آخر الأخبار
 - الأزمة السورية تغذي العنف في العراق

الاثنين, 29-أكتوبر-2012 - 16:18:23
مركز الاعلام التقدمي- كتب: جاسم محمد -


مع رحيل القوات الأمريكية ديسمبر 2011، زالت معها قدرة مخابراتها وكذلك العراق، على جمع المعلومات مما منح المجموعات المسلحة ومقاتلي القاعدة، الحصول على  حيزا أكبر للعمل في معاقلهم السابقة وخاصة في المناطق الغربية مع تصاعد الاحتراب السياسي في بغداد.

فالمقاتلون يتسللون إلى العراق عبر الحدود العراقية ـ السورية، بالإضافة إلى المعابر الحدودية الأخرى.

ففي بداية  حزيران 2011، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال ريتشارد مايرز، إن الاستخدام المحتمل للقوة في سوريا سيكون أكثر تعقيدا بكثير مما كان عليه في ليبيا. واضاف: “إن الشبكة الضخمة من الصلات التي تربط سوريا بجماعات في لبنان ومنذ الغزو الأميركي للعراق في 2003، تعني أنك لكي تصل لفهم حقيقي للأحداث في سوريا، فإن لزاما عليك أن تتطلع لما وراء حدودها”.

ومع تسلل مسلحين مابين العراق  وسوريا، استطاعت  القاعدة بجمع أموالا وضم مقاتلين جددا في العراق واستعادة نشاطها، وبالفعل أكدت بغداد إن مقاتلي القاعدة من أصحاب الخبرة يعبرون الحدود التي تمتد لمسافة 680 كيلومترا للتواصل وشن هجمات ضد العراق. ويقول خبراء أن هذا يمنح جماعة دولة العراق شرعية جديدة، وفي تموز 2012، أصدر أبو بكر البغدادي بيانا  يعلن فيه “الجهاد” مجددا لاستعادة السيطرة على مناطق خسرتها القاعدة في معارك مع قوات أمريكية سابقا.

ويعترف مسؤولون عراقيون بأن القاعدة – التي أضحت أضعف وقلت قدرتها على الاحتفاظ بأراض عما كانت عليه قبل اعوام – تسللت من جديد لمعاقل قديمة ساعدها على ذلك عدم تحرك الحكومة بسبب الفساد والاقتتال السياسي. وتعتبر الموصل المدينة – التي أطلق عليها الجنود الأمريكيين اسم العاصمة غير الرسمية لجماعة دولة العراق ويقول مسؤولون إنهم يجمعون ملايين الدولارات شهريا من خلال عمليات الابتزاز والأتاوات.

يؤكد مسؤولون عراقيون وأميركيون أن القاعدة أقامت مراكز في غرب العراق لتدريب مسلّحين من عناصر جـندهم هذا التنظيم لاستغلال الأوضاع غير المستقرة في ظلّ إخفاقاتٍ لوقف الإرهاب واستعادة السيطرة الحكومية على أمن البلاد. وينقل أحدث تقرير إعلامي عن هؤلاء المسؤولين أن القاعدة تمكّـنت من مضاعفة عدد أعضائها ليبلغ 2,500 مسلّح ارتفاعاً من نحو ألف فقط قبل عام واحد.

من جهة اخرى، صرح قائد القوات البرية العراقية لأسوشييتد برس بأن القوات الأمنية اكتشفت خلال غاراتٍ شنّتها هذا العام، شهر سبتمبر 2012، بأن بقايا معسكرات تدريب مسلّحين أُقيمت في منطقة الجزيرة المحاذية للحدود مع سوريا بغرب البلاد والتي تضم ثلاث محافظات عراقية. وأشار إلى اكتشاف أدلة تظهر أن تلك المعسكرات استُخدمت لتدريب المسلّحين على الرماية.

الهجمات الأخيرة نفذت بعد دعوة الجناح المحلي لتنظيم القاعدة والذي يعرف باسم (دولة العراق الإسلامية)  خلال شهر سبتمبر 2012 “شباب المسلمين” للتوجه إلى العراق بالتزامن مع بدء عودة هذه الجماعة إلى مناطق سبق أن غادرتها، معلنةً خطةً تستهدف إطلاق سراح معتقلين أُطلِقت عليها تسمية “هدم الأسوار”.

الأزمة السورية تغذي الإرهاب في العراق

إن علاقة سوريا بالإرهاب علاقة مركبة ومعقدة، حيث هنالك قاعدة ترتبط بالنظام السوري وبالتحديد جند الشام والتي كانت معنية بتدريب وتنفيذ هجمات في العراق من الأراضي السورية، وجاءت هذه الحقائق في اعترافات مقاتلي القاعدة الذين تدربوا بإشراف النظام السوري في معسكرات اللاذقية وغيرها.

وقاعدة  أخرى: النصرة  و”جهاديون” يقاتلون النظام مع الجيش السوري الحر.

وتعود بداية تورط نظام بشار إلى بداية حكم والده، حافظ الأسد، قبل أربعين عام. لقد استخدمت سوريا الإرهاب في سياستها الخارجية أيضا ودعمها لأذرعها، في العراق وفلسطين واحتلالها إلى لبنان الذي يعد سابقة في تاريخ العلاقات العربية ـ العربية. وتمتلك سوريا شبكة معقدة من الحلفاء وبمجموعات إرهابية، تطورت بعد عام 2003 في أعقاب الغزو الأميركي لبغداد.

وضعت الخارجية الأميركية سوريا على قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ تدشين القائمة عام 1979 بسبب استمرار دعمها وتوفيرها الملاذ الآمن للمنظمات الإرهابية. ويمكن تقسيم دعمها المثير للجدل بين دعم مقدم إلى الجماعات التقليدية، التي تسعى إلى السيطرة أو التأثير على الدولة مثل حزب الله، ودعم مقدم إلى جماعات متطرفة أخطر مثل تنظيم القاعدة وجند الإسلام وجبهة النصرة.

معسكرات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

معسكرات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهو موقع آخر أصبح لسوريا تأثير فيه. وقد وردت تقارير إعلامية من فلسطينيين من معسكر عين الحلوة يكتبون وصاياهم ويتجهون صوب سوريا.

وأصبحت الحالة مرتبكة في سوريا، بسبب الغموض والتشابك بحيث يصعب إدراك الموجود من غير الموجود أو التميز بين الفصائل المسلحة أو الجهادية بشكل عام، خاصة أنها شهدت هجرة عكسية أيضا من أوربا إلى المنطقة وسوريا.

فالقاعدة موجودة في سورية قبل الثورة وكان النظام يدعمها وأطلقها بقوة في العراق، وكان يوفر مراكز التدريب والتسلح على الحدود، وأطلق العديد من السجناء والقياديين في القاعدة من سجونه بعد الثورة السورية 2011  بهدف إثارة الفوضى.

عاش النظام السوري طيلة فترة حكمه على خلق المشاكل في الدول المجاورة، وكان يعمل على إثارة الاضطرابات حوله، لأنه لا يريد الاستقرار للدول المجاورة سواء الأردن أو العراق أو لبنان بطبيعة الحال، كل هذه الدول أرادها فوضوية متقاتلة متآكلة، فصمد الأردن في وجه خططه، وبقي لبنان والعراق تحت سطوة التخريب السورية التي يقوم بها النظام.[5]

جند الشام

برز اسم جند الشام، التنظيم الذى ظهر بقوة فى لبنان بعد اشتباكات مخيم عين الحلوة فى 24 أكتوبر 2005، وتعود تسمية جند الشام إلى المجموعة الأولى التي تزعمها الزرقاوي في أفغانستان عام1999، حيث أطلق الاسم على مخيم للتدريب كان يضم متطوعين من بلاد الشام، أى لبنان وسوريا والأردن وفلسطين، وتولى شأنه التنظيمى عماد ياسين، وقام الملقب أبويوسف شرقية بإعلان تشكيل جند الشام، وتولى ـ إمارته ـ فى مايو 2000 بالإضافة إلى الداعية السوري أبو القعقاع محمود أغاس ـ الذى كان أبرز الداعين للدخول للعراق، والذي تم اغتياله فيما بعد في 28 سبتمبر 2007 على يد عناصر عراقية. وتقدر بعض المصادر بأن عدد عناصر القاعدة الآن في سوريا بـ 6000 بضمنهم عناصر من الخارج وأجانب. أما عناصر القاعدة التي تقاتل الى جانب النظام فهي ضعيفة وفقا لتصريحات المراقبين.

الخلاصة

إرهاب مزمن في العراق

لقد صعدت القاعدة من عملياتها داخل بغداد خاصة ضد الأهداف النوعية التي تستهدف مراكز الدولة والمؤسسات الأمنية، رغم استهدافها أهداف رخوة مثل الزوار والمناطق المدنية بهدف إثارة الرعب والفوضى. فالتنظيم معروف بانتهازيته، لذا هنالك إجماع بين الخبراء المعنيين بشأن القاعدة والأمن، بأن شبكة القاعدة توجد وتتكاثر وتنشطر في مناطق فراغ السلطة وغياب الحكومة.

وتصاعدت وتيرة تهديد “دولة العراق الإسلامية” لتصل إلى الإعلان عن خططه مسبقا بهدم الأسوار أي فك سجنائه من السجون العراقية وتهديد القضاة والمحققيين  في تموز 2012  وهذا مافعلته في عملية سجن محافظة صلاح الدين في 28 سبتمبر 2012. فالعراق يعاني فعلا من إرهاب القاعدة المزمن.

القاعدة لا تتردد عن إعلان مسؤولياتها عن عمليات الخطف والقتل والتهديد لتمويل تنظيمها وكسب أعداد جديدة من المقاتليين مستغلة العنف السياسي ودوامة الأزمات السياسية بين الفرقاء العراقيين.

إن التنظيمات المحلية للقاعدة ومنها “دولة العراق الإسلامية” هي أشد تطرفا وإرهابا من التنظيم المركزي: لأنها تعتمد الخطاب المناطقي والطائفي أكثر من عولمة الأهداف وكذلك، إتباع قياداتها لغة الوعيد والتهديد في تحصيل الإتاوات والثأر والانتقام وابتعادها عن مركزية قيادة التنظيم الأم.

وقد بدأت القاعدة تستخدم التسميات المحلية، سياسة جديدة منها لكسب المقاتلين وتعاطف العشائر العراقية بعد أن خسرت القاعدة معاقلها في العراق عام 2006 بمقتل الزرقاوي.

ولا نستبعد من استخدام القاعدة أو “دولة العراق الإسلامية” تسمية “جيش العراق الحر: لكسب مقاتلين جدد بدل عن تسمية القاعدة والتي ظهرت في الأشهر الأخيرة خاصة في محافظة ديالى والموصل وسط وشمال العراق.

لم يستفد العراق، من تقنية الولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب وضيع فرصة الاستفادة من العمل بالاتفاقية الأمنية مع أميركا وعدم تجديدها عام 2011، تلك الخطوة فسرها بعض المراقبون بأنها نتيجة ضغوطات أطراف وكتل سياسية موالية إلى إيران داخل البرلمان العراقي.

تشير تقديرات، الخبراء الأمنيون بأنها  تنصح العراق  للعودة بالعمل بالاتفاقية الأمنية مؤكدة أن العراق ليس له خيار غير التعاون الأمني والعسكري مع أميركا أو التوجه إلى إيران، بسبب ما شهدته المؤسسات العسكرية والامنية من تداعيات بل انهيار خطير في الأداء، ومراقبون آخرون يقولون أن العراق وأميركا ضيعا ثمرة جهود سنوات طويلة من العمل المشترك للخروج بالعراق من دوامة العنف والإرهاب والإرهاب السياسي.

فلا توجد مقارنة مابين التعاون العراقي الأميركي مع نظيره في الباكستان أو اليمن، هناك استطاعت الولايات المتحدة اتباع التزاوج الاستخباري وفرق  (الكوماندوز)  أكثر من العمليات العسكرية في تعقب واصطياد قيادات القاعدة  بواسطة عمليات  دقيقة واستخدام طائرات بدون طيار (درون).

المفروض بالعراق أن يدرك التراجع الذي حصل له في إدارة الملف الأمني على وجه الخصوص ليستعين بالتعاون الأمني والاستخباري والعسكري التقني مع أميركا مثلما موجود في اليمن والباكستان ودول أخرى.

الأزمة السورية

إن الأزمة السورية بالتأكيد صعدت من العنف في العراق وفي دول الجوار خاصة العراق ولبنان والأردن. فالذي حصل بين النظام والقاعدة والمجموعات الجهادية الأخرى هو اتفاق غير معلن وهو: أن يطلق النظام، الحرية بالعمل وإطلاق سجنائها لها مقابل إثارة الفوضى والقتل. وذكرت بعض التقارير تورط النظام السوري بتجنيد مقاتلين من مخيمات فلسطينية في لبنان للتوجه الى سوريا، وقد تناولها موقع رؤية الإخباري في 21.10.2012 وهي سياسة اتبعها النظام أكثر لتخفيف الخناق عليه.

القاعدة، فزاعة يستخدمها النظام كما استخدمتها أنظمة أخرى أبرزها القذافي، بأن سقوط النظام يعني سيطرة القاعدة والمجموعات الجهادية على المنطقة والتي من شانها تثير مخاوف الولايات المتحدة والغرب. فالقاعدة في سوريا هي جزء من النظام وذراعها، ولا تستطيع القاعدة أن تنفي علاقتها بنظام بشار الأسد، فكانت الصفقة بين النظام السوري والقاعدة قبل الثورة  السورية، أن تدرّب القاعدة المقاتلين وأن يعطي النظام المال. هكذا تمددت القاعدة مابين سوريا والعراق. لذا تهديدات بشار بإشعال المنطقة لم يأت من فراغ بل تعود لوجود خلايا القاعدة/ جند الشام في المنطقة.

فتصعيد “دولة العراق الإسلامية عملياتها” جاء مع  الثورة السورية، حيث يقول الخبراء بأن القاعدة في العراق حصلت على دعم من القاعدة في سوريا وهنا أقصد، القاعدة المرتبطة بالنظام السوري، والتي دعمت العراق بالخبرات وأعداد المقاتليين الذين سبق لهم أن قاتلوا في العراق تحت إشراف النظام السوري وهم يعرفون بالتأكيد المسالك الحدودية ومناطق العراق وجغرافية المنطقة.

وهذا يدعم سياسة النظام السوري بإيجاد متنفس للأزمة  التي يعيشها. وماكشفت عنه المملكة الأردنية من  خلايا إرهابية خلال هذا الشهر، أكتوبر 2012، وهي  تحاول دخول الأردن عبر الحدود السورية ومنها تحت غطاء لاجئين يدعم حقيقة محاولة النظام بتصدير أزمته للخارج. ويبدو أن قضية الوزير اللبناني ميشيل سماحة الذي كان متورطا بتنفيذ عمليات إرهابية داخل لبنان في 12 آب 2012 واغتيال وسام الحسن، مدير المعلومات في الأمن العام اللبناني في 19 أكتوبر 2012، وغيرها من الإثباتات الأمنية والقضائية، تؤكد  تورط بشار في سياسة محاولة زعزعة الأمن في المنطقة، عندما توعد  ”بزلزلة” الأمن في المنطقة في حال تعرضه الى أي هجوم من قبل أميركا.

الولايات المتحدة تتعامل مع الملف السوري بحذر ولديها حسابات كثيرة، هذه الحسابات لم تكن بعيدة عن حليفات سوريا في المنطقة وهي إيران، فيلق القدس وبعض الكتل السياسية والمليشيات في العراق وحزب الله في لبنان، بالإضافة الى الموقف الصيني والروسي والأكثر من ذلك، وتحسب أوباما للانتخابات الأميركية القادمة وسياسة (ليون بانيتا) في الدفاع الأميركية التي تقوم على تقليل النفقات واستخدام السياسة الناعمة في التغيير، والرهان على فرض العقوبات وتآكل الأنظمة من الداخل، أكثر من العمليات العسكرية الواسعة.


أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)