آخر الأخبار
 - غزة

الخميس, 15-نوفمبر-2012 - 13:08:19
مركز الإعلام التقدمي -

نجحت إسرائيل في اغتيال أحمد الجعبري الرجل الأقوى في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس بعد سنوات من استهدافه. وبدأت عملية "عمود السحاب" ضد قطاع غزة لترتفع ألسنة اللهب وأعمدة الدخان في القطاع مخلفة في الساعات الأولى نحو 11 شهيدا بينهم طفل رضيع، إضافة إلى عشرات الجرحى.
وفي تكرار لسيناريو الرصاص المصبوب نهاية العام 2008 بداية 2009 شنت الطائرات الإسرائيلية عشرات الغارات على القطاع، وبدأت بحشد مدرعاتها من الشرق، فيما كانت الزوارق تضرب من جهة البحر.
وأدخلت إسرائيل عنصر المفاجأة على الضربة بعد عملية تمويه تمثلت في جولة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير حربه إيهود باراك في مرتفعات الجولان السورية، وكذلك التوصل إلى هدنة برعاية مصرية مع الأجنحة العسكرية للتنظيمات الفلسطينية في القطاع. رغم أن الصحافة الإسرائيلية لم تستبعد في الأيام الأخيرة القيام بعملية واسعة ضد غزة ردا على التصعيد الأخير بين الطرفين.


الأهداف الإسرائيلية...
وفي غمرة الحملة الانتخابية الإسرائيلية عاد الدم الفلسطيني ليكون وقودا لهذه الحملة. وتفاخر نتانياهو بقتل الجعبري وإطلاق العملية وأشار إلى أن إسرائيل ضربت "أهدافا استراتيجية لحماس، ونوجه ضربات ضد قدرة إطلاق الصواريخ إلى جنوب البلاد". وتوعد بأنه"إذا دعت الحاجة، فإن الجيش الإسرائيلي مستعد لتوسيع العملية العسكرية، وسنستمر في عمل كل شيء من أجل حماية مواطنينا". أما باراك الذي تكاد تنعدم حظوظه في الانتخابات المقبلة فقد أشار إلى أن جيشه تمكن من "إصابة كل صواريخ فجر، والبنى التحتية للحركة وعدة منظمات غير معنية" وعزا "الرد الصارم" من قبل إسرائيل إلى "وقاحة حماس، وعمليات التصعيد المتكررة منها تجاه المدن الإسرائيلية وإطلاقها صاروخا تجاه الجيب العسكري". وأوضح أن هناك أربعة أهداف للعملية هي تعزيز قوة الردع، وإصابة الصواريخ الفلسطينية، وتسديد ضربة قوية لحركة حماس، وتقليص المساس بالجبهة الداخلية.
ولا يمكن إلا الموافقة على أن باراك كان مصيبا في أن الأهداف العسكرية المباشرة للعملية هي القضاء على مخازن الأسلحة خصوصا في ظل وجود تقارير تؤكد أن حماس والجهاد وبعض التنظيمات العسكرية الصغيرة الأخرى استطاعت تعزيز ترسانتها الصاروخية وباتت تمتلك صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى وسط تل أبيب، إضافة إلى إعادة بناء قوة ردع فقدتها إسرائيل في الآونة الأخيرة مع ازدياد عمليات جرح جنودها، والقيام بعدد من عمليات الإغتيال النوعية قبل فرض تهدئة طويلة.
لكن المؤكد أن الوصول إلى هذه النتائج ليس سهلا ويسيرا كما يظن قادة الجيش الإسرائيلي، فعملية الرصاص المصبوب لم تتمكن من تحقيق أهدافها رغم استمرارها لمدة 18 يوما. ويخطئ الإسرائيليون في اختبار مدى استعداد حماس لرد واسع عندما يستهدفون أهم قائد عسكري في كتائب القسام وما يشاع عن أنه ممثل الجناح العسكري في المكتب السياسي للحركة. ومرد سوء التقدير الإسرائيلي يعود إلى أن رد حماس سوف يحظى بدعم ومساندة الأجنحة العسكرية للتنظيمات الأخرى. كما يخطئون في أن الضربة يمكن أن تشكل ضربة قاضية للحركة التي تملك صفا قياديا واسعا في الجناحين السياسي والعسكري. والمعروف أن الحركة لم تضعف كثيرا عقب اغتيال مؤسسها الشيخ أحمد ياسين وخليفته الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في أقل من شهر، وكذلك اغتيال مؤسس الجناح العسكري الشيخ صلاح شحادة، وغيرهم.
وفي المعركة الانتخابية الإسرائيلية فإن نتانياهو وليبرمان يغامران في فتح معركة غير مضمونة النتائج ما قد ينعكس سلبا على حظوظ حزبهما الجديد من الانتخابات في حال عدم التمكن من توجيه ضربة قاصمة لظهر الأجنحة العسكرية للتنظيمات الفلسطينية. كما لن تستطيع رفع حظوظ باراك في الانتخابات ويمكن أن تسفر عن انتهاء حياته العسكرية بفشل ذريع تنهي معه حياته السياسية المثيرة للجدل.


اختبار لدور مصر...
ويمكن إدراج العملية في إطار محاولة إسرائيل لاختبار المدى الذي يمكن أن تذهب إليه مصر في ردها في حال اعتداء واسع على غزة، وإعادة استقراء الحالة العربية بعد نجاح الثورات في عدد من البلدان العربية، وصعود تيارات الإسلام السياسي فيها.  وفي هذا الاطار فقد جاء الرد سريعا بالتحرك المصري الذي أثمر عن عقد اجتماع مجلس الأمن، ودعوة وزراء الخارجية العرب لاجتماع استثنائي يوم السبت المقبل، ولعل الأهم هو قرار سحب السفير من تل أبيب، واستدعاء السفير الإسرائيلي للخارجية المصرية احتجاجا على العملية. ومن استقراء سريع لردود الفعل المباشرة يتضح أنه من الصعب استمرار العملية طويلا على غزة في ظل التغيرات الحاصلة في بلدان الربيع العربي. إذ بدا واضحا فشل المراهنة على تواطؤ أو صمت أطراف داخلية وخارجية كما جرى أثناء حملة الرصاص المصبوب.


أهداف أخرى...
ولا شك أن إسرائيل تعمد بين فترة وأخرى إلى تجريب أنواع الأسلحة الموجودة لديها، واختبار مدى تسلح الطرف الآخر. وفي هذه المرة تجري اسرائيل اختبارا حيا بشكل واسع لمدى فعالية القبة الحديدية التي تواصل العمل على اكمالها منذ سنوات لمواجهة أخطار الضربات الصاروخية من طرف حزب الله في الشمال وحركة حماس في الجنوب، إضافة إلى الصواريخ الإيرانية المتوقعة في حال توجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني. وفي حال كتب النجاح للمنظومة الدفاعية فإن إسرائيل تسطيع استغلال ذلك في التسويق لصناعاتها العسكرية في بلدان أخرى. 
ورغم أن أطرافا عديدة تشير إلى أن استهداف الجعبري يأتي لتقوية الجناح المتشدد في حركة حماس لما عرف عنه من تأييد ومساندة لمواقف رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل فإن هذا التحليل يصب في باب الاجتهادات والتمارين العقلية أكثر من اعتماده على الوقائع.


حجارة سجيل في مواجهة عمود السحاب
أعلنت الأجنحة العسكرية للتنظيمات الفلسطينية المختلفة بأنها وجهت أكثر من 350 صاروخا حتى ساعات الصباح الأولى في عملية رد أطلقت عليها "حجارة سجيل" في مواجهة "عمود السحاب" التي بدأت باغتيال الجعبري.
وتفتح العملية الإسرائيلية والرد الفلسطيني على احتمال خروج العملية عن الأهداف الموضوعة لها مسبقا، والفترة الزمنية المحددة مما ينذر بزيادة الاحتقان في المنطقة التي تغلي على وقع المخاطر من توسع الصراع السوري في الشمال.
اللافت ان الطرفين استخدما مصطلحات ورموزا دينية لعملية الاستهداف والرد، فالجانب الإسرائيلي استخدم  عمود السحاب الوارد ذكره في التوراة في سفر الخروج، والذي يذكر أن "الرب كان يسير أمام جماعة بني إسرائيل، على شكل عمود سحاب في النهار، كي يهديهم، أما في الليل، فكان يتحول الى عمود نار، كي يضيء لهم"، ويستطيعون المشي ليلا ونهارا هربا من بطش فرعون أثناء خروج بني إسرائيل في مصر. فيما استخدمت حماس إسم "حجارة سجيل" في كناية عما ورد ذكره في سورة الفيل في القرآن عما فعل الله بأبرهة الحبشي وجيشه عندما كانوا في طريقهم إلى تدمير الكعبة  في القرن السادس الميلادي.
ولا يبدو أن عمود السحاب الحالي سيهدي إسرائيل إلى الطريق القويم، بل سيعزز تخبطها الاستراتيجي على خلفية ما يجري في البلدان العربية، كما أن نار  القذائف والصواريخ في الليل والنهار يمكن أن تحرق إضافة إلى الفلسطينيين كثيرا من سكان القرى والمدن الإسرائيلية الواقعة في الجنوب والوسط. ولا يمكن الاهتداء بها كوصفة للنجاة من الأوضاع التي تعيشها المنطقة. وفي المقابل فإن صواريخ "حجارة سجيل" الفلسطينية وإن استطاعت أن تلحق خسائر بشرية في صفوف اللإسرائيليين إلا أنها مازالت عاجزة عن تحقيق ردع كامل يمنع تكرار إعتداءات إسرائيل على القطاع، وتحتاج إلى دعم عربي يمنع تدمير غزة وقتل أبنائها، وتحتاج قبل كل شي إلى توحيد كلمة الفلسطينيين ومنع الإنقسام حتى تحمي غزة والضفة والقدس من بطش الآلة العسكرية الإسرائيلية.


سامر الياس


أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)