آخر الأخبار
 - أطراف الصراع في اليمن.. من يستحوذ على الآخر؟

الجمعة, 26-أكتوبر-2012 - 10:55:51
مركز الاعلام التقدمي- أحمد الشريفي -

بالرغم من ما يشكله مؤتمر الحوار الوطني المزمع انعقاده في ديسمبر القادم من اهمية قصوى كونه سيحدد ملامح ومستقبل النظام السياسي وطبيعة شكل الحكم في بلد يعاني ربع سكانه من انعدام الغذاء ويفر من مدارسه أكثر من مليون طفل ويجتاح ثلثيه الامي.
فالمغناطيس السياسي الذي عادة ما يلفت اهتمامات الشارع وفرقاء السياسة في أي تظاهرة حوارية او تقارب (مجتمعي- مجتمعي) مفقود في حوار قوى النزاع القبلي والسياسي في اليمن، حتى الإعلام المحلي لم يعط مؤتمر الحوار حقه من الترويج والتثقيف فنادراً ما يخصص الإعلام اليمني مساحة للحديث عن الحوار المرتقب وبشكل سطحي بعيدا عن العمق والتحليل والمكانة التي تتناسب وأهمية الحوار وضرورة نجاحه كملاذ أخير يجنب البلد فوضى التقسيم والحرب الأهلية ويعترف الجميع بأن الإعلام في اليمن بات يعاني هو الآخر من انتكاسة في مضامين وأخلاقيات المهنة رغم انه تناسل بشكل ملحوظ في الاونة الأخيرة من الناحية العددية إلا انه تراجع من الناحية الأخلاقية والمهنية وبات مشغولا بتبادل الشائعات وتقاذف الاتهامات بين مكونات النفوذ في البلاد وما يخدم مصالح الأحزاب والتنظيمات السياسية في صراعها مع بعضها البعض.
وتتزامن هذه الحالة مع اللامبالاة من قبل أطراف الصراع السياسي بالحوار فهي لا تعول على ما سيسفر عنه فربما تقف على عتبة الواقع وملامسة الحقيقة بوقوع اليمن تحت الوصاية الخارجية سواء كانت تلك الوصاية مشرعة سياسيا او ملموسة يتحسسها المواطن البسيط فضلا عن السياسيين وصناع القرار وانطلاقاً من هذا الواقع فإن هناك اطرافا داخلية تعرف مسبقاً بأن نتائج الحوار لن تلد من إرادة كاملة لإطراف طاولة الحوار ولن يكون الحوار وما رافق عملية إعداده وما سيرافقه في الفترة التي تسبق انعقاده سوى تمثيل سياسي وضجيج إعلامي يعطي نكهة للحراك السياسي ويضفي شرعية وطنية على مخرجات الحوار التي رسمته الأطراف المتنازعة على اليمن سواء كانت إقليمية او دوليه، وفي خضم هذه المعطيات تستبق الأطراف المؤثرة ما سيؤول اليه مؤتمر الحوار بانتزاع نجاحات وتحقيق أجندة خاصة بمشاريعها وأهدافها الذاتية تعتقد بأنها قد لاتكتسبها عقب الحوار ، فالجميع يلعب بالمساحة المتاحة ويحاول كل طرف توسعتها لمصلحته بعيدا عن تأثير الحوار وما سيسفر عنه من صيغة لشكل ومستقبل النظام السياسي في اليمن وهي صيغة قد تم تحديدها مسبقاٌ وتفصيلها على مقاس معين من قبل الأطراف الخارجية وبقي على الجميع في الداخل التوقيع عليها حال نزولها وتعميمها في الأيام الأخيرة لمؤتمر الحوار، وهو أمر لم يعد مستبعدا بدليل ان كل القوى المتصارعة والفاعلة في الساحة اليمنية قررت استباق المستقبل بالهروب الى استخدام ما أمكن من السياسة أو العضلات لبسط نفوذها على الواقع قبل ان يتم إلجامها عبر أدوات الحوار الوطني. ويمكن قراءة التفكير الاستراتيجي للقوى المؤثرة ة وإطراف الصراع السياسي داخلياً كالآتي:
اولا: نظرة التجمع اليمني للإصلاح 'الإخوان المسلمين' ليمن ما بعد الحوار يمارس الإخوان المسلمون في اليمن نشاطهم الحزبي تحت مسمى التجمع اليمني للإصلاح تأسس عام 1990م ويعد اكبر أحزاب المعارضة في البلاد واحد أهم الأحزاب المنضوية تحت مسمى اللقاء المشترك المكون من ستة أحزاب هي الى جانب حزب الإصلاح الحزب الاشتراكي اليمني- التنظيم الوحدوي الناصري حزب البعث الاشتراكي- حزب الحق بالإضافة إلى اتحاد القوى الشعبية وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين اللاعب الرئيس في الاحتجاجات ضد نظام الرئيس صالح مطلع العام 2011م كما تسيطر الجماعة إداريا وامنياً وسياسياً على كل ساحات التظاهر وحظيت بنصيب الأسد في حكومة الوفاق الوطني وهو ما يعتبره شركاء الإخوان استحواذا واضحا وإقصاء متعمدا اوجد نوعا من التذمر داخل إطار اللقاء المشترك وصل حد تهديد أربعة أحزاب من أصل ستة بالخروج من تكتل اللقاء المشترك احتجاجاً على سياسية حزب الإصلاح، وينظر الاخوان المسلمون للوضع الحالي بأنه مناخ ايجابي لتحقيق طموحهم في حكم شمال البلاد على اعتبار ان الجنوب في الحوار الوطني القادم لن يخرج في حدوده الأدنى على اعتماد الفيدرالية او نظام الأقاليم وهي حالة ستفرضها الدول اللاعبة في اليمن ويتم تأييدها من قبل مجلس الامن لذا فإن اخوان اليمن يأملون بالحصول على نسبة من ايرادات الثروة في الجنوب الذي سيترك لقوى اشتراكية او قريبة من الحراك الجنوبي ظهرت بفاعلية منذ عام 2004م في حين يطمحون بحكم الشمال ولتحقيق هذا الهدف بدأ حزب الإصلاح بتهيئة البيئة المناسبة والخطوات اللازمة من اجل هذه الغاية ومنها:
1- محاولة إضعاف المؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس السابق لما يتمتع به من شعبية جماهيرية قد تقف حائلا دون فوزهم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والتي من المقرر إقامتها في 2014م وقد نجح الإصلاح في تنفيذ جزءا كبيرا من عملية إضعاف المؤتمر من خلال إقناع الرئيس هادي رئيس توافقي- بإصدار قرارات جمهورية مكنتهم من مناصفة المؤتمر في الحكم تحت ذريعة تنفيذ المبادرة الخليجية وبالفعل تم تقاسم كل المناصب العسكرية والدبلوماسية والمدنية، ومن بقي في صف حزب المؤتمر تم التخطيط لإسقاطه عبر مظاهرات عرفت بثورة المؤسسات فحققوا نجاحات واضحة واسقطوا الكثير من الشخصيات والقيادات القبلية والمدنية والتجارية التي تصنف على انها شخصيات كاريزمية في المؤتمر الشعبي العام كما عمد الإخوان الى محاولة استقطاب قادة عسكريين محسوبين على المؤتمر وشراء ولائهم بالترغيب او الترهيب الإعلامي وبمقابل ذلك تشتغل مكينة الإعلام الإخوانية على خلق صراعات بين أجنحة المؤتمر ويتزامن كل هذا مع إصرار الإخوان المسلمين على ضرورة ان يتخلى الرئيس السابق عن رئاسة حزب المؤتمر وخروجه من البلاد لمعرفتهم بأن الرئيس السابق يجيد الرقص السياسي ويتمتع بحضور جماهيري لافت وتربطه علاقات كبيرة مع المشايخ والوجهات الاجتماعية ولا ينكر دهاءه السياسي إلا جاهل بتاريخ صالح فهو يمتلك شعبية جماهيرية ودهاء سياسيا يخشى الإخوان المسلمين ان يستخدمهما في إعادة ترتيب أوراق المؤتمر فيتفرد حزبه بالحكم مجدداً.
2- ليس إضعاف المؤتمر وإسقاطه نهاية المطاف بالنسبة لحزب الإصلاح فهو ينظر الى جماعة الحوثي بالخطر المتربص بأحلام الإخوان المسلمين نظراً لما تمتلكه جماعة الحوثي من مقومات سياسية وعسكرية فالجماعة تمتلك نفوذا واسعا في مناطق شمال الشمال وتمتلك إيديولوجية عقائديه تضاهى تأطير الإخوان ولديها جناح عسكري مدرب سبق وان خاض ستة حروب ضد حكومة النظام السابق أكسبته خبرة قتالية، ويتهم الإخوان المسلمين جماعة الحوثي بأن ولاءها السياسي والديني للنظام الإيراني وبأن طهران تساند الجماعة بالمال والسلاح لإنتاج صيغه مماثلة لحزب الله في لبنان، ولمواجهة خطر الحوثيين بدأ الإصلاح بتوجيه سهام ماكينته الإعلامية باتجاه الحوثيين واتهامهم بالولاء لإيران يأتي ذلك في وقت يسير فيه حزب الإصلاح مسيرات منددة بالحوثيين ومطالبة الرئيس هادي بفرض سيطرته على محافظة صعده الواقعة في في شمال الشمال ويسيطر عليها سياسيا وامنيا وإداريا الحوثيون، وكل ذك عبارة عن تهيئة إعلامية لمشروع إخواني في استغلال الرئيس هادي والضغط عليه لخوض حرب جديدة ضد الحوثيين وفي حال تحقق ذلك سيحقق الإخوان المسلمون ثلاثة أهداف مهمة هي:
- استخدام الرئيس التوافقي كمطية لضرب عدوهم وتأليب دول المنطقة رسمياً.
- ابتزاز المملكة العربية السعودية لدعمهم بالمال وتقديم أنفسهم كبديل يحمي جنوب المملكة من خطر جماعة الحوثي ذات التوجه الشيعي.
- تقزيم الحوثيين في الساحة سيجعل الانتخابات القادمة تحصيل حاصل سيفوز فيها الإخوان بعد أن تخلصوا من عدوهما حزب المؤتمر وجماعة الحوثي.
وكما يبدو فإن هناك بوادر حرب قادمة ضد جماعات الحوثيين لها مؤشرات تلوح في الافق من اهمها:
قبول الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بالتوقف عن قتال القاعدة والقبول بدخولهم الحوار، دعوة المشائخ والعسكر الذين ايدوا الثورة لإنعقاد مؤتمر خاص بالقبائل في العاصمة صنعاء، تصريحات الشيخ صادق الاحمر شيخ مشائخ حاشد بضرورة مقاتلة الحوثيين واعلانه بالمشاركة في الحرب واتهام الحوثيين للرئيس هادي بتسليم البلاد للأمريكيين وغيرها من المؤشرات.
ثانيا نظرة المؤتمر الشعبي العام ليمن ما بعد الحوار :
يعتقد حزب المؤتمر وهو حزب يرأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح - تأسس في العام 1982م على منهج وسطي - بأنه افلت من رحى الربيع العربي واستطاع ان يحظى بنصف السلطة وان يكون نائب الرئيس السابق وامين عام الحزب هو الرئيس التوافقي في حال تنحي الرئيس السابق وهو ما حدث بالفعل حيث تم تسليم السلطة من الرئيس علي عبدالله صالح الى خلفه الرئيس هادي عبر انتخابات رئاسية مبكرة ليكون الاخير مرشح التوافق الوطني بالإضافة الى الحصول على حصانة قانونية من كل ما ترتب على الحزب ومن عمل معه خلال فترة حكمه، في الوقت الحالي لا يمكن القول بأن للمؤتمر أي رؤى استراتيجية وتصور واضح لمابعد مؤتمر الحوار الوطني المرتقب فالواقع يقول بأن المؤتمر في الوقت الراهن يحاول ان يلملم صفوفه ويستغل دهاء وشعبية الرئيس صالح في اعادة ترتيب البيت المؤتمري رافضاً أي مسعى لخروج صالح من اليمن، ويعول المؤتمر على صراعات اعدائه التي بشر بها ليثبت بأنه الانسب والاصلح لقيادة البلاد الى ذلك ساعد التاريخ الاسود والمليء بالفساد لكل من انضموا للثورة الشبابية ويقودونها حالياً لتفضيل المؤتمر على البديل السيء، وهذه العوامل لا تكفي لضمان الظفر بالاستحقاقات الدستورية القادمة فهو لن يفوز بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة اذا لم يعد هيكلة نفسه بشكل صحيح دون الاعتماد على اخطاء منافسيه لوحدها.
ومع هذا تبقى الاحزاب الموالية للإخوان المسلمين او تلك الموالية للمؤتمر الشعبي العام رهينة لأي دور يقرره الاخوان مع المؤتمر ويبقى السؤال: ما الذي يمكن للرئيس هادي ان يقدمه في ظل وضع سبق ان تم تفصيل مقاساته بما يناسب اطراف بعينه؟

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)