكدوا لوسائل إعلامية أن جماعة الإخوان المسلمين, وبهدف تفجير حزب النور كانت هي التي تقف وراء تسرب أنباء لقاءات السلفيين بالفريق شفيق, والذي اضطر عند مواجهته بهذه التسريبات إلى الكشف عن مضمون اللقاءات.
المؤكد أن ما حدث يؤثر – بالضرورة - سياسيا وانتخابيا على حظوظ حزب النور الذي حصد المرتبة الثانية في الانتخابات البرلمانية السابقة, رغم تأكيد برهامي على سلامته في الصف السلفي, خاصة أن تحالف أبو أسماعيل يعتمد بالأساس على الأحزاب السلفية والإسلامية, بحسب الظاهر حالياً.. كما أن عدم تشكل التحالفات وتبلور القوى الانتخابية حتى الآن ويجعل باب الاحتمالات مفتوحا على مصراعيه.
 كما يؤثر نظريا مع تصور السلفية المصرية نفسه التي يمكن أن تشقها السياسة والحزبية كما تشقها الاختلافات التأويلية الأخرى، ويؤشر التحالف الجديد بقيادة حازم أبو إسماعيل وعماد عبدالغفور مساعد رئيس الجمهورية المصري والرئيس السابق لحزب النور، على إرهاصات صراع إسلامي إسلامي في مصر بعد انتصار الإسلاميين مجتمعين في معركتهم مع القوى المدنية حول الدستور، رغم ما شابت عملية التصويت ثم الاستفتاء عليه من شبهات وانتهاكات مختلفة، ليتفرغ المنتصرون الجدد لتنافسهم الأيدولوجي والسياسي المستمر من قديم.
 
*دراسة أعدها سعيد السني، باحث وصحافي مصري.


أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)