آخر الأخبار
 -  العملية السياسية في العراق.. ولدت مفخخة

الثلاثاء, 02-أكتوبر-2012 - 15:40:33
مركز الاعلام التقدمي- جاسم محمد * -

يعاني العراق من غياب الستراتيجيات في سياسيته ومنها ستراتيجية الامن القومي والتي تعني : قدرة الدولة على تأمين مصادر قوتها الداخلية والخارجية في مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية وسط تراجع عملية الشراكة السياسية منذ تشكيل مجلس الحكم الانتقالي في الثالث عشر من تموز 2003 والابقاء على حكومة غير كاملة النصاب .

العملية السياسية : طريق مسدود
اتخذت بعض الشخصيات السياسية قرار الانسحاب من كتلها واعادة حساباتها بعد استفحال هذا التصدع لاعادة تنظيمها بعد ان وصلت العملية السياسية الى طريق مسدود في اعقاب خبر تورط حماية طارق الهاشمي/ نائب رئيس الجمهورية في عمليات ارهابية ومطالبة الشرطة الاتحادية حكومة كردستان المحلية بتسليم طارق الهاشمي بموجب مذكرة قضائية تناولتها وكالات الانباء العالمية قائلة طالبت وزارة ااداخلية إقليم كردستان تسليم نائب الرئيس العراقى طارق الهاشمى لصدور أمر من القضاء بإلقاء القبض عليه وقالت الوزارة فى بيان لها في التاسع من كانون الثاني 2012 إنها طالبت وزارة داخلية إقليم كردستان بتسلم الهاشمى ومرافقيه وعددهم 14 شخصا الذين صدر بحقهم مذكرات ضبط من القضاء وفق المادة الرابعة من قانون الإرهاب العراقى .

العنف مازال يضرب بغداد ومدن العراق بكل اشكاله ويختارالاهداف و التوقيتات المتزامنة مع الازمات السياسيه ويبدو ان وتيرة العنف في العراق لايمكن فرملتها طالما هنالك الطاولة المستديرة وحكومة الشراكة والتوافق والمحاصصة والتي تعني جميعها الاتفاق على البقاء في السلطة وتغيب المعارضة داخل البرلمان ويرى المراقبون بان العراق اجتماعات الكتل في اربيل او في بغداد سوف لا تخرج العراق من هذه الدوامة الا بتشكيل حكومة اغلبية برلمانية مسؤولة امام الشعب وممثليه في البرلمان .

القاعدة: اختلاف واتفاق مع الفصائل العراقية
ارتبط الارهاب والعمليات الانتحارية في العراق بالمقاتلين العرب حتى عام 2006 بعد مقتل الزرقاوي وابو عمر البغدادي وتراجع تنظيم القاعدة في العراق بعودة اغلب مقاتليه الى معاقلهم الاصلية لكن شبكة القاعدة زرعت بذورها في حواضنها داخل العراق ليكون الارهاب ناتج محلي يقوم على ذريعة عقائدية بمقاتلة قوات الاحتلال ومن يتعاون معه وليصبح العراق درسا ونموذجا في استنساخ التجارب بل عرقنتها ليفوق معاقلها في افغانستان وباكستان والصومال واليمن .

في 31/07/2007 قال مايكل اوهانولون الخبير في معهد بروكينغز لوكالة فرانس برس إن الجيش الأمريكي أحرز تقدما كبيرا في مكافحة القاعدة في العراق وان مكافحة تنظيم القاعدة ازداد فاعلية بفضل تعاون العراقيين و إن عدد عناصر تنظيم القاعدة في العراق لا يتعدى بضع مئات غير انه في وسعها تجنيد عناصر جدد من بين آلاف المقاتلين من الجماعات الأخرى وبحسب قادة عسكريين أميركيين آخرين فان التنظيم تقوده مجموعة صغيرة من المقاتلين العرب في حين يشكل العراقيون 95 % من مقاتليه . والخلافات مابين قيادات القاعدة ومقاتليه من العراقيين افرزت مجموعات عراقية اسلامية اصولية مسلحة تعمل ضمن وحي القاعدة بعد ان اكتسبت الخبرات وتمرست في العمليات القتالية .

وتعمل هذه الفصائل المحلية تحت عناوين مختلفة ضمن وحي الفكر الجهادي ولها مرجعياتها المختلفة عن القاعدة وتلتقي فيما بينها بالخطوط العريضه لرسم خارطه الاهداف من خلال اجتماعات لعقد اتفاقاتهم وفقا لبيانات كتائب ثورة العشرين في صحيفة لوس انجلس تايمز في الثامن والعشرين من شهر مايس 2007 و هنالك تنسيق فيما بينها رغم اختلافها فمثلا التيار السلفي التكفيري يستخدم اقصى حالات العنف والقتل وباستهداف المدنيين والمتعاونيين مع قوات الاحتلال واللذين يخالفون خلافتة الاسلامية الافتراضية قد تحرمها بقيه الفصائل وتحلل فقط استهداف القوات الاميركية .

وباتت المجموعات التي تتبنى العمليات المسلحة تعمل تحت غطاء اسلامي اكثر من الوطني او القومي حتى اصبحت تلك الفصائل تطالب متطوعيها اعلان برائتها من تنظيماتها السابقة . اما علاقة بعض المجموعات الاسلاميه العراقيه المسلحة وتنظيم القاعده فقد وصلت الى حد تصفية رفاق الأمس من الصحوات .

فلم يقتصر الخلاف بين الجيش الإسلامي في العراق على دولة العراق الإسلامية أو تنظيم القاعدة أو جيش الفاتحين أو جيش المجاهدين وغيرها من الخلافات المعلنة في وسائل الإعلام بل مع كل الفصائل السلفية الجهادية ومن أهمها جماعة أنصار السنّة وقالت صحيفة لوس أنجلس تايمز في 28/3/2007 نقلاً عن كتائب ثورة العشرين قولها اتفقنا في السابق مع تنظيم القاعدة على مقاتلة العدو لكننا مختلفون معها بشأن موضوع استهداف المدنيين فالقاعدة لها أجندة عالمية وليست عراقية . لذا كان الطلاق بين تلك الفصائل الاسلامية والقاعدة بائن غير رجعي .

الارهاب السياسي
ان تداعيات الارهاب في العراق وتورط بعض الشخصيات او الكتل السياسية في عمليات ارهابية يجعلنا ان نراجع كل العمليات السابقة والجهات التي اعلنت مسؤولية القيام بها وسنكون امام خلاصتين وهما اما ان العملية السياسية كانت اصلا مفخخة باشراك كتل سياسية وشخصيات متورطة بالارهاب تهدف الى افشال اي مشروع وطني عراقي محتمل وعرقلة العملية السياسية واما نحن امام كتل سياسية تستفيد من ابقاء الفوضى في العراق فيكون لديها تنسيق وعلاقات مع المجموعات المسلحة وهي من تختار توقيت عملياتها الارهابية مع كل ازمة لفرض اجندتها على الاطراف الاخرى وفي كلتا الحالتين نحن امام ارهاب سياسي وبامتياز .

ويقول نواب عراقيون بان هنالك تجار عراقيون يحصلون على دعم دول اجنبية ويؤثرون سلبا على العملية السياسية في العراق وفقا لتقرير جريدة المدى العراقية في الثالث من تموز 2011 بالاضافة الى اعترافات بعض النواب العراقيون على الفضائيات في اعقاب تصعيد قضية طارق الهاشمي هذا المؤشر الخطير يجعلنا ان لانستبعد تمويل ذات التجار للمجموعات المسلحة المحلية لخدمة مصالحها .

وكانها حرب انكشارية مفتوحة ضد العراقيين في ظل ازمة تشكيل حكومة كاملة النصاب بهدف ابقاء العراق ضعيفا يعيش فوضى مفتوحة على كل الاحتمالات وصعود دول اخرى للواجهة اقتصاديا وسياسيا.

لقد عاد التوتر ليسود المناخ السياسي ويغذي الصراعات التي تزيد من احتمالات تقسيم العراق بعد اتمام الانسحاب القوات الاميركية نهاية شهر كانون الاول 2011 .
*
كاتب متخصص في مكافحة الارهاب والاستخبار



أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)