آخر الأخبار
 - فرضت قضايا منطقة الشرق الأوسط نفسها على سياق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، المقرر لها اليوم الثلاثاء الموافق السادس من نوفمبر/تشرين الثاني؛ لما تُمثله المنطقة من أهمية استراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، ......

الأربعاء, 07-نوفمبر-2012 - 13:44:37
مركز الإعلام التقدمي -

فرضت قضايا منطقة الشرق الأوسط نفسها على سياق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، المقرر لها اليوم الثلاثاء الموافق السادس من نوفمبر/تشرين الثاني؛ لما تُمثله المنطقة من أهمية استراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، وأن ما تمر به من تطورات وتحولات يكون لها جُل الأثر على المصلحة والأمن القومي الأمريكي من ناحية، وعلى حليفتها الرئيسية "إسرائيل" من جانب آخر.


ولذا لم يكن من المستغرب أن تكون قضايا المنطقة حاضرة بقوة في مناظرات المتنافسين، الديمقراطي باراك أوباما – الساعي للفوز بولاية ثانية – والجمهوري ميت رومني، لما تشهده من تطورات وتحولات تفرض نفسها على الداخل الأمريكي.
 
وهو ما يفرض تساؤلا رئيسيا يشغل الخبراء داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها ما إذا كانت رئاسة الجمهوري "ميت ورمني" أو الولاية الثانية للرئيس الديمقراطي "باراك أوباما" ستدخل تغييرات دراماتيكية على السياسة الخارجية الأمريكية إزاء المنطقة والتطورات التي تمر بها على وجه الخصوص؟


وهو التساؤل الذي سيكون محور تلك الورقة والتي يحاول فيها عمرو عبدالعاطي
 الباحث المصري المتخصص في الشؤون الأمريكية الإجابة عنه من خلال التطرق إلى أسباب تنامي تأثير قضايا المنطقة في الشرق الأوسط، وموقف المرشحين في الانتخابات الرئاسية من قضايا منطقة الشرق الأوسط، ومستقبل التغيير في السياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق في حال وصول أي منهما، والذي يتطلب عرضا للاتجاه العام للسياسة الخارجية للمرشحين والتي بدورها تنعكس على سياساتهما تجاه قضايا منطقة الشرق الأوسط.



تنامي تأثير قضايا الشرق الأوسط في الانتخابات الرئاسية الأمريكية



ويتعاظم تأثير قضايا منطقة الشرق الأوسط في الانتخابات الرئاسية الأمريكية مع استمرار انخراط القوات الأمريكية في حربين مكلفتين للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، واستمرار مساعي النظام الإيراني في امتلاك السلاح النووي بما يؤشر إلى انتشار الأسلحة النووية بالمنطقة وإخلال توازن القوي السائد في المنطقة والذي يصب في كفه الطرف الإسرائيلي، والذي يصاحبه احتمالات توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية بما يرغم واشنطن في مساعدة حليفتها إسرائيل في حربها ضد نظام الملالي في إيران، واحتمالات تعرض القوات الإيرانية لناقلات النفط الغربية بما يؤثر على سوق الطاقة الدولي والذي بدوره يؤثر على الداخل الأمريكي بارتفاع تكلفة الطاقة الأمريكية.
 
ويضاف إلى ذلك تأزم الوضع في سوريا بما يهدد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط بصورة قد تفرض على الولايات المتحدة قيادة تحالف دولي للتدخل العسكري.
ناهيك عن تصاعد نفوذ قوي الإسلام السياسي في دول الربيع العربي، وتحقيقها مكاسب سياسية في انتخابات ديمقراطية باعتراف منظمات المجتمع الدولي وعديد من الحكومات الغربية على رأسها حكومة باراك أوباما. وفوز الدكتور محمد مرسي الرئيس السابق لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بمنصب الرئيس في مصر، ذات الثقل السياسي والثقافي في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يفرض مزيدا من التحديات على السياسات الإدارة الأمريكية الجديدة في المنطقة.


وقد تزايد تأثير قضايا المنطقة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية مع تعرض السفارات الأمريكية في مصر وليبيا واليمن وعدد من الدول الإسلامية الأخرى إلى تهديدات جادة أدت إلى مقتل السفير الأمريكي في بنغازي وثلاثة من العاملين بالسفارة الأمريكية في ليبيا على إثر المظاهرات والاحتجاجات المنددة بالفيلم المسيء إلى الرسول "صلي الله عليه وسلم"، والتي صاحبتها حملة انتقادات جمهورية للرئيس الأمريكي "باراك أوباما" لتهاونه في حماية السفارات الأمريكية، والمسئولين والمواطنين الأمريكيين في الخارج.



الاتجاه العام للسياسة الخارجية للمرشحين



وتأتي هذه الانتخابات الأمريكية في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة الأمريكية مأزقا على الصعيد الدولي، يهدد القوة الأمريكية وريادة الولايات المتحدة الأمريكية للنظام الدولي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في نهاية التسعينيات من القرن المنصرم. فيواجه الرئيس الأمريكي القادم تراجع مصادر القوة الأمريكية على مصادر عدة تتمثل في:


أولاً: تراجع النموذج الأمريكي الاقتصادي. حيث صاحب الأزمة الاقتصادية العالمية التى عصفت بالاقتصاد الأمريكي في منتصف عام 2008 والتى مازالت مستمرة إلى يومنا هذا انهيار النموذج الاقتصادي الأمريكي. وهو الأمر الذي دفع المدافعون عن انتصار الرأسمالية الغربية عقب انهيار الاتحاد السوفيتي بوصفها أفضل نموذج توصلت له البشرية عبر التاريخ، إلى الحديث عن التحديات التي يواجهها النموذج الأمريكي الاقتصادي نتيجة الأزمة المالية التي تمر بها الولايات المتحدة، وقد أدت تلك الأزمة إلى ارتفاع أصوات الاشتراكيين الأوروبيين والشعبويين من أمريكا اللاتينية منددين بالنموذج الاقتصادي الأمريكي باعتباره "رأسمالية راعي البقر"، واتهام النموذج الأمريكي بهذه الأزمة.
 
ثانياً: إخفاقات القوة العسكرية. بُنيت الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة على افتراض رئيسي مفاده أن القوات الأمريكية المسلحة قادرة على أن تخوض حربين متزامنتين في منطقتين مختلفتين بنجاح. وهو ما لم تثبت صحته؛ حيث أخفقت الولايات المتحدة حتى الآن في تحقيق نصر حاسم في العراق وأفغانستان.


ثالثاً: الإخفاق السياسي والدبلوماسي. فقد تراجعت القوة التأثيرية للولايات المتحدة، وتراجعت نتائج المساعدات الأمريكية. فضلاً عن أن تراجع الدور الأمريكي عالميا مما منح فاعلين دوليين وإقليميين فرصا لملء الفراغ الناجم عن تراجع النفوذ الأمريكي عالميا وإقليميا.


رابعا: تراجع ثقافي ومعلوماتي. فقد تراجعت القوة الأمريكية على الصعيدين الثقافي والمعلوماتي. فبوليود (السينما الهندية) تنتج أفلامًا أكثر من هوليود الأمريكية. كما أصبحت هناك خيارات متعددة ومنافسة للبرامج والتلفزيونات الأمريكية في وقت أضحت فيه وسائل الإعلام غير التقليدية المدونات والمواقع الإلكترونية في كثير من الدول منافسا قويا للولايات المتحدة في تقديم الأخبار والتحليلات.
 
خامساً: إخفاق النموذج الأخلاقي الأمريكي. اعتمدت الولايات المتحدة في هيمنتها على نظام ما بعد الحرب الباردة على دعمها الرئيس لنشر الديمقراطية الليبرالية في شتى بقاع العالم، والتي جرى النظر إليها باعتبارها السبيل الأمثل نحو عالم أكثر رخاء، فبعد تردد الحكومة الأمريكية في دعم الثورات العربية اتضح لكثيرين أن الخطاب الأمريكي لتعزيز الديمقراطية مجرد ذريعة لتعزيز الهيمنة الأمريكية، بيد أن الولايات المتحدة تتعامل مع أنظمة غير ديمقراطية من أجل مصلحتها على المدى القصير، ناهيك عن الممارسات غير الإنسانية في معتقل جوانتانامو. وعليه افتقد النموذج الأخلاقي الأمريكي مصداقيته. وهو ما عكسته استطلاعات الرأي التي أظهرت تراجع الصورة الأمريكية عالميًّا، والنظر إلى القيم الأمريكية على أنها قيم عليا مثالية.


 وهذا التراجع في مصادر القوة الأمريكية على الصعيد الدولي الذي يفرض نفسه على الرئيس الأمريكي الجديد، انعكس في رؤية المرشحين لمقاربتهما للسياسة الخارجية الأمريكية، وتعاملها مع القضايا الدولية ومن ضمنها قضايا الشرق الأوسط. وقد اختلفت مقاربة المرشحين الديمقراطي والجمهوري للتعامل مع القضايا الدولية والتي بدورها ستنعكس على تعاملها مع قضايا المنطقة.


في قضايا السياسة الخارجية الأمريكية تبني كلا المرشحين الديمقراطي والجمهوري منهجين مختلفين:


فالأول الرئيس والمرشح الديمقراطي باراك أوباما: يتبني منهج تخفيض الانتشار الأمريكي خارج أراضيها داعيا إلى سحب القوات الأمريكية من حروب لا يراها حروب ضرورة ولكن حروب اختيارية اختارتها الولايات المتحدة الأمريكية، والاعتماد على سياسات العقوبات والعزل بالنسبة للبلدان التي تغرد خارج السرب الأمريكي، وفي المقابل تقديم الحوافز والمنح إلى الدول التي تتقارب مع واشنطن في السياسات والمصالح، رافضا استخدام القوة العسكرية في تحقيق المصالح الأمريكية إلا في حدودها الدنيا، وعند استخدامها لابد إن تكون بموافقة دولية من الأمم المتحدة وبمساعدة حلفاء الولايات المتحدة التقليديين.


وفي المقابل يرفض المرشح الجمهوري هذا الاتجاه الذي يراه انعزاليا وإخفاقا في تحقيق المصالح الأمريكية وكذا الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها، وأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما لم يستفيد من القدرات والإمكانات التي تمتلكها الولايات المتحدة والتي تمكنها من لعب دور القائد إلى النظام الدولي، وأن عليها التحرك خارجيا بمبادرة أمريكية خالصة وليس بدعوة من قبل المجتمع الدولي.
 
وفي هذا السياق ينتقد رومني سياسات الرئيس الأمريكي في التعامل مع الأزمة الليبية، متحدثا عن عدم مبادرة الولايات المتحدة لتكوين تحالف دولي لحماية الليبيين ولكن الولايات المتحدة قادت التحالف الدولي من الخلف تاركة القيادة إلى فرنسا وبريطانيا. قائلا إن إدارة أوباما وضعت الولايات المتحدة في موقع "الضعف الاستثنائي".
 
فمقاربة المرشح الجمهوري تنطلق من فكرة الاستثنائية الأمريكية، وأن الولايات المتحدة الأمريكية مازالت القوة الدولية الوحيدة والمتفردة التي تملك كافة مقدرات القوة على المسرح الدولي، وأنه لديها القدرة والإمكانات التي تمكنها من قيادة النظام الدولي، فهو يتحدث عن أن القرن الحادي والعشرين سيكون قرنا أمريكيا خالصا كما كان القرن العشرين قرنا أمريكيا.


فورقة المرشح الجمهوري عن قضايا السياسة الخارجية الأمريكية التي جاءت تحت عنوان "القرن الأمريكي: استراتيجية لتأمين مصالح أمريكا الدائمة والمثل العليا" تتبني مفهوم "القرن الأمريكي" الذي كان محور تنظير أقطاب التيار "المحافظ الجديد" ومشروعه البحثي المعنون بـ "مشروع القرن الأمريكي الجديد".
 
ففي تلك الورقة وفي خطابه بالكلية العسكرية بولاية كارولينا الجنوبية في السابع من أكتوبر الماضي، تحدث رومني عن أن أوباما قد ضحى بالقوة الأمريكية وقيادتها ودورها العالمي، وأنه لم يستغلها على أكمل وجه في قيادة النظام الدولي. ولذا، تعهد بالعمل على عودة قوة وتميز الولايات المتحدة من خلال زيادة الإنفاق العسكري وسياسات أكثر صرامة على المسرح الدولي، وأن يكون القرن الحادي والعشرون هو القرن الأمريكي، والذي يتطلب أن تكون الولايات المتحدة القوة العظمى اقتصاديا وعسكريا والأولى عالميا، وأن تقود واشنطن العالم الحر الذي بدوره يقود باقي دول العالم.
 
انعكست مقاربة المرشحين لقضايا السياسة الخارجية ورؤيتهما للطريقة المثلي لتحقيق المصالح الأمريكية وكذا الأمن القومي الأمريكي على رؤيتهما ومواقفها من قضايا منطقة الشرق الأوسط، ويؤشر هذا الإطار العام الحاكم لتوجهاتهما الخارجية على مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية للرئيس الأمريكي الجديد تجاه قضايا منطقة الشرق الأوسط المتأزمة والتطورات التي تشهدها المنطقة خلال السنوات الأربع القادمة فترة الرئيس الجديد الذي سيتولى قيادة الولايات المتحدة في العشرين من يناير القادم.



انتقادات جمهورية لسياسات أوباما في المنطقة



حاولت إدارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" في تعاملها مع قضايا منطقة الشرق الأوسط تقليل الانخراط المباشر في منطقة الشرق الأوسط بسحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، وعدم الدخول في حرب مع إيران وإدارة الصراع عن بعد. وقد تجلي هذا التوجه في تعامل الإدارة مع الأزمة السورية، حيث يرفض الرئيس الأمريكي الانخراط في عمل عسكري ضد نظام الأسد حتى ولو كان بتحالف دولي، مع عدم اتخاذ إجراءات وسياسات من شأنها تغليب طرف المعارضة على طرف النظام الأسدي في سوريا.


ورغم التهويل الإسرائيلي من أزمة البرنامج النووي الإيراني، تبنت الإدارة الأمريكية منهجا يقوم على فتح كافة قنوات الاتصال مع النظام الإيراني، ورفضها العمل العسكري وعدم اللجوء إليه إلا في حال انتهاء كافة الخيارات الأخرى. وقد ركز أوباما خلال الفترة الأولي من حكمه على رفض مزيد من العقوبات الدولية على نظام الملالي في إيران بالرجوع إلى المجتمع الدولي.


كانت سياسات الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما الساعي إلى الفوز بفترة رئاسية أمريكية جديدة في انتخابات السادس من نوفمبر ، محل انتقاد من منافسه الجمهوري ميت رومني وعدد من أقطاب الحزب الجمهوري وأقطاب التيار المحافظ الموالي للمرشح الجمهوري. فيري منتقدو أوباما أن سياساته في المنطقة أدت إلى تراجع الزعامة الأمريكية وقيادتها للتحالفات الدولية، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تقد التحالف الدولي الذي شن عمليات عسكرية علي ليبيا للتخلص من نظام العقيد "معمر القذافي". فيتحدث الجمهوريين أن أمريكا يجب أن تعود لتقود العالم من الأمام، وليس من الخلف كما تفعل في عصر أوباما، وكما فعل بشكل خاص في المواجهة مع سوريا وليبيا.


ويضيف منتقدو أوباما أن إدارته لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع إيران، ولم تحسم موقف أميركا من العالم الإسلامي على رغم وعود أوباما التي قطعها على نفسه في خطاب جامعة القاهرة الشهير، ولم تحصل من العراق على حق إقامة عسكرية أمريكية طويلة الأمد، ولم تصل في محادثاتهما مع حركة "طالبان" إلى نتيجة. ويضيف البعض عجزه عن منع مؤتمر عدم الانحياز من الانعقاد في طهران، ومنع الرئيس المصري من المشاركة فيه، ومنع بان كي مون من قبول الدعوة لإلقاء خطاب فيه. ورغم نجاحه في التخلص من زعيم تنظيم القاعدة، إلا أن "رومني" يري أن نظام الملالي الإيراني بسعيه إلى امتلاك سلاح نووي مازال يمثل الخطر الأكبر على الولايات المتحدة الأمريكية.


وبعد تعرض السفارات الأمريكية في مصر وليبيا واليمن وعدد من الدول الإسلامية الأخرى إلى تهديدات جادة أدت إلى مقتل السفير الأمريكي في بنغازي وثلاثة من العاملين بالسفارة الأمريكية في ليبيا على إثر المظاهرات والاحتجاجات المنددة بالفيلم المسيء إلى الرسول "صلي الله عليه وسلم"، بدأت حملة الانتقادات الجمهورية إلى الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" لتهاونه في حماية السفارات الأمريكية، والمسئولين والمواطنين الأمريكيين في الخارج.
 ينتقد معارضو سياسات الرئيس الأمريكي في سوريا أنه بدأ في الانفتاح على أعداء الولايات المتحدة ومنها نظام بشار الأسد في سوريا، وأنه عمد على فتح سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا، وإرسال مبعوثه إلى المنطقة "جورج ميشيل" أكثر من مرة إلى العاصمة السورية "دمشق" للحديث مع الرئيس السوري "بشار الأسد"، وهي سياسة يرفضها كثير من السياسيين الأمريكيين لاسيما مع إعلان الرئيس الأمريكي في بداية حملته الانتخابية عن الانفتاح الأمريكي على أعداء الولايات المتحدة الأمريكية في إشارة إلى كوريا الشمالية وإيران وسوريا والجلوس معهم على الطاولة. ويرون أيضا أن الرئيس أخطأ في اللجوء إلى المجتمع الدولي ممثلا في منظمة الأمم المتحدة لحل الأزمة السورية وإنهاء الحرب الأهلية هناك، رافضا مطالب عديد من السياسيين الأمريكيين بالتدخل العسكري في سوريا على غرار التعامل الأمريكي والدولي من الأزمة الليبية



موقف المرشحين من قضايا منطقة الشرق الأوسط



وتنقسم مواقف المرشحين الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري ميت ورمني من قضايا منطقة الشرق الأوسط على النحو التالي:


أولا: قضية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. نظرا لقوة تأثير اللوبي الإسرائيلي على مجريات الانتخابات الأمريكية – انتخابات الرئاسة والكونجرس على حد سواء – رغم عدم تجاوز الأقلية اليهودية داخل الولايات المتحدة الأمريكية نسبة 2% من إجمالي تعداد الأمريكيين، يتنافس المرشحان الجمهوري والديمقراطي على نيل تأييد الأقلية اليهودية ماليا وتصويتيا من خلال تقديم الدعم اللامتناهي لإسرائيل ولممارساتها غير الأخلاقية في منطقة الشرق الأوسط.
 
فخلال أول زيارة خارجية له زار المرشح الجمهوري "ميت رومني" إسرائيل وأكد على أن القدس عاصمة الدولة الإسرائيلية، وتعهد بنقل السفارة الأمريكية في حال نجاحه في الانتخابات الرئاسية من تل أبيب إلى القدس. وعشية زيارة منافسه "رومني" لإسرائيل وفي خطوة استباقية لاحتواء أثار تلك الزيارة وتأثيرها على مجريات الانتخابات الأمريكية داخليا وقع الرئيس الأمريكي "أوباما" اتفاقا أمنيا يعمق من التعاون العسكري مع إسرائيل من شأنه تدعيم نظام القبة الحديدية الإسرائيلية، ويمنح الاتفاق إسرائيل للمرة الأولى إمكانية شراء الطائرات الأمريكية للتزود بالوقود جوا من طراز KC135 والتي رفضت إدارتي بوش وأوباما بشدة بيعها لإسرائيل لمنعها من توجيه ضربة جوية مكثفة لإيران.


وفي محاولة لنيل تأييد الأصوات اليهودية داخل الولايات المتحدة انصاع الرئيس الأمريكي باراك أوباما لسياسات نتنياهو الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية. فضلا عن معارضته مساعي نزع الشرعية عن إسرائيل في المحافل الدولية. كما أعاق المحاولات الفلسطينية لتخطى المفاوضات، والحصول على اعتراف الولايات المتحدة بفلسطين دولة عضو في المجتمع الدولي.


وعلى الرغم من إخفاق "أوباما" في تحقيق انفراجة في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وعملية السلام التى كانت أولوية أولي على أجندته الرئاسية منذ اليوم الأول له في البيت الأبيض لتعقد العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتوقف المساعي الأمريكية خلال العام الانتخابي لدفع عملية السلام قدما، إلا أنه في حال إعادة انتخابه فإن أوباما يحاول مجددا تحقيق حلمه بتحقيق السلام الفلسطيني – الإسرائيلي، أما في حال انتخاب رومني فإنه سيضع القضية الفلسطينية برمتها جانبا مع زيادة الدعم للممارسات الإسرائيلية .


ثانيا: أزمة البرنامج النووي لإيراني. ينتقد الجمهوريون سياسة أوباما تجاه إيران وبرنامجها النووي. فقد قال رومني في نوفمبر الماضي إذا "أعدنا انتخاب باراك أوباما فستحصل إيران على سلاح نووي. وإذا انتخبنا ميت رومني.. لن تحصل إيران على سلاح نووي". وانتقد سياسات أوباما وبطئها في دعم الاحتجاجات الديمقراطية الإيرانية التي جرت عام 2009.
 وحول الخيار العسكري تجاه إيران سيلجأ أوباما إلى القوة العسكرية إذا حاولت إيران بناء القنبلة النووية بالفعل في حين سيأمر رومني بالهجوم في حال اقتراب إيران من الحصول على كافة الوسائل اللازمة لصنع القنبلة النووية، وهذا هو حال البرنامج النووي الإيراني حاليا من سعي إيران لامتلاك القدرات النووية التي تؤهلها لتصنيع القنبلة النووية.


ثالثا: تطورات الأزمة السورية: يختلف المتنافسان الجمهوري والديمقراطي حول التعامل مع التطورات الأزمة السورية وتدهور الأوضاع الإنسانية هناك. فقد دعا أوباما إلى رحيل الرئيس السوري "بشار الأسد"، لكنه قاوم الضغوط التي طالبته بتسليح المعارضة أو فرض منطقة حظر جوي. ويحتمل أن تسير التطورات في سوريا على غرار ما جرى في ليبيا عام 2011، فيُجبر "أوباما" على تبني مثل هذه الخيارات.
لكن "رومني" يتبني سياسة عدائية. فعلى الرغم من أن "رومني" رفض حتى الآن دعم إقامة منطقة حظر جوي في سوريا، لكنه مالَ نحو خيار تسليح المعارضة.


رابعا: سحب القوات من أفغانستان. يلتزم المرشحان بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، لكنهما يختلفان حول طبيعة سحب القوات. فأوباما في حال انتخابه سيستكمل سحب القوات الأمريكية من أفغانستان إلا أن رومني أعلن أنه سيتبع نصيحة القادة الأمريكيين الذي سيوصون على الأرجح إبقاء القوات أو سحبها وفق جدول زمني أبطأ. ويتفق كلا المرشحان على الغارات التى تشنها القوات الأمريكية بدون طيار على ملاذات المنظمات الإرهابية في أفغانستان وباكستان واليمن.
 
خامسا: التعامل مع الصعود الإسلامي في المنطقة: اختلف المرشحان حول سبل التعامل مع تنامي دور وتأثير تيار الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط، حيث أظهر الرئيس الأمريكي انفتاحا أمريكيا للتعامل مع تلك القوي الإسلامية الصاعدة وبدأ في الحوار مع جماعة الإخوان المسلمين على سبيل المثال التي حققت أغلبية في الانتخابات البرلمانية المصرية، وعبر عن ترحيبه بوصول أحد أعضائها إلى سد الحكم في مصر. لكن المرشح الجمهوري أبدي اعتراضه من دور سياسة أوباما من التعامل مع القوي الإسلامية الصاعدة، ولعل هذا جلي في الفيديو الذي أنتجته حملة رومني لاستهداف سياسات أوباما من الجماعة.


فالمرشح الجمهوري يتبني سياسة متشددة من القوي الإسلامية لاسيما مع قرب عدد من تلك الجماعات ومنها جماعة الإخوان المسلمين في مصر من حركات وقوي إسلامية تعتبرها الإدارة الأمريكية في تقاريرها الرسمية جماعات إرهابية ومتطرفة مثل حركة حماس وحزب الله اللبناني.



التغير تكتيكي وليس استراتيجيا



ومع بداية الحملات الانتخابية الرئاسية الأمريكية وقرب موعدها وحسمها لصالح أحد المرشحين الديمقراطي والجمهوري يثار تساؤل يشغل كثير من الساسة والمواطنين العرب مفاده هل ستتغير السياسة الخارجية الأمريكية للإدارة الأمريكية الجديدة تجاه قضايا منطقة الشرق؟
 
رغم بداية المرشح الجمهوري ميت رومني حملته الانتخابية بسياسة خارجية متشددة تجاه منطقة الشرق الأوسط جعلتها أقرب إلى أراء تيار المحافظين الجدد الذي حكم الولايات المتحدة خلال سنوات بوش الابن الثماني لاسيما الفترة الرئاسية الأولي منها التي شهدت حربي أفغانستان (أكتوبر 2001) والعراق (مارس 203). لكن هذا التشدد أخذ في الانحسار مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في السادس من نوفمبر وقد ظهر هذا جليا في المناظرة الأخيرة بين المتنافسين الجمهوري والديمقراطي. فقد جاءت أراء المرشحين في قضايا السياسة الخارجية متقاربة بعض الشيء.


 فتشير الخبرة التاريخية للحملات الانتخابية الأمريكية أنه مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية يتبني المتنافسين سواء من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي سياسات وأراء معتدلة تجاه القضايا الهامة متعاملين مع تلك القضايا بواقعية أكثر في ضوء المتغيرات والمحددات التي تشكلها فيما يخدم في نهاية الأمر المصالح والأمن القومي الأمريكي.


وفي التحليل الأخير فإن تلك الانتخابات سواء آلت نتائجها إلى الجمهوريين أو إلى الديمقراطيين فإنها لن تأتي بجديد تجاه الشرق الأوسط. والإدارة الجديدة لن تختلف عن الإدارات السابقة في تعاملها مع قضايا المنطقة، إلا أنها في حال فوز رومني ستكون أكثر تشددا تجاه قضايا المنطقة ولكن هذا لا يعني تغييرا راديكاليا وجذري في السياسة الأمريكية لإدارة رومني عن الإدارة الديمقراطية الحالية لباراك أوباما؛ فالقراءة التاريخية للسياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى بدايات القرن الحادي والعشرين تكشف أن سياسات الإدارة الأميركية تجاه الشرق الأوسط لم تتغير بصورة جوهرية، فهناك مصالح إستراتيجية ثابتة، منها أمن إسرائيل والنفط والدفاع عن النظم الصديقة والحليفة، هذه مصالح لم تتغير كثيراً، وهو ما يؤسس صورة بنيوية ثابتة للسياسة الأميركية تجاه قضايا الشرق الأوسط. ناهيك عن أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات وليست دولة أفراد.


ومع تزايد نفوذ قوي الإسلام السياسي في المنطقة منذ عام 2011، سيكون هناك اهتمام أمريكي متعاظم من قبل الإدارة الجديدة سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية بقضيتين رئيسيين:
 
أولهما: الحفاظ على أمن إسرائيل، واستمرار العلاقات بين الأنظمة العربية ودولة إسرائيلية، والحفاظ على معاهدات السلام بين الدول العربية وإسرائيل.
 
وثانيهما: احترام قوي الإسلام السياسي الصاعدة في المنطقة بعد ثورات الربيع العربي بقضايا حقوق الإنسان، وتمكين المرأة، وحرية الرأي والعقيدة. وأي تهديد لهاتين القضيتين سيدفع الإدارة الأمريكية بصرف النظر عن توجهاتها الأيديولوجية أو الحزبية بتبني سياسات متشددة تجاه من ينال من تلك القضيتين.


* مركز العربية للدراسات والبحوث


أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)