آخر الأخبار
 - فازت حركة النهضة الإسلامية بقيادة راشد الغنوشي في انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 بنسبة 41% من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي. وشكلت حكومة مع حزبين علمانيين تسمى حكومة الترويكا....

الاثنين, 19-نوفمبر-2012 - 14:53:21
مركز الإعلام التقدمي -

فازت حركة النهضة الإسلامية بقيادة راشد الغنوشي في انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 بنسبة 41% من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي. وشكلت حكومة مع حزبين علمانيين تسمى حكومة الترويكا.

ما هي الحصيلة الأولية لتيار الإسلام السياسي في الحكم؟ وهل نجح التوافق الإسلامي العلماني الممثل في الترويكا كي يكون نموذجاً يحتذى به في بلدان الربيع العربي؟ وأخيراً ما هو مستقبل تيار الإسلام السياسي في تونس وفي المنطقة العربية؟


الحصيلة الأولى لتيار الإسلام السياسي: هل يمكن تدارك بوادر الفشل؟


كانت حكومة الترويكا بقيادة حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة أول تجربة لحكم الإسلاميين ذوي التوجه الاخواني في تونس. فالناخبون أرادوا أن يمنحوا فرصة للإسلاميين لقيادة البلاد، خاصة وأن حركة النهضة قدمت وعودا براقة في الحملة الانتخابية، إذ أكدت على ضرورة الإسراع بمعالجة ملف البطالة، ووعدت في حملتها الانتخابية بتشغيل 400 ألف عاطل عن العمل خلال 5 سنوات، كما وعدت كذلك بأن تدافع عن هوية حداثية للبلاد، والتزمت بالحفاظ على مكاسب المرأة الواردة بمدونة الاسرة. وبعد تشكيل الحكومة في ديسمبر2011 أدركت هذه الأخيرة أن التركة ثقيلة وأن العاطلين الذين كانوا يحلمون بالشغل السريع بدأوا ييأسون بعد أن اتضح أن الميزانية التكميلية لا تسمح بخلق عدد هام من مواطن الشغل، وأن السوق الليبية التي كان يُعوّل عليها في انتداب عشرات الآلاف من اليد العاملة لم تستقر أوضاعها الأمنية بعد، لكن يمكن تقييم الحصيلة الأولية بالتعرض إلى العناصر الايجابية والسلبية لفترة حكم تيار الإسلام السياسي بتونس.

فالعناصر الايجابية تتمثل في الحفاظ على استمرارية هياكل الدولة، والترفيع في نسبة النمو من إلا واحد بالمائة (-1%) إلى ثلاثة فاصل خمسة بالمائة، لكنها ما تزال دون المأمول وغير قادرة على حل معضلة التشغيل.

ومن النقاط الايجابية الأخرى معالجة اعتصامات العمال في المصانع والشركات ومنح الموظفين زيادة هامة في الأجور رغم تقلص نسبة النمو وركود الصادرات. بالإضافة إلى ذلك وقع الحفاظ على مناخ الحريات الإعلامية.

أما العناصر السلبية فتمثلت بالخصوص في عدم التوفّق في معالجة الملف الأمني، وعدم التمكن من جذب الاستثمارات الأجنبية بالشكل الكافي، والفشل في كسب النخبة الفكرية والسياسية والاقتصادية بالبلاد.

أ‌- الملف الأمني ولغز السلفية

عاش التونسيون طيلة الأشهر الأخيرة ولأول مرة في حياتهم مسلسلا متواصلا من اعتداءات منسوبة لتيارات سلفية بمعدل 2 أو 3 اعتداءات كل شهر. وكانت الحكومة تكتفي في الغالب بإصدار بيان للتنديد، إذ أن الإيقافات المسجلة في صفوف المعتدين سرعان ما تنتهي غالبا بالإفراج عنهم.

وكان رموز النهضة يحرصون على التأكيد على أن المواجهة مع السلفيين خط أحمر، ويكررون باستمرار أنهم " لم يأتوا من المريخ" وأنهم يرفضون وضعهم في السجون، وبأنهم سيحاورونهم حتى وإن تطلب الأمر سنوات وسنوات.

في الأثناء كان بعض رجال الفكر يُضربون ويُهانون، وكان رجال المعارضة السياسية يهاجمون وتُستباح اجتماعاتهم التي يُفسدها بعض السلفيين دون أن تُحرك السلطة ساكنا.

وفي إقرار صريح لأول مرة، يذكر رئيس الحكومة حمادي الجبالي في حواره لقناة العربية في تشرين الثاني 2012 أن ملف السلفية الجهادية أصبح مقلقا، وأن الجهاديين يفكرون في إقامة إمارة إسلامية لهم.

هذا التصريح يؤكد ما ذهبنا إليه سابقا من أن الهشاشة الأمنية وضعف حضور الدولة في بعض الأماكن، مثل الأحياء الشعبية التي يتكاثر فيها السلفيون، هي سبب ارتفاع منسوب الاحتقان الذي ساد البلاد في الأشهر الأخيرة، زد على ذلك أن نتائج الاعتداء على السفارة الأمريكية بتونس في 14 أيلول 2012 وتداعيات فيديو الغنوشي المُسرّب الذي يُحرّض السلفيين على تكثيف نشاطهم، جعل الرأي العام يتشكك في أهلية الحكومة الحالية في الحفاظ على الطابع الحداثي للمجتمع التونسي ويشكك في قدرتها على حل معضلة الانفلاتات الأمنية، لأنه بدون استتباب الأمن لن يحصل استثمار ولا رخاء اقتصادي.

وأعتقد أن الحكومة بعد عام على نشاطها، ورغم التحسن النسبي في الجو الأمني العام، فإنها ما تزال عاجزة عن فرض سلطتها في كل الأماكن ، لأن إستراتيجيتها منذ البداية في هذا المجال كانت غامضة، فإبقاء جزء من المساجد تحت تصرف السلفيين، وعدم السيطرة الأمنية الكاملة على بعض الأماكن و خاصة في الأحياء الشعبية جعلها تفشل في احتواء بُؤر التوتر التي تظهر بين الحين والآخر.

وللحقيقة نقول أن التيار السلفي لم يكن موحدا، فجزء منه يساند الحكومة بشكل مشروط وجزء آخر يعاديها وجزء ثالث مخترق من مختلف الأجهزة في الداخل والخارج. وبالتالي فان تعاطي الحكومة مع هذه المكونات لم يكن موفقا لحد الآن.، مما جعل ثقة المواطن تتزعزع في الأداء الأمني للحكومة. هذا المواطن الذي بقي حائرا يتساءل : كيف تتصدى الحكومة لاعتداءات السلفيين عندما يقع المس بمصالح الأجانب وكيف تتراخى عندما تكون هذه الاعتداءات موجهة بالخصوص للمعارضة السياسية.

ب- بوادر الفشل، هل يمكن تداركها؟

إن الأداء الأمني الضعيف و الأداء الاقتصادي المحدود، وغياب رؤية ثقافية لمشروع الحكومة وخاصة لنمط المجتمع المنشود يشكل العقبة الرئيسية أمام نجاح تيار الإسلام السياسي بعد سنة من حكمه.

فهل أعدت الحكومة خطة طوارئ للخروج من عنق الزجاجة؟

يؤكد معظم المحللين بتونس أن لحركة النهضة أسلوبا في التعامل مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة خاصة بعد أن ارتفعت أسعار عديد المواد بشكل غير مسبوق أضرّ كثيرا بالقدرة الشرائية للمواطن.

فقد فتحت الحكومة باب التفاوض مع المنظمة النقابية ووافقت على زيادات في الأجور لكن هذه الزيادات تم امتصاصها قبل حدوثها، فعادت الاحتجاجات النقابية من جديد.

وتعللت الحكومة بصعوبة الظرف الاقتصادي العالمي، لكنها لم تقدر لحد الآن على كسب ثقة الفئات الوسطى و الضعيفة التي كانت تدافع عنها بشراسة قبل وصولها إلى الحكم، هذه الفئات تم استقطاب جزء منها خاصة الضعيفة من طرف بعض التيارات السلفية أما الجزء الآخر فبقي منقسما بين تيار النهضة وتيار المعارضة الليبرالية و اليسارية و القومية.

ولا يُتوقع أن يتم الوصول إلى تهدئة اجتماعية كاملة قبل الانتخابات القادمة. فكل التيارات مُجنّدة الآن لكسب جولة الانتخابات المقبلة. ولهذا فان النقد الكبير الذي توجهه المعارضة للنهضة ولحكومة الترويكا هو تعمُّدُ الإسلاميين تسمية أنصارهم في كل مفاصل الدولة بهدف تطويع الإدارة لهم واستعمالها في الانتخابات القادمة.

واعتبرت المعارضة أن التداخل الحاصل الآن بين الحزب والدولة لا يساعد على أن تكون الانتخابات القادمة شفافة، وطالبت الحكومة بالإسراع بحل جمعية "رابطات حماية الثورة" المحسوبة على النهضة والمتهمة بالتسبب في قتل أحد المعارضين من حزب "نداء تونس".

وقد رفعت ثلاثة من أحزاب المعارضة حاليا قضية إلى المحاكم لحل هذه الجمعية التي يتهمها خصوم النهضة بأنها تشكل الذراع الأمنية للإسلاميين، وبأن مواصلة نشاطها سيضر كثيرا بمصداقية العملية الانتخابية.

تعتبر المعارضة أن تيار الإسلام السياسي، بعد سنة من حكمه، لم يكمل صياغة الدستور ولم يشكل لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات ولم يشكل مجلسا قضائيا مستقلا عن السلطة التنفيذية ولم يشكل مجلسا أعلى للإعلام يحمي الحريات الاعلامية ولم يقض على التوترات الأمنية ولم يتحكم في موجة غلاء الأسعار. ويتساءل هؤلاء المعارضون: هل يمثل ذلك مقدمة للإعلان عن بوادر فشل تيار الإسلام السياسي في الحكم؟ أم هو مجرد تعثرات يمكن إصلاحها؟


التوافق الإسلامي العلماني: هل هو توجه تكتيكي أم استراتيجي؟


بادرت حركة النهضة بعد نجاحها في انتخابات أكتوبر 2011 بنسبة 41% بالبحث عن شركاء لها في الحكومة، حيث لم يكن يوجد آنذاك سلفيون ولا تيارات دينية أخرى قوية، وبالتالي لم يكن لديها خيار سوى التوجه نحو بعض الأحزاب الليبرالية والوسطية.

وقد رفض البعض التحالف مع النهضة متشككا في إيمانها بالخيار الديمقراطي، في حين قبل البعض الآخر وهما حزب المؤتمر للرئيس المرزوقي وحزب التكتل لمصطفى بن جعفر، وشكلوا ما يسمى بحكومة الترويكا.

رضيت النهضة بإسناد رئاسة الجمهورية للمرزوقي بعد أن أفرغتها من أهم صلاحياتها وقبلت برئاسة مصطفى بن جعفر للمجلس التأسيسي كسلطة تشريعية، واستأثرت لنفسها برئاسة الحكومة بعد أن ضمت إليها صلاحيات أساسية استُمدت من صلاحيات رئيس الدولة في النظام السابق، وتبعا لذلك أصبحت رئاسة الحكومة المؤسسة الفاعلة في القرار السياسي و الأمني بالبلاد.

وتحدثت الصحافة الوطنية مطولا عن الاختلال الكبير في توزيع الحقائب داخل الترويكا إذ استأثرت النهضة بكل وزارات السيادة ولم تُسند أي واحدة منها لشركائها وهو ما اعتبره المحللون رغبة من الإسلاميين في السيطرة على مفاصل الدولة والتحكم الفعلي في أجهزتها (لم تسلم من وزارات السيادة سوى وزارة الدفاع التي بقيت بعيدة عن المحاصصة الحزبية منذ البداية وتحت إشراف شخصية مستقلة عن كل الأحزاب بما فيها النهضة).

مرت حكومة الترويكا طيلة سنة من حكمها بفترات مد وجزر، وبدأت التناقضات والصراعات تشقها نتيجة انفراد النهضة بسلطة القرار في العديد من القضايا الهامة أبرزها قضية تسليم البغدادي المحمودي رئيس وزراء ليبيا الأسبق في عهد القذافي والتي كادت تعصف بالائتلاف الحكومي وكادت تدفع برئيس الدولة إلى الاستقالة من مهامه احتجاجا على تسليم المعني بالأمر للسلطات الليبية دون استشارته.

كما انتقد حزبا المؤتمر و التكتل تفرّد النهضة بتسمية محافظين ومديرين عامين لمؤسسات عمومية دون استشارتهما.و حاولت النهضة في كل مرة احتواء الخلاف دون تنازلات حقيقية مما أفقد شركاءها مصداقيتهم لدى أنصارهم فانشق عدد هام من نواب كتلة المؤتمر وكتلة التكتل بالمجلس التأسيسي عن حزبهما وانضموا إلى أحزاب أخرى، ومنهم من أنشأ حزبا جديدا. كما لم يُفوّت الرئيس المرزوقي الفرصة بمناسبة عقد مؤتمر حزبه من أن يندد بتغوّل الحزب الحاكم مما دفع وزراء النهضة المدعوين للمؤتمر الى مغادرة القاعة.

هذه العلاقات المتوترة دفعت حركة النهضة الى البحث عن شركاء جدد تحت يافطة تشكيل حكومة توافقية موسعة ودخلت مؤخرا في مفاوضات مع حوالي عشرين تشكيلة سياسية باءت بالفشل، ولم تتوصل إلى اتفاق حول حكومة وحدة وطنية لأن عديد الأحزاب بدأوا يتوجسون خيفة من المشروع السياسي و المجتمعي لحركة النهضة ومن تواصل نزعة الهيمنة لديها، إذ أصرت في مفاوضاتها على انتقاء شركائها وإقصاء بعض المنافسين لها على غرار حزب "نداء تونس" من عملية المشاورات وهو ما رفضته عديد الأحزاب السياسية. ولحد الآن ما تزال حركة النهضة تحافظ على الترويكا في شكلها القديم والتي يبدو أنها ستستمر إلى غاية الانتخابات القادمة.

وبالتالي فإن التحالف الإسلامي العلماني، حسب بعض المحللين، لم يف بأغراضه الحقيقية في نحت مجتمع ديمقراطي تعددي تتعايش فيه كل الحساسيات دون إقصاء، وأن الشراكة بين الإسلاميين والعلمانيين لم ترقى لحد الآن إلى أن تكون توجها استراتيجيا لأن التحالف الاستراتيجي يقتضي تقاسما حقيقيا للسلطة وتنازلات متبادلة وسياسة توافقية حقيقية لا شكلية.


مستقبل الإسلام السياسي في تونس والمنطقة العربية


أ- الإسلام يتطابق مع الديمقراطية، والإسلام السياسي بعيد عنها.

للإسلام السياسي تجربتان في الحكم، الأولى قبل الربيع العربي والثانية بعد الثورات العربية. فالتجربة الأولى كانت مع حسن الترابي في نهاية ثمانينات وبداية تسعينات القرن 20 وقد أنتجت في النهاية نظاما عسكريا ولم تنجح في كبح جماح الحرب الأهلية التي أدت إلى تقسيم السودان إلى دولتين.

أما التجربة الثانية فجاءت مع الربيع العربي حيث تسلم تيار الإسلام السياسي الحكم في كل من تونس ومصر، لكن النتائج لحد الآن لم ترقى إلى ما كان يُؤمّله الثائرون، ولم تبدد مخاوف الكثيرين من إمكانية استعمال الديمقراطية كجسر للعبور إلى السلطة والانقلاب عليها، إذا أحس الإسلاميون بخطر يهدد بقاءهم في الحكم، وهو ما يعيد طرح إشكالية العلاقة بين الإسلام والديمقراطية، وفي هذا الإطار يؤكد عديد الباحثين أن الإسلام كدين وحضارة يتطابق مع الديمقراطية في حين يرون أن الإسلام السياسي لم يثبت لحد الآن تطابقه معها.

فبالنسبة لتطابق الإسلام مع الديمقراطية يؤكد هؤلاء الباحثون أن رموز الإصلاح في مصر وتونس منذ القرن 19 ومطلع القرن 20 (رفاعة الطهطاوي، محمد عبده، قاسم أمين، خير الدين التونسي، أحمد ابن أبي الضياف...) كانوا يدعون إلى الاقتباس من علوم الغرب وقوانينه السياسية مثل الدعوة إلى تقييد سلطة الحاكم والتفريق بين السلط ويعتبرون ذلك من روح الشريعة الإسلامية، ويدلل موقفهم هذا عن رؤية استشرافية وتوق نحو دولة مدنية ديمقراطية.

وقد أسهبوا كذلك في الحديث عن حقوق المرأة والحريات ودعوا إلى " الحكم المقيد بقانون" والنهل من العلوم التي تفوّق فيها الغرب. وبالتالي كانوا يدعون الى التفاعل مع الثقافة الإنسانية، وهو ما جعل فكرهم يتقاطع اليوم مع ما نسميه بالنظام الديمقراطي. أما تيار الإسلام السياسي الذي أسسه حسن البنا في نهاية عشرينات القرن الماضي، وانتشر في بلدان الربيع العربي وأصبح حاكما فيها فهو لا ينهل من معين الفكر الاصلاحي. فمقولاته ومواقفه لم تتخلص من فكرة الحاكمية حتى وان انتقدها ظاهريا.

كما أن مشروعه المجتمعي ما يزال بعيدا عن الحداثة والعقلانية والبراغماتية السياسية. إن تيار الاسلام السياسي لا يتوفر لحد الآن على إستراتيجية مقنعة في التعامل مع الداخل والخارج، حيث مازال يشتغل بأسلوب الفعل ورد الفعل، ويتردد غالبا في الحسم في الملفات الكبرى بحكم نقص الخبرة وغياب الرؤية الاستشرافية.

ب- آفاق الإسلام السياسي في المرحلة المقبلة.

ربما يكون من المبكر إصدار حكم نهائي على فشل أو نجاح تيار الإسلام السياسي، لكن ما نلاحظه عن قرب هو أن الحصيلة السلبية، حاليا، لا تزال تفوق الحصيلة الايجابية. ولا شك أن المنطقة العربية مقبلة على تغيّرات هامة ارتباطا بالملف السوري والإيراني وانتهاء بدور مصر في تشكل الشرق الأوسط الجديد.

فما هي مكانة تيار الإسلام السياسي في هذا الفضاء؟ و هناك تساؤل عن طبيعة تعامل تيار الإسلام السياسي مع السلفيين وهل سيشكل هؤلاء الحديقة الخلفية للإخوان أم سيصبحون المنافس الشرس لهم؟

بالنسبة إلى تونس يبدو أن تيار الإسلام السياسي لن يستطيع حكم البلاد بمفرده بعد الانتخابات القادمة سنة 2013 لأنه يصعب أن يتحصل على النسبة المئوية التي يحظى بها الآن (41 بالمائة) وتتوقع العديد من مراكز سبر الآراء أن يكون تيار النهضة في حدود 20 أو 25 بالمائة على أقصى تقدير، ويُتوقع أن يحصل حزب "نداء تونس" للوزير الأول السابق الباجي قايد السبسي، حسب الاستطلاعات الأخيرة، على نسبة 20 بالمائة.

ولذلك من المحتمل أن يكون سيناريو الحكومة المقبلة، حكومة تضم إسلاميين معتدلين وقوى وسطية أبرزها " نداء تونس" والحزب الجمهوري وقوى أخرى ليبرالية ويسارية، ومن غير المستبعد أن يُسند مقعد في حكومة ما بعد الانتخابات لحزب سلفي يقبل بالنظام الديمقراطي ومدنية الدولة.

وبذلك يعود تيار الإسلام السياسي إلى حجمه الحقيقي، ويُتوقع أن تحدث في داخله إفرازات ربما تؤدي إلى الحد من نفوذ الجناح المحافظ داخل الحزب.

ويبدو أن نصيحة أردوغان الأخيرة عندا زار تونس في تشرين الأول 2012 ودعوته لحركة النهضة بانتهاج نظام جمهوري علماني والتخلي عن المرجعية الإخوانية التي تحامل عليها أردوغان كثيرا في كلمته، هذه النصيحة ربما تدفع تيار الإسلام السياسي الممثل في حركة النهضة أن يتخلص تدريجيا وربما نهائيا من منظومة الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية او ما يسمى بتيار الإسلام السياسي. لكن هذا يحتاج إلى وقت أطول وكما يقال فطريق الألف ميل تبدأ بميل.

أما في مصر فاستئثار الإخوان بالحكم، على رأي بعض المحللين، ربما لا يتعدى الأربع سنوات القادمة، لأن حجم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وغياب إستراتيجية فكرية وثقافية، يضاف إليها إكراهات وتعقيدات السياسة الخارجية ستجعل الإخوان في مصر يتخلون عن جزء كبير من قناعاتهم الأيديولوجية مما يجعلهم عرضة لانتقاد السلفيين.

وإجمالا يمكن القول أن تيار الإسلام السياسي يعيش أدق فتراته وأخطرها، وطوقُ النجاة حوله محفوف بمخاطر عديدة. فهل يقدر على إحداث المعجزة أم أنه سيغرق في سراديب الحكم وأوحاله؟.

د. أعلية علاني - أكاديمي تونسي


أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)