آخر الأخبار
 - حملت أحداث الأسبوع الحالي (13- 19 سبتمبر/أيلول) ظلالاً كثيفة ناتجة عن تداعيات الاحتجاجات والاعتداءات على السفارات والقنصليات والمصالح الأمريكية في العديد من الدول العربية والإسلامية، كردود فعل على الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم.....

الخميس, 01-نوفمبر-2012 - 17:55:33
مركز الإعلام التقدمي -

حملت أحداث الأسبوع الحالي (13- 19 سبتمبر/أيلول) ظلالاً كثيفة ناتجة عن تداعيات الاحتجاجات والاعتداءات على السفارات والقنصليات والمصالح الأمريكية في العديد من الدول العربية والإسلامية، كردود فعل على الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم. كان في مقدمتها التأثير على صورة الربيع العربي نفسه، حيث وجدت توجهات ومحاولات أمريكية لإعادة صياغة وترتيب الأمور في التعامل مع أنظمة دول "الربيع العربي"، وخاصة الإخوانية، بعد فشلها الواضح في حماية المصالح الأمريكية بدولها فيما لم تهدد سفارات واشنطن ومصالحها في الدول التي ظلت بمنأى عن "ثورات 2011". وفي هذا السياق من التخوفات يأتي أيضاً تصريح وزير الخارجية الفرنسي لوبيان فابيوس الذي أذاعته العربية يوم 18 سبتمبر، من أنه يجب ألا يتحول الربيع العربي إلى شتاء أصولي.

وفي الملف السوري، برز نجاح قوات "الجيش السوري الحر" والمعارضة في صد الهجوم العنيف لجيش الأسد على حلب وأفشلت محاولة جديدة لقوات النظام لفرض سيطرتها على المدينة الاستراتيجية ما يشير إلى تطور في قدرات وانضباطية وروح قوات المعارضة السورية خلال الفترة الأخيرة، خاصة مع تصاعد دعوات توحيد الجهود العسكرية والإدارية والإنسانية في الداخل تحت قيادة الجيش السوري الحر وصدور بيان بذلك في 19 سبتمبر، ولكن بالتوازي جاءت الجهود الدبلوماسية مخيبة للآمال وسط مؤشرات على انكفاء حلف "إيران-سوريا-حزب الله" على ذاته واقتراب موعد قطع "شعرة معاوية" بين القاهرة وطهران حسب بعض المراقبين، وإن كانت وكالة "إيرنا" الإيرانية قد نشرت على لسان علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، أنه تم التوصل لاتفاق في الاجتماع الرباعي الذي عقد في القاهرة، يوم الاثنين الماضي، 16 سبتمبر الماضي، يقتضي إلغاء أي شرط يتعلق بتنحي بشار الأسد، وهو ما لم يصدر أي رد رسمي عليه من القاهرة حتى الآن.

وفي خلفية المشهد العربي، يبرز فشل دول "الربيع" في إعادة بناء مؤسساتها العسكرية بعد أكثر من عام ونصف خاصة في اليمن وليبيا، وبالتوازي، صعود الاحتجاجات الاجتماعية على خلفية "وعود وهمية" بالانتعاش والرخاء بعد وصول "الإخوان" للسلطة في مصر. وأخيراً استمرار مشهد "الطائفية" العربي الذي يخشى البعض أن ينتهي بإفراغ المنطقة من الأقليات الدينية وخاصة المسيحيين.

وسنحاول فيما يلي رصد أبرز ملامح وسمات الحصاد الأسبوعي:


واشنطن تعيد التفكير في الصداقة "الإخوانية"


"أمريكا تعيد التفكير في الشرق الأوسط". هكذا عنونت "واشنطن بوست" يوم 17 سبتمبر الحالي، راسمة صورة لصدمة إدارة باراك أوباما من رد فعل "الحلفاء" من حكومات دول "الربيع العربي" تجاه الاعتداءات على السفارات والمقار الدبلوماسية الأمريكية على خلفية الاحتجاجات ضد الفيلم المسيء للرسول.

فقد ظهر للعين أن إدارة أوباما ارتبكت بشدة وهي ترى أعلام "القاعدة" ترفع فوق سفارتها في القاهرة التي يحكمها الأصدقاء الجدد من "الإخوان". وبعدها يقتل سفيرها في ليبيا ومعه 3 آخرون بدولة ساهمت واشنطن بالسلاح والمال لتمكين المعارضين من إنهاء حكم القذافي، فيما تجمعت الحشود في اليمن لإحراق سفارتها في صنعاء التي لعبت الولايات المتحدة دوراً جوهرياً لتميهد الطريق أمام اتفاق سياسي ينهي حكم علي عبد الله صالح لصالح حكومة انتقالية.. وتخرب السفارة في تونس التي يتمتع حزب "النهضة" الإخواني بتأييد غربي واضح.. وتهاجم المطاعيم الأمريكية في بيروت.

هذا المشهد الدرامي طرح السؤل الصعب على أوباما وإدارته: هل أخطأنا بدعم السيطرة "الإخوانية" على "الربيع العربي"؟.. فقد ارتفعت أصوات المعارضين لسياسات أوباما بشأن دعم صعود "الإخوان" في الشرق الأوسط من داخل الحزب الديمقراطي نفسه والمؤيدين للرئيس الأمريكي، ما دفع معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إلى اتهام الرئيس المصري محمد مرسي و"الإخوان" بالتخاذل والتهاون مع الاعتداءات على السفارة الأمريكية، ومطالبة الرئيس المصري باعتذار واضح المعالم وصريح لواشنطن عن تقصير حكومته والمطالبة بوقف خطط إسقاط مليار دولار من الديون المصرية، مذكراً بأن مصر تكلف دافعي الضرائب الأمريكيين 1.5 مليار دولار سنوياً.

فقد برز في خضم الأحداث اقتناع واشنطن بأن "شرارة" الاعتداءات على المصالح الأمريكية انطلقت من القاهرة، التي يترأسها رئيس منتم لجماعة "الإخوان" قامت الولايات المتحدة بدعمه بقوة في تعبير عن اقتناع داخل إدارة أوباما بأن سيطرة التيار الإسلامي المعتدل على مقاليد الأمور في دول الثورات العربية يصب في تحقيق مصالح أمريكا بالمنطقة، وأن هذا التيار الأقدر على تحقيق الاستقرار وضبط الأمور في المنطقة الساخنة. ولكن الضعف وعدم الصرامة التي تمايز بها رد فعل القاهرة كان، بحسب الأمريكيين، هو السبب في تفاقم الاعتداءات في دول الشرق الأوسط.

على هذه الخلفية، جاء تصريح أوباما "الصادم" بأن واشنطن لا تعتبر مصر حليفاً لكنها ليست عدواً، وما تبعه من تحذير سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة بشأن "استبداد الغوغاء" في الشرق الأوسط. وهو ما تزامن مع محادثة هاتفية من أوباما لمحمد مرسي وصفتها صحف أمريكية بأنها كانت عنيفة ووجه فيها الرئيس الأمريكي انتقادات لسلوك القاهرة تجاه الاعتداءات على السفارة.

وسعياً من حكومة "الإخوان" لمنع انزلاق الأمور إلى أزمة مع الولايات المتحدة لا تحتملها في الوقت الراهن، سارعت بإنهاء الاحتجاجات باستخدام القوة وتراجع "الإخوان" عن تنظيم تظاهرة ضد الفيلم المسيء بجوار السفارة الأمريكية وأدان مرسي الاعتداءات (دون أن يقدم اعتذاراً)، وحاول القيادي "الإخواني" خيرت الشاطر تخفيف حدة الوضع بالتعهد بتحقيق وتأكيد الإدانة والرفض للاحتجاجات، ولكن كان رد الدبولماسية الأمريكية السريع "نحن نقرأ العربية ونعرف ما يُكتب على موقع الإخوان في مصر، بمثابة تعبير عن غضب أمريكي مازال مستمراً من القاهرة.. ولكن محاولات "الإخوان" نزع فتيل الأزمة قاد متحدثة باسم الخارجية الأميركية للتخفيف من حدة تصريح أوباما الصادم، بقولها إن الرئيس الأميركي كان يقصد أن مصر ليست حليفاً بالمعني القانوني مثل الدول الشريكة في حلف شمال الاطلنطي "الناتو".

هذه الوضعية المرتبكة ستستمر على الأرجح خلال الفترة المقبلة، حيث إن "الإخوان" لم يتمكنوا بعد من السيطرة عل الوضع في مصر، كما حاولوا أن يصوروا للولايات المتحدة قوتهم وقدراتهم في فرض الاستقرار والأمن. بالتوازي، فإن "الإخوان" في وضعية "حرجة" بين الراغب في تنفيذ تعهداته للحلفاء والأصدقاء، والتخوف من فقدان مصداقيته لدى قواعده المحافظة وحلفاءه المتشددين من السلفيين.

وفي باقي أجزاء الصورة، كان "انعدام الحيلة" هو القاسم المشترك لحكومات الثورات العربية في مواجهة احتجاجات واعتداءات المتشددين على مصالح الحليفة والصديقة أميركا، ففي ليبيا، سعت الحكومة إلى تجاوز حالة الفشل الذريع في حماية السفارة الأمريكية بشن حملة اعتقالات وسط المتشددين فيما كانت الطائرات الحربية الأميركية بدون طيار تجوب في سماء ليبيا ومع وصول 50 من "المارينز" لحماية الدبلوماسيين الأمريكيي، وفي نفس الوقت كان "المارينز" ينزل في مطار صنعاء لحماية المصالح الأميركية باليمن مع عجز الحكومة عن قيامها بدورها في توفير الحماية، وهو ما يهدد بتأجيج عمليات "القاعدة" والمتشددين في هاتين الدولتين مع وجود "الهدف" لحشد الانتحاريين والإرهابيين متمثلاً في "المارينز". وفي تونس، فشل الأمن في اعتقال القيادي السلفي سيف الله بن حسين زعيم مجموعة "أنصار الشريعة" الذي احتمى بالمئات من أتباعه، فيما اقر الرئيس التونسي منصف المرزقي بأن المتطرفين لطخوا صورة الشعب التونسي.

وبالتوازي، استغلت أطراف مختلفة الاحتجاجات على الفيلم المسيء لاستعادة التعاطف الجماهيري المفقود.. ففي لبنان، خرج حسن نصر الله للمرة الأول من مخبئه (منذ حرب 2006) ليشارك لمدة ربع ساعة في تظاهرة بالضاحية الجنوبية لبيروت نظمها "حزب الله" ضد الفيلم المسيء والولايات المتحدة.. حيث وجد نصر الله في هذه التظاهرة فرصة لاتسعادة صورته للزعيم الاقليمي التي حاول رسمها قبل 6 سنوات، بقيادة تظراهة تعبر عن غضب إسلامي عام بعيدااً عن التقسيم بين سنة وشيعة وتعبيراً لانصاره أنه مازال موجوداً ومسيطراً في وقت تهتز فيها صورة "حزب الله" وزعيمه بقوة بسبب دعمه "غير المشروط" لنظام بشار الأسد الي يقتل السوريين.

وكانت الاحتجاجات التي اشتعلت "عربياً" هي السياق النموذجي الذي تنتظره التنظيمات المتشددة وخاصة "طالبان" لشن هجمات نوعية ضد الأجانب وقوات "إيساف"، في ظل تعلم التنظيمات المسلحة عبر العامين الماضيين ضرورة قياس الرأي العام قبل القيام بعملية جديدة.. وبحسب متخصصين فإن "التنظيمات المتشددة" ادركت أن عليها انتظار فعل جماهيري والقفز عليه بخطوة متقدمة عبر عملية "إرهابية" قوية للحصول على الدعم وابراز وجودها "القيادي"، وهي دروس نقلها ايمن الظواهري بالأساس من تجربة الثورات العربية لتنظيمات "القاعدة" خلال الأشهر الأخيرة عبر رسائله القليلة، والتي حملت بعض بصمات رؤي منظر الجهاد الأول الراحل محمد عبد السلام فرج( أعدم سنة 1981) (الذي خطط لاغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات وتم اعدامه بداية الثمانينيات) بشان علاقة "الفعل المسلح" بانتفاضة الجماهير الغاضبة والتفافها حول "القيادة" التي تبادر باستخدم القوة.

ففي أفغانستان، قامت حركة "طالبان" بهجوم نوعي على قاعدة "كامب باستيون" لقوات "إيساف" في هلمند والتي يخدم بها الأمير البريطاني هاري، وهو الهجوم الذي اعتبره مححلون عسكريون غربيون تعبيراً عن تغير تتيكات ومهارات وتدريبات "طالبان" إلى جانب الاختيار الدقيق للتوقيت بالتزامن مع الاحتجاجات الشعبية في أفغانستان.
وبالفعل نجحت "طالبان" في قتل 6 من جنود "إيساف" خلال 12 ساعة بينهم 4 في الهجوم على "كامب باستيون"، ليرتفع حصيلة القتلي من جنود القوات الأجنبية في أفغانستان إلى 51 جندياً منذ بداية العام الحالي في 36 حادثة، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب). وهو ما تزامن مع عملية انتحارية لسيدة من عناصر "الحزب الإسلامي" في كابول ادت لمصرع 12 شخصاً بينهم 9 من جنوب أفريقيا.


سوريا: احتدام "حرب المواقع" و"صفر" جديد للدبلوماسية


ظاهر المعارك اليومية بين "قوات الأسد" و"الثوار"، خلال الأيام الستة المنصرمة، يشير إلى تقدم الجيش النظامي ولكن على أرض المعركة اليومية فإن الجيش السوري الحر يقترب كثيراً من تحقيق انتصارات كيفية تسمح له بفرض أجندة جديدة على الدبلوماسية الغربية والعربية التي حصلت على "صفر" جديد مع تحول جولة الأخضر الإبراهيمي في المنطقة إلى سحابة صيف لا تحمل أمطاراً وفشل اجتماع لجنة الاتصال الرباعية في القاهرة والذي ادركت الرياض مبكراً أنه بلا فائدة فامتنعت عن الحضور.

على الصعيد الميداني، شهد الأسبوع محاولة من قبل "قوات الأسد" لنقل المعركة من حلب إلى دمشق بعد أن ادركت أنها وصلت إلى "نقطة المستحيل" في حسم المعركة لصالحها بحلب. وقامت القوات النظامية بشن هجمات يومية عنيفة بدءاً منن الجمعة الماضي على أحياء الحجر الأسود والقدم والعسالي بدمشق، وهي الهجمات التي راح ضحيتها نحو 400 سوري، بحسب مصادر للمعارضة، خلال 6 أيام فقط. واجبرت الهجمات الوحشية على المدنيين الجيش السوري الحر والمقاتلين من الثوار إلى الانسحاب "تكتيكياً" من هذه الأحياء الثلاثة.

وفي حلب، كان صمود قوات المعارضة مبهراً وصادماً للقوات النظامية، حيث فشلت "قوات الأسد" بعد أسابيع من القصف المتواصل العنيف من انهاء ما اعتبرته في البداية عملية "تحرير حلب" والتي راهنت عليها لتحقيق الانتصار الكيفي الذي يسمح لها بمزيد من الوقت للمناورة الخارجية وتقديم مسوغات للدعم للاصدقاء الروس والصينيين وطمأنة الحلفاء الإيرانيين. وخلال الأيام الستة المنصرمة، استعاد الجيس السوري الحر السيطرة على حي صلاح الدين بحلب والبقاء لاطول فترة في حي الشعار والعامرية والعرقوب وهنانو والسكري، في المقابل سيطرت قوات النظام على حي الميدان الاستراتيجي بالمدينة بعد معارك طويلة ومنهكة. فقدرة الثوار على الصمود في حلب دفعت النظام إلى فتح جبهات عنيفة في دمشق وأدلب ودرعا وحمص في محاولة لتجنب ضغوط إحباط جنوده من الفشل في حلب.

بالتوازي، نجح الثوار في تحقيق انتصار جديد بالسيطرة على 4 معابر حدودية مع تركيا وتحقيق تقدم في القرى المحيطة باللاذقية (ريف اللاذقية).. وهي الوضعية التي تشير إلى نجاح "الجيش السوري الحر" في إدارة "حرب المواقع" بينه وبين نظام الأسد. فـ"حرب المواقع" أبرز سماتها القدرة على الصمود لأطول فترة ممنة في القتال مع القوات النظامية وجعلها تدفع ثمناً باهظاً لاستعادة السيطرة على كل موقع خسرته. فـ"حرب المواقع" ترفض مصطلح "الانتصار بالبقاء" في مكان محدد بل ترسم القدرة على الانسحاب التكتيكي في الوقت المناسب لمنع كسب القوات النظامية "معركة القلوب" مع سكان المنطقة. في المقابل الحاق اكبر خسائر بالقوات الحكومية لتجذير الإحباط واليأس بين الجنود والقيادات ودفعها للانشقاق أو التعامل السلبي مع أوامر الاقتحامات والقتل. وهي الحالة التي تسهل تحقيق انتصارات عسكرية نوعية تهز أركان النظام وتقود إلى زيادة ثقل المعارضة المسلحة في المعادلة الدولية.

هذه الوضعية "الصعبة"، تجعل لجوء نظام الأسد إلى استخدام السلاح الكيماوي غير مستبعد، ولكنه سيكون "خيار شمشون" الذي يهدم معبد النظام الدموي ويدخله "مزبلة" التاريخ الإنساني من أوسع أبوابه.. ومن اللافت أن الحديث عن استخدام الغازات السامة والاسلحة الكيماوية تكرر مرتين خلال الأيام الست الماضية، حيث ذكر تقرير لمجلة "دير شبيجل" الألمانية، بداية الأسبوع، أن نظام الأسد اختبر قنابل غازات سامة في إشارة لاحتمال استخدام السلاح الكيماوي في "حربه" ضد الثوار والسوريين. فيما نقلت صحيفة "التايمز" البريطانية، الثلاثاء، عن اللواء السوري المنشق عدنان سلو، رئيس إدارة أركان الحرب الكيماوية السابق، أن نظام الأسد يخطط كملاذ أخير لاستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المعارضين والمدنيين.

في هذا السياق، دارت "آلة" الدبلوماسية في دائرة مفرغة جديدة خلال أسبوع آخر من "عدم الفعل".. فقد وصل الأخضر الإبراهيمي المنطقة وهو يقول صراحة إنه "لا يحمل خطة للحل".. وبعد أن تشاور مع الأسد وأطراف في المعارضة السورية عبر برنامج "سكايب" وزيارته للقاهرة ثم لخيام اللاجئين في تركيا والأردن انتهى بالقول إن "الوضع في سوريا يتجه للمزيد من التدهور".

في المقابل، دفعت القاهرة ثمن استضافة اجتماع لجنة الاتصال الرباعية التي اقترحها محمد مرسي، حيث غابت السعودية فيما سعت إيران عبر وزير خارجيتها علي اكبر صالحي من فرض أجندتها على الاجتماع من خلال اعادة فكرة إرسال المراقبين إلى سوريا والانتهاء إلى "اللاشيء" المتوقع.

واستغلت طهران الاجتماع إعلامياً في محاولة توصيل صورة على أنه كان لدعم بقاء الأسد، حيث طار صالحي من القاهرة لدمشق ليؤكد دعم بلاده للنظام البعثي ويخرج أحد مستشاريه ليقول إن القاهرة عدلت عن موقفها بشأن ضرورة تنحي الأسد كطريق لحل الأزمة. وهو الموقف الذي سبق وأعلنه الرئيس المصري في قمة عدم الانحياز وامام وزراء الجامعة العربية قبل أقل من شهر. ومن الالفت أن وزير الخارجية الفرنسي اعلن، في القاهرة قبل يوم واحد من هذا التصريح الإيراني، أن مصر تتبنى موقفاً حازماً برحيل الأسد. مما يجعل المؤشرات تذهب إلى انقطاع قريب للخيط الذي مدته القاهرة لطهران خلال الشهرين الماضيين خاصة مع إعلان مصر صراحة أن تطور علاقتها مع إيران مرتبط بوقف دعمها للنظام السوري.

ومع عدم وجود أي تحرك دبلوماسي قوي تجاه نظام الأسد، برز هذا الأسبوع أن إيران رفعت من صوتها الداعم بالتصريح للمرة الأولى علنا عن وجود قوات من الحرس الثوري وبالتحديد من "فيلق القدس" في سوريا لتقديم الدعم والمشورة للقوات النظامية، وتأكيد "حزب الله" على موقفه المؤيد لدمشق. في الوقت الذي خفت فيه صوت موسكو نسبياً مقارنة بالشهرين الماضيين. وربما توثيق التحالف الثلاثي" إيران – سوريا – حزب الله" عبر إخراج الأوراق "السرية" للعلن يشير إلى خشية طهران وربيبها "حزب الله" من خسارة فادحة لو سقط نظام الأسد خلال الفترة المقبلة قبل إعادة ترتيب الأوراق مما يحتم زيادة جرعة الدعم والترهيب لرفع معنويات المتحالفين داخلياً مع النظام والحيلولة دون سقوط "تفاحة الأسد" سريعاً.


دول "الربيع العربي": "مهر" الاستقرار الصعب


وبرز خلال الأسبوع الماضي عدم قدرة دول "الربيع العربي" على فرض الاستقرار والأمن رغم مرور أكثر من 18 شهراً على التحولات العميقة التي شهدتها هذه الدول واستكمال العملية السياسية في مصر وتونس وليبيا وبدء المرحلة الانتقالية في اليمن. ولعل هناك 3 مشاهد للتعثر في الانتقال لمرحلة الاستقرار السياسي والأمني وهي: الفشل في اعادة بناء المؤسسة العسكرية، تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية وتصاعد الخطاب الطائفي.

ويمكن أن نرى المشاهد الثلاثة خلال الأسبوع.. ففي اليمن وليبيا حمل الهاجس من الفشل الذريع في إعادة بناء المؤسسة العسكرية قادة البلدين إلى التحذير من "المجهول". ففي صنعاء، طالب عبد ربه منصور هادي المساعدة في إعادة توحيد الجيش اليمني مع بدء خطواته في ازاحة عدد من اقارب الرئيس السابق علي عبد الله صالح من قيادة المؤسسة العسكرية. ولكن يبدو أن قدرات هادي على إعادة هكيلة شاملة للمؤسسة العسكرية مازالت محدودة، حيث يبدو أنه لم يجد بعد الحلفاء الأقوياء داخل المؤسسة القادرين على حسم "العراك" الدائر بين قوات أحمد علي صالح، رئيس الحرس الجمهوري، وقوات علي محسن الأحمر.

وفي الوقت نفسه، حذر محمد المقريف، رئيس المؤتمر الوطني الليبي (البرلمان المؤقت) من أخطار محدقة تهدد ليبيا بسبب عدم القدرة على إنشاء جيش وطني متماسك، وكشف المقريف عن أنه لا توجد إرادة سياسية لضم الميليشيات المسلحة تحت جناح الحكومة المرزية في طرابلس، وهو الوضع الذي قد يدفع إلى استمرار حالة الانفلات المسلح داخل أراضي ليبيا مترامية الأطراف.

بالتوازي، تصاعدت حدة الاحتجاجات الاجتماعية في مصر مع فشل الحكومة في تحقيق ما وعدت به مسبقاً وما دفع به نخبة "الإخوان" بشأن تحقيق الانجازات خلال 100 يوم بعد رئاسة محمد مرسي، فقد اكتشف الرئيس الإخواني والحكومة الجديدة أن تحمل المسؤولية يجعل الصورة مغايرة تماماً عن تلك التي قد ترسم في مقاعد المعارضة. فقد واجه النظام الجديد تحديات كان يتصور أنها تحل "بجرة قلم" أو عبر ازاحة "فاسدين"، ليكتشف أن القضايا أكثر تعقيدا وأن محدودية الموارد تحتم اتخاذ قرارات صعبة وموجعة اجتماعياً، وما يزيد صعوبتها في الوقت الراهن هو قيام "الإخوان" أنفسهم برفع سقف التوقعات للفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة خلال فترة الانتخابات الرئاسية وما تلاها.

ولعل محاولات فض الاعتصامات العمالية بالقوة خلال الأيام الأخيرة جعلت البعض يتشك في قدرة "الإخوان" على السيطرة الاجتماعية بل دفع البعض إلى القول أن "الاقتصاد" سيهزم "الإخوان" مع تلميح الحكومة المصرية لرفع الدعم عن سلع استراتيجية من مشتقات الوقود خلال الفترة المقبلة وهي القرارات التي قد تقود لموجة احتجاجات عنيفة ضد حكم "الإخوان" في مصر.

أما الطائفية، فكانت الحاضر اجتماعياً في الدول المركزية في سياق تداعيات الاحتجاجات على الفيلم المسيء، ولكن ما أعاد الحديث بقوة هو ظهور البابا بندكيت السادس عشر في الصورة وبالتحديد في بيروت.. فقد جاء بابا الفاتيكان إلى الشرق الأوسط حاملاً رسالة رئيسية للمسيحيين العرب "لا تغادروا أوطانكم".. ربما حملت هذه الرسالة الإيجابية جانباً من صورة طائفية قاتمة في البلدان العربية، حيث اندفع عشرات الألاف من المسيحيين خلال العامين الماضيين إلى الهجرة من مصر وسوريا ولبنان بعد اقل من 5 سنوات من موجة هجرة واسعة من العراق.. فدول الربيع العربي حملت مع تظاهرات "الحرية" استدعاء لخطاب ديني متشدد جعل المسيحيين يخشون البقاء في أوطانهم والبحث عن وطن بديل. وربما يمثل اختبار الطائفية الاختبار الأصعب لانظمة الربيع العربي خلال الأشهر المقبلة


نقلاً عن : مركز العربية للدراسات والبحوث


أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)