آخر الأخبار
 - ضد الفساد

الخميس, 11-أكتوبر-2012 - 19:17:57
مركز الاعلام التقدمي- تقرير خاص/ اعداد: نادية المصنعي -

لم تكتف طواغير الفساد بالعبث والاستهتار بموارد الشعب، ومصادر قوته، بل هذه المرة امتدت أيديهم إلى الهوية الوطنية لأبناء الشعب اليمني، وإلى الوثائق والسجلات الرسمية التي تثبت حق المواطنة اليمنية، وتميز اليمني عن غير اليمني..

"مركز الإعلام التقدمي"، وفي إطار حملة يدشنها لفضح معاقل الفساد، وضع يده على تفاصيل جريمة فساد تورطت بها وزارة الخدمة المدنية مع شركة أمريكية "وهمية" انتحل صفتها رجل أعمال يمني، لتصبح "البصمة الالكترونية، والبطاقة العائلية، والتوقيعات الحيوية" لليمنيين تحت رحمته..

القصــة تبدأ عام 1998م حين دخلت شركة أهلية تسمى (دار الخبرة العربية) ويملكها رجل الأعمال (أ. ع. العاقل) مناقصة "منظومة السجل المدني" رقم 5 لسنة 1998م، منتحلة صفة شركة (يونستر) الأمريكية.

وبحسب وثائق ومعلومات رسمية حصل عليها "مركز الاعلام التقدمي"، فإن الشركة المذكورة كسبت المناقصة بمبلغ (395 مليون و924 ألف ريال)، على أن تقوم مقابل ذلك المبلغ بتنفيذ مشروع استراتيجي وطني بإنشاء منظومة ألكترونية متكاملة لمصلحة الأحوال المدنية..

هذا المنظومة- بموجب الاتفاقية المبرمة- تستهدف (10) ملايين مواطن يمني، وتتولى تنفيذ (نظام البصمة الألكترونية، والإصدار الآلي للبطاقة العائلية، والتوقيعات الحيوية المتصلة بشهادات الميلاد وعقود الزواج والطلاق وما يماثلها).. وكان يعول عليها إصدار (الرقم الوطني) الذي كان بموجبه سيشارك اليمنيون في الانتخابات الرئاسية المقبلة 2014م.

وتؤكد الوثائق: أن الشركة المذكورة حصلت خلال الأعوام الماضية على كامل التكلفة المخصصة للمشروع (395 مليون و924 ألف ريال)، لكنها بالمقابل لم تنفذ سوى نظام البصمة، ولعدد نحو 250 ألف مواطن يمني فقط من بين (10) ملايين مواطن أقره العقد.

نجح لوبي الفساد في وزارة الخدمة المدنية ومصلحة الأحوال الشخصية في تمرير كل فصول اللعبة، لكنه سقط في وبال الطمع الذي سيقوده الى خلف القضبان..

لوبي الفساد رصد ميزانية جديدة لاستكمال المشروع لبقية اليمنيين المشمولين بنظام البصمة.. رغم أن المناقصة شملتهم جميعاً (10 ملايين مواطن) بينما الشركة لم تنجز سوى ما يقارب 250 ألف مواطن..

ولأن الشرفاء من أبناء الوطن موجودون في كل زمان ومكان، فقد أبلغوا الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بالموضوع، والتي باشرت تحقيقاتها فوراً نظراً لخطورة الموضوع لارتباطه بالهوية الوطنية اليمنية..

مصادر في الهيئة أكدت لـ"مركز الاعلام التقدمي": أن التحقيقات كشفت أن الشركة "وهمية" وإنها لاعلاقة لها إطلاقا بشركة "يونستر" الأمريكية، ولا مرخصة منها، وأن راسمالها الإجمالي لا يتجاوز (512.400) دولار أمريكي.

والمصيبة الأكبر هي أن الشركة ما زالت تحتفظ بجميع البرامج التي تتضمن البيانات الوطنية لليمنيين الذين تم انجاز بصمتهم الالكترونية.. كما أن اللجنة العليا للانتخابات كانت خططت إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة 2014م بموجب الرقم الوطني للبطاقة الشخصية الذي كان يفترض أن تنجزه الشركة "الوهمية"، مما ستضطر الدولة الى العودة للسجل الانتخابي وتصحيحه!!

أمس الأربعاء 10 أكتوبر 2012م ناقشت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد موضوع هذه القضية بحسب ملف تحقيقاتها، وأقرت  في اجتماعها برئاسة المهندس أحمد محمد الآنسي رئيس الهيئة إحالة عدد من مسؤولي وموظفي مصلحة الأحوال المدنية إلى نيابة الأموال العامة لثبوت ارتكابهم جرائم فساد.

وقالت أن تلك الجرائم في التزوير والإضرار بالمصلحة العامة للدولة، وذلك بالاشتراك مع مالك إحدى شركات القطاع الخاص لإنجاز مشروع منظومة السجل المدني وفقا للمناقصة رقم 5 لسنة 1998م، وتم صرف تكلفة المشروع البالغة 395 مليون و924 ألف ريال للشركة رغم عدم إنجازها للمشروع الاستراتيجي الهادف إلى إنشاء قاعدة بيانات واسعة وشامل للسجل المدني لكافة اليمنيين وبطرق حديثة.

كما أقرت الهيئة إلزام مصلحة الأحوال المدنية بوقف التعامل مع هذه الشركة وسرعة تشكيل فريق فني متخصص من المصلحة ووزارتي المالية والاتصالات والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ليتولى عملية الجرد والحصر لمكونات المنظومة ومراجعتها وبيان مواصفاتها وتكلفتها الحقيقية واختبارها.

وألزمت الهيئة قيادة المصلحة باتخاذ كافة الإجراءات القانونية للحصول على الإمكانيات المادية لإنشاء منظومة الكترونية حديثة بقاعدة بيانات ذات سعة مطلقة وشاملة للسجل المدني والجنائي وتكريس جهودها لتنفيذ المشروع ومنح الرقم الوطني لكافة اليمنيين قبل موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة.

وقررت هيئة مكافحة الفساد مخاطبة وزير النقل لإصدار القرارات اللازمة بإلغاء العقد المبرم بين موانئ البحر الأحمر وإحدى شركات القطاع الخاص لثبوت مخالفته للقوانين النافذة ولمنع حدوث إضرار بميناء الصليف بمحافظة الحديدة.

وكذا مخاطبة الوزير بسحب المساحات البيضاء من الأراضي المجاورة للميناء الواقعة بيد اثنين من المستثمرين بعقود سابقة مع الأراضي الأخرى التي يسيطران عليها بدون عقود كونها زائدة عن ما تحتاجه مشاريعهما ولم تستخدم من قبلهما في مشاريع استثمارية منذ تأجيرها لهما، وكذا رفع المعدات الناقلة الخاصة بالمستثمرين من رصيف الميناء إلى المسافات المحددة وفقا لمعايير الموانئ البحرية العالمية.

"مركز الإعلام التقدمي" يعد قرائه بسلسلة تقارير متواصلة عن جرائم الفساد في اليمن، وندعو الجميع للتعاون في فضح الفاسدين والعمل معاً على طريق بناء دولة مدنية يحكمها القانون، وهي الشعار الذي رفعه "ملتقى الرقي والتقدم" عند تأسيسه في مارس 2008م.


أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)