آخر الأخبار
الاثنين, 01-أكتوبر-2012 - 01:58:01
 - خميس التوبي مركز الاعلام التقدمي- خميس التوبي -

إذا كان تفشي مظاهر الظلم والفساد والاستبداد والاستعباد والقهر والطغيان هو السبب المباشر في اندلاع حركة الاحتجاجات والاضطرابات الرافضة لتلك المظاهر، في دول ما أسماه الغرب تلطيفًا "الربيع العربي"، فإن راهنًا، وبعد أن نجح الغرب في التقاط خيطها والقبض على زمامها، أخذت تتحول إلى فوضى تشبه كرة الثلج لتأتي على المنطقة بأسرها، عملًا بنصيحة الخبيث الداهية توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا المستقيل، بضرورة تدخل الغرب وتجيير تلك الاحتجاجات والاضطرابات لمصلحة الغرب، وذلك لغياب القيادات الوطنية الواعية والحكيمة والمفكرة عن قيادة هذا الحراك نحو نتيجته الطبيعية، بما يؤدي إلى بلورة مشروع وطني ينهض بالطاقات ويحفظ الاستقرار ويصون وحدة الأوطان وتماسك مجتمعاتها، إذ من شأن وجود هذه القيادات وبما تملكه من خبرة وحنكة وفكر أن تحمي تلك المجتمعات من الارتجاجات والصدمات التي عادة ما تصاحب أي حراك شمولي.

فكانت نتيجة هذا الغياب، ليس نجاح الغرب في الإمساك بزمامها وتحريكها وفق أجنداته ومشاريعه الخاصة فحسب، بل أصبحت هذه الاضطرابات عريكةً له مطواعًا منقادةً تأتمر بأوامره وتنتهي بنواهيه، وأضحى كمن يقود قطيعًا إلى حيث يريد.

وعلى الرغم من انبلاج حقيقة ذلك، لا يزال السواد الأعظم غير مدرك لهذه الحقيقة؛ وأن بوصلة الحراكات قد حادت عن الجادة، ويقوم الغرب، المتمثل في الولايات المتحدة وحلفائها، بتشكيلها على هيئة قنابل طائفية موقوتة قابلة للانفجار، مُتَّخذًا منها مدخلًا لتفتيت دول المنطقة وتفكيك مؤسساتها العسكرية وجيوشها العقائدية، وتحويلها إلى كيانات طائفية متناحرة.

وما يزيد الطين بلة أنه في الوقت الذي تكشف صحف الغرب والصحف الإسرائيلية ذاتها عن حقائق مهولة وخبايا لا تخدم المنطقة ولا شعوبها، وتكشف حقائق شخصيات معارضة مأجورة لها ارتباطاتها بالأجهزة الاستخبارية الأميركية "سي آي إيه"، والفرنسية والبريطانية، يجري توظيفها كرأس حربة في خدمة المشروع الأميركي- الصهيوني ضد المنطقة، فإنه لا يزال السواد الأعظم- من نحن العرب- أسير ما تنقله بعض الفضائيات العربية ذات الأجندة الخاصة، معتقدًا أنه الحقيقة ولا غيرها.

وفي الوقت الذي يصر السواد الأعظم على أن ما يجري في دول عربية من فوضى هو "ربيع عربي"، يأتي الكاتب الإسرائيلي يارون فريدمان ليخرس الأفواه واصفًا "الربيع العربي" بالزلزال العربي.

وكما هو معروف عن الكتاب والمفكرين والمحللين والسياسيين الإسرائيليين أنهم لا يتفوهون بشيء إلا وقد وقع عليه علمهم واقتناعهم بتحققه، عاجلًا أم آجلًا، بعد رسمه.

فقد ألقى فريدمان قنبلة من العيار الثقيل في وجه "أصحاب الربيع العربي" حين قال: سيناريو الزلزال العربي سيكون في المرحلة القادمة في الخليج وشرق شبه الجزيرة العربية، وسوف ينتهي باندلاع حرب بين الشيعة والسنة.

فكلام فريدمان لا يشير إلى أنه في سياق التحذير من تطورات الأزمة السورية والتأخير في حلها، وإنما في سياق المزاج الغربي العام المتماهي مع تأجيج الأزمة السورية ورفع وتيرة العنف وإراقة الدماء بما يؤدي في النهاية إلى حالة التداعي الكامل لتأخذ الأزمة فيما بعد الاتجاه المرسوم نحو الخليج وما جاور سوريا، بدليل أن فريدمان حاول أن يضرب على الوتر الطائفي الحساس بقوله: الأمل الأخير، الأسد يريد أن يلحق سوريا بالعراق ويحولها إلى جزء من الإمبريالية الشيعية الفارسية، مقابل تمدد سني في بلدان "الربيع العربي".

إن ما يحصل الآن هو ضرب أواصر دول المنطقة آصرة تلو آصرة، وتدمير كوامن قوتها بأدوات وشخوص من الداخل- للأسف- تهيئة لمستقبل قريب تنبئ صورته بأن لا لون له سوى لون الدم، ولا هوية له غير الدمار والخراب، ولا صفة له إلا الاحتراب بين الأشقاء. ولا أدري هل سيوقن ساعتئذ ذوو "الربيع" بأنه لم يكن سوى مجرد انفعالات عاطفية رعناء تمثل انعكاسًا لصراعات اجتماعية ليس إلا وظفت توظيفًا مدمرًا.



أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(مركز الإعلام التقدمي)